الثلاثاء - الموافق 19 مارس 2024م

… فى ذكرى وفاة أبى عمار الختيار … بقلم أحمد العش

ليس فى حياة ياسر عرفات ما يُخلبنى أو يُنفرنى، وإن كان الحديث عنه من بُد، فإنما من قبيل التعرض التأريخي لرجل، فرضت عليه المقادير الإلهية، أن يكون على رأس سلطة المقاومة الفلسطينية ضد الكيان الصهيونى، لبرهة من الزمان، تجاوزت النصف قرن، بين مناضلٍ فى صفوف الجند، وأحد المؤسسين لحركة فتح بكل كد، ورئيسٌ لمنظمة التحرير الفلسطينية حتى وفاته فى ١١ نوفمبر ٢٠٠٤م، ليبقى اسمه حلقة وصل فى الأمس واليوم والغد ….
ارتبط ياسر عرفات بأغرب المفارقات على كل منحى، فقد ولد فى القاهرة وعاش فى فلسطين وتوفى فى باريس ثم دفن فى فلسطين، اسمه محمد عبدالرؤوف عرفات القدوة الحسيني، واستغنى عن كل هذه الأسماء، ليختار عرفات تشبهاً بجبل عرفات، واستعارته لاسمين آخرين هما ياسر وأبو عمار، تيمناً بالصحابي الجليل عمار بن ياسر رضي الله عنه، غلبت عليه الاسم والكنيه المستعارتان، ياسر وهو ليس اسمه وأبو عمار وهى كنيته، ولد فى القاهرة وتعلم فيها ونال شهادة الهندسة المدنية من جامعتها، ثم طفق إلى فلسطين برغبة نضالية أججت فؤاده، فتحرير فلسطين كان غايته ومراده…
كان ياسر عرفات على طول الخط الزمنى، المتحدث الرسمي للقضية الفلسطينية، ورأى كل ألوان التحول السياسى من الكيان الصهيونى، عبر صولات وجولات، بين تبديد للمعاهدات وتربصات من وراء جدر فى المدر والوبر ، بل إنه ذاته وُسِم بالخيانة مثلما وصفه آخرون بالوطنية والشهامة، قبل أو بعد اتفاقية أوسلو عام ١٩٩٣م، مع إسحاق رابين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بمباركة بيل كلينتون الرئيس الأمريكى آنذاك، والتى حاز بسببها عرفات ورابين وشيمون بيريز على نوبل للسلام عام ١٩٩٤م بالتناصف، كما دفع الشعب الفلسطيني ثمن هذه المعاهدة باهظاً، بغارات تلو الغارات، من يهود باراك ونتنياهو وشارون، الذين أعقبوا إسحاق رابين، الذى تم تصفيته نكالاً من بعض الإسرائيليين على مساعيه لاتقاقية أوسلو..
ارتبط عرفات كذلك بمفارقة عجيبة فى مشواره مع القضية الفلسطينية، ومفادها شهر نوفمبر، ففى هذا الشهر ألقى أول خطاب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٧٤م، يوم أن أمسك بغصن الزيتون فى يد والبندقية فى اليد الأخرى صائحاً مقتضباً ( جئتكم أحمل غصن الزيتون فى يد وبندقية الثائر فى اليد الأخرى، فلا تسقطوا من يدى غصن الزيتون)
وفى نوفمبر ١٩٨٨م منعته الولايات المتحدة الأمريكية من تكرار الخطاب فى دورة هيئة الأمم المتحدة، ليتم نقل مقر الأمم المتحدة فى جنيف بسويسرا، فيجدد عرفات خطابه فيها فى أول ديسمبر ١٩٨٨م، ثم يأتى نوفمبر الثالث فى تاريخ ياسر عرفات عندما لقى ربه فى ظروف اكتنفتها الغموض، بإحدى مستشفيات باريس يوم ١١ نوفمبر ٢٠٠٤م، ليموت ويموت معه فاصل زمنى كبير من الكفاح والنضال، اتسم بتناثر دماء الفلسطينيين الأبرياء، بأيدى الجبناء الحلفاء، لينكأ الجرح الفلسطيني مجدداً فصاعداً..
ومهما حدث فإن فلسطين أرض الأنبياء والشهداء، وأرض المحشر والمنشر لن تموت

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك