الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

كاتب كويتى : قابوس سلطان التحديات

 نشر الكاتب الكويتي أحمد عبد العزيز الجارالله مقالا في جريدة السياسة الكويتية عنونه بـ ” قابوس سلطان التحديات”. وقال الجار الله في المقال الذي: قبل 46 سنة هبط من طائرة مدنية قديمة

الطراز في مطار متواضع بمسقط، شاب، ذو لحية كثة، تدل نظرته الحادة على بعد رؤية ويحمل آمالاً كبيرة للنهوض بدولة مثقلة بالقيود… كأنها خارج العصر لم ينلها من رياح التغيير، وقتذاك، أي نصيب، منغلقة على ذاتها، حتى عاصمتها كانت بوابتها تقفل عند هبوط الليل.

وأضاف : هذا  الشاب الآتي من زمن يفور بالمتغيرات الحضارية، أراد جعل موطنه على السوية نفسها للدول المتقدمة، من دون أن يخرجه من طبيعته الثقافية وإرثه التاريخي… مَنْ أصبح سلطان عمان، أرضاً وشعباً، لم تعجزه ترجمة الأحلام إلى وقائع فعزيمته قُدت من صخر جبال بلاده، ويومها قال إن من هواياته الاستماع إلى الموسيقى الكلاسيكية لأنها تبعث السلام في النفس وتجعلها أكثر صفاء عند النظر إلى الأمور.

هذا المرهف الحس كان يتحدث بإصرار القادر على صنع المعجزة العمرانية وعن نظرته إلى مستقبل أفضل لبلاده، فكان له ما أراد.

هذا هو قابوس بن سعيد الفارس الذي امتطى حصان المستقبل العماني المجنح لينطلق في مراحل متعددة للبناء تزامن فيها التطوير بين البشر والحجر، وهي مسيرة شاقة ومضنية لكنها أثمرت دولة عصرية.

وأوضح: قبل أربعة عقود ونصف العقد كان السباق على أشده، أراد قابوس إزالة آثار التخلف نتيجة الانغلاق المطبق، وتطوير البنى التحتية في المجالات كافة، فإذا كانت سبعينات وثمانينات القرن الماضي كُرست للبناء، فإن التسعينات كانت لمزيد من المشاركة الشعبية بالقرار عبر دستور جديد والانتخابات النيابية، لتتحول السلطنة في القرن الواحد والعشرين نقطة جذب على المستويات كافة، تنأى بنفسها عن صراعات المنطقة التي لا تنتهي، لتنشغل في بناء الإنسان والمؤسسات ولتصبح دولة منظمة بدقة متناهية، تنعم بالأمن والاستقرار، وتتمتع بعلاقات سياسية دولية أساسها الانفتاح على محيطها الإقليمي، وتمد يد الصداقة والسلام إلى مختلف دول العالم بمرتكزات تستمد ثوابتها من هويتها الهادئة وثقافتها المنبثقة من إرثها الإسلامي وقيمها العربية الأصيلة الإنسانية. عُمان اليوم هي حصيلة طبيعية لرجل نذر نفسه لبلاده، كان ولا يزال يدرك أن الاختلاف في وجهات النظر أحياناً لا يلغي الانتماء، لذلك استعان بمن رفضوا بقاء بلادهم في مجاهل التاريخ، فأتى بهم إلى المؤسسات كي يساهموا بورشة البناء الكبيرة والمتعبة، جاعلاً منهم خيالة في ميدان الفروسية الوطنية وقال لهم: “تعالوا لنبني معاً عمان”. أرسى السلطان قابوس سلسلة من الدعائم التي لا يمكن لدولة أن تنهض من دونها فكانت مسيرة النهضة مزيجاً من الأصالة والمعاصرة، وها هي عمان مشرقة دائما بكل جديد… كما أرادها ذلك الشاب قبل 46 سنة، تسابق اليوم الزمن لتبقى في المقدمة.

وختم الجارالله مقاله– قائلا: البلاد التي تستحق لقب سلطنة اليوم أضنت سلطانها في سبيله إلى البناء والتحضر، لكنه كما تغلب على مصاعب قديماً، ها هو يهزم أيضاً الوعكة الصحية، لهذا يحمد العمانيون ربهم على شفائه وعودته إليهم ليكمل معهم مسيرة تقدم السلطنة.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك