السبت - الموافق 20 أبريل 2024م

ماسبيرو إعلام الأمن القومي لمصر بقلم :- الدكتور عادل عامر

Spread the love
إن إصلاح اتحاد الإذاعة والتليفزيون وعودته لسابق عهده يحتاج قرارا سياسيا من الدولة، لتوضح ماذا نريد من هذا المبنى العريق، وهل تريد إصلاحه أم لا.. على مدار عقود طويلة تم تمرير مصطلح “إعلام الدولة “باعتباره الإعلام الذي يعبر عن الشعب بكل مكوناته لكن الواقع يعبر عن اجتزاء لهذا المعنى حيث أثبتت الممارسات الإعلامية أن هذا النوع يعبر فقط عن جزء من الدولة وهو السلطة الحاكمة ولا ينطق بلسان جميع فئات الشعب ، لذلك فالتسمية الصحيحة والأكثر دقة لهذا النوع من الإعلام هي ” إعلام السلطة ” .
ويعتبر اتحاد الإذاعة والتليفزيون “ماسبيرو” تجسيدا صريحا للفارق بين ما يسمى إعلام السلطة وإعلام الدولة التي يعتبر الشعب فيها هو السيد فيصبح الشعب هو بؤرة اهتمام هذا الإعلام، لذلك سعت أغلب المؤتمرات الإعلامية عقب ثورة 25 يناير لتصحيح هذا المفهوم المغلوط وأوصت بالتفرقة بينهما وتطبيق إعلام الشعب في مصر والمعروف مهنيا باسم إعلام “الخدمة العامة”، فالشعب هو مصدر السلطات وتقوم كل الحكومات والمؤسسات على خدمته وهو ما نص عليه الدستور المصري الصادر في يناير 2014 وهو ما توضحه المادة 4والتي تقول ” السيادة للشعب وحده يمارسها ويحميها ، وهو مصدر السلطات ، ويصون وحدته الوطنية التي تقوم على مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وذلك على الوجه المبين في الدستور . “
*يظل ماسبيرو هو الملاذ والأمل للإعلام المصري الذي يمكن أن يوفر خدمة إعلامية ترتقي بالمجتمع والمهنة ككل من خلال تقديم إعلام الخدمة العامة الذي يحقق ما نسميه بالتاءات الثلاث .. ” تنوير – تربية – تسلية ” لأن ماسبيرو ملك الشعب دافع الضرائب ولا يدفع أي من أعضاء أي حكومة من ماله الخاص للإنفاق عليه لذلك يجب أن يتحرك الإعلام في ماسبيرو من منطلق واحد وهو أن “يصنع لأجل الشعب ويمول من الشعب ويتحكم فيه الشعب “ .
بينما يظل الإعلام الخاص أداة في يد رأس المال فيصنف على أنه إعلام تجاري خاص يخضع لأهواء من يملكه . وكيف يمكن أن يتغير ليكون إعلاما للخدمة العامة يساعد في تحقيق المجتمع الديمقراطي من خلال نشر الثقافة والارتقاء بوعي المصريين ويحرص كل الحرص على حق المواطن في المعرفة.
ماسبيرو خط من خطوط الأمن القومي العريضة.. بل لا نبالغ إذا قلنا إنه خط رئيسي في ظل ما تواجهه مصر الآن.. و في ظل الحرب الإعلامية الشرسة خارج و داخل البلد.. وجب الإصلاح الشامل و الجذري.. وفق حساب واحد لا ثاني له و هو أمن الدولة.. و جهاز إعلامي من المفترض أنه سيادي .. لا وجود له بين الناس آن الأوان.. لإعادة النظر في التعامل مع هذا الجهاز “تلفزيون و إذاعة”.. بل هي لا تختلف عن من تربوا في مدرسة صفوت الشريف.. بأي منطق تصبح الإذاعة و التلفزيون البوابة التي.. يظهر من خلالها شخصيات وهمية لا يعرف أصلها و لا فصلها و تقدم للرأي العام على إنها شخصيات عامه.. و وضع إستراتيجية إعلامية سليمة لمصر..
ماسبيرو أمن قومي …. و نحن في حالة حرب..أن تفريط اتحاد الإذاعة والتليفزيون في أبنائه وتركهم للعمل بالقنوات الخاصة يعتبر خطيئة يجب إصلاحها، و في الوقت ذاته أنه ترك “ماسبيرو” بهذا الإهمال هذا ليس في صالح الأمن القومي المصري.
من لا يعرفون مسألة الأمن القومي، والمسئولية القومية، وهنا يكمن أهمية تلفزيون الدولة، وخطورة ترك الحبل على الغارب للقنوات الخاصة. أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون، أنفق عليه المليارات من دم المصريين لان من ينتقد ماسبيرو، لا يعلم جيدا أن انتقاد هذا المبنى يعد أخطر شيء في ملف الأمن القومي.
” انه من الطبيعي في مجال الإعلام هو اختفاء قنوات وظهور قنوات وفقا لقدر النجاح وتحقيق الأهداف ، ووفقا للإمكانات وقدر الإعلانات وكثافة المشاهدة ، أيضا وفقا للتوجهات والمصالح .. الخ .. نعم قد يؤثر ظهور هذه القنوات علي الوضع الإعلامي خاصة مع توافر إمكانات غير مسبوقة للتمويل وتعاقدها مع أسماء معروفة في المجال الإعلامي والفني لجذب الانتباه برامجيا ، وهو أمر قد يؤثر علي كثافة المشاهدة لباقي الشاشات سواء كانت عامة أو خاصة وبالتالي علي اقتصادياتها ، لكن مرة أخري أن تكون بديلا لماسبيرو فهذا أمر بعيد عن المنطق .. وبعيد عن المنال ..
أن ماسبيرو أمن قومي لمصر .. ماسبيرو كيان ضخم به ثروات بشرية وتكنولوجية هائلة ماسبيرو كان وسيظل صوت مصر وصوت المواطن داخليا وخارجيا .. ماسبيرو يستطيع أن يقدم من الفكر والثقافة والبناء للشخصية المصرية ما لا يستطيع أن يقدمه الآخرون .. ماسبيرو أعلام خدمة عامة .. “يواجه ماسبيرو العديد من المشاكل ، وعلي شاشاته العديد من السلبيات ، مما يستدعي التكاتف والتعاون مع هذا الكيان الضخم حتى يعود رائدا متطورا ومؤثرا كما ننتظره جميعا .. ماسبيرو في حاجة إلي رؤى وفكر لحل مشكلاته وتطوير شاشاته .. ماسبيرو في حاجة إلي إرادة سياسية لدعمه ماديا ومعنويا .. ماسبيرو بالمنطق وليس بالعاطفة وبإرادة أبنائه سيعود ..
يقدم إتحاد الإذاعات الأوروبية تعريفا بسيطا لإعلام الخدمة العامة فيقول عنه :” يصنع لأجل الشعب ويمول من الشعب ويتحكم فيه الشعب “وتضع منظمة التربية والعلوم –اليونسكو- تضع مزيدا من الإيضاح على تعريف إعلام الخدمة العامة فتقول:
 “إعلام الخدمة العامة هو المكان الذي يلتقي فيه كل المواطنين بترحاب وبمساواة بين الجميع , إنه وسيلة للمعرفة والتعلم متاحة للجميع وتستهدف كل المواطنين مهما كانت حالتهم الاجتماعية والاقتصادية . إعلام الخدمة العامة لا بد أيضا أن يخاطب الخيال والتسلية بشرط أن يفعل ذلك من خلال الاهتمام بالجودة” وضع سياسة تحريرية للهيئة بكل فروعها الإعلامية من نشرات وبرامج إخبارية أساسها الخدمة العامة وبرامج منوعات وإنتاج إعلامي متنوع مع تحديد واضح للصلاحيات والمهام وتعريف دقيق لمهمة وتخصص كل قناة ومحطة إذاعية لعدم التضارب أو تكرار المنتج وتشابهه كما يحدث حاليا .
 لأن وجوده ضروري لتصحيح أخطاء السوق. فالباحث عن الربح يتجه إلى إنتاج أنواع محددة من البرامج، ومن ثم يبقى الطلب على أنواع أخرى من البرامج في السوق الإعلامي غير ملبي. فعلى سبيل المثال لن تجد في القنوات الخاصة البرامج التي تقدم نصائح شراء للمستهلكين، وتوضح أضرار ومزايا المنتجات والخدمات المطروحة في الأسواق. وذلك على الرغم من أنها قد تعجب جمهورًا واسعًا ويُقبل عليها. ولكنها لن تعجب شركات الدعاية واﻹعلان، ﻷن الشركات المنتجة والمعلنة قد تغضب من كشف سوءاتها. ومن ثم فلن ينتج القطاع الخاص مثل تلك البرامج، على الرغم من وجود طلب كبير عليها.
يلعب إعلام خدمة الشعب دورًا مكملاً للسوق، حيث توجد نوعية أخرى من البرامج، لا يوجد عليها سوى طلب ضئيل. ولعل أشهر مثال هو البرامج الثقافية والفنية. أو تلك التي يقل الطلب عليها بسبب عدم معرفة الجمهور بأهميتها، مثل برامج تربية اﻷطفال الغائبة عن التليفزيون المصري. هذه النوعية الأخيرة بالذات يُخشى أنه في حالة تصدي القطاع الخاص لإنتاجها؛ فإنها قد تخضع لضغوط من الشركات المعلنة لترويج منتجاتها الخاصة باﻷطفال، حتى لو لها أضرار عليهم.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك