السبت - الموافق 20 أبريل 2024م

فى طريق الهدايه ومع خامس الخلفاء الراشدين ” الجزء الرابع” إعداد / محمـــد الدكـــرورى

Spread the love

ونكمل الجزء الرابع مع خامس الخلفاء الراشدين، وقد توقفنا عند وكان من شيوخ عمر بن عبد العزيز الذين تأثر بهم، هم عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فقد كان عمر يجله كثيرا، ونهل من علمه وتأدب بأدبه وتردد عليه حتى وهو أمير المدينة، ولقد عبّر عمر عن إعجابه بشيخه وكثرة التردد إلى مجلسه فقال لمجلس من الأعمى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحب إليّ من ألف دينار، وكان يقول في أيام خلافته لمعرفته بما عند شيخه من علم غزير لو كان عبيد الله حيا ما صدرت إلا عن رأيه، ولوددت أن لي بيوم واحد من عبيد الله كذا وكذا، وكان عبيد الله مفتي المدينة في زمانه، وأحد الفقهاء السبعة، وقد قال عنه الزهرى.
كان عبيد الله بن عبد الله بحرا من بحور العلم، وكان من شيوخه أيضا سعيد بن المسيب، وكان سعيد لا يأتي أحدا من الأمراء غير عمر بن عبد العزيز، وأيضا كان منهم سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، الذي قال فيه سعيد بن المسيب، كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به، وكان سالم أشبه ولد عبد الله به، وذات يوم دخل سالم بن عبد الله على الخليفة سليمان بن عبد الملك، وعلى سالم ثياب غليظة رثة، فلم يزل سليمان يرحب به، ويرفعه حتى أقعده معه على سريره، وعمر بن عبد العزيز في المجلس، فقال له رجل من أخريات الناس، ما استطاع خالك أن يلبس ثيابا فاخرة أحسن من هذه يدخل فيها على أمير المؤمنين؟
وكان على المتكلم ثياب سريَّة لها قيمة، فقال له عمر، ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك، ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك، وقد تربى عمر بن عبد العزيز، وتعلم على أيدي كثير من العلماء والفقهاء، وقد بلغ عدد شيوخ عمر بن عبد العزيز ثلاثة وثلاثين شيخا، ثمانية منهم من الصحابة وخمسة وعشرون من التابعين، وكان أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي، هو ثامن الخلفاء الأمويين، وهو عمر الثاني، والمقصود بذلك هو عمر الثانى بعد عمر الأول عمر بن الخطاب رضى الله عنهم أجمعين، وقد ولد سنة واحد وستين في المدينة المنورة، ونشأ فيها عند أخواله من آل عمر بن الخطاب.
فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة، وكان شديد الإقبال على طلب العلم، وفي سنة سبعه وثمانين من الهجره، فقد ولاه الخليفة الوليد بن عبد الملك على إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة واحد وتسعين من الهجره، فصار واليا على الحجاز كلها، ثم عُزل عنها وانتقل إلى دمشق، فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة قرّبه وجعله وزيرا ومستشارا له، ثم جعله ولي عهده، فلما مات سليمان سنة تسعه وتسعين من الهجره، تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة، وقد تميزت خلافة عمر بن عبد العزيز بعدد من المميزات، منها العدل والمساواة، ورد المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها، وعزل جميع الولاة الظالمين ومعاقبتهم.
كما أعاد العمل بالشورى، ولذلك عدّه كثير من العلماء خامس الخلفاء الراشدين، كما اهتم بالعلوم الشرعية، وكما اهتم بأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف، وقد استمرت خلافة عمر بن عبد العزيز سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، حتى قتل مسموما سنة مائه وواحد من الهجره، فتولى يزيد بن عبد الملك الخلافة من بعده، وكان لعمر بن عبد العزيز أثر كبير في نصح الخلفاء وتوجيه سياستهم بالرأي والمشورة، إذ يحتل عمر مكانة متميزة في البيت الأموي، فقد كان عمه عبد الملك يجله ويعجب بنباهته أثناء شبابه، مما جعله يقدمه على كثير من أبنائه ويزوجه من ابنته، ولكن لم يكن له مشاركات في عهد عبد الملك بسبب صغر سنه واشتغاله بطلب العلم في المدينة.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك