الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

فى طريق الهدايه ..نسيبه بنت كعب ( الجزء الأول ) إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن الحديث عن هذه الصحابية الجليله إنه حديث مؤثر، وحديث شائق وجميل، يسر النفوس والعقول، فلو ذكرنا الزوجات الوفيات كانت هذه الصحابيه فى المقدمه، وإن تحدثنا عن السبق إلى الإيمان بالله ورسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم، كانت هذه الصحابيه الجليله من الأوائل، وإن عدَّدت المجاهدات اللواتي دافعن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا تحدثت عن أهل العبادة والطاعة لله عز وجل، وجدتها عابدة قانتة، وإذا سألت عن العلم والحديث النبوي الشريف، وجدتها راوية متقنة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأية امرأة هذه التي حازت كل خصال الشرف؟
فهى صحابيه ذات جد واجتهاد، وصوم ونسك واعتماد، فهى صحابية من الأنصار من الذين وصفهم الله في القرءان بقوله: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) فهي صحابيه جليله، من بني النجار الكرام أخوال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، الذين نزل في ديارهم في المدينة المنورة عند هجرته الشريفة، إنها الصحابيه أم عمارة الفاضلة المجاهدة، وهى أم عمارة نسيبة بنت كعب الأنصارية، وهى صحابية جليله، من الخزرج، والأوس والخزرج قبيلتان من قبائل مازن بن الأزد، وقد هاجرت إبان انهيار سد مأرب، لتستوطن يثرب أو ما يعرف اليوم بالمدينة المنورة في الحجاز.
وقد اشتهرت هاتين القبيلتين بالأنصار لأنهم من نصروا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وقد قام الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بالمؤاخاة بينهم وبين المهاجرين، وهم اليوم يلقبون بالأنصار، وقد شاركت السيده أم عماره، في عدد من غزوات النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبعض معارك حروب الردة، وهى سلسلة من الحملات العسكرية التي شنها المسلمون على القبائل العربية التي ارتدت عن الإسلام بعد وفاة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك خلال الفترة الممتدة بين سنتي الحادى عشر والثانى عشر من الهجره، وقد ارتد العرب في كل قبيلة، باستثناء أهالي مكة والمدينة المنورة والطائف
والقبائل التي جاورتها، وقد وُصفت هذه الحركات من الناحية السياسية بأنها حركات انفصالية عن دولة المدينة المنورة التي أسسها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وعن قريش التي تسلمت زعامة هذه الدولة بمبايعة أبي بكر الصديق بخلافة المسلمين، وهي عودة حقيقيةٌ إلى النظام القبلي الذي كان سائدا في الجاهلية، وقد اتسمت من ناحية بالاكتفاء من الإسلام بالصلاة، والتخلص من الزكاة التي اعتبرتها هذه القبائل إتاوة يجب إلغاؤها، في حين اتسمت من ناحية ثانية بالارتداد كُليا عن الإسلام كنظامٍ سياسي، وليس إلى الوثنية التي ولت إلى غير رجعة.
والالتفاف حول عدد من مُدعي النبوة بدافع من العصبية القبلية ومنافسة قريش حول زعامة العرب، وتنتمي السيده أم عمارة وهى نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار إلى بني الخزرج وهي القبيلة التي سكنت يثرب قبل الإسلام، وبالتحديد من بطن بني النجار أخوال عبد المطلب بن هاشم جد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يُعلم إن كان أبوها كعب بن عمرو بن عوف قد أدرك الإسلام أم لا، وكذلك الحال بالنسبة لأمها الرباب بنت عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جُشم بن الخزرج، وإن كان بعض المصنفين يرجحون إسلامها ومشاركتها في غزوة أحد، وتضميدها لجراح ابنتها نسيبة في تلك الغزوة.
ولأم عمارة من الإخوة عبد الله وقد أسلم وشهد غزوات النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كلها، وتوفي في المدينة سنة ثلاثين من الهجره، وصلى عليه الخليفة يومها عثمان بن عفان، وقيل أيضا أنه قُتل يوم الحرة، ووقعة الحرة كانت بين أهل المدينة من طرف ويزيد بن معاوية والأمويين من طرف اخر، وفيها أن أهل المدينة نقضوا بيعة يزيد بن معاوية لما كان عليه من سوء ولما حدث في معركة كربلاء ومن مقتل الحسين بن علي، فطردوا والي يزيد على المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان ومن معه من بني أمية من المدينة، فأرسل على اثرهم يزيد جيش من الشام وأمر عليهم مسلم بن عقبة المري فوقعت بينهم وقعة الحرة وانتهت بمقتل عدد كبير من الصحابة وأبناء الصحابة والتابعين.
وقيل أنها كانت عام ثلاثه وستين من الهجره، وكان أخوها الثاني عبد الرحمن أحد البكائين الذين لم يكونوا يملكون ما يجعلهم قادرين على المشاركة في غزوة تبوك، وكما ولّاه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، هو وعبد الله بن سلام على قطع نخيل بني النضير، وشهد باقي الغزوات مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وتوفي في آخر خلافة عمر بن الخطاب، وعبد الله بن سلام بن الحارث، هو صحابي جليل وكنيته: أبو يوسف، وهو من ذرية النبى الكريم يوسف عليه السلام وهو من بني إسرائيل، وقد قال عنه الذهبي في السير: هو الإمام الحَبر، المشهود له بالجنة، وهو حليف الأنصار، وهو من خواص أصحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
وقد تزوجت السيده أم عمارة قبل الإسلام من زيد بن عاصم الأنصاري، وهو من الصحابة الذين شهدوا بيعة العقبة وبدر ثم أحد، ولم تذكر كتب السير والتراجم شيئا عن وفاته، وأنجبت له ولديه حبيب بن زيد، الذي شهد بيعة العقبة وأحد والخندق وباقي الغزوات مع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد بعثه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إلى مسيلمة بن حبيب في اليمامة لما تنبأ فقطّع مسيلمة أطرافه وألقاه في النار حتى مات، لما لم يشهد لمسيلمة بالنبوة، وقد قيل أنه سأله مسيلمة الكذاب فقال له: أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال: نعم، ثم قال له : أتشهد أني رسول الله؟ فقال حبيب: أنا أصم لا أسمع، ففعل ذلك مرارا، فقطعه مسيلمة عضوا عضوا، حتى مات.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك