الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

لماذا الكل يتحدث عن الوعي؟ بقلم د/ محمد ابراهيم طه …كلية التربية جامعة طنطا

الكل يتحدث عن الوعي لأن هذة آخر صيحات الفكر. تستطيع أن تقول بأنها موضة جديدة وعندما ينتشر الوعي في كل مكان سيصبح شيء طبيعي وسيمارسه الناس دون أن يتحدثون عنه. ككل الأشياء الجديدة، إنبهر الناس بالوعي لكنهم سيعودون للتوازن قريبا.

هل هذا يعني أن الوعي شيء جديد؟
لا، الوعي قديم جدا، منذ خلق الله البشر والوعي موجود وهذة هي معضلة الإنسان على مر الأزمان. إستخدم الناس آليات مختلفة للوصول للوعي كالتعليم، الدين، الفكر، وحتى الحروب. المشكلة ليست في الوعي بقدر ما هي في عقلية البشر التي يطغى عليها الجانب المادي فيدخل الناس في حروب وآلام ويضيع العلم ويغيب الوعي وبعد مدة من الإستقرار يكتشف الناس حاجتهم للوعي مرة أخرى حتى يستطيعون التعايش مع بعضهم بعضا في سلام.

ما هو تعريف الوعي؟
الوعي ببساطة « هو إدراك من نكون ومن يكون الآخر » وعندما ندرك من نكون ومن يكون الآخر يمكننا أن نستخدم تلك الحقائق من أجل العيش بسلام وتناغم بحيث نصل إلى أقصى درجات السعادة بأقل جهد وأقل ألم ممكن. فالوعي هو عملية تطهر وتجرد من كل الشوائب في النفس. هذة العملية تؤدي إلى إزالة الوهم من عقل الإنسان وهذا بشكل طبيعي يدخله في الوعي وعندما يفعل تتضح له الصورة وتظهر له الحياة على حقيقتها. الحقيقة التي يرفضها أكثر الناس وهي أننا جميعا متصلين ببعضنا بعضا وأن سعادتنا تكمن في أن يحترم كل إنسان حدوده فلا يطغى على حدود الآخرين ولا يحاول السيطرة عليهم وإنما التناغم والتعايش معهم.

ماذا سأستفيد من الدخول في الوعي؟
فائدة الوعي أنك ستدرك حقيقة الحياة وبهذا تصبح قادرا على التعامل معها بسهولة، فلا تجزع أو ترتكب الحماقات من أجل الحصول على أشياء هي موجودة ومتوفرة للجميع بلا إستثناء. سيتغير منظورك للحياة من حب السيطرة إلى الإستمتاع المتبادل وستشعر بالطمئنينة والسلام في كل شيء تقوم به. ستتخلص من القلق والتوتر وتتمتع بصحة جيدة وستصبح علاقاتك بالآخرين سببا لسعادتك لا شقائك وشقائهم. ترتفع إنتاجيتك في كل شيء وستتمكن من التعبير عن ذاتك الحقيقية دون خوف من الآخرين. ستكون سعيدا بما أنت عليه وهم سعداء لوجودك بينهم. في حالة وجود أشخاص غير واعين أو مزعجين في عالمك فإنك لن تجد صعوبة في التأثير عليهم وتغيير أفكارهم أو التخلص منهم بسهولة. ستبدو الحياة بشكل عام أسهل وأكثر تعاونا معك.

لكن الوعي يسبب الألم كما سمعت.
نعم هناك ألم ناتج عن عملية ترويض النفس. عندما تدخل في الوعي فأنت تواجه نفسك وتواجه أسوأ ما فيها من مشاعر وأفكار ومعتقدات. هذة المواجهة تسبب الألم خصوصا عند مواجهة المخاوف ومشاعر الضعف والهروب من الواقع. هذة أمور لا بد منها والكل يمر من خلالها لتتم عملية التطهر على أكمل وجه فيرتاح بعدها الإنسان. كثير من الناس يخفقون في الوعي لأنهم لا يريدون تحمل مسؤلية حياتهم. هم يريدون حلول جاهزة تجنبهم الألم وهؤلاء هم من تتحول حياتهم إلى جحيم بعد الدخول في الوعي، لأنهم يصبحون مذبذبين بين الطمع والخوف. يطمعون في الحصول على كل خيرات الوعي لكن يسيطر عليهم الخوف من خوض التجربة فيبقون يراوحون في مكانهم ويتأرجحون جيئة وذهابا. أمثال هؤلاء يتحدثون كثيرا عن الوعي لكن معظم تصرفاتهم تثبت العكس. السبب الرئيسي هو الترقيع. يعرفون نصف المعرفة من معلومات عامة يجمعونها من هنا وهناك ولا يوجد رابط بينها. الوعي يحتاج إلى أكثر من مجموعة معلومات عامة. هي تجربة متكاملة يجب أن ينغمس فيها الإنسان بكل ما تحتويه من ألم ومتعة.

كيف أدخل في الوعي ومن أين أبدأ؟
الدخول في الوعي مرتبط إرتباط وثيق بالقرار الذي تتخذه. يبدأ الوعي بقرار واضح وصريح أنك من اليوم وصاعدًا ستتحمل مسؤلية حياتك وأنك ستقوم بكل الأشياء اللازمة لرفع مستوى وعيك وإدراكك لتصل في النهاية إلى وعي يسمح لك بالعيش بسعادة وتناغم مع الحياة. الوعي ليس للتجربة فإذا لم يعجبنا تركناه. السبب أن الوعي مجموعة معلومات وإكتشافات فكرية إذا عرفناها لا نستطيع التراجع عنها. الصعوبة في الوعي هي أنك إذا أخذت الخطوة الأولى فعليك أن تكملها وتأخذ الخطوة الثانية فالثالثة فالرابعة وهكذا حتى تصل إلى درجة مرموقة من الوعي.

بعد أن تتخذ القرار الحاسم والحازم بالدخول في الوعي، عليك أن تثقف نفسك الثقافة الصحيحة ولا تكتفي بالمعلومات العامة المتوفرة هنا وهناك بلا ترتيب معين. ومجرد معلومات مبعثرة أحيانا تصيبك بالحيرة أكثر مما تساعدك على الفهم .

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك