الجمعة - الموافق 19 أبريل 2024م

مشكلة المياه و السياسة المائية المستدامة

Spread the love

لاشك أن الماء هو عصب الحياة وأهم مكون من مكوناتها وصدق الله عز وجل إذ يقول فى كتابه العزيز (وجعلنا من الماء كل شىء حى أفلا يؤمنون) صدق الله العظيم.(الانبياء/30) تغطي المياه حوالي 71% من الأرض ويوجد الماء فى الخلية الحية بنسبة تتراوح بين 50-60 % من وزن الخلية كما يوجد بنسبة 70 % من الوزن الكلى للخضروات وتزيد النسبة الى أكثر من 90 % من وزن الفاكهة ،.لهذا فهو يعتبر مصدر الحياة لجميع الكائنات الحية من إنسان ونبات وحيوان وهو العنصر الاساسى لاستقرار الانسان وازدهار حضارته وأينما وجد الماء وجدت مظاهر الحياة.

 

تحتوي الأرض على كميات كبيرة من المياه العذبة متمثلة في المياه السطحية والجوفية. يستغل 40% منها لأغراض الاستهلاك العام والمتزايد باستمرار والذي يفوق معدل النمو السكاني في كثير من الأحيان، وقد سجل استهلاك المياه تضاعف مرتين على الأقل في القرن العشرين. بالإضافة إلى هذا الاستنزاف، تعاني الموارد المائية من مختلف أشكال التلوث، وإذا استمر تلوث المياه عند المعدل الحالي، مع زيادة كميات المياه المستغلة، فإن ذلك سيؤدي إلى استنزاف المياه العذبة في وقت قريب، وهناك اليوم 88 دولة نامية تشكل 40% من سكان العالم، يعتبر نقص المياه فيها  معوقاً جدياً للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.

 

يقود كل ما سبق إلى أن هناك استنزاف كمي ونوعي للموارد الطبيعية واستغلالها بكميات تفوق معدل تجددها الطبيعي. وحتى يتمكن الإنسان من الاستقرار والتطور والعيش بسلام فلا بد من توفر مصدر سليم وكافي من المياه لسد احتياجاته اليومية, وفي كثير من المناطق كان البحث عن المياه هو السبب في دفع الكثير من الناس إلى تحمل مشقة السفر والترحال بحثا عنه.

 

أن الحق في المياه كان وما زال يشكل أحد الأسباب الرئيسية للكثير من الخلافات والمشاحنات بين الأفراد أو الجماعات أو حتى الدول فيما بينها. ففي بعض الأحيان أدت الخلافات بسبب المياه بين ملاك الأراضي والمستعمرين على التأثير بشكل سلبي على مصادر المياه وكيفية استغلالها وبالتالي تراجع التنمية والتطور الزراعي وهذا ما حدث في العديد من بقاع الأرض, ومن صور المشاحنات على المياه هي المشاحنات الناتجة من تدمير الإنسان لمصادر المياه وتلويثها بالمخلفات الناتجة عن مختلف النشاطات التي يمارسها. ومن هنا تظهر أهمية المياه كمصدر طبيعي والحاجة إلى الإدارة السليمة لها والتي تتطلب جهود دولية للعمل على تنظيم عملية استغلالها وإدارتها والمحافظة علية. أن الازدياد المطرد في كمية الطلب على المياه نتيجة للانفجار السكاني أصبح يستلزم تطبيقات جديه للدراسات والنتائج العلمية حول المياه والإدارة السليمة لها لضمان المحافظة على نوعية وكمية المصادر المائية على الرغم من أن للنظام والتوازن البيئي المقدرة لدرجة ما على إعادة تأهيل البيئة من الدمار الناتج عن مختلف النشاطات البشرية.

 

كان هناك نوع من الاعتقاد السائد لدى الجميع, وهو اعتقاد خطير, بأن الأنهار والبحيرات والمحيطات هي أنسب مكان لإلقاء مخلفات المدن والمخلفات الصناعية وأي فضلات أخرى يراد التخلص منها. إن فعاليات الإنسان والنمو الصناعي والزراعي والتجمعات البشرية يدخل العديد من التأثيرات السلبية التي تنعكس بصورة واضحة على دورة المياه في الطبيعة ابتداء من مرحلة تبخر المياه من الأرض وتنتهي بعودتها ثانية إليها محملة بالملوثات المختلفة. وقد يكون للطبيعة دور إيجابي في تحسين كثير من حالات تلوث المياه حيث تسهم في إزالة أو تقليل عدد من الملوثات المضافة من قبل الإنسان إلا أن هذا السلاح الطبيعي ضعيف ويزداد ضعفاً مع زيادة النمو الصناعي وزيادة الملوثات التي تقذف بتراكيز عالية في مقومات البيئة الأساسية (الهواء -المياه -التربة).

 

حاليا وفي دول العالم المتطورة، أصبحت البيئة تستحوذ على درجة كبيرة من العناية والاهتمام سواء على الصعيد الفردي أو الجماعي وأصبح لها تأثير حتى على القرارات السياسية للدولة. وعلى الرغم من أن النمو في الطلب على المياه ضئيل نتيجة للنمو السكاني المنخفض في مثل هذه الدول، إلا أنه هنالك العديد من المشاكل التي تستدعي اهتمام أكبر ورفع مستوى العناية بجودة ونوعية المياه. وقد كشفت طرق التحليل المتطورة عن وجود العديد من المواد الكيماوية الناتجة عن العمليات الصناعية أو الناتجة عن عمليات معالجة المياه العادية والعادمة, ومن الواضح أن العديد من المشكلات البيئية التي ظهرت سابقا في دول العالم المتطور كانت نتيجة للإهمال أو لعدم القدرة على إدراك وتحديد أسباب التلوث والتدهور البيئي، ومن أجل منع استمرار وتكرار مثل هذه القضايا، كانت هناك مشاورات ومحادثات دولية عديدة أدت في النهاية إلى الخروج بمفهوم التنمية المستدامة. ويمكن تعريف التنمية المستدامة على أنها “التنمية التي تلبي المتطلبات الحالية مع الأخذ بعين الاعتبار إمكانية الأجيال القادمة على تلبية متطلباتهم”. بالنسبة للمصادر المائية فإن هذا مفهوم التنمية المستدامة يمكن تفسيره بالمفاهيم التالية:

 

  1. إن الموارد المائية محدودة, لذا يجب التعامل معها على أنها موارد اقتصادية واجتماعية.
  2. يجب أن تتم إدارة المياه بواسطة المستخدمين الأكثر لها, وكل من يملك حصة من الفوائد يجب أن يكون له دور في صناعة القرار.
  3. يجب أن تتم إدارة المياه من خلال إطار واضح ونظام شامل مع الأخذ بالحسبان تأثيرها على كافة مظاهر التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

 

إذا تم إدخال هذه المفاهيم إلى السياسات المتبعة وإخراجها إلى حيز التطبيق بشكل سليم، عندها يمكن القول أنة أصبح هناك نمو اقتصادي يتبنى السياسات البيئية ويتماشى مع المحافظة على المصادر البيئية الطبيعية، وكذلك إعلان توقف التدهور البيئي  والتناقص في المصادر الطبيعية.

 

أهداف السياسة المائية المستدامة كما حددتها المفوضية الأوروبية

  1. توفير مصادر آمنة من مياه الشرب وبكميات كافية.
  2. توفير مصادر مائية بكميات كافية وبجودة مقبولة لتلبي المتطلبات الاقتصادية من صناعية وزراعية.
  3. المحافظة على نوعية وكمية المصادر المائية لحماية ودعم عمل البيئة المائية ولضمان استمرار الحالة البيئية الطبيعية لها.
  4. إدارة المصادر المائية للمنع أو للتقليل من الآثار السلبية للفيضانات, كذلك خفض حدة تأثير الجفاف.
الدكتور عبد العليم سعد سليمان دسوقي

الدكتور عبد العليم سعد سليمان دسوقي

جمع واعداد

د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي

قسم وقاية النبات – كلية الزراعة – جامعة سوهاج

رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج- مصر و مدرب معتمد لدي الاتحاد

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك