السبت - الموافق 20 أبريل 2024م

لمحة تاريخية مع أنس بن الحارث ” الجزء الثانى ” إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

Spread the love

ونكمل الجزء الثانى مع الصحابى أنس بن الحارث الكاهلي الأسدي، وقد توقفنا عندما انطلق أنس بن الحارث فدخل على ابن سعد، ولم يُسلم عليه، فقال ابن سعد له، لِمَ لم تسلم عليَّ ألست مسلما؟ فرد عليه أنس بن الحارث رضى الله عنه، فقال له، والله لست أنت مُسلم، لأنك تريد أَن تقتل ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان هذا ردا قويا جعل من ابن سعد أن ينكس رأسه إذلالا، ويقول والله إنى لأعلم أَن قاتله في النار ولكن لا بد من إنفاذ حكم عبيد الله بن زياد، فرجع أنس رضى الله عنه، إلى الإمام الحسين رضى الله عنه، وأخبره بذلك، وكان عندما نوى الإمام الحسين رضى الله عنه، الرحيل إلى العراق، فكان هذا الصحابى الجليل ملازما له، ومن أنصاره في الطف مع من أدركته السعادة، وكان شيخا كبيرا طاعنا في السن وقورا شجاعا، وعندما وصلوا إلى طف كربلاء وعند ملاقاة القوم لهم، طلب من الإمام الحسين رضى الله عنه.
أن يأذن له في القتال وأن يجاهد بين يديه، فأذن له الحسين رضى الله عنه، فبرز رضوان الله عليه، وشد وسطه بعمامة، ثم دعا بعصابة عصب بها حاجبيه ورفعهما عن عينيه، وعند بروزه كان يقول، قد علمت كاهلنا وذودان، والخندفيون وقيس غيلان، بأن قومي آفة للأقران، يا قوم كونوا كأسود خفان، واستقبلوا القوم بضرب الآن، آل علي شيعة الرحمن، وآل حرب شيعة الشيطان، ويروى أن الإمام الحسين رضى الله عنه، ينظر إليه ويبكي ويقول ” شكر الله لك يا شيخ ” وهو يقاتل على كبر سنه قتال الأبطال لا يرهبه جيش بني أمية وقد أبلا بلاء حسنا، فقد روي أَنه قتل منهم ثمانية عشر رجلا، من جيش يزيد بن معاوية، ثم نال شرف الشهادة رضوان الله عليه، مع الإمام الحسين رضى الله عنه، ومع من أستشهد في معركة طف كربلاء، وسمت روحه الطاهرة إلى الرفيق الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء ” وحسن أولئك رفيقا ”
وهكذا كان أنس بن الحارث، صحابيا كبيرا ممن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع حديثه، وكان فيما سمع منه وحدّث به ما رواه الكثير عنه، أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، والحسين بن على في حجره ” إن ابني هذا يقتل بأرض من أرض العراق ألا فمن شهده فلينصره ” وكذلك كان من الصحابة الموالين للإمام عليّ بن أبى طالب، وللإمامين الحسن والحسين رضى الله عنهما، وكان بطلا شجاعا، وتكمن شجاعته في نصرته للإمام الحسين رضى الله عنه، في يوم الطف، وإنه كان أيضا من حواري الإمام الحسين رضى الله عنه، ولقد قال الله سبحانه وتعالى فى كتابة الكريم (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفى ضلال مبين) أي قد أنعم الله على المؤمنين أعظم منها على الكافرين، والآية الكريمة في الحقيقة.
تذكير بالنعمة العظيمة التي انعم الله بها على المؤمنين ببعثة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بعد ان خالج بعض الأذهان من حديثي العهد بالإسلام بعد معركة أحد حول سبب الخسارة في المعركة، وما لحق بالمسلمين إثرها، فجاءت الآية المباركة مجيبة عن ذلك، ان كنتم قد تحمّلتم كل هذه الخسائر والمصائب فعليكم ان لا تنسوا النعمة العظيمة ببعثة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بهدايتكم وتربيتكم وتعليمكم وتزكيتكم وينقذكم من الضلالات وينجيكم من المتاهات، فمهما تحملتم في سبيل الحفاظ على هذه النعمة العظمى والموهبة الكبرى، ومهما كلفكم ذلك من ثمن فهو ضئيل الى جانبها وحقير بالنسبة اليها، والقرآن العظيم يخبرنا بأن هذه النعمة هي استجابة لدعاء نبى الله إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، فقال الله سبحانه وتعالى على لسان النبي إبراهيم عليه السلام (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمه ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم)
وقد بينت هذه الآية الكريمة وظيفة النبى الكيم محمد صلى الله عليه وسلم، في هداية الأمة وتربيتها وتزكيتها، فقام بالأمر خير قيام صلى الله عليه وسلم فهذب النفوس ورباها وعلمها حتى أكتسب البعض منهم رضا الله تعالى، ورغم وجود المعلم الأعظم والمربي الأكمل الرسول الخاتِم صلى الله عليه وسلم، فقد أبت بعض النفوس من صحابته وغيرهم التربية والتكامل فتسافلت تلك النفوس الصغيرة متمردة، وبانحراف هذه الفئة انحرف كثير من الأمة بعد ذلك عن المنهج الحق لذا تسافل أمر الأمة الى ما بلغ عليه إلى الآن، وكما هو الحال في بني أسرائيل هو الحال في المسلمين، فإن من قوم موسى الكليم عليه السلام أمة لم تنحرف بل التزمت الحق واتبعته فقال الله تعالى فى كتابة العزيز (ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون) وكان في أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أمة ملتزمة بالحق، فما جرى هناك جرى هنا وليكون الأمر مصداق ما ورد في الحديث النبوي الشريف.
” لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة، حتى لو دخل أحدهم جحر ضب لدخلتموه، فقالوا يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ فقال صلى الله عليه وسلم فمن إذا ” وقال صلى الله عليه وسلم ” لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا في جحر ضب لاتبعتموهم، فقالوا يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن إذن ” وقد قال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لأصحابه ” إنكم محشورون يوم القيامة حفاة عراة، وإنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول يا رب، أصحابي، فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم” فإن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم شهداء بين يدي الإمام الحسين رضى الله عنه، وعلى نقيض هؤلاء من الصحابة، فإن هناك صحابة بلغوا من الكمال ان أصبحوا خير أهل الأرض بل لم يوجد لهم نظير فقال سيد الشهداء رضى الله عنه.
” فإني لا أعلم أصحابا أوفى ولا خيرا من أصحابي” فمضوا ثابتين على المنهاج الحق، وان ظل بعضهم بعد شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم، إلا ان الرحمة الإلهية تداركته ببركة أهل البيت عليهم السلام، ومن هؤلاء المتكاملين الصحابي الجليل أنس بن الحارث بن كاهل الأسدي، وكان أنس بن الحارث الكاهلي قد سمع مقالة الإمام الحسين لابن الحر، وكان قدم من الكوفة بمثل ما قدم به ابن الحر، فلما خرج من عند ابن الحر سلم على الحسين رضى الله عنه وقال له والله ما أخرجني من الكوفة إلا ما أخرج هذا من كراهة قتالك أو القتال معك، ولكن الله قذف في قلبي نصرتك وشجعني على المسير معك، فقال له الحسين رضى الله عنه “فاخرج معنا راشدا محفوظا” وهو من المجاهدين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث شهد بدرا، ومع أمير المؤمنين على بن أبى طالب حيث شهد حنين، ومضى شهيدا محتسبا مع سيد الشهداء في كربلاء، فقاتل قتال الأبطال حتى قتل على كبر سنه من جيش بنى أمية ثمانية عشر رجلا، ثم فاضت روحه الطاهرة الى بارئها.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك