الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

نسائم الايمان .. الوضوء ( الجزء الأول ) بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن من أجمل الأحكام والحكم ما يتعلق بالطهارة والوضوء، وذلكم أن الإسلام دين الطهارة والنقاء والنظافة والصفاء، وقد جمع بين تطهير الباطن والظاهر، وعند التأمل تتبدى لك أحكام جليلة وحكم جميلة تتبين فيها عظمة الإسلام ورقي أحكامه وسمو شريعته، فما أجمل أن يكون المسلم متوضئا، فإن الوضوء ينشط الجوارح ويزيد حركة الدم في البدن ويعيد فيه قوته ونشاطه وحيويته، ويوقف العبد أمام ربه بطهارة وروح عالية، ويجلب محبة الله عز وجل، للعبد وهناك فضائل وأجور ونظافة وطهور، والوضوء مأخوذ من الوضاءة، وهي الإشراقة والضياء والنور والصفاء والحسن والنظافة، وهي الحالة التي يكون عليها باطن المتوضئ وظاهره حينما يتوضأ، فهو علامة الإيمان.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن ” رواه ابن ماجة، والوضوء من العبادات الشريفة في الإسلام، فهو طهارة للبدن وللملابس من النجاسة التي يمكن أن تكون عليه، وإن من عظمة عبادة الوضوء أنها سبب لصحة الصلاة، والصلاة هي صلة بين العبد والله سبحانه وتعالى، وسبب لكل أبواب الخير، ويجب علينا أن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى الصلوات الخمس بوضوء واحد صحيح، وكان ذلك عام الفتح، إلا أن السنة هي تجديد الوضوء عند كل صلاة، ولكن لا يجب الوضوء للصلاة إذا كان القائم لها على وضوء، ففي صحيح مسلم من حديث بريدة رضي الله عنه قال: كان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة.
فلما كان يوم الفتح توضأ، ومسح على خفيه، وصلى الصلوات بوضوء واحد، فقال له عمر بن الحطاب: يا رسول الله، إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله، فقال: عمدا فعلته يا عمر ” رواه مسلم، وقد قال ابن عبد البر، رحمه الله، في التمهيد: الوضوء للصلاة ليس بواجب على القائم إليها إذا كان على وضوء، وأن دخول الوقت وحضور الصلاة لا يوجبان على من لم يحدث وضوءا، وعلماء المسلمين متفقون على ذلك، ويجب علينا أن نعلم جميعا أن الوهم في نقل حديث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، دون قصد يقع لكثير من الناس وحتى للمحدثين، وربما وقع لبعض الحفاظ، فلا يعد كذبا على النبي صلى الله عليه وسلم، لعدم تعمدهم له، لقوله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. متفق عليه، وأما عن منزلة الوضوء في الإسلام قهى منزلة عالية.
فهو نصف الإيمان كما في صحيح مسلم: أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال: ” الطهور شطر الإيمان ” والوضوء عبادة مستقلة وقربةٌ كاملة حتى ولو لم تعقبه صلاة، وإن الأمر ليس مجرد غسل للأطراف وإزالة للأقذار، ولكنه أعلى وأجل، فالوضوء عبادة والوضوء محو للذنوب وكفارة للخطايا ورفعة للدرجات وسبب لدخول الجنة وحرز من الشيطان وحفظ من الشرور ومنافع للقلوب والأبدان، ومن أقوال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والتى فيها البشارة والحث على الوضوء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ” إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء،
فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كانت بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيّا من الذنوب ” رواه مسلم، والوضوء في الشرع الإسلامي هو طهارة مائية تخص أعضاء معينة على صفة مخصوصة بنية التعبد، وأما عن الأفعال المخصوصة فهي النية، وإيصال الماء إلى أعضاء مخصوصة، وأما عن أركانه، فهى النية عند غسل الوجه، وغسل الوجه، ثم غسل اليدين إلى المرفقين، ثم مسح الرأس أو جزء منه ثم غسل الرجلين، وهذه الأركان بمعنى الأسس التي لا يصح الوضوء إلا بها، وهناك أفعال أخرى مشروعة للوضوء، منها ما هو فرض عند بعض العلماء كالترتيب،
أو الترتيب والموالاة عند البعض، ومنها ما هو واجب عند البعض، كما أن للوضوء شروط وسنن وأحكام أخرى محلها كتب الفقه، والوضوء هو أول مقصد للطهارة، لأنه مطلوب أساسي للصلاة، وهو من أهم شروط الصلاة وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ” والوضوء بضم الواو هو اسم للفعل وهو استعمال الماء في أعضاء مخصوصة وبفتحها اسم للماء الذي يتوضأ به وهو مأخوذ من الوضاءة وهى الحسن والنظافة والضياء من ظلمة الذنوب وسمي بذلك لما يضفي على الأعضاء من وضاءة بغسلها وشرعا استعمال الماء الطهور في الأعضاء الأربعة وهي الوجه واليدين والرأس والرجلين، وأيضا فهو حل لعُقد الشياطين.
فقد روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يعقِقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب كل عقدة: عليك ليل طويل فارقد ، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطا طيب النفس، و إلا أصبح خبيث النفس كسلان” رواه البخاري ومسلم، وإن الوضوء قبل النوم هو سبب في الموت على الفطرة، فعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” إذا أتيت مضجعَك، فتوضَّأ وضوءَك للصَّلاة، ثمَّ اضطجِع على شقِّك الأيمن، وقُل: اللَّهم أسلَمت وجهي إليك، وفوَّضت أمري إليك، وألجأت ظَهْري إليك، رَهْبة ورغبة إليك، لا مَلجأ ولا مَنجى منك إلَّا إليك،
آمنتُ بِكِتابِك الذي أنزلت، وبنبيك الذى أرسَلت، فإن متَّ متَّ على الفطرة فاجعَلهن آخر ما تقول فقلت أستذكُرُهن: وبرسولِكَ الَّذي أرسَلت، قال: لا، وبنبيِّك الذي أرسَلت” رواه البخاري ومسلم، وإن الوضوء سبب في الورود على حوض النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضى الله عنه، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أتى المقبرة فقال: “السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أنا قد رأينا إخواننا” قالوا: أولسنا إخوانك يا رسول الله؟ قال: “أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد”، فقالوا: كيف تعرف مَن لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟ فقال: “أرأيت لو أن رجلًا له خيل غرّ محجَّلة، بين ظَهْرَي خيل دُهمٍ بُهم ، ألا يعرف خيلَه؟”
قالوا: بلى يا رسول الله، قال : “فإنهم يأتون غُرًّا محجلين من الوضوء وأنا فرَطُهم على الحوض، ألا لَيُذَادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، أناديهم: ألَا هلُمَّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سُحقا سُحقا” رواه مسلم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما من امرئ مسلمٍ تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم يؤت كبيرة، وذلك الدهر كله ” رواه مسلم، وأما عن فرائض الوضوء التي لا يتم الوضوء صحيحا إلا بها وهي: النية، لأن الوضوء عمل والنية واجبة فيه عند جمهور الفقهاء فلا يصح إلا بها وهل هي شرط من شروط صحة الوضوء أو ركن من أركانه؟ لا فرق، فهي واجبة على كل لقوله صلى الله عليه وسلم:
“إنما الأعمال بالنيات” ووقت النية في الوضوء هو عند غسل اليدين ثلاث وينوي الإنسان، وغسل الوجه من منابت شعر الرأس المعتاد إلى ما انحدر من اللحية طولا ومن الأذن إلى الأذن عرضا ومنه أيضا المضمضة والاستنشاق عند القائلين بالوجوب كالمالكية، فلا يجوز ترك بعض الوجه مثل مابين اللحية إلى الأذن، أو ترك الاستنشاق والاكتفاء بمجرد وضع الماء على الأنف وهذا كله داخل في حد الوجه المأمور بغسله، وأيضا غسل اليدين من أطراف الأصابع إلى نهاية المرفقين، ومسح الرأس كله أو بعضه، وغسل الرجلين إلى الكعبين، والترتيب والموالاة، وأما عن سنن الوضوء وهي التي يطلب فعلها إضافة إلى أركان الوضوء، وهي المندوبات والمؤكدات لكن السنن المؤكدة.
ويراد بها عند بعض العلماء “واجبات الوضوء” مثل التسمية، وغسل الكفين، ولها تفاصيل واسعة في كتب الفقه، وأما عن أهم سنن الوضوء، فهى التسمية، وهي سنة مؤكدة وعند بعض العلماء كالمالكية واجبة، وأيضا غسل الكفين قبل إدخالهما في الإناء، وكذلك المضمضة وهي إدارة الماء في الفم أى غسل الفم وهي واجبة عند المالكية، وأيضا الاستياك وهو استعمال السواك عند غسل الفم، وأيضا الاستنشاق، وهو جذب الماء في الأنف، وهو واجب عند المالكية، وأيضا الاستنثار، وهو إخراج الماء من الأنف، وأيضا مسح الأذنين ظاهرا وباطنا، ومسح الصماخين بماء آخر، والتثليث في أفعال الوضوء بغسل اليدين ثلاث مرات والوجه ثلاثا واليدين، وباقي الأفعال في كل ثلاثا ثلاثا، ما عدى شعر الرأس والأذنين، ومسح جميع الرأس بدءاً بمقدمه، ومطلوب الاقتصاد في الماء، وأيضا هناك سنن أخرى، وهى مذكورة في كتب الفقه.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك