الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

فى طريق الهدايه ومع ليلة القدر ” الجزء الثالث ” إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع ليلة القدر، وقد توقفنا عندما قال ابن عباس رضى الله عنهما لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب، أرأيت الله ذكر سبع سماوات، ومن الأرضين سبعا، وخلق الإنسان من سبع، وبرز نبات الأرض من سبع، فسأله عمر بن الخطاب عن بعض تفصيل هذا ووافقه عليه، وكان من آراء العلماء في كلام ابن عباس رضى الله عنهما، أنه ذكر بعض المفسرين ومنهم ابن حجر العسقلاني، أن الإعجاز العددى لآيات القرآن الكريم، يعد محاولة لاستنتاج قضايا إعجازية من الأرقام، إما على سبيل التوافق وإما بعمليات حسابية أو بما يسمى حساب الجُمّل الذي يذكر في الحروف المقطعة، وأضاف المفسرون أنه يتم الاستنتاج من رقم السورة والآية والجزء وعدد الكلمات والحروف والآيات، ومن أرقام صرح القرآن بها، منوهين إلى أن هناك ما يدل على أن العلماء قديما استندوا إلى الإعجاز العددى، وأشار المفسرون إلى أن كلام ابن عباس رضي الله عنهما، كان محاولة للاستنباط من قبل ابن عباس رضي الله عنه.
فى معرفة ليلة القدر مستأنسا بذكر العدد سبعة في قضايا متعددة في القرآن، ومن أقوى الأقوال في ليلة القدر أنها ليلة السابع والعشرين، وهكذا فإن في العشر الأواخر من رمضان يستعد المسلمون لتحرى ليلة القدر، لينالوا من فضلها وبركتها، ويسعدوا بمغفرة الله فيها، فإن الله اصطفى صفايا من خلقه، فاصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس رسلا، واصطفى من الكلام ذكره، ومن الأرض المساجد، واصطفي من الشهور شهر رمضان والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفي من الليالى ليلة القدر، فقد منّ الله تبارك وتعالى على أمّة محمد صلى الله عليه وسلم بأَنِ اختصها بتلك الليلة المباركة التي هي خير ليالى العام على الإطلاق، والتي نزل فيها القرآن الكريم، وقد جعل الله عز وجل العبادة فيها خيرا من عبادة ألف شهر، وإن فضائل ليلة القدر كثيرة وعظيمة، من حُرم خيرها فهو المحروم حقا، ومن وفقه الله عز وجل لقيامها فهو الفائز السعيد، ومن فضائل ليلة القدر أنها ليلة مباركة نزل فيها القرآن الكريم.
على النبى الكريم صلى الله عليه وسلم، وأن قيام ليلها سبب لغفران الذنوب ومن حرمها فقد حُرم فعن أنس بن مالك قال دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حُرمها، فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم” ابن ماجه، ويقبل الله التوبةَ فيها من كل تائب، وتفتح فيها أبواب السماء، وهي من غروب الشمس إلى طلوعها، ولفت المفسرون إلى أن الإمام ابن رجب الحنبلي بين فى كتابه لطائف المعارف أن طائفة من المتأخرين، وقيل ليسوا السلف بل من المتأخرين، استنبطوا من القرآن أنها ليلة سبعة وعشرين من موضعين من القرآن، الأول قالوا تكرر ذكر ليلة القدر في ثلاثة مواضع في القرآن، وليلة القدر حروفها تسعة، والتسعة إذا ضربت في الثلاثة مواضع التي تكررت فيها فهي سبع وعشرون، والثاني أن الله قال فيها ” سلام هى ” فيقولون كلمة ” هى” هى الكلمة السابعة والعشرون من السورة، يقولون الكلمات ثلاثون كلمة السابعة والعشرون.
” سلام هى” ثم نقل ابن رجب عن ابن عطية المفسر صاحب كتاب المحرر الوجيز، أنه قال هذا من ملح التفسير، لا من متين العلم، وعن موعد ليلة القدر فقد كشف الإمام الراحل محمد متولى الشعراوي، فى فيديو نادر له توقيت ليلة القدر وهذا الفتح حصل عليه من معرفة أسرار القرآن الكريم في الأرقام، وقال إمام الدعاة متحدثا عن موعد ليلة القدر فقال إنه عندما كان يعمل أستاذا للشريعة فى المملكة العربية السعودية وقع نقاش بينه وبين علماء مصريين وسعوديين حول توقيت ليلة القدر كانوا حينها جالسين في فندق إقامتهم كل ليلة، وفي إحدى الليالى أثار الشيخ المصري إبراهيم عطية قضية توقيت ليلة القدر، وأضاف الشيخ الشعراوى مكملا حديثه عن موعد ليلة القدر أن الشيخ عطية قال له إنه حينما كان يقرأ في كتاب القرطبي حول توقيت ليلة القدر، وقرأ حديثا عن رقم سبعة، وأن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب سأل ابن عباس عن موعد ليلة القدر فقال له ابن عباس ظني أن ليلة القدر ليلة تكون ليلة السابع والعشرين من رمضان.
وذلك لأن الله خلق السماوات سبعا وخلق الإنسان فى سبعة مراحل، وأنزل له مقومات الحياة في سبع دفعات، ويعتقد أنه بناء على الرقم سبعة وقول الرسول التمسوها في العشر الأواخر تكون ليلة القدر في ليلة السابع والعشرين من رمضان، وأشار إلى أنهم كعلماء اختلط عليهم الأمر، فالرقم سبعة لا يعني أن ليلة القدر ليلة السابع والعشرين، فهناك الرقم عشرين أيضا مضافا إليه، واستمر النقاش دون جدوى، مضيفا بالقول حينها دعانا الشيخ المصرى محمد أبو عارف، وكان حاضرا الجلسة لصلاة ركعتين في الحرم النبوى الشريف، وبرّر ذلك بسابق قول الشعراوى لهم إنه إذا اختلط عليهم أمر فعليهم أداء ركعتين في الحرم الشريف” وقد بين الشيخ الشعراوى أنه فى تلك الليلة وصل إليهم لزيارتهم في مقر إقامتهم بالفندق الشيخ إسحاق عزوز، شيخ مشايخ المملكة العربية السعودية، وأحد المحققين في العلم، حيث علم أنهم في الحرم، فذهب إليهم وجلس معهم وسألهم عن سبب وجودهم فى الحرم للصلاة فى تلك الليلة.
فعرضوا عليه الحكاية واستمر النقاش بينهم، وخلال نقاشهم فوجئوا بشخص لا يعرفونه، ويبدو أنه كان يتنصت عليهم، وقال لهم ألم يقل الرسول عليه الصلاة والسلام “التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، اتركوا العشرين يوما واحسبوا بعدها” وتابع إمام الدعاة حديثه عن موعد ليلة القدر ” فوجئنا بعد ذلك باختفاء الرجل، لكن كلماته جعلتنا نعيد حساباتنا، وبنينا تقديرنا أنها في ليلة السابع والعشرين طبقا لحساب الوحدة، ووفقا لحساب الرقم سبعة بعد العشرين، وختمنا بالقول وفوق كل ذى علم عليم” وهكذا اختلف العلماء على مر العصور في تحديد موعد ليلة القدر بين كونها تقع فى ليلة الحادي والعشرين من رمضان أو الثالث والعشرين والخامس والعشرين أو ليلة السابع والعشرين والتاسع والعشرين، واستدلوا على ذلك برواية عبدالله بن أنيس وحديث ابن عباس رضوان الله عنهم أجمعين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “التمسوها في العشر الأواخر من رمضان فى تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى” رواه البخارى.
وبينما اعتبر علماء آخرون أن موعد ليلة القدر يكون ليلة الحادى والعشرين ومال إليه الشافعي، والصحيح أنها في العشر الأواخر دون تعيين والحكمة من إخفائها لكي يجتهد الناس فى العبادة في العشر الأواخر كلها، كما أخفى الصلاة الوسطى فى الصلوات الخمس واسمه الأعظم بين أسمائه الحسنى، وإن من الأعمال الصالحة في ليلة القدر هو الدعاء في ليلة القدر حيث يغتنم المسلم ليلة القدر بالإكثار من الدعاء، والأذكار، والتسبيح، وسؤال الله تعالى العتق من النيران، والتعوذ منها فالدعاء فيها مستجاب، والاجتهاد فيه مرغوب، ولذلك يتسابق العباد، ويحرصون على التوبة، والفوز برضا الله عز وجل، وتوفيقه، ونيل المنزلة الرفيعة، وأيضا الصلاة في ليلة القدر حيث تؤدى صلاة القيام ركعتين ركعتين، ثم اعلموا أن الله عز وجل متفرد بالخلق والاصطفاء والاختيار، كما قال الله عز وجل ” وربك يخلق ما يشاء ويختار” فهو عز وجل يتصرف في هذا الكون ويدبر شؤونه كما شاء عن حكمة بالغة، ونعمة سابغة.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك