الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

نفحات إسلامية .. صلاة الإستخاره ..بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

قد يتعرض الانسان في حياته لكثير من الأمور الغيبية النتائج، ويقدم على أمور مجهولة العواقب، ولا يدري خيرها من شرها، أيقدم على هذا العمل أم لا، فشرع الله صلاة الاستخارة علاجا للتردد، وحلًا للمشكلة لكي ينقلب التردد ثباتًا والشك يقينًا، فيصبح مطمئن النفس هادئ البال راضيًا بما قدر الله تعالى له، ولو كان شرًا في الظاهر، وذلك لأنه قد استسلم لربه وتوكل عليه، فالاستخارة هو طلب مبني على ضعف وعجز من العبد، في معرفة موقع الخير وسبيله، والاستخارة كذلك دعاء جميل يحمل إلى الله تبارك وتعالى، من الإذعان، وتعظيم الله، والتفويض إليه، وهي أيضا عبادة مهمة حرص النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على تعليمها لأصحابه إذا همّ أحدهم بالأمر إذا قصده.
أو عزم عليه لا يدري هل فيه خير له أم لا في الحقيقة، لكنه في الظاهر يراه من مصلحته، فصلاة الاستخارة هى سنة، والدعاء فيها يكون بعد السلام كما جاء بذلك الحديث الشريف، ولكن ما هو وصف صلاة الإستخاره وكيف يؤديها الإنسان؟ فأقول لكم وهو أن يصلي الإسنان المسلم والموحد بالله عز وجل، ركعتين مثل بقية صلاة النافلة، ويقرأ في كل ركعةٍ فاتحة الكتاب وما تيسر من القرآن، ثم يرفع يديه بعد السلام ويدعو بالدعاء الوارد في ذلك، وهو عن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر.
(ويُسميه بعينه من زواجٍ أو سفرٍ أو غيرهما) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني، واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم أرضني به ” وهذا ما رواه الإمام البخاري في صحيحه، وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها، كالسورة من القرآن، ويقول: إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم يقول: اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي.
” ويسمى ذلك الأمر ” في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر ” ويذكره ” شر لي في ديني ومعاشي، وعاقبة أمري، أو قال: عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به، قال: ويسمي حاجته” رواه البخاري، وقد أجمع العلماء أن الإستخاره، سنة عن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم،ودليل مشروعيتها هو ما رواه البخارى : أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال : من سعادة ابن آدم استخارة الله، ومن سعادة بني آدم رضاه بما قضى الله، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضى الله.، وهو حديث صحيح.
وأما عن شروط الإستخاره فهو النية، والأخذ بالأسباب، والرضا بقضاء الله، والاستخارة في الأمور المباحة فقط، وأيضا تلزم الإستخاره التوبة، ورد المظالم، وعدم الكسب أو المأكل من حرام، وأن تستخير في أي شيء حتى لو تمكن هذا الأمر منك وصار عندك الميل والرغبة في الأمر، فصلاة الاستخارة هي طلب الخيرة، ومعناها هو أن يطلب المسلم في دعاء صلاة الإستخارة من ربه سبحانه وتعالى أن يختار له ما فيه الخير له في دينه ودنياه، وهي سنة لمن أراد الإقدام على أي أمر، وأما عن آيات تقرأ في صلاة الاستخارة، فالمصلي يقرأ ما يشاء من القرآن الكريم في صلاة الاستخارة، ولكن يستحب له أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾.
وفي الثانية: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾، وناسب الإتيان بهما في صلاة يراد منها إخلاص الرغبة وصدق التفويض وإظهار العجز لله عز وجل، وقد استحسن بعض العلماء أن يزيد في صلاة الاستخارة على القراءة بعد الفاتحة قولَه تعالى: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ۝ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ﴾ من سورة القصص، في الركعة الأولى، وفي الركعة الثانية قولَه تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ من سورة الأحزاب، وأما عن كيفية صلاة الاستخارة؟ فصلاة الاستخارة كما ذكرنا أن يصلي العبد ركعتين من غير الفريضة.
ويقرأ فيهما بالفاتحة وما تيسر من القرآن، وبعد الصلاة يدعو بهذا الدعاء الذي رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه، وأما عن أفضل وقت لصلاة الاستخارة، فإنه أفضل وقت لها هو وقت الثلث الاخير من الليل أو قبل أن يخلد الإنسان إلى النوم، مشيرًا إلى أنه ليس بالضرورة أن يرى الشخص الذي استخار ربه رؤيا في المنام حتى يمضي في حاجته، فإن كانت خيرًا له فسييسرها الله تعالى له، وإن كانت غير ذلك فسيصرفها الله تعالى عنه ويصرفه عنها، وأيضا هناك أوقات يكره فيها صلاة الاستخارة، والاوقات التى يكره فيها صلاة الاستخارة وهي ما بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس بقدر رُمح، وفترة توسُّط الشمس في السماء قبل الزوال، وما بعد صلاة العصر إلى الغروب.
أي عندما تميل الشمس للغروب، فإن ابتعد عن تلك الأوقات جاز لها أن يُصلِّيها متى أراد، وتجدر الإشارة إلى أن الاستخارة تكون في الأمور المباحة، أو الأمور المندوبة والواجبة بشرط أن يحصل تعارض بين واجبين أو مندوبين ويريد المستخير أن يختار أحدهما أو يبدأ بأحدهما قبل الآخر، أما الأمور الواجبة والمستحبة فلا يُستخار لفعلهما، وكذلك الأمور المحرّمة أو المكروهة فلا يُستخار لتركهما، وأعلم أنه أثر الاستخارة يظهر فى أمرين، الأول منهما وهو الأصل: الراحة النفسية لأحد الامرين دون الآخر، وما يجد المرء قلبه مطمئنًا إليه وتتيسر الامور نحوه، والثانى: يظهر فى أن يرى الإنسان رؤية مبشرة تقول له: أفعل كذا او لا تفعل” ويجب عليك أن تكون مؤمنًا ومتيقنًا بالإجابة.
وذلك من أهم الأشياء التي يجب أن تكون عند المستخير، فالإيمان بالله والتيقن بالإجابة من مفاتيح الفرج والسعادة، ويجب عليك أيضا أن تكون صافي الفكر والنية، فصفاء النية واجبا عند صلاة الاستخارة، ومما لا شك فيه أنك تعلم أن الأعمال بالنيات، فلا يجب أن تكون صلاة الاستخارة التي تؤديها بها نية شر أو ما إلى ذلك من أعمال لا تصلح، وبالتالي يجب عليك أن تكون نيتك صافية، وأن تستحضر النية وتؤدي الوضوء بالشكل الصحيح التام، وعلى المستخير بعد ذلك ألا يتعجل نتيجة صلاة الاستخارة، ولا يُشترط أن يرى المُستخير رؤيا تدل على الخير أو الشر في الأمر المُستخار من أجله، وإنما قد يظهر أثر الاستخارة في صورة رؤيا، أو سرور واطمئنان قلبي، ويفضل تكرارها حتى يحصل اطمئنان القلب.
وعليه أن يفوض الأمر لله تعالى ويعلم أنه إن كان خيرًا فسوف ييسره الله تعالى له، وإن كان شرًا فسيصرفه الله عنه، وعليه أن يرضى بما يختاره الله تعالى له، وعلى المسلم ألا يكتفي بأداء صلاة الاستخارة مرة واحدة ولكن يجب عليه تكرارها عدة مرات، كما فعل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه، عندما أراد أن يكتب الحديث ” ظل يستخير الله تعالى شهرًا كاملًا ” وتيسير الأمور أبرز علامات أو نتائج صلاة الاستخارة، فإذا رأى صاحب الأمر أو المستخير هناك سهولة ويسر في حدوث الأمر الذي استخار الله من أجله فهذه من علامات القبول، وإذا كان الشخص يشتري منزلا وقرر استخارة الله عز وجل قبل الشراء فإذا وجد سهولة ويسر بينه وبين البائع وتنازلات.
وعدم اعتراض بينه وبين البائع فهذه من علامات التيسير، وأن الله مقدر لك هذا، أما إذا وجد صعوبة وتصلب في المفاوضات فهذا من علامات عدم القبول وهو من نتائج الاستخارة، وصلاة الاستخارة ليست نافلة مطلقة، وإنما هي من ذوات الأسباب، حيث قال ابن تميمة: ذوات الأسباب تفعل في أوقات النهي، وعلل السبب في أنها لم تفعل لأجل الوقت، وإنما دعا إليها داعي، بخلاف التطوع المطلق الذي لا سبب له، ثم قال: إنما ذوات الأسباب تفوت إذا أخرت عن وقتها، إذا وافق وقتها وقت النهي، مثل تحية المسجد، وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة، يعني عقب الوضوء، وكذلك صلاة الاستخارة إذا كان الأمر الذي يستخير يفوت إذا أخرت الصلاة.
إذاً، نخلص بأنه إذا كان الأمر الذي يستخير الله سبحانه وتعالى، من أجله لا يفوت، أو لن يفوت، فالأولى تأخير الصلاة عن أوقات النهي، ولو صلاها في أوقات الإجابة كان أفضل، كالثلث الأخير من الليل، وبين الآذان والإقامة، والساعة الأخيرة من عصر الجمعة، وغيرها من أوقات الإجابة، وقال النووي: “أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله سبحانه وتعالى، والثناء عليه، وقد جاء في حديث الشفاعة: وهو أدب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، مع ربه عندما يتخلى جميع الأنبياء عن الشفاعة، فيقوم بها نبينا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، ويخر ساجدا فيحمد الله عز وجل، ثم يسأله .

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك