الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

نفحات إسلامية .. معاويه الثانى بن يزيد إعداد / محمـــد الدكـــرورى

الخليفه معاوية بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب بن أمية الأموي القرشي، وهو يعرف بمعاوية الثاني، وهو ثالث خلفاء بني أمية وقد وصل إلى الخلافة بعد أبيه يزيد بن معاويه، في سنة أربعه وستين من الهجره، وكان أبوه هو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وكانت أمه هى أم هاشم فاختة بنت أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف، وكانت بنت أخ هند بنت عتبة أم معاوية بن أبي سفيان.
وقد قيل أنه كانت خلافته ثلاثة أشهر، وقيل أربعين يوما، وبعدها صعد المنبر وأعلن تركه للخلافة، وكان معاويه الثانى بن يزيد، في مدة خلافته مريضا ولم يخرج إلى الناس، وكان الضحاك بن قيس هو الذي يصلي بالناس ويصرف الأمور، ومع أنه أصبح الخليفة الثالث في سلسلة خلفاء بني أمية من الناحية النظرية، إلا أنه لم يباشر عمله كخليفة، حيث كان ضعيفًا عن النهوض بتَبعات المنصب، وكان صادقًا مع نفسه ومع الناس، فأعلن ذلك صراحة، حيث يروي ابن كثير أنه بعد أن صلَّى على أبيه، وتم دفنه، وأقبل عليه الناس وبايعوه بالخلافة نادى في الناس: الصلاة جامعة، وخطب فيهم فكان مما قال: “أيها الناس، إني قد وليت أمركم وأنا ضعيف عنه، فإن أحببتم تركتها لرجل قوي، كما تركها الصديق أبو بكر، لعمر بن الخطاب.
وإن شئتم تركتها شورى في ستة كما تركها عمر بن الخطاب، وليس فيكم من هو صالح لذلك، وقد تركت أمركم فولُّوا عليكم من يصلح لكم، ثم نزل ودخل منزله، فلم يخرج حتى مات رحمه الله تعالى” وقد أراد معاوية بن يزيد أن يقول لهم: إنه لم يجد مثل عمر، ولا مثل أهل الشورى، فترك لهم أمرهم يولون من يشاءون، وقد جاء ذلك صريحًا في رواية أخرى للخطبة عند ابن الأثير قال فيها: أما بعد، فإني ضعفت عن أمركم فابتغيت لكم مثل عمر بن الخطاب حين استخلفه أبو بكر فلم أجده، فابتغيت ستة مثل ستة الشورى فلم أجدهم، فأنتم أولى بأمركم فاختاروا له من أحببتم، ثم دخل منزله وتغيَّب حتى مات، واعتُبر هذا الموقف منه دليلاً على عدم رضاه عن تحويل الخلافة من الشورى إلى الوراثة.
فقد رفض أن يعهد لأحد من أهل بيته حينما قالوا له: اعهد إلى أحد من أهل بيتك، فقال: والله ما ذُقت حلاوة خلافتكم، فكيف أتقلد وزرها وتتعجلون أنتم حلاوتها، وأتعجل مرارتها؟ اللهم إني بريء منها متخلٍّ عنها، وقد أعقب ذلك فترة من الفتن والصراع بين الأمويين وابن الزبير، وقد انتهت لصالح الأمويين الذين استطاعوا تدارك الموقف وبايعوا مروان بن الحكم بالخلافة في مؤتمر الجابية في ذي القعدة سنة أربعه وستين من الهجره، والجابية هو موقع تاريخي في سوريا ويعرف اليوم بتل الجابية ويقع إلى الغرب من مدينة نوى الواقعة بسهل حوران، وقد اتخذ الغساسنة الجابية عاصمة لهم في جنوب سوريا، وفي الجابية أيضا عقد عمر بن الخطاب مؤتمر الجابية بعد معركة اليرموك، والموقع الهام الجابية في الطريق الواصل من الجنوب إلى دمشق، وقد جعل لهذا المكان التاريخي أهمية كبيرة.
حيث تقع بين جاسم ونوى إلى الغرب من تل أم حوران على نبع الجابية الشهير وقد اشتهر في بداية الفتح الإسلامي لبلاد الشام حيث عقد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب مع قادة جيش الفتح مؤتمر الجابية الشهير، وكان مؤتمر الجابية هو أحد أبرز العناوين في السياسة الأموية الداخلية، وأهميته تجلت في فرادته كمجمع، قبلي لم يشهد التاريخ الإسلامي مثيلاً له في تاريخه، ففي الجابية، كان النصر للعصبية الأقوى في البيت الأموي، متمثلاً في رجحان كفة مروان من بني العاص، على خالد بن يزيد السفياني، وفي مرج راهط انعقد النصر أيضاً للعصبية الأقوى وهى اليمانية، ضد العصبية الأضعف، أو على الأقل غير المتماسكة وهى القيسية، وقد لا يكون ممكناً الدخول إلى قراءة الجابية، حيث الدولة الأولى ترافق قيامها مع حرب القبائل بين الشام والعراق.
فيما الثانية انطلقت من حرب ضارية بين قبائل الشام امتداداً إلى الجزيرة، وتأتي أهمية مؤتمر الجابية الذي ترأسه عمر بن الخطاب رضي الله عنه في فترة حساسة من عمر الدولة الإسلامية في كونه استطاع أن يجمع القبائل اليمنية، ودفعها نحو المرشح الأموي، وهو ما أنقذ الدولة من السقوط الذي بدا شبه قائم بعد وفاة يزيد بن معاوية، وقد قال المسعودي: ومَلك معاوية بن يزيد بن معاوية بعد أبيه، فكانت أيامه أربعين يوماً إلى أن مات، وقيل: شهرين، وقيل غير ذلك، وكان يكنى بأبي يزيد، وكني حين ولي الخلافة بأبي ليلى، وكانت هذه الكنية للمستضعف من العرب، وقيل أنه لما حضرته الوفاة اجتمعت إليه بنو أمية فقالوا له: اعْهَد إلى من رأيت من أهل بيتك، فقال: واللّه ما ذُقت حلاوة خلافتكم فكيف أتقلّد وزرَها، وتتعجلون أنتم حلاوتها، وأتعجل مرارتها.
اللهم إني بريء منها متخل عنها، اللهم إني لا أجد نفراً كأهل الشورى فأجعلها إليهم ينصبون لها من يرونه أهلاً لها، فقالت له أمه: ليت إني خرقة حيضة ولم أسمع منك هذا الكلام، فقال لها: وليتني يا أماه خرقة حيض ولم أتقلد هذا الأمر، أتفوز بنو أمية بحلاوتها وأبوءُ بوزرها وَمَنْعها أهْلَها؟ كلا، إني لبريء منها وقد أختلف في سبب وفاته، فمنهم من رأى أنه سقي شربة ومنهم من رأى أنه مات حَتف أنفه، ومنهم من رأى أنه طعن، وقبض وهو ابن اثنتين وعشرين سنة، ودُفن بدمشق، وصلّى عليه الوليد بن عُتبة بن أبي سفيان، ليكون الأمر له من بعده، فلما كبر الثانية طعن فسقط ميتاً قبل تمام الصلاة، فقدم عثمان بن عتبة بن أبي سفيان، فقالوا: نبايعك؟ قال: على أن لا أحارب ولا أباشر قتالاً، فأبَوا ذلك عليه، فصار إلى مكة.
ودخل في جملة ابن الزبير، وكانت هناك خطبة لمعاوية بن يزيد بن معاوية في ذمّ أبيه و جدّه، فقد قال ابن حجر في الصواعق المحرقة: ومات، يعني يزيد بن معاوية، سنة أربع و ستين لكن عن ولد شاب صالح عهد إليه فاستمرّ مريضاً إلى أن مات، و لم يخرج إلى الناس و لا صلّى بهم ولا أدخل نفسه في شيء من الاُمور، و كانت مدّة خلافته أربعين يوماً، و قيل: شهرين، و قيل: ثلاثة أشهر، ومات عن إحدى وعشرين سنة، وقيل: عشرين، وقد قال: ومن صلاحه الظاهر أنه لما ولي صعد المنبر فقال: إن هذه الخلافة حبل الله و أن جدّي معاوية نازع الأمر أهله و مَن هو أحق به منه، عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه، وركب بكم ما تعلمون حتى أتته منيّته فصار في قبره رهيناً بذنوبه.
ثم قلّد أبي الأمر وكان غير أهل له ونازع ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصف عمره، و انبتر عقبه، و صار في قبره رهيناً بذنوبه، ثم بكى وقال: مِن أعظم الاُمور علينا علمنا بسوء مصرعه وبؤس منقلبه، وقد قتل عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأباح الخمر وخرّب الكعبة، ولم أذق حلاوة الخلافة فلا أتقلّد مرارتها، فشأنكم أمركم، والله لئن كانت الدُّنيا خيراً فقد نلنا منها حظّاً، و لئن كانت شرّاً فكفى ذرّية أبي سفيان ما أصابوا منها، ثم تغيّب في منزله حتى مات بعد أربعين يوماً، كما مرّ، فرحمه الله أنصف من أبيه وعرف الأمر لأهله، وفى النهايه فإن أمر معاوية بن يزيد غير واضح لنا، فقد تضاربت الأخبار في أمره، فذكر بعضهم أنه بعد أيام قلائل من خلافته خلع نفسه على المنبر وقال: أيها الناس، إني قد نظرت في أموركم وأمري.
فإذا أنا لا أصلح لكم والخلافة لا تصلح لي، إذ كان غيري أحق بها، ويجب أن أخبركم به، هذا علي بن الحسين زين العابدين ليس يقدر طاعن على أن يطعن فيه، وإن أردتموه فأقيموه، على أني أعلم أنه لا يقبلها، وفي نص آخر: أنه صعد المنبر، ولعن أباه وجده، وتبرأ منهما ومن فعلهما، وقد قيل إن لعن معاوية بن يزيد أباه وجده، وتبرؤه منهما ليس بالأمر الغريب، فهو يعلم أن ما فعله أبوه لا يمكن أن يرضاه أحد في الأمة إلا إذا كان على شاكلة يزيد، فكان من أظهر أفاعيله أنه قتل الإمام الحسين بن على، وأهله وأبناءه وأصحابه في كربلاء، وهدم الكعبة وأباح المدينة، كما أن أباه قد قتل من المسلمين عشرات الألوف، ومكن لولده يزيد، وقتل الخيار من الصحابة من أمثال حجر بن عدي، وهاشم المرقال، وعمار بن ياسر، وابن بديل، وذي الشهادتين، وغيرهم.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك