الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

نسائم الايمان .. الوضوء ( الجزء الثانى ) بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن إسباغ الوضوء على المكاره من أسباب رفعة الدرجات وتكفير السيئات فعن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ” ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات” قالوا بلى يا رسول الله، قال ” إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط ” رواه مسلم ، ومعنى إسباغ الوضوء على المكاره أي إتمامه كما أمر الله مع وجود مشقة محتملة كالوضوء أيام الشتاء والبرد حيث يكثر تهاون كثير من الناس في إسباغ الوضوء، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من امرىء مسلمٍ تحضره صلاة مكتوبةٌ فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله ” رواه مسلم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره ” رواه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله ” رواه البخارى ومسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ترِدُون علي غرّا محجلين من آثار الوضوء ليست لأحد غيركم ” وكان أبو هريرة رضي الله عنه يمد يديه ويقول: سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول: ” تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء ” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من توضأ نحو وضوئي هذا ثم قام فركع ركعتين لا يُحدِّث فيهما نفسه غُفر له ما تقدم من ذنبه ” رواه البخاري ومسلم.
وأما عن مكروهات الوضوء، فهى الإسراف في استعمال الماء، وأيضا ترك سنة من السنن المذكورة، ومن ترك سنة حرم ثوابها ويكون العمل ناقصا، وكذلك يكره الوضوء في المكان النجس، ويكره الكلام أثناء الوضوء إلا لضرورة، ولا بأس من رد السلام وتشميت العاطس، ويكره أن يلطم المتوضئ وجهه بالماء عند غسله، وهكذا يُكره الإسراف في ماء الوضوء، لأنه خلاف السنة، ولعموم قوله تعالى: ( ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين ) ويكون الإسراف بزيادة الماء عن الاعتدال المعروف والمألوف، وذلك بزيادة عدد الغسلات عن ثلاث مرات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إنه سيكون في هذه الأمة قوم يَعْتَدون في الطَّهور والدعاء ” رواه أبو داود.
وهى أي يُفرطون فيهما، والإفراط في الطهور وهو أن يزيد عن الحد المشروع، وقد جاء أعرابي إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يسأله عن الوضوء، فأراه الوضوء ثلاثًا ثلاثًا، ثم قال صلى الله عليه وسلم : ” هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدَّى وظلم ” رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه، وكما أن الإسراف مكروه ومذموم، فإن التقتير أيضا مكروه شرعا ومذموم طبعا، وهو أن يقل ماء الوضوء عن المُدّ، فيصبح الغَسل كأنه مسح، والمد هو إناء يساوي مكعبا طول حرفه عشره سنتيمتر تقريبًا، وأيضا ضرب الوجه بالماء، لأن الوجه هو أكرم ما في بدن الإنسان، وضرب الوجه بالماء أثناء غسل الوجه ينافي تكريمه، وكذلك ترك التيامن.
والمقصود بترك التيامن، وهو أن يتعمد المتوضئ تقديمَ اليد اليسرى على اليمنى، وتقديم الرجل اليسرى على اليمنى، لأن هذا خلاف ما واظب على فعله رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وأيضا من المكروهات هو التجفيف بمنديل ونحوه، إلا لعذر، لأن الماء الباقي على أعضاء المتوضئ أثر عبادة، فعن أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث رضي الله تعالى عنها، أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كان بعد فراغه من الاغتسال، أُتِي بمنديل فلم يمسَّه، وجعل يقول: بالماء هكذا، يعني يَنفضه ” رواه البخاري ومسلم، ولكن إن كان هناك عُذر، كبرد شديد يؤذي معه بقاء الماء على العضو، فإن الكراهة تزول حينئذ، لأن الكراهة تزول لأدنى حاجة.
وأيضا من المكروهات للوضوء هو الاستعانة بمن يغسل له أعضاءه، من غير عذر، وذلك لأن استخدام الناس من غير عذر فيه نوع من التكبر المنافي للعبودية، وأما إن كان ثَمةَ عُذر من مرض أو عجز، فلا كراهة حينئذ، وأما الاستعانة في إحضار الماء، فلا تُكره، وأيضا من مكروهات الوضوء هو المبالغة في المضمضة والاستنشاق للصائم، وذلك احتياطا للصيام وخشية أن يسبقه الماء إلى حلقه فيبلعه فيفسد صومه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، للصحابى الجليل لَقِيط بن صَبرة رضي الله عنه ” بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا ” رواه أصحاب السنن الأربعة، وأيضا وتقاس المضمضةُ على الاستنشاق من باب أَولى.
وأما عن نواقض الوضوء، فهو الخارج من السبيلين، وهو وحده المتفق على أنه ينقض الوضوء، ويشمل كل خارج من القبل أو الدبر، من : ريح، أو بول، أو براز، أو مني، أو مذي، أو ودي، وأيضا النوم المستغرق، وأيضا أكل لحم الإبل، وهذا خلاف الراجح، والصواب أنه ينقض الوضوء، لأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، توضأ عندما انتهى من أكل الإبل، وفي الصحيح أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ” أيتوضأ أحدنا إذا أكل من لحم الإبل فقال رسول الله نعم، فقال الرجل :أيتوضأ أحدنا إذا أكل من لحم الغنم، فقال رسول الله :إذا شئت ” وأيضا من نواقض الوضوء هو لمس الفَرج باليد بشهوة، سواء كان فَرجه هو أو فَرج غيره، لحديث النبى صلى الله عليه وسلم ” من مسّ فرجه فليتوضأ ”
وأيضا الإغماء والجنون والشك لا يجوز بل يتيقن الإنسان وإن شك فلا يتوضأ إذا عرف أنه توضأ يقينا، وقد كان أصحاب رسول الله على عهده ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه، قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسُهم، ثم يُصلون ولا يتوضؤون ” رواه أبو داود، وأصله في مسلم، وهو عن عائشة رضي الله عنها قالت: “جاءت فاطمةُ بنت أبي حُبيش إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إني امرأة أستحاض فلا أطهر, أفأدع الصلاة؟ قال: “لا، إنما ذلك عرق وليس بحيض، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم، ثم صلي ” متفق عليه.
وقد سئل ابن باز رحمه الله، عن من خرج منه دم وهو على طهارة ؟ فقال لا يضر، وهذه مسائل طفيفة إذا حك رجله أو كذا أو ضربه شيء بأصبعه أو برجله وخرج الدم لا ينقض الوضوء، إنما الخلاف في الوضوء في الدم الكثير إذا وقع هل ينقض أو لا ينقض؟ أما الشيء اليسير الرعاف اليسير ، جرح يسير في رجله في يده هذا ليس فيه خلاف، أما إذا كثر فالأحوط الوضوء، لأن فيه خلافاً بين أهل العلم، منهم من رأى النقض، ومنهم من لم ير النقض، والآثار في هذا والأحاديث فيها بعض التعارض وليس في المقام حديث صحيح يدل على النقض لكن من باب الاحتياط ومن باب دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، إذا كثر فإنه يتحفظ من هذا الدم ويتوضأ هذا هو الأفضل والأحوط له، خروجاً من خلاف العلماء وعملاً بالنصوص كلها، وأما إن كان الشيء قليلاً فإنه يعفى عنه،
مثل نقطات قليلة من الرعاف والنقاط القليلة من الجرح وهكذا عصر بثرة في العين وما يخرج من الأسنان بعض الأحيان عند السواك أو نحوه كل هذا يعفى عنه، ولا حرج فيه، وأما عن حكم ملامسة المتوضئ لزوجته ؟ فالجواب لإبن باز يقول: مس المرأة سواء كان ذلك عمداً أو من غير عمد، لا ينقض الوضوء على الصحيح، وقد اختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: إن مسها ينقض مطلقاً، وقال بعضهم: لا ينقض مطلقاً، وقال بعض أهل العلم: ينقض مع الشهوة، وهي: التلذذ بمسها، ولا ينقض المس بدون ذلك، والصواب قول من قال: إنه لا ينقض مطلقا، لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ ولأن الأصل سلامة الطهارة، وعدم انتقاضها إلا بدليل.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك