الجمعة - الموافق 19 أبريل 2024م

قصة قصيرة – بقلم : عادل عبد الرازق

Spread the love
 
 
مؤلمة جداً تلك الساعات التي تمرّ وأنا جالس أمام الشباك الحديدي ، الشباك الوحيد بالغرفة مغلف بالحديد لأننا بالدور الأرضي ، جرّبت السجن دون أن أدخله … ما أعجب ما يحدث في الحياة !!!

أمي تفترش الأرض ذي الأرضية المتآكلة قبالتي ، الثياب السوداء تميزها دوماً ، منذ أن رحل أبي وأخي الأصغر مني ، اللون الأصفر يكسو وجهها العجوز ، الحزن يسكن كل تقاطيع وجهها وملامحها ، ورغم ذلك تبتسم دوماً في وجهي ، أحياناً تنظر نحو السماء ، تتمتم بكلمات لا تفهم ، وأحياناً تنظر خلسة نحوي وتبكي ، أنظر نحو الشباك الحديدي ، لون الليل الأسود يكسو كل الشارع ، الأدور العليا تتصاعد منه الضحكات وأصوات الموسيقى ، ونحن ليس بغرفتنا إلا الصمت .. والأثاث المتهالك، أنظر نحو الشارع ، أسراب عديدة من اشكال المبهمة تمرّ أمام عيوني ، وجه أبي الراحل ، وجه أخي الراحل ، وبعض الوجوه التي لا أعرفها !!!
قامت أمي ترجر أقدامها ، صنعت لي كوباً من الشاي ، وضعته أمامي ، تحسست رأسي بيدها ، وضعت يدها فوق جبهتي ، قرأس سورة الفاتحة ، وظلت تدعو لي بكثير من الأدعية ، نامت فوق سريرها المجاور لسريري ، نامت … لكن نامت للأبد ، امتلأت الغرفة عن أخرها بالأشكال المبهمة.
 
**********************

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك