الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

فى طريق الاسلام ومع فينحاس بن العازار ( الجزء الرابع ) إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع فينحاس بن العازار وقد توقفناعند سفر العدد وسفر التثنية، وتحكي عن الاستعباد الذي أصاب بني إسرائيل في مصر، وتحريرهم على يد يهوه والوحي في سيناء، والتيه في البرية إلى حدود كنعان، وهي الأرض التي أعطاها إياهم إلههم، ورسالة الأسطورة هي أن إسرائيل قد تحررت من العبودية بفضل يهوه وبالتالي تنتمي إليه من خلال العهد الموسوي، وهو الشروط التي من بينها أن يهوه سيعمل على حماية شعبه المختار في جميع الأوقات، طالما أنهم سوف يحافظون على القوانين ولا يعبدون إلا هو، والسرد وقوانينه هو أساسي في اليهودية، ويروى يوميا في الصلوات اليهودية والمهرجانات مثل عيد الفصح اليهودي، وإن رواية تسخير واستعباد بني إسرائيل، وضربات مصر، والخروج في القرآن، تتشابه في خطوطها العريضة مع الرواية التوراتية، ويمكن تتبع التقاليد الكامنة وراء قصة الخروج في كتابات أنبياء القرن الثامن قبل الميلاد.
إلا أنه لا يوجد أساس تاريخي لقصة الخروج الموجودة في الكتاب المقدس، وبدلا من ذلك، تشير أدلة علم الآثار إلى أصول كنعانية أصلية لإسرائيل القديمة، ولم تكن عبادة العجل خطيئة بني إسرائيل الوحيدة، فإن ناداب وأبيهود على سبيل المثال بخرّا، بنار غريبة، دنسة فاحترقا بها وماتا، وأما قورح وداتان وأبيرام من سبط لاوي قاوموا رغبة نبى الله موسى وهارون عليهم السلام، وبخرّوا لآلهة غريبة فانشقت الأرض وابتلعتهم مع من تبعهم وهم مائتين وخمسين رجلا، وكذلك تذمر الشعب من صنف الطعام الواحد، ويقال” قد تذكرنا السمك الذي كنا نأكله في مصر مجانا، والقثاء والبطيخ والكراث والبصل والثوم، والآن قد يبست أنفسنا من هذا المن” ورغم أن الرّب قد منحهم لحما في البرية استجابة لطلبهم غير أن التوراة تعتبر أن الشعب “اشتكى شرًا” كما أن قسما من الشعب اشتكى زواج نبى الله موسى عليه السلام بكوشية، أي أثيوبية.
وكان من بينهم مريم أخته، وخطأ آخر ارتكبه الشعب بأنه ناح وصرخ وبكى وتذمر على موسى وعلى هارون بعد أن عاد جواسيس أوفدهم موسى بأمر إلهي لاستطلاع أحوال أرض كنعان الموعودة، فوجدوها قوية حصينة، فخاف بنو إسرائيل على أنفسهم وقالوا “لماذا أتى بنا الرّب إلى هذه الأرض؟ لنسقط بالسيف؟ لتصير نساؤنا وأطفالنا غنيمة” بل إن بعضهم اقترحوا أن يُخلع موسى عليه السلام، من قيادة الشعب ويقام رئيس جديد للجماعة يعيدهم إلى مصر، وحاول قسم آخر أن يرجموا موسى وهارون عليهم السلام، ويقتلوهما، وهو ما ردّ عليه الله في التوراة “حتى متى يهينني هذا الشعب؟ وحتى متى لا يصدقونني رغم كل الآيات التي عملت في وسطهم؟” غير أن موسى مجددا طلب الصفح واستغفر وكفّر عن خطايا بني قومه، وحين بلغ الشعب برية سين إلى الجنوب من البحر الميت نواحي صحراء النقب، توفيت مريم أخت موسى عليه السلام.
ودفنت هناك، والمصيبة الثانية التي حلّت بالجامعة قحط البرية “لماذا أصعدتمانا من مصر لتأتيا بنا إلى هذا المكان الرديء، ليس هو مكان زرع وتين وكرم ورمان، ولا فيه مكان للشرب” فكان أن أمر الله تعالى موسى عليه السلام بأن يأمر إحدى الصخور شفاها بأن تخرج ماء فيخرج منها الماء، غير أن نبى الله موسى عليه السلام ضرب الصخرة بعصاه التي فلق بها البحر فنزل الماء، وفي جبل هور على تخوم أرض آدوم توفي نبى الله هارون عليه السلام، وبكى جميع بني إسرائيل عليه، وخلفه ابنه ألعازر، وبعد أن تابعوا سيرهم تذمروا مجددا على موسى عليه السلام، فنزل عقاب إلهي بأن تسلطت على الشعب أفاعي سامة فمات كثيرون، ثم كان أن طلبوا الغفران قبل الله توبتهم وأمر بأن يصنع موسى عليه السلام حيّة نحاسية ويرفعها على راية فكان متى لدغت حية إنسانا ونظر إلى حية النحاس يحيا” واتجه الشعب إثر ذلك شمالا نحو موآب.
وهى شرقي نهر الأردن، فحاول بالاق بن صفور ملك موآب مضايقتهم، وكان في تلك الأصقاع نبي آخر لله هو بلعام بن بور، وخلال استقرار بني إسرائيل في تلك النواحي تزاوجوا مع الموآبيات، وأكلوا من ذبائح آلهتهم، بل وسجدوا لبعل فغور إلههم، فاجتاح الوبأ الذي قتل أربعا وعشرين ألفا من بني إسرائيل عقابا، كما أمر نبى الله موسى بقتل كل من تعلّق قلبه، ببعل فغور، وكان على إثر توبة الشعب، فقد حققوا انتصارا على المديانيين، سبوا فيه كثيرا من الجواري وحصلوا على غنائم وافرة، وبلغوا نهر الأردن، لاسيما بعد أن انتصروا على سيحون ملك الأموريين الساكن في حشبون، وبكل الأحوال، فإن كثرة خطايا الشعب منذ أن عبر سيناء، ومخالفتهم أوامر الله أوجبت عليه التيه في الصحراء، أي البقاء في حالة البداوة غير المستقرة في صحراء الأردن ما وراء النهر لمدة أربعين سنة كاملة من الخروج من مصر.
وقد مات فيها جميع العبرانيين الذين خرجوا من مصر، عدا يشوع بن نون وكالب بن يفنة، وهما من قادا أولاد الجيل الأول الذي كتب عليهم الموت في البرية إلى الأرض الموعودة، وأما عن فينحاس فهو أحد الرجال الأتقياء الأمناء من بني إسرائيل، من سبط لاوي، وهو ابن ألعازار بن هارون الكاهن، ولقد تميّز فينحاس عن بقية الناس بسبع صفات مباركة وعظيمة جدا، فكان عندما قتل فينحاس الرجل الإسرائيلي والمرأة المديانية، كان بذلك ينفذ وصية الرب الذي قال إن الأجنبي الذي يقترب من مسكن الشهادة يُقتل، ويقول ليساعدنا الرب حتى ننفذ وصاياه ونتمسك بكلمته، وعندما بنى بنو رأوبين وبنو جاد ونصف سبط منسى في شرق نهر الأردن مذبحا عظيم المنظر وسمع بنو إسرائيل، اجتمعت كل الجماعة لكي يصعدوا إليهم للحرب، ولكن قبل الحرب أرسلوا إليهم فينحاس وعشرة رؤساء معهم، وسألوهم عن سبب بناء هذا المذبح المنظر.
فهل هو خيانة للرب وتمرد عليه، أم ماذا؟ كانت أجابة السبطين والنصف أنهم لم يبنوا المذبح للمحرقة ولا للذبيحة، بل ليكون شاهداً أمام أبنائهم وأبناء بني إسرائيل أن لهم نصيباً في الرب، وأن الرب هو إلههم، فحسن الأمر في أعين بني إسرائيل، وبارك بنو إسرائيل الله ولم يصعدوا للحرب، لذلك كان فينحاس رسول سلام بين بني إسرائيل والسبطين والنصف وكان فينحاس رجل المهمات الصعبة حين أراد الرب أن ينتقم شعبه من المديانيين، ذهب فينحاس بن ألعازار الكاهن مع بني إسرائيل للحرب، وكانت أمتعة القدس وأبواق الهتاف في يده، فالحرب ليست سهلة، بل بها الكثير من المشقات والمخاطر، ولكن كان فينحاس رجل المهمات الصعبة الذي يحب الرب ويحتمل المشقات من أجل اسمه العظيم، وكان فينحاس رجل قريب من الرب، لقد كان فينحاس واقفا أمام تابوت عهد الله، وكان فينحاس الرجل الأمين، فكان فينحاس بن ألعازار أمينا للرب، لذلك كان رئيسا على القورحيين وهم يحرسون أبواب خيمة الاجتماع وكان الرب معه.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك