الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

مشاهير الصحابيات … أروى بنت الحارث بن عبد المطلب … إعداد / محمـــد الدكـــرورى

أروى بنت الحارث بن عبد المُطّلب الهاشمية القرشية وقد ولدت قبل الهجرة، وهى وأخت أول شهيد في الإسلام عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، وكانت أمها هى غزية بنت قيس بن طريف بن عبد العزى بن عامر بن عميرة بن وديعة بن الحارث بن فهر، وقد توفيت سنة خمسين من الهجره في المدينة المنورة، فى عهد الدولة الأموية، وهى دولة بني أمية وهي أكبر دولة وثاني خلافة في تاريخ الإسلام، وواحدة من أكبر الدول الحاكمة في التاريخ، وكان بنو أمية أُولى الأسر المسلمة الحاكمة، وكانت عاصمة الدولة في مدينة دمشق، ولقد بلغت الدولة الأموية ذروة اتساعها في عهد الخليفة العاشر هشام بن عبد الملك.
وأروى هي أروى بنت الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وهى ابنة عم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكذا رابع الخلفاء الراشدين علي بن أبي طالب، وقد وُصِفت بالفصاحة والبلاغة، لم يُذكر سنة إسلامها، وقد عاشت حتى زمن معاوية بن أبي سفيان، ووفدت عليه في دمشق وهي عجوز، قادمة من المدينة حيث تقيم، ونهرته على خصومته لعلي بن أبي طالب، ابن عمها وفاخرته ببني هاشم وفضلتهم على بني أمية.
وكانت السيده أروى من كرائم النساء في دينها وشجاعتها ومنطقها وولائها لأمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه، ومن ربّات الفصاحة والبلاغة والشعر، وكانت أشد الوافدات من نساء الشيعة على معاوية، حينما وفدت عليه فيمن كان يستدعيهن من نساء الشيعة اللواتي وقفن إلى جانب معسكر الحق مع أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه، فوقفت أمام طغيان معاوية وتحدته ولم تترك له عيباً إلا فضحته ولا سوءة إلا نشرتها وأسمعته ومن معه كلاماً أشد عليهم من السيف، وهناك قصة مكذوبة فاجرة تنال من الصحابى عمرو بن العاص ومن الصحابى معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.
وهي قصه باطلة ومنتشرة، وقد أوردها العقاد في كتابه ” عمرو بن العاص ” وفيها سب الصحابى الجليل عمرو بن العاص، بنت عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ثم هي تسبه وتطعن في نسبه وتسب معاوية، والقصه هى أنه قد قيل أنها دخلت أروى بنت الحارث بن عبد المطلب على معاوية بالموسم وهي عجوز كبيرة، فلما استقر بها المجلس قالت لمعاوية: لقد كفرت بالنعمة وأسأت لابن عمّك علي الصحبة، وتسميت بغير أسمك، وأخذت غير حقك، بغير بلاء كان منك ولا من آبائك في الإسلام، ولقد كفرتم بما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، فأتعس الله منكم الجدود، وأصعر منكم الخدود، حتّى ردّ الله الحقّ إلى أهله.
وكانت كلمة الله هي العليا، ونبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، هو المنصور على من ناوأه ولو كره المشركون، فكنا أهل البيت أعظم الناس حظاً ونصيباً وقدراً في الدين، حتى قبض الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، مغفوراً ذنبه، مرفوعاً درجته، شريفاً عند الله مرضياً، فصرنا أهل البيت فيكم بمنزلة قوم موسى من آل فرعون، يذبحون أبناءهم، ويستحيون نساءهم، وصار ابن عم سيّد المرسلين فيكم بعد نبيّنا بمنزلة هارون من موسى، حيث يقول: يا بن اُم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني، ولم يجتمع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لنا شمل، ولم يسهل لنا وعر، وغايتنا الجنّة وغايتكم النار.
وكان المجلس صامتاً وكأن على رؤوسهم الطير وهذه السيده الشجاعه هي المتكلمة الوحيدة في المجلس فأخرست ألسنة الباطل أمام قوة منطقها وبيان حجتها وحينما وصلت إلى هذا الموضع من كلامها نطق عمرو بن العاص فقال: أيتها العجوز الضالة أقصري من قولك، وغضّي من طرفك، وهنا التفتت أروى إليه وقالت: ومن أنت لا اُم لك ؟ قال: عمرو بن العاص، فقالت: يا ابن اللخناء النابغة أتكلمني؟ أربع على ضلعك، واعن بشأن نفسك، فو الله ما أنتَ من قريش في اللباب من حسبها، ولا كريم منصبِها، ولقد ادّعاكَ ستة من قريش كلهم يزعم أنه أبوك، ولقد رأيتُ اُمك أيّام منى بمكة مع كل عبدٍ عاهرٍ فأتمّ بهم فإنك بهم أشبه.
ولقد أثار هذا الكلام الذي بيّنت فيه نسب عمرو بن العاص المخزي الذي يعرق له جبين كل إنسان شريف حفيظة مروان بن الحكم الذي شابه نسبه في الخزي نسب عمرو بن العاص وشابهت أمه الزرقاء أم عمرو في العهر، فقال مروان لكي يسكتها ولا تتعرض له بالكلام: أيتها العجوز الضالة ساخ بصرك، مع ذهاب عقلك فلا تجوز شهادتك، فالتفتت أروى إليه بنظرة استحقار وكأنها تأنف أن تتحدث إليه لو لم يوقع نفسه بنفسه بين حد لسان الحق ويجلد به، قالت له: يا بني أتتكلم؟ فو الله لأنت إلى سفيان بن الحارث بن كلدة أشبه منك بالحكم، وإنك لشبهه في زرقة عينيك وحمرة شعرك، مع قصر قامته وظاهر دمامته.
ولقد رأيت الحكم ماد القامة ظاهر الأدمة وسبط الشعر، وما بينكما من قرابة إلا كقرابة الفرس الضامر من الأتان المقرب، فاسأل اُمك عما ذكرت لك فإنها تخبرك بشأن أبيك إن صدقت، ثم التفتت إلى معاوية فقالت: والله ما عرضني لهؤلاء غيرك، وان اُمك هذه للقائلة يوم أحد شامتة متبجّحة في قتل حمزة بن عبد المطلب رحمه الله، وتذكر الروايات أن عمرو بن العاص ومروان بن الحكم كانا من بين الحضور في ذلك المجلس، فتلاسنا معها، فعيَّرت عمرو بنسبه وأفحمت مروان، ما اضطر معاوية لأن يتدخّل فيعتذر لها بالنيابة عنهما وسألها عن حاجتها فردَّت عليه قائلة: ما لي إليك حاجة، ثم قامت فخرجت.
فقال معاوية لأصحابه: والله لو كلمها من في مجلسي جميعًا لأجابت كل واحد بغير ما تُجيب به الآخر، وإن نساء بني هاشم لأفصح من رجال غيرهم، وقد توفيت في المدينة المنورة في زمن معاوية، ودُفنت في البقيع، وهذه القصة واهية، وما قيل من سب الصحابية أروى بنت الحارث بن عبد المطلب بنت عم النبي للصحابي عمرو بن العاص وقذف أمه كذب مختلق مصنوع، وكذلك شتم الصحابي الجليل عمرو بن العاص للصحابية بنت عم النبي كذب مختلق مصنوع، لأن الطعن واللعن والفحش والهمز واللمز والتنابز ليس من صفات المؤمنين.
وقد مات أبوها وهو أكبر أولاد عبد المُطلب، في حياة أبيه، ولها سبعة أشقاء هم: عوف، عبد الله وكان اسمه قبل الإسلام عبد شمس، المُغيرة، أمية، ربيعة، نوفل وأبو طالب، وقد تزوجها أبو وداعة الحارث بن صبرة بن سعيد بن سعد بن سهم القرشي، وولدت له المُطلب وأبا سفيان وأم جميل وأم حكيم والربعة بنت أبي وداعة، وزوجها كان فيمن شهد بدرًا مُكرهًا مع بني هاشم فأُسِر، فقال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ” إن له ابنًا كيسًا بمكة، له مال، وهو مُغل فداءه ” فخرج ولده المطلب من مكة إلى المدينة في أربعة ليال، وافتدى والده، حتى غدا زوجها أول من افتُدي من أسرى قريش.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك