الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

نفحات إيمانية ومع جهاد الرسول وغزواته ( الجزء الثانى ) إعداد / محمــــد الدكـــــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع جهاد الرسول صلى الله عليه وسلم، وغزواته، وقد ذكر ابن ماجه عن النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “من لقي الله عز وجل، وليس له أثر في سبيل الله لقي الله وفيه ثلمة” وقد فرض الجهاد في السنة الثانية من الهجرة، ونادى به النبى صلى الله عليه وسلم، لنشر العدل والمساواة بين البشر في الحقوق والواجبات بين الغني والفقير الحاكم والمحكوم القوي والضعيف الشريف والوضيع العالم والجاهل الحبر والراهب العابد والزاهد تحت شعار واضح وحديث النبى صلى الله عليه وسلم “يا أيها الناس إن ربكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” فلا عنصرية بغيضة ولا طبقية مقيتة.
وقد عبر القرآن عن ذلك في سورة المائدة فقال الله عز وجل (يا أيها الذين آمنواكونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) أي يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، كونوا قوامين بالحق، ابتغاء وجه الله تعالى، شهداء بالعدل، ولا يحملنكم بغض قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا بين الأعداء والأحباب على درجة سواء، فذلك العدل أقرب لخشية الله تعالى، واحذروا أن تجوروا، وكما يفرض الإسلام على الأغنياء دفع جزء من أموالهم، وهى الزكاة على المسلمين أو الجزية على غير المسلمين، وذلك ليتم توزيعه على فقراء الناس وضعفائهم وحرم أكل أموال الناس بالباطل من النهب والسلب أو من الربا أو من الغش أو الخداع.
وكل هذه التعاليم والمبادئ تتعارض تماما مع مصالح بعض الطغاة والجبابرة الذين استذلوا الناس واستعبدوهم، فأعلنوا عداوتهم للإسلام والمسلمين فكانت وصية للمسلمين من إعداد العدة لمواجهة تلك المخاطر فأمرهم الله عز وجل، بذلك في سورة الأنفال فقال تعالى ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم وما تنفقوا من شئ فى سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تُظلمون ) ولما كانت رسالة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، للناس كافة فكان لزاما عليه السعي لرفع هذا الظلم عن الناس كافة ومواجهة هؤلاء الطغاة في أي مكان ومهما كلف الثمن فكان فرض الجهاد على المسلمين لتحقيق مقاصد الدين السامية، ليوصل الإسلام لأهل البلد.
التي رفض حكامها على الدعوة إلى الإسلام في بلادهم وأعلنوا الحرب على الإسلام، فكان الجهاد على من حارب الإسلام، لا يهم أن يدخل الناس في دين الإسلام ولكن المهم أن ينعموا بالعدل والأمن تحت حكمه، فقد قال الله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظه واعلموا أن الله مع المتقين ) وإن الجهاد مراتب، فمنها ما هو واجب على كل مكلف، ومنها هو واجب على الكفاية إذا قام به بعض المكلفين سقط التكليف عن الباقين، ومنها ما هو مستحب، فجهاد النفس وجهاد الشيطان واجبان على كل مكلف وجهاد المنافقين والكفار وأرباب الظلم والبدع والمنكرات واجبان على الكفاية، وقد يتعين جهاد الكفار باليد على كل قادر في حالات معينة، فقد قال ابن القيم ” إذا عرف هذا فالجهاد أربع مراتب.
وهو جهاد النفس، وجهاد الشيطان، وجهاد الكفار، وجهاد المنافقين ” فالجهاد ينقسم إلى قسمين رئيسيين ويتفرع تحتهما أقسامه الأخرى الكثيرة، وهما جهاد فرض كفاية على طبقة وفئة محددة من المسلمين، وجهاد فرض عين على كل مؤمن بالإسلام، وتحت القسم الأول يندرج جهاد الطلب لفتح أراضي جديدة لا تعرف شيء عن الإسلام ويندرج تحته جهاد الدعوة وجهاد التعليم أيضا، ويندرج تحت القسم الثاني كل من جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد الدفع، للدفاع عن أراضي الوطن من عدو خارجي أو الدفاع عن المسلمين، وتحدد أهداف الجهاد إلى هدفين لا ثالث لهما وتنحصر جميع أنواعه فيهما تقريبا، وهما جهاد الدفع وجهاد الطلب، أي يكون الجهاد إما جهاد في سبيل الدفاع عن المسلمين والإسلام والقرآن.
أو جهاد بغاية نشر تعاليم الإسلام وقوانينه على الحياة والمجتمع باعتباره دين صالح لكل الشعوب واللغات والإثنيات وباعتباره خلاص الأرض من كل الظلمات، وقد قال ابن تيمية مبينا المفهوم العام للجهاد ما نصه ” فالجهاد تحقيق كون المؤمن مؤمنا، ولهذا روى مسلم في صحيحه عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، انه قال ” من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من نفاق ” وذلك أن الجهاد فرض على الكفاية، فيخاطب به جميع المؤمنين عموما، ثم إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين، ولابد لكل مؤمن من أن يعتقد أنه مأمور به، وأن يعتقد وجوبه، وأن يعزم عليه إذا احتيج اليه، وهذا يتضمن تحديث نفسه بفعله، فمن مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو نقص من إيمانه الواجب عليه بقدر ذلك.
فمات على شعبة نفاق، وأما بالنسبة للحكم في جهاد العدوين الظاهر والباطن، فقد قال القاضي أبو بكر بن العربي ” قال علماؤنا رضي الله عنهم، جهاد العدو الظاهر فرض من فروض الكفاية وهم الكفار، وجهاد العدو الباطن فرض من فروض الأعيان، وهوالشيطان ” وقال عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ” إن سبيل الله كل عمل صالح ” وكذلك قال عباية بن رفاعة ” ادركني أبو عبس وأنا ذاهب إلى الجمعة، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول ” من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار” وقال بدر الدين أبو محمد العيني ” مطابقته للترجمة من حيث أن الجمعة تدخل في قوله سبيل الله لأن السبيل اسم جنس مضاف فيفيد العموم، ولأن أبا عبس جعل السعي إلى الجمعة حكم الجهاد ”
وفي صحيح مسلم من حديث أبي مالك الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” وانتظار الصلاة إلى الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط ” وعن أنس بن مالك قال ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” أفضل الشهداء عند الله المقسطون ” وفي السنن أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال ” الساعي على الصدقة بالحق كالمجاهد في سبيل الله ” ولذلك قال عبد الرحمن السعدي مبينا هذا المعنى العام للجهاد ” أليس التعلم والتعليم والصبر على ذلك من أكبر الجهاد، أليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة للخلق من الجهاد؟ أليس تنفيذ الحق ونصره، ورد الباطل وقمعه من الجهاد؟ أليس تعليم الجاهلين، وتنبيه الغافلين، وايقاظ المعرضين، ومعارضة المعارضين، ومجادلتهم من الجهاد؟
هل تتم الأمور بدون الجهاد؟ وهل يستقيم الهدى والاهتداء ويحصل الصعود والارتقاء إلا بالجهاد؟ طوبى لأهل العلم، والدين والجهاد ” وأما عن غزوات العصر النبوي أو كما أطلق عليها المؤرخون غزوات النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم فقد بدأت مع ظهور الدين الإسلامي في القرن السابع الميلادي بعد هجرة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى يثرب وهى المدينة المنورة، وتأسيسه الدولة الإسلامية فيها، وفي ذلك الوقت فقد شُرع للمسلمين الجهاد ، حيث أن هذه الغزوات ومع اختلاف أسبابها جاءت بالتوافق مع مبدأ الحرب الدينية من مفهوم إسلامي أو ما يطلق عليه الجهاد، ومن ناحية أخرى فكان بعض المهاجرين يريد تعويض خسائره حيث تركوا كل ما كانوا يملكون في مكة.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك