الجمعة - الموافق 19 أبريل 2024م

يا صاحبي..دعني أغنّيك قليلا..!! بقلم الشاعر التونسى محمد رمضان الشابي

Spread the love

(إلى صديقي الإعلامي الشهير » على بركة» ابن النيل الخالد الذي اِرتوى مداده شهامة و كرما و أبى الفطام..قد تخونني اللغة يا صاحبي فأدع القصيدة لتهديك ما يليق بك من الكلام)

على أيّ لحن أغنّيك يا صاحبي..؟!
ما عاد لي صوت ذاك الفتى الجبليّ،
و درب المواعيد صار بعيد النهايات
صار غريبا..فلا شيء يؤويني،
غير اِنْكساراتنا العاتيةْ..!
إلى أين أنْزاح قبل المضيق،
و من أيّ جرح أطلّ عليّ؟
و قد أرْبكتْنا مع الفجر أوجاعنا الآتيةْ..!
أروح بعيدا،و آتيك مُتلعْثم الخطْو
أغزل الريح،أنْسجها فوق نوْل العواطف
أجعل منها غطانا الوحيد
إذا اِسْتوْطن اليأس عمري
تملّكنا السّهْد في ليلة شاتيةْ..!
توارى الصّباح،و وسّمْتُ قلبي بطعْن الرّماحْ..!
فأيّ المقامات أعْزفها،
أيّ المواويل من أغنياتي القديمة
أهدي إليك..؟
و صوت النّشيد تلاشى تماماً
و لم يبْق غير اِنْفجار النّواحْ..!
لا وقت للقول يا صاحبي،
لا وقت يا صاحبي للأغاني
أنا منهك الرّوح جئْتُ أبوح
فأحلامي ضاعتْ،و آمالي بعثرها الوهم
من ألف عام،
و من ألف عام تلاشى الصّباحْ..!
تسلّقْنا أرواحنا كي نطلّ
على طلل دارسٍ في الخلاء
على الجرح،و الحزن،و الذكريات
على ظلّنا عند أرضٍ بَرَاحْ..!
متى يخْلع الهمّ يا صاحبي؟!
و غائلة الدّهر أهْدتْ لنا حزننا،و اِشْترتْنا،
و باقي الرّماد اِصْطفانا هباءً
تُصَفْصِفُهُ عاتيات الرّياحْ..!
نموت وقوفا كأعْواد فزّاعة في الحقول
و لا ننحني حين يأتي الشّتاء
نقول سلاما على الأنبياء
و قد عذّبوهم،و قد غرّبوهم،و قد شرّدوهم
و قد نالوا أجسادهم بالجراحْ..!
على أيّ لحن أغنّيك يا صاحبي..؟!
صوتي بات فحيحا
توارتْ وجوه الذين نحبّ،
و غاب عن دربنا الأصدقاء
فماذا جنيْنا من العمر،غير اِشْتعال المآسي
و بوّابة اللّيل فجّ مُريب
و وحش رهيب
و حين ننادي،يذوب النّداء
و لا يبْقى غير صَدًى للصّياحْ..!
لنا الصّبْر يا صاحبي
كم وقفنا بمُفْترق للدّروب
صبرنا،اِنْتظرْنا رجوع القوافل
بعد الغروب
بلا مُؤْنسٍ يحْتوينا الظّلام
و أفْردْنا للشّوق ريح الجناحْ..!
أسابق ظلّي إليك،
و ملح الجراح على شفتيّ
و أطرق دربا مخيفا يضيق
مُصابًا بقحْط المواسم أمشي
و أمشي إلى غربة أرْتديها
فأُوغل فيها بدون سلاحْ..!
ركبْتَ الفضيلةْ
أنا يا رفيق الرّحيل المُعَنّى
و يا صاحبي في الدّروب الطّويلةْ..!
تألّمْتُ..لمْلمْتَ أطراف صبري
فأسْلمْتُ أمري..لروحي العليلةْ..!
و سافرْتَ،سافرتُ أمضي بعيدا
كما يمضي حلْم ذَوَى في الطّفولةْ..!
على أيّ درب ألاقيكَ ذات رحيل؟
و من أيّ جرح،سآتيك يا صاحبي كي تراني؟
و في أيّ لحن؟ بأيّ المقامات أُنْشِدْكَ يا صديقي
و كلّ الأغاني غَدَتْ مُستحيلةْ..؟!
فدعني أغنّي الأسى في كتابي
و دعني أُصلّي ببعض اِكْتئابي..
غداً سوف أمضي،على الدّرْب وحدي
أُرمّم بعض الأماني القليلةْ..!
دَعِ الحزن يَبْدُ جليّ الصّفاتْ
دعْ الحزن لي،و اِحْتَمِ بالشّذا الموسميّ
إذا هبّ ريح بدرْب الحياةْ..!
و وشّحْ تفاصيل رحلتك بالأماني
و أثّثْها بالفرْحِ و الأغنياتْ..!
و شرّعْ من القلب شبّاكه للرّبيع
و عَمّدْهُ عند طقوس الصّلاةْ..!
غريبيْن كنّا على الدّرْب يا صاحبي
ثمّ صرنا حبيبيْن،صرنا وحيديْن،
صرنا شريديْن في موسم الأمنياتْ..!
و علّقْنا دمْعا على شرفة القلب
نرجو التّلاقي،لنا فتنة تحتوينا جنونًا
و تلْقانا عند اِرْتباك اللّغاتْ..!
أبيح اِحْتضاري
و أعلن قبل الرّحيل قراري..!
جلسْتُ وحيدا على مرفإ الوقت
أتلو الوصايا،و أرنو إلى قمر من نحاس
و أعلن أنّي أبحْتُ دمائي ل»عشّاقي»
حين أردْتُ اِنْتحاري..!
و لمّا رماني الزّمان السّخيمُ
و نام الكلام على راحتيّ
رحلْتُ بعيدا بدرب يطولُ
و يغتال أطْرافَه المستحيلُ
و قدّمْتُ للاّئمين اِعْتذاري..!
على أيّ لحن أصوغ مقامات هذا النّشيدْ؟
لأعْزفه نبْضَةً في الوريدْ
و أرحل عبر الطّريق البعيدْ
و ليلي يصبّ الدّجى في نهاري..!
على أيّ لحن أغنّيك يا صاحبي؟
و في أيّ بحر أصوغ القصيدةْ..؟
و أعزف شوقي
على نغْمة في الدّروب البعيدةْ
يطول اِنتظاري…
و أغنيتي:لحن نايي و ناري..!!.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك