الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

مستقبل التغيير السياسي في بلدان الربيع العربي بقلم :- الدكتور عادل عامر

نجحت ثورات الربيع العربي في إسقاط أنظمة الحكم في كل من تونس ومصر وليبيا ، هذا الوضع سيؤدي إلى خلق علاقات جديدة ستلقي بظلالها على العلاقات الدولية لهذه البلدان مع دول أخرى في المجال الإقليمي أو الدول الغربية .

فدول الربيع العربي كانت لها علاقات خاصة مع الغرب خاصة الولايات المتحدة ، إضافة إلى علاقة كل من مصر وتونس بإسرائيل ، فمصر كانت لها علاقات دبلوماسية ودية مع تل أبيب بسبب اتفاقية كامب ديفيد الموقعة عام 1978 ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة في مارس 1979 ، كما أن تونس أيضاً قامت بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل وإقامة علاقات دبلوماسية على مستوى فتح مكاتب اتصال بين البلدين .

ووفقاً لهذه التغيرات التي أحدثتها ثورات الربيع العربي على المستوى الداخلي ، سوف يكون هنالك تغيير للعلاقات الدولية التي تربط دول الربيع العربي ، وبالتالي يكون هنالك سياسات خارجية جديدة تتماشي وتتوافق مع المصلحة الوطنية .

وسوف يكون مستقبل النظام السياسي في دول الربيع العربي غير واضح المعالم التي لم تتشكل بصورة نهائية ، ولكن هنالك بعض السيناريوهات المحتملة الحدوث حسب القوى التي من الممكن ان تسيطر على نظام الحكم في الدول التي قامت فبها ثورات الربيع العربي:

السيناريو الأول – سيطرة الإسلاميين :

حيث شهد الشرق الأوسط بعد انهيار المنظومة الاشتراكية وانتهاء الحرب الباردة صحوة إسلامية عامة بشقيها المعتدل والمتطرف ، مما كان له كبير الأثر على مجرى العلاقات الدولية لدول المنطقة بما فيها الدول العربية ، وأدى إلى توتر العلاقات مع الغرب خاصة بعد التفجيرات الإرهابية التي تقوم بها الحركات الإسلامية .

وفي هذا الصدد هنالك سيناريوهات ممكنة

1. سيطرة القوى الإسلامية المعتدلة : جميع القوى الإسلامية في الشرق الأوسط والعالم العربي ليست من القوى المتطرفة وإنما هناك القوى المعتدلة أمثال جماعة الإخوان المسلمين المتمثلة في حزب الحرية والعدالة في مصر، والمتمثلة في حزب النهضة الإسلامية في تونس وحزب العدالة والتنمية في المغرب و البعض الأحزاب والحركات الأخرى في العالم العربي. فالكثير من هذه القوى المعتدلة لا تقوم سياساتهم على أساس الكراهية للغرب – أو تقسيم العالم الى عالم الكفر و الإيمان، بل تقوم سياسات تلك الأحزاب المعتدلة على الأساس البراغماتي.

   ويظهر ذلك في توضـيح أننا نرحب بأي نوع من العلاقات من الجميع بشرط إلا يتم التدخل في الأمور الداخلية” ، وهذه الحكومة سوف تنال رضى الغرب .

وكذلك حزب النهضة التونسي الذي تقوم سياساته على الأساس البراغماتي ليس على المستوى الدولي بل على المستوى الداخلي، الواقع هو أن ما يدعم رصيد حزب النهضة في الشارع التونسي هو تبنيه أفكار زعيمه ومؤسسه راشد الغنوشي، الذي لا يجد حرجاً في الجمع والتوفيق ما بين القيم والأحكام الإسلامية وبين قيم ومبادئ الدولة المدنية والتعددية السياسية وتداول السلطة واحترام حقوق الإنسان وغيرها .

 2. سيطرة حكومة ائتلافية إسلامية مع حكومة ليبرالية ،  في الشرق الأوسط والعالم العربي عدد كبير من أحزاب إسلامية متطرفة ، و الكثير من هذه الحركات والأحزاب مرتبطة بشكل أو بآخر بتنظيم القاعدة الإرهابية ، وبرزت الأحزاب الإسلامية المتطرفة بشكل قوي وأظهرت بعض الأحزاب الجديدة مثل حزب النور في مصر. وأصبح أحدى السيناريوهات حول مستقبل المنطقة هي سيطرة القوى الإسلامية المتطرفة على السلطة ، ويتخوف المجتمع الدولي خاصة الدول الغربية من حدوث وتحقيق هذا السيناريو.

 وهو أيضاً سيناريو يرضي الغرب بهدف الحصول على مزايا جديدة في العلاقات التجارية والاقتصادية  .

3. حكومة ائتلافية إسلامية معتدلة مع حزب إسلامي متطرف ، ولا تنال رضى الغرب بسبب صعوبة التعامل مع ديموقراطية أعطت التيار الإسلامي الأغلبية الساحقة .

وبالتالي فان درجة تغيير العلاقات مع الغرب ستكون متفاوتة حسب التشكيلة الحكومية ومدى قوة وسيطرة الإسلاميين .

السيناريو الثاني – سيطرة الجيش :

وهو احتمال يقوم على سيطرة الجيش على السلطة ، ولكنه لا يمكن حدوثه إلا في ظل توفر مناخ مناسب وذلك في حالة عدم اتفاق القوى السياسية على شكل النظام السياسي وإفشاء الفوضى وحدوث الحروب الأهلية ، أو يمكن الحدوث في حالة سيطرة الإسلاميين المتطرفين على السلطة وتحويل الدولة إلى دولة إسلامية معادية للغرب وحليفة مع القوى الإرهابية  .

وبالتالي في كل الحالتين سيكسب الجيش الرضى والقبول من الغرب لأن حدوث أي الإحتمالين سيعرض المنطقة إلى حالة فوضى وتهديد للسلم والأمن الدوليين ، وبالتالي يلحق الضرر بالمصالح الغربية ، وفي حالة سيطرة الجيش على الحكم لا يمكن تصور تغيير جذري في سياسات الدول وإنما تساير سياسات الأنظمة .

من خلال الدراسة عن التغيير السياسي الذي حدث في العالم العربي فيما يعرف بالربيع العربي تم الوصول إلى النتائج الاتية :

أولاً : تعتبر ثورات الربيع العربي هي حصيلة لمجموعة من العوامل الداخلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، بجانب العوامل الخارجية التي كان لها دور محدود ، وبالتالي شكلت هذه الثورات العربية الداعية للتغيير السياسي زعزعة لبنية الدولة التسلطية في العالم العربي مما ساعد في سقوط بعض الأنظمة العربية ، لذلك كان لثورات الربيع العربي دور فاعل في إحداث التغيير السياسي في المنطقة العربية.

ثانياً : ظهر المجتمع المدني في دول الربيع العربي باعتباره قوة مركزية في إحداث التغيير السياسي في المنطقة .

ثالثاً : غيرت ثورات الربيع العربي الرؤية السياسية للدول الغربية حول منطقة الشرق الأوسط عموماً ومستقبلها السياسي ، وبالتالي ستفرز هذه الثورات علاقات دولية جديدة مع الغرب تعمل على تغيير شكل التحالفات التي كانت موجودة بالمنطقة .

رابعاً : افرزت الثورات العربية هيمنة للقوى الإسلامية على السلطة وذلك بعد نتائج الانتخابات التي اعقبت التغيير السياسي للأنظمة العربية التي سقطت ، ما كان له كبير الأثر في تنشيط التيارات الإسلامية بمختلف أنواعها مما يعني تنشيط لأيديولوجية الإسلام السياسي في المنطقة العربية .

أن الديمقراطية عملية طويلة المدى وأنه لابد من تطور الدولة المدنية ودولة القانون، لكنه يرى في الوقت نفسه أنه يجب أن تكون لدى الدول العربية “طموحات كبيرة”، موضحاً أن البلدان الأوروبية أيضاً لم تكن لديها ثقافة ديمقراطية في بداية الأمر، لكنها تعلمتها. وتعليقا على اتخاذ كثير من الأنظمة التي تتشكل في العالم العربي تركيا مثالا يحتذى به، يقول البرلماني الألماني ذو الأصول التركية أن “الأقليات في تركيا تعاني من صعوبات كثير ولا تتمتع بالحرية الدينية بما يكفي”، لذلك فهو يرى أن النموذج الأوروبي والأمريكي أفضل.

 إن “مستقبل الأقليات مرتبط ارتباطا وثيقا بمستقبل الأكثرية. فإن ارتاحت الأكثرية واستطاعت أن تقود البلاد العربية إلى التنمية والازدهار فسينعكس ذلك إيجابا على الأقليات “. أن “الثورات إذا استمرت في طريقها الصحيح وحكم بالإسلام الحقيقي، فسنعانى من الهجرة من أوروبا إلى البلاد العربية

 وسنطلب أن يلتزم المهاجرون الأوربيون بتقاليدنا وأخلاقنا وإلا سنضطر آسفين إلى إرجاعهم إلى بلادهم معززين مكرمين وستكون الأقليات أسعد أقليات في العالم لأن الإسلام يحقن دماؤهم ويحفظ أعراضهم ويحمى ممتلكاتهم ويرقى مبدعهم ويحمى بعضهم من شر بعض بل ومن شر المجرمين من المسلمين وسيعلم العالم أجمع مواثيق حقوق الإنسان الحقيقية”.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك