السبت - الموافق 20 أبريل 2024م

مدة اعتبار المفقود ميتًا بقلم :- الدكتور عادل عامر

Spread the love

نصت المادة (21) من القانون رقم (100) لسنة 1985م على أنه: “يحكم بموت المفقود الذي يغلب عليه الهلاك بعد أربع سنوات من تاريخ فقده، ويعتبر المفقود ميتًا بعد سنة من تاريخ فقده في حالة ما إذا ثبت أنه كان على ظهر سفينه غرقت أو كان في طائرة سقطت، أو كان من أفراد القوات المسلحة وفقد أثناء العمليات الحربية، ويصدر رئيس مجلس الوزراء أو وزير الدفاع بحسب الأحوال وبعد التحري

واستظهار القرائن التي يغلب معها الهلاك قرارًا بأسماء المفقودين الذين اعتبروا أمواتًا في حكم الفقرة السابقة ويقوم هذا القرار مقام الحكم بموت المفقود. وفي الأحوال الأخرى يفوض تحديد المدة التي يحكم بعدها إلى القاضي على ألا تقل عن أربع سنوات وذلك بعد التحري عنه بجميع الطرق الممكنة الموصلة إلى معرفة إن كان المفقود حيًّا أو ميتًا”.

وقد اعترض علماء الدين على مطالبة مشروعات القوانين التي قُدِّمت إلى مجلس الشعب بتعديل المدة وجعلها سنة واحدة بدلاً من أربع سنوات، أي اعتبار المفقود ميتًا بعد مضي سنة من تاريخ فقده، حيث طالب العلماء بعدم تخفيض المدة التي يحكم بعدها بموت المفقود والأخذ بالأحواط لأن التعجل قد تترتب عليه مشكلات اجتماعية ومادية تتعلق بزوجة المفقود وورثته.

أن المفقود في حالات الكوارث والأوبئة، يجب على القاضي التحري عنه في كل مكان يظن وجوده فيه، فإذا لم يتم العثور عليه تنتظر زوجته أربع سنوات وفي نهاية هذه المدة تعتد عدة الوفاة وبعد انتهاء العدة لها الحق أن تتزوج، وأن تستوفي كل حقوقها كمؤخر المهر ونحو ذلك. مشيرًا إلى أنه لا يجوز تخفيض المدة إلى سنة أو أقل من أربع سنوات؛ لأن الذي سنَّ هذه المدة هو سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حينما اختفى رجل فضرب لزوجته أجل أربع سنوات. وأشار إلى أن الذين يطالبون بتخفيض المدة لا يستندون إلى دليل فقهي وإنما يعتمدون على عقولهم.

وقد ذهب فقه مذهب أبى حنيفة إلى أنه لا يعتبر الجهل بمكان المفقود، وأن عدم معرفة حياة الشخص أو وفاته هو الأساس في اعتباره مفقودًا ومن ثم اعتبروا الأسير في دار الحرب الذى لا تعرف حياته أو وفاته مفقودا، مع أن مكانه قد يكون معلومًا .‏

ولما كان المفقود مجهول الحال، أحي هو، أو ميت، اعتبره الفقهاء حيًا في حق الأحكام التي تضره، وهى التي تتوقف على ثبوت موته فلا يقسم ماله على ورثته، ولا تفسخ إجاراته عند من يقول بفسخها بالموت، وهم فقهاء المذهب الحنفي، ولا يفرق بينه وبين زوجته قبل الحكم بموته .‏ ويعتبر ميتًا في حق الأحكام التي تنفعه وتضر غيره وهى المتوقفة على ثبوت حياته، فلا يرث من غيره، ولا يحكم باستحقاقه لما أوصى له به، بل يوقف نصيبه في الإرث والوصية إلى ظهور حياته، أو الحكم بوفاته، فإذا ظهر حيا أخذ الإرث والوصية، وإذا حكم بموته قسم ماله بين ورثته الموجودين وقت صدور الحكم بموته وأما ما يوقف له من الميراث فيرد إلى من يرث مورثه وقت موت ذلك المورث، وترد الوصية إلى ورثة الموصي، وقد بنى الفقهاء هذه الأحكام على قاعدة أن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يقوم الدليل على زواله .‏ ويعبرون عن هذا الأصل أيضا بأنه استصحاب الحال وهو الحكم ببقاء أمر محقق يظن عدمه، وقالوا إن هذا الأصل يصلح حجة للدفع، لا للاستحقاق .‏

أما المدة التي يحكم بعدها بموت المفقود فلم يرد نص في القرآن الكريم، ولا في سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام يحدد الزمن الذى يحكم بفواته بموت المفقود، لا صراحة ولا دلالة ومن ثم كان اختلاف الفقهاء في تحديد هذا الزمن ففي فقه مذهب الإمام مالك أن من فقد في بلاد المسلمين، في حال يغلب فيها الهلال، وقد انقطعت أخباره عن زوجته وأهله، كما إذا فقد في معارك بين المسلمين أو في بلد عمه الوباء، كان لزوجته أن ترفع أمرها إلى القاضي للبحث عنه ؛وبعد العجز عن الوقوف على خبره أو تعرف أثره، تعتد زوجته عدة الوفاة، ولها أن تتزوج بعد العدة ويورث ماله،

أي يعتبر ميتًا بدون حاجة إلى حكم القاضي بالنسبة لزوجته وأمواله .‏ وأما إن كان قد فقد في بلاد الإسلام في حال لا يغلب فيها الهلاك وقد انقطع خبره عن آلة وزوجته، فإذا رفعت هذه أمرها إلى القاضي حكم بوفاته بعد مضى أربع سنوات من تاريخ فقده، واعتدت عدة الوفاة، وحلت للأزواج بعد انقضائها، وأما أمواله فلا تورث عنه ألا بعد مضى مدة التعمير، وهى سبعون سنة من تاريخ ولادته .‏

وأما إذا كان قد فقد في غير بلاد الإسلام، في حال يغلب فيها الهلاك كمن فقد في حرب بين المسلمين وأعدائهم، ورفعت الزوجة أمرها إلى القاضي، فإنه بعد البحث والتحري عنه، يضرب له أجل سنة فإذا انقضت اعتدت الزوجة وحلت للأزواج بعد انقضاء عدتها، ويورث ماله لورثته وقت انقضاء هذا الأجل .

وقال فقهاء مذهب أبى حنيفة بما ذهب إليه الفقه المالكي، تيسيرًا على زوجة المفقود ورفقًا لحرج انتظارها إياه حتى موت أقرانه، أو غير هذا من تلك المدد الزمنية السابق التنويه عنها .‏

وفى فقه مذهب الإمام الشافعي في القديم تتربص زوجة المفقود أربع سنين، وهى أعلى مدة الحمل، وأربعة أشهر وعشرًا لعدة الوفاة، وفى رواية حتى يبلغ سن المفقود تسعين سنة منذ ولادته ثم تحل للأزواج .

وفى فقه الإمام أحمد بن حنبل قال ابن قدامة في المغنى انه إذا غاب الرجل عن امرأته غيبة غير منقطعة، يعرف خبره ويأتي كتابه، فهذا ليس لامرأته أن تتزوج في قول أهل العلم أجمعين إلا أن تتعذر الإنفاق عليها، فلها أن تطلب فسخ النكاح فيفسخ نكاحه .‏

أما إن كان المفقود قد غاب، وفقد في حال يغلب فيها الهلاك بأن خرج في حرب ولم يعد، أو كان في سفينة قد غرقت ونجا بعض ركابها وغرق الباقون، يحكم بموته بعد أربع سنين من تاريخ فقده وتقسم أمواله على ورثته وقت الحكم بموته،

بعد هذه المدة وتعتد زوجته عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام من تاريخ الحكم بموته، وتحل للأزواج عقب انتهاء هذه العدة .‏ إذا نظرنا في هذه الأقوال وجدنا القول الأول يعتبر في القسمة حالتي حياة المفقود وموته بينما الثاني يعتبر حالة الموت فقط والثالث يعتبر حالة الحياة فقط فيكون القول الأول هو أرجح لأنه أحوط وأضمن لحق المفقود وحق غيره أما الثاني والثالث فهما عرضة للنقض وضياع حق المفقود وحق غيره والله أعلم .

إذا مضت مدة انتظار المفقود ولم يتبين أمره فما الحكم في ماله والموقوف له من مال مورثه ؟الحكم في مال المفقود : اتفق الفقهاء على أنه لا يرث المفقود إلا الأحياء من ورثته يوم قسم ماله، لا من مات قبل ذلك لو بيوم. قال في روضة الطالبين : ثم إنّا ننظر إلى من يرثه حين حكمِ الحاكم بموته، ولا يورَّث منه من مات قبيل الحكم ولو بلحظة، لجواز أن يكون موت المفقود بين موته وبين حكم الحاكم.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك