الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

فى طريق الاسلام ومع زكاة المال ” الجزء الأول ” إعداد / محمـــد الدكـــــرورى

إن الزكوات والصدقات والعطايا والهدايا والهبات كلها إنفاق يؤجر عليه المسلم إذا كانت خالصا، تخفف معاناة الفقر، وتذهب شح النفوس، وتجعل في الحياة فرصا للخير والمودة والرحمة، كيف يكون شعور رجل مدين بأموال قد أثقلته أو عاجز عن النفقة على الأهل والعيال، أو بشاب يريد أن يتزوج ويعف نفسه وأظلمت الحياة في وجهه إذ لا يجد ما يغنيه، لابد أن تمتد يد المحسن لينتعش المدينون، ويتزوج الشاب ولينفق صاحب العيال على عياله، ولن ينسى الفقر المحتاج لهذا الغني ما أنفقت يداه، ولأجر الآخرة أعظم، وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة “متفق عليه، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ”
والزكاة تؤخذ من أغنياء المسلمين وترد على فقرائهم، والله عز وجل يقول لنبيه وحبيبه ومصطفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان حاكما للدولة الإسلامية الأولى في المدينة المنورة بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم، خاطبه الله عز وجل، وقال له فى كتابه الكريم فى صورة التوبة ” خذ من أموالهم صدقة ” والصدقة هنا ليس المراد بها الصدقة التي هي صدقة التطوع التي نعرفها، وإنما المراد بها هو الزكاة، وهى زكاة الفريضة، فقال تعالى ” خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ” ففي هذه الآية الكريمة قد أمر من الله عز وجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ من أموالنا نحن المسلمون زكاة تسمى زكاة المال فثبت أن الزكاة طهرة للمسلم، ولذلك من يقبل الزكاة ويزعم أنه فقير، وهو في الحقيقة غني فإنه يقبل أدران الناس، وهذا لا أقوله أنا، فقد قاله العلماء من أكثر من ألف وأربعمائة سنة، أن الزكاة في الحقيقة إنما هي طُهرة للناس إذا هي أدران الناس، ومن يقبل هذه الزكاة وهو غني يحرم عليه، يحرم على الغني أن يأخذ شيئا من أموال الزكاة، بل الزكاة لا تحل إلا لمسكين أو فقير، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى على من يعطي الزكاة.
لبيت مال المسلمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما معنى قوله تعالى ” وصل عليهم ” أي ادعوا لهم، لأن الصلاة في اللغة هى الدعاء، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لمن يخرج زكاته، فهذا رجل من آل أبي أوفى، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” اللهم صلى على آل أبي أوفى” ويستحب للجمعيات الخيرية وللأشخاص الموثوق بهم إذا أخذوا الزكاة ليحملوها إلى المستحقين أن يدعوا لدافع الزكاة كما دعا النبي صلى الله عليه وسلم لرجل من آل أبي أوفى حينما جاء يقدم الصدقة، والمراد بالصدقة هنا الزكاة حينما جاء يقدمها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، والله سبحانه وتعالى يقول فى كتابه الكريم فى سورة آل عمران ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ” والمال مما يحبه الإنسان، وهكذا تقول الآية الكريمة فى سورة الفجر ” وتحبون المال حبا جما ” والله تعالى يقول ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ” إذا أنت أيها الإنسان فُطرت على محبة المال ومحبة الولد، فينبغي عليك حينما يأمرك الله عز وجل بإنفاق الزكاة وإخراج الزكاة أن تخرجها طيبة بها نفسك، لا تخرج الزكاة وأنت مُكره، وإنما تخرج الزكاة وأنت محب لله ولرسوله.
ولتعلم أن بإخراجك الزكاة واستجابتك لأمر الله تعالى، فأنت تدفع عن نفسك ميتة السوء، وتدفع عن نفسك كما يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” صنائع المعروف تقي مصارع السوء ” فأنت حينما تدفع الزكاة فتقي نفسك مصارع السوء من الحوادث والحرائق، وهذه الابتلاءات العظيمة التي يراها الناس” فأنت حينما تخرج الزكاة ينجيك الله عز وجل، من كل هذا، وكم رأينا من مؤسسات وشركات وبساتين زراعية لحقتها الخسارة ولحقها الهلاك بسبب عدم إخراج الزكاة بشكل منتظم، لأن الزكاة ينتظرها فقراء العالم، بل ينتظرها فقراء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، فينبغي على المسلم أن يراجع نفسه دائما، بل أن يراجع أهل بيته، فإذا كانت الزوجة لها ذمة مالية خاصة ولها راتب مُدّخر ينبغي على الزوج أن يراجعها في ذلك، وإذا كانت الأم لها ذمة مالية خاصة ولها مال مُدّخر ينبغي على الابن أن يراجعها في إخراج زكاتها، ولذلك يقول النبى صلى الله عليه وسلم ” كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته” وإذا كان الشخص مسؤولا عن أموال الأسرة وهي تحت مسؤوليته فينبغي عليه أن يتذكر إخراج الزكاة، وأن يتذكر وقت إخراجها.
وإذا كان الإنسان يعمل رئيس في مؤسسة مالية فينبغي عليه أن يتذكر أن إخراج الزكاة مسؤوليته الأولى أمام الله عز وجل، فبعض رؤساء المجالس أو بعض المدراء أو بعض المسؤولين ربما يبخل على الله تبارك وتعالى، ويبخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبخل على فقراء المسلمين في العالم الإسلامي، وهناك بعض رؤساء مجالس الإدارات يتقي الله تعالى ونسمع عنهم، وأما عن أنواع الزكاة، فمنها زكاة الفطر، وزكاة المال، وزكاة عروض التجارة، وزكاة المعادن والركاز، وزكاة الزروع والثمار، وأما بالنسبة لزكاة الأموال، فأي مال مدّخر مرّت عليه سنة كاملة في بنك مثلا فينبغي عليك أن تزكي هذا المال، فتخرج على كل ألف جنيه خمس وعشرون جنيه، المائة ألف جنيهاعليها ألفان وخمسمائة جنيها، العشرة آلاف عليها مائتان وخمسون، وهكذا، المليون جنيه عليه خمس وعشرون ألف جنيه، زكاة أموال، وهذا حق الله عز وجل، ولذلك أنت أيها المسلم مطالب بأن تستثمر أموالك حتى لا تأكلها الزكاة، فما معنى ذلك؟ وهو يعني أن تتجر بالأموال لأنك لما تترك المائة ألف مثلاً مدخرة، وكل سنة تأخذ ألفين وخمسمائة جنيه زكاة أموال.
وفي السنة القادمة تأخذ ألفين وخمسمائة، في السنة التي بعدها ألفان وخمسمائة، صارت خمسة وتسعين ألف جنيه، وهكذا، تنقص الزكاة، فينبغي على المسلم أن يستثمر أمواله، يتجر فيها، وإن زكاة الأموال لها حد أدنى، وهو كما نقول هو النصاب، فإذا بلغت النصاب، يعني خمسة آلاف، ليست عليها زكاة، حتى لو مرت عليها سنة كاملة، لماذا؟ لأنها دون النصاب، أقل من النصاب المطلوب، طيب النصاب المطلوب كم؟ خمسة وثمانون جراما من الذهب، وهكذا فانظر الجرام كم يساوي؟ ثم احسب خمسة وثمانون جراما من الذهب كم يساوي؟ ويجب فيها الزكاة بشرط أن يمر عليها سنة كاملة، وأن هناك بعض الناس يحب أن يخرج زكاته في رمضان حتى يكون معلوم متى تكون البداية ومتى تكون النهاية، لأن في شهر رمضان تكون الأعمال مضاعفة، والأجور مضاعفة، فكان يحب إخراجها في شهر رمضان، وهذه عادة طيبة لا بأس بها إذا هذه اسمها زكاة الأموال، وأما عن زكاة عروض التجارة أن يكون مثلا مع الإنسان مائة ألف أو مليون ويتجر بها، وإن من شروط إخراج زكاة عروض التجارة أن تمر عليها سنة كاملة، معك مائة ألف، معك مليون وأنت تتجر فيها منذ سنة كاملة.
أى منذ عام هجري كامل، ففي هذه الحالة تحسب رأس المال مع الأرباح وتخرج اثنين ونصف في المائة، على كل ألف جنيه، خمسة وعشرون جنيه، وإن زكاة عروض التجارة تشبه زكاة الأموال فهى اثنان ونصف في المائة، أى ربع العشر، بالتعبير القديم، وهو بتعبير الفقهاء القدماء ربع العشر، أما بتعبيرنا نحن في العصر الحديث نقول اثنان ونصف في المائة، ويعني ذلك خمسة وعشرون جنيه على كل ألف جنيه، وهذه زكاة عروض التجارة، وأن هناك البعض يسأل عن تجارة كاسدة، أو تجارة لا تربح، المائة ألف تخسر، أو المليون يخسر خسارة كبيرة، فأن هذا المال حتى ولو كان يخسر ينبغي عليه أن يخرج زكاة ماله طالما هذا المال مرصود لعروض التجارة، وهكذا هى الزكاة هى الزيادة والنماء، وهى قدر معيّن من المال فرض الله تعالى إعطاءه للمستحقين الذين ذكرهم في القرآن الكريم، وإن الله تعالى يبارك أموال المتصدقين فتزيد وتنمو، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن ملكا بباب من أبواب الجنه يقول، من يقرض اليوم يجز غدا، وملك بباب آخر يقول، اللهم أعطى منفقا خلفا وأعطى ممسكا تلفا” وأن الزكاة تنقسم إلى نوعين من حيث الحكم الشرعي فمنها ما هو واجب ومنها ما هو مندوب.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك