الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

مصر وقطر وجهاً لوجه فى سباق «اليونيسكو»

شهور قليلة تفصلنا عن سباق الترشح لاختيار مدير جديد لمنظمة التربية والثقافة والعلوم «اليونيسكو» وهو المنصب الذى كان بمثابة حلم لعدد غير قليل من الشخصيات المصرية البارزة، وبعد إعلان بلغاريا رسمياً ترشيح المديرة الحالية إيرينا بوكوفا للتنافس على منصب الأمين العام للأمم المتحدة، أصبح منصبها كمدير عام لمنظمة اليونيسكو خالياً، وكان لقطر الأسبقية بإعلان ترشيح وزير ثقافتها السابق للمنصب الأممى وتسخيرها كل قواها من أجل الفوز به، ليس ذلك فحسب، بل أعلنت عن التبرع بمليون دولار للمنظمة ديسمبر الماضى بعد عام من تبرعها بـ10 ملايين دولار، وهو ما أتى ثماره وظهر فى نجاح قطر فى إدراج «القهوة والمجلس العربى» على قائمة التراث غير المادى التابع لليونيسكو، فيما فشلت مصر فى إدراج ملف «الأراجوز» نظراً لعدم إكمال وزارة الثقافة المصرية للملف المقدم لليونيسكو، ورغم ذلك لا تزال مصر تتلمس خطاها وترفض وزارة الخارجية الإعلان رسمياً عن اسم مرشح مصر، فيما تداولت أنباء عن طرح اسم السفيرة مشيرة خطاب، عقب جولة لها فى بعض الدول لبحث دعمها لمصر حال ترشحها.

خطوات قطر الثابتة نحو الفوز قابلها تخبط مصرى غير مسبوق، ففى الوقت الذى أكد فيه حمد بن عبدالعزيز الكوارى، مستشار الأمير القطرى لشئون الثقافة ومرشح قطر، دعم دول الخليج له فى ترشيحات منصب المدير العام لليونيسكو، وإقرار اللجنة الثقافية العامة لدول مجلس التعاون الخليجى، بنداً يدعم المرشح القطرى ليكون أول شخصية عربية تتولى رئاسة هذا المنصب الأممى، شهدت مصر موقفاً على النقيض، فبشكل مفاجئ تم سحب ملف اليونيسكو من وزارة التعليم العالى وإسناده لوزارة الخارجية لتكون المسئولة عن اختيار سفير مصر فى اليونيسكو بعد 70 عاماً ظل فيها الملف مسئولية التعليم العالى، التى قامت بدورها باختيار قامات مثلت مصر على رأسهم توفيق الحكيم وطه حسين وثروت عكاشة.

«الدوحة» تدعم مرشحها بـ11 مليون دولار.. ومصر تسحب الملف من «التعليم العالى» وتسنده لسفيرها فى فرنسا.. و«العرابى»: لدينا ثقل حضارى وتاريخى يرجح كفتنا ولن نفوت فرصة الفوز بمنصب مدير عام المنظمة.. و«زمزم»: «الخارجية» وضعت معايير على مقاس شخصيات معينة لإقصاء أخرى.. ومصر تستحق المنصب

وقالت مصادر دبلوماسية إنه من المقرر أن تقوم السفيرة مشيرة خطاب بجولات خارجية الفترة المقبلة للحصول على الدعم الدولى لها فى انتخابات اليونيسكو وعرض رؤيتها وبرنامجها خلال فترة توليها، كما تساهم فى حملة الترويج لها فرصة القمة الأفريقية المقبلة والقمة العربية أيضاً فى العمل على الترويج للمرشح المصرى ودعمه خلال انتخابات اليونيسكو، وتابعت المصادر أنه ربما تكون المهمة صعبة بعض الشىء، لكن هناك تحركات تقوم بها الدبلوماسية المصرية لاقتناص المنصب بكافة الأدوات المتاحة، وربما تستغل مصر عضويتها بمجلس الأمن ومجلس السلم والأمن الأفريقى من خلال الترويج لبرنامج المرشح المصرى، وما يمكن تقديمه خلال فترة تولى المنصب الذى يستمر 4 سنوات، وله حق التجديد حال طلب المرشح ذلك، فيما تسعى مصر للحصول على دعم الدول العربية التى لها حق التصويت، وهى «مصر والمغرب والسودان ولبنان وسلطنة عمان والجزائر».

وأكد السفير محمد العرابى، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أن خوض مصر لمعركة التنافس على منصب مدير اليونيسكو يحتاج حسابات دقيقة حتى لا يكون مصير المعركة الانتخابية مؤلماً كما حدث فى 2010 حين ترشح فاروق حسنى.

وأكد «العرابى» أن مصر دولة لها ثقلها وإذا طرحت اسم مرشح فإن مصر ستكون منافساً قوياً بين دول العالم، ولدى مصر مميزات عدة متعلقة بحضارتها وتنوعها الثقافى والديموجرافى رجحت كفتها فى الفوز فى محافل دولية مثل مجلس الأمن ومجلس السلم الأفريقى، ولا أعتقد أن الدولة المصرية ستفوّت فرصة الفوز بمنصب مدير عام اليونيسكو، لكن يجب أن يكون المرشح بقوة مرشح قطر، وأن يكون على قدر من المرونة والدبلوماسية حتى يحظى بثقة وتأييد الدول الأعضاء فى منظمة الثقافة والعلوم والفنون «اليونيسكو».

وقال «العرابى» إن «المجال لا يزال مفتوحاً وغير صحيح أن الوقت قد فات وأننا خسرنا فرصتنا، علينا فقط تقديم اسم قوى وبرنامج قابل للتنفيذ»، وعن دور البرلمان للدفع نحو التعجيل بطرح مرشح مصرى، قال: «ليس من سلطتنا كبرلمان طرح اسم ولكن سندعم ترشيح الدولة المصرية كما ليس من سلطتنا الدفع نحو التعجيل باختيار مرشح».

وعن الشروط التى وضعتها وزارة الخارجية قال «العرابى»: طالما وُضعت تلك الشروط فعلى الجهات المعنية بالترشيح الالتزام بها حتى وإن كان أحدها يتعارض مع أقوى المرشحين، ففى النهاية تلك أطر تنظيمية تنظم عمليات الترشيح وتلك الأطر معمول بها فى عدد غير قليل من المنظمات الدولية. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبوزيد إنه لم يجر الإعلان رسمياً عن مرشح مصر لشغل منصب المدير العام لمنظمة «اليونيسكو» خلفاً لإيرينا بوكوفا التى تخوض المنافسة على منصب سكرتير عام الأمم المتحدة. وأوضح «أبوزيد» أنه سيجرى الإعلان عن المرشح المصرى فى حينه، وجار الترتيب لذلك الأمر خلال الفترة الحالية، وتتم المناقشة بشأنه حالياً.

وانتقد الدكتور عبدالمنعم زمزم، وكيل كلية الحقوق جامعة القاهرة تأخر مصر فى الإعلان عن اسم مرشح حتى الآن، مؤكداً أن قطر أعلنت عن مرشحها منذ عام تقريباً، فيما لا نزال نتحسس خطانا ونفكر فى طرح اسم السفيرة مشيرة خطاب، مشيراً إلى أنه يرى أن مثل هذا الترشيح سيكلف مصر إخفاقاً دولياً جديداً، وسيكون أشد وطأة من خسارة فاروق حسنى الذى خسر فى المراحل الأخيرة للسباق بفارق قليل.

وتابع «زمزم»: مع احترامى للسفيرة مشيرة إلا أننا فى ظل مرحلة نحتاج فيها لوجوه شابة ذات صلة بالحياة الدولية ومعروفة فى المجتمع الدولى، ونجحت فى معارك دولية مؤخراً، خاصة أن أغلب الوجوه التى تولت لجان اليونيسكو شابة، مؤكداً أن ما قيل عن جولات للسفيرة مجرد جس نبض والحديث عن حصولها على دعم دول عربية حديث مرسل ولا دليل عليه ولا ينبغى الاعتماد عليه.

وأضاف «زمزم» أن ملف اليونيسكو شهد مؤخراً حالة تخبط، حيث تم إسناده لسفيرنا فى فرنسا إيهاب بدوى بحجة خفض النفقات لتزيد أعباؤه كسفير فى واحدة من أهم المناطق التى تشهد احتقاناً ضد كل ما هو عربى، بعد الهجمات الإرهابية التى شهدتها العاصمة الفرنسية باريس، بخلاف المسند له من مهام عدة كسفير لمصر، مثل ملف العلاقات المصرية الفرنسية وملف الفرانكوفونية، بملف جديد هو فى حد ذاته عبء ثقيل بما يحتويه من ألغام خاصة بالتعليم والثقافة والفنون وحفظ التراث والآثار فضلاً عن أن الملفين متباعدان، فاليونيسكو هى المنظمة المعنية بالثقافة والتعليم والفنون ولها اختصاصات خاصة للتعليم والتعليم العالى، وهما الجهتان الأقدر على ترشيح اسم يستطيع طرح مشكلات مصر فيهما بدلاً من إسنادها للخارجية المثقلة بالفعل بأعباء ملفات متعثرة فى إدارتها مثل ملف سد النهضة.

وأكمل «زمزم» قائلاً: أعلنت الخارجية مجموعة معايير لاختيار مرشح مصرى لليونيسكو قبيل تداول اسم السفيرة مشيرة، وأثارت تلك الشروط ريبة حول الغرض من وضعها فى هذا التوقيت، وهل هذا بهدف خدمة أسماء بعينها لتكون مرشحة اللحظات الأخيرة، خاصة أن تلك الشروط تنطبق على أسماء محددة طُرحت أسماؤها مؤخراً رغم فشلها من قبل فى الفوز بعدد من المناصب الدولية التى رُشحت لها، حيث خلت تلك المعايير من المنطق والوضوح فى أغلبها واشترطت أن يكون المرشح شخصية عامة ومعروفة ومرموقة ومقبولة على الصعيدين المحلى والدولى، ولم تضع ضوابط لهذا، كما أن آخر شخصين توليا رئاسة اليونيسكو لم يكونا معروفين على المستوى الدولى، وأضاف: اشترطت الخارجية أن يكون المرشح سبق وتولى منصباً وزارياً أو فوق وزارى وهو ما يعتبر معياراً إقصائياً، وهو معيار داخلى لم تضعه أى دولة أخرى، كما لم تطرحه مصر فى أى من مرشحيها، ولم يسبق لأى دولة تطبيقه على مرشحيها، والعبرة كانت دائماً بمدى تخصص صاحب الترشيح وإلمامه بمهام المنظمة المرشح لها سواء فى مجال الثقافة أو العلوم أو الطاقة، ويطرح سؤالاً حول هوية المرشح، هل يحق لوزراء الإخوان الترشح؟ وهل يحق لوزير فشل فى مهمته كوزير أن يكون مرشحاً؟ كما أن هذا المعيار لم يؤد لنجاح المرشح المصرى فى 2009 لمنصب مدير عام اليونيسكو، رغم أنه كان فى حينه يشغل وزيراً للثقافة لأكثر من 20 عاماً، وليس فقط وزيراً سابقاً، ولم يشفع له هذا المعيار فى الفوز بالمنصب لأن المعايير مختلفة على الصعيد الدولى.

وتابع «زمزم»: استحدثت الخارجية معايير لا ضابط لها مثل أن يكون لدى المرشح خبرة فى إدارة مؤسسات كبرى دون تحديد معنى الكبرى أو صفتها، وأن يكون لدى المرشح مؤهل علمى وحاصل على شهادة الدكتوراه، وعليه فشخصية مثل نجيب محفوظ أو توفيق الحكيم أو حتى وزير الثقافة الحالى حلمى النمنم لا يصلحون أن يكونوا على قمة اليونيسكو لعدم حصولهم على درجة الدكتوراه، كما أن الاتجاه العام فى اليونيسكو اختيار قيادة شابة، حيث إن أغلب سفراء الدول الأوروبية فى اليونيسكو من الشباب.

وناشد «زمزم» الجهات المعنية بالأمر، التى ترفع تقاريرها إلى مؤسسة الرئاسة، أن تتعامل بإخلاص وأن تكف عن التفكير بنظرة داخلية وترشح أسماء من قواعدنا الداخلية التى تفتقر للخبرة الدولية وأن تعرض الصورة بمصداقية وأمانة على الرئيس حتى يستطيع تكوين صورة كاملة وحقيقية يتخذ بناء عليها قراراته، حتى لا تكلف مصر التراجع خطوات للخلف فى الوقت الذى ستتقدم فيه دولة مثل قطر ولا نستطيع لومها على تحركها لتحقيق مكسب دولى لها.

المصدر :- الوطن

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك