الجمعة - الموافق 19 أبريل 2024م

لماذا الإهتمام بالبيئة وضرورة المحافظة عليها ؟

Spread the love

 

يؤكد الخبراء بأن إدراك الفرد والجماعة لأهمية البيئة وضرورة المحافظة على مقوماتها قديم قدم وجود الإنسان على الأرض.غير أن هذا الإدراك

تزايد منذ إنعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لبيئة الإنسان في العاصمة السويدية ستوكهولم في حزيران/ يونيو 1972، واليوم ثمة إجماع عام على أن حياة الإنسان وصحته ورفاهيته مرتبطة كل الإرتباط بمصادر البيئة المحيطة وسلامتها، وهي تحدد مصير الأجيال- حاضراً ومستقبلاً.

إن البيئة- ظاهرة كونية طبيعية، تشكلت وارتبطت بسلسلة من التحولات الجيولوجية والمناخية قبل مئات الالوف، بل ملايين السنيين، لتكون النظام البيئي الخاص  Ecosystem ، الذي تحكمه قوانين مكونات البيئة وعناصرها الأساسية، والتحولات والتغيرات في الظواهر البيئية.والتحولات والتغيرات البيئية هي نتاج التغيرات الطبيعية وما يتبعها من تحولات، او ناجمة عن تنامي دور الإنسان  والمجتمعات البشرية عبر ضغطها المتواصل وافراطها في استثمار مواردها او اطلاق الملوثات والنتائج العرضية لمخلفات التنمية.هذه التحولات والتغيرات تتسبب باحداث خلل في التوازن البيئي. والخلل في التوازن البيئي ينعكس بصور متنوعة،مثل موجات الجفاف، والتقلبات المناخية المتطرفة.وتفضي التقلبات المناخية الى  احداث أضرار على التوازن الاحيائي، ونمط الحياة السائد. ونتيجة لتلك الأضرار تختفي مجموعات من الكائنات الاحيائية (حيوانية او نباتية ممن  كانت سائدة). و بالتالي فهذه التغيرات تشكل طريقاً سهلاً  لاضطرابات اقتصادية واجتماعية وصحية متنوعة. وبذا تصبح الحياة، بشكل عام، والحياة الانسانية، بشكل خاص، اكثر تعقيداً، وصعوبة، ومشقة.

لقد شكلت،وتشكل الضغوط البيئية، وتفاقماتها المتراكمة على امتداد ما يقرب من قرن من الزمان، عبئاً ثقيلاً على النظام البيئي. غير ان وتائر التدهور تسارعت خلال النصف الثاني من القرن العشرين وحتى اليوم، بسبب الأحداث التي شهدها، وأثرت تأثيراً كبيراً على البيئة في العالم، كالحروب، والتلوث، والتغيرات المناخية،والفقر، والمجاعة، وإنتشار الأمراض،وغيرها..فاضحت مشكلات التدهور والتلوث البيئي قضية مركزية للحياة ولمستقبل المنطقة بكاملها.وأصبح أمراً مؤكداً، ولا يقبل الشك، بأن الاستقرار والتنمية ترتبطان اوثق ارتباط مع تعزيز اتجاهات تنظيف البيئة ورعايتها وحمايتها. وكل هذا يستلزم إدارة بيئية عصرية ومتطورة، من دونها لايمكن بلوغ الإستقرار والتنمية المستدامة.وسنتناول هذه القضايا المهمة في محاضرات لاحقة.

ويمكن تلخيص محاور التدهور البيئي  بما يلي:

1-التعرية لمكونات النظام البيئي الاساسية، وهي الموارد الارضية، والغطاء النباتي، والتنوع الاحيائي، والتغيرات المناخية وغيرها.

2-تزايد مستويات التلوث لمحيط الهواء والماء والتربة الزراعية والمحيط الاحيائي.

3-تدهور نوعية الحياة الانسانية (تراجع معدلات عمر الانسان بعد الولادة، وتراجع مستويات الخدمات، وانتشار ظاهرة الفقر).

 

ويعني البحث بهذه المحاور، في احد جوانبه ، البحث بالمشكلات  الاقتصادية – الاجتماعية، بحكم الروابط والتاثيرات المتبادلة بين مكونات البيئة الطبيعية والاجتماعية. فالبيئة النظيفة لا يمكن الوصول إليها الا  بحسن التنظيم، والمعرفة المناسبة، وبتوازن يؤمن عدم الافراط في الاستثمار، وضمان ديمومة الموارد الطبيعية، وامتلاك المجتمع لمستويات مناسبة من الوعي البيئي لكنف ومظلة الطبيعة التي يعيش تحت ظلها

لقد أظهر المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية في ستوكهولم بالسويد عام 1972وعياً بان مستقبل التنمية، بل وربما بقاء الجنس البشري،أصبح محفوفاً بأخطار متزايدة بسبب تصرفات الإنسان الخاطئة في البيئة، التي بدأت تئن من الأذى وتعجز عن إمتصاصه.

ويؤكد الخبير البيئي الدولي د.عصام الحناوي أنه منذ إنعقاد المؤتمر المذكور والإدراك في العالم يتزايد بان حياة الإنسان ورفاهيته مرتبطة كل الإرتباط بمصادر البيئة وصحتها.يصدق هذا على الحاضر وعلى المستقبل.ولا يخفى على أحد ان حماية البيئة أصبحت من أهم التحديات التي تواجه عالمنا اليوم، وهي مواجهة يكون النجاح فيها خير ميراث للأجيال القادمة.ويضيف الحناوي بحق:إذا كان السلوك الإنسانس هو العامل الأساس الذي يحدد إسلوب وطريقة تعاملنا مع البيئة وإستغلال مواردها، لا شك ان للتعليم والإعلام دور هام في ترشيد السلوك وحفزه للحد من الأخطار الناجمة عن الإستهلاك غير الصحيح للموارد البيئية المتاحة.

 

واليوم،يُعد موضوع حماية البيئة  احد الفروع العلمية الحديثة، وميدان لممارسة متخصصة منذ اكثر من ثلاثة عقود من الزمن.  ولا تزال العديد من المفاهيم الاساسية للعلم الجديد طور التبلور.وثمة حالة  من الارتباك والتشوش تشمل برامج التدريس، والتعليم المنهجي، فضلا عن وسائل الاعلام البيئي، مع ان الدول المتقدمة قطعت شوطاً كبيراً وحققت إنجازات رائعة على طريق حماية البيئة وصونها، بإجراءات بيئية إدارية وتشريعية وتربوية..

وتستهدف حماية البيئة (بصورتها المبسطة) تحسين سلوك الانسان في التعامل مع الوسط المحيط به، ووقف ايذائه للطبيعة، والحد من مظاهر الافراط في استهلاك مواردها. فحماية الاراضي الزراعية الخصبة من التدهور والتعرية، وحماية الموارد الطبيعية في المرتفعات الجبلية او في الصحراء ، وحماية المحيط المائي او الغابات القديمة او المراعي القديمة، جميعها تتطلب الحماية والاستفادة من التقاليد والتراث القديم في ميدان حسن الاستثمار. اي ان الشكل الاولي لحماية البيئة هو منع الضرر، ومراقبة مستويات التلوث، او استباق حدوثه او تعطيله في اسرع فرصة زمنية. وسنكرس محاضرات عديدة لموضوع حماية البيئة ضمن مهمات “التربية البيئية” و”الإدارة البيئية” في الفصول القادمة.

إن المسألة البيئية  تعد اليوم واحدة من أهم مسائل عصرنا.أهميتها نابعة من العناصر الأساسية للبيئة: الهواء، الذي نتنفسه، والماء الذي نشربه، والتربة التي نسكن عليها، ونزرعها ونحصد منتوجها، لنعيش ونتكاثر في أجوائها، ونمارس حياتنا وأنشطتنا المختلفة.تؤثر فينا ونتأثر بها.من هنا يأتي الإهتمام بشؤون البيئة  وبدرجة كبيرة في بعض الدول،بحيث شكلت وزارة خاصة للبيئة أو ألحقت مسؤولياتها على أقل تقدير بإحدى الوزارات ذات العلاقة بالبيئة وأهمها وزارة الصحة.من بين الدول التي أنشأت وزارة خاصة بالبيئة كل من بريطانيا والسويد والنرويج وفنلندا وفرنسا،وأمريكا، وغيرها.

وتشكلت جمعيات لحماية البيئة أخذت أسماء مختلفة من نوع جمعية أصدقاء البيئة وجمعية حماية البيئة وجمعية مكافحة التلوث، والخط الأخضر، وغير ذلك من المسميات.ومن بينها منظمات أو هيئات حكومية وغير حكومية، محلية ودولية، وعلى المستوى الدولي تأسس برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP ، وجماعات السلام الأخضر Greenpeace كمنظمة غير حكومية ومستقلة.

ولما كانت البيئة بمعناها الشامل تغطي كثيراً من المجالات التي لا يسهل حصرها، فان أي هيئة منفردة لا تستطيع مراقبتها كلها، ولهذا فقد كان من الضروري ان تتعاون كل هيئة من الهيئات مع الهيئات القريبة منها في تبادل البيانات والتنبيه الى مواطن التلوث. وتشمل إهتمامات الهيئات الحكومية أو شبه الحكومية المختصة بشؤون البيئة مجالات عديدة، من بينها:

مراقبة نشاط المصانع والورش والمؤسسات التي يؤدي عملها الى تلوث الهواء بالغازات والأتربة المتصاعدة من مداخنها أو تلوث المياه بصرف ناياتها فيها، ومن حقها ان تطالب المسؤولين بإلغاء تراخيصها أو تعديل مواصفات نشاطاتها لتتمشى مع متطلبات السلامة.

دراسة مشروعات المصانع أو المؤسسات الحكومية الجديدة للتأكد من أنها لم تضر بالبيئةوإلا فإنها يمكن ان تعترض على منحها تراخيصاً للعمل، وتدخل هذه المراقبة ضمن ما يعرف بإسم” دراسة الجدوى البيئية”.

مراقبة المجاري المائية ومياه الشواطئ لمنع تلوثها أو الصيد فيها بإستخدام وسائل ممنوعة مثل الصيد بواسطة المتفجرات أو تخريب التشكيلات المرجانية وإستنزافها.

نشر الوعي البيئي بين الناس بمختلف الوسائل وأهمها وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة وإدخالها كلما أمكن ذلك في البرامج الدراسية، وتدريب المشرفين عليها على أفضل السبل لتأدية رسالتهم.

إستخدام الحقوق القانونية الممنوحة لها في ظل قانون البيئة والقوانين الإدارية المختلة لمواجهة أي تعد على البيئة بأي صورة من الصور وليكن برفع دعاوى قضائية ضد المخالفين او تطبيق العقوبات المسموح بها في القانون ضدهم وذلك بالإستعانة بالسلطات التنفيذية والإدارية.

مراقبة المصادر المختلفة للضوضاء الخارجة عن المعدلات المسموح بها في المناطق المختلفة، وخصوصاً في المناطق السكنية ومناطق المستشفيات ومعاهد التعليم وفي المناطق الصناعية القريبة من الأحياء السكنية.

والى جانب ذلك فقد أعطيت لبعض الأجهزة والهيئات شبه الرسمية سلطات إدارية وقضائية تستطيع بها ان تفرض قيودها وتحاكم من يخالفها او من لا يلتزم بقواعدها.وتوقع عليه العقوبات المنصوص عليها ي قانون البيئة والقوانين الإدارية، ولذلك بمساعدة المسؤولين الإداريين[[1]].

 

وهكذا، أصبحت حماية البيئة والمحافظة عليها تحضى بإدارة بيئية حديثة وفاعلة، مقرونة بقوانين وتشريعات بيئية.كما ووظف العلم لخدمة قضايا البيئة، مدعوماً بتربية بيئية سليمة وفاعلة.

 

 

الدكتور عبد العليم سعد سليمان دسوقي

الدكتور عبد العليم سعد سليمان دسوقي

 

جمع و اعداد

د/ عبد العليم سعد سليمان دسوقي

قسم وقاية النبات – كلية الزراعة – جامعة سوهاج

رئيس فرع الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة بمحافظة سوهاج- مصر

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك