الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

((فضل التجاره الرابحه مع الله جل وعلا )) أعده/الشيخ/طه أبوبكر طه عبدالمعطي

التجارة الرابحه مع الله جلا وعلا ، شاملٌة لكل لحظات حياتك، ولكل توجهاتك، إنه ليس أمرٌ مختص بالعبادات المحضة، ولكنها في كل لحظات حياتك؛ في أكلك وشربك، في عملك وعموم مساعيك،
لا شك في أن أعلى أنواع التجارة هي التجارة مع الله، تجارة سلعتها الطاعات وثمنها الحسنات يُضاعَفْنَ من حسنة إلى عشر إلى سبعمائة وأكثر. والذين يجيدون هذه التجارة الرابحة هم من عرفوا الله فخشَوه، فرقَّت له قلوبُهم، ودمعت من خشيته عيونُهم، ولم تنقطع به قطُّ صلتُهم، وكان ما بينهم وبينه دائمًا عامر، وكان همهم الأول والأخير رضاه، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (30) ) فسبحان الله الذي وهبَنا ما نتاجر به معه، ثم وفقنا إلى التجارة معه، وتفضَّل علينا بها، ثم هو يُعطينا أجر تلك التجارة كأحسن ما يكون الأجر والجزاء، فهو خيرُ أجر في خير تِجارة، ثم هو يَزيدنا مِن فضله فوق أجورنا، ويضاعف لمَن يشاء.

التِّجارة الرَّابحة تجارةٌ ليست ككلِّ تجارةٍ بل هي تجارةُ تتميزٍ بالآتي:
– هي تجارة لا تعرف الخسارة.

– هي تجارةٌ صاحبها دائمًا في زيادةٍ.

– هي تجارة الرَّابح فيها طرفٌ واحدٌ وهو أنت إذا كنت من أهلها.

– : لا تنسى أنَّ التِّجارة الرَّابحة هي تجارة مع ملك الملوك وأغني الأغنياء ومن بيده خزائن كلِّ شيءٍ.

إنَّها تجارةٌ مع الله -تبارك وتعالى- {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} [التَّوبة: 111].

تلك هي (التِّجارة الرَّابحة) تجارة الحسنات

تجارة لا تعرف الدِّينار والدِّرهم! فهل أنت من أهلها؟!
قال الله -تعالى-: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلا} [الكهف: 46].
قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: “إنَّها كلُّ عملٍ صالحٍ من قولٍ أو فعلٍ يبقي للآخرة”.

أخي المسلم: سوق التِّجارة الرَّابحة سوق كلّ بضاعةٍ فيها يجد مشتريها من خلفها الرِّبح الكثير.
فليس فى هذا السُّوق شيءٌ حقيرٌ.. بل كلُّ شيءٍ فيها غالٍ ونفيسٌ! قال الله –تعالى-: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261].
فيا طالب الرِّبح الوفير، ويا راغبًا في الغنى العريض، ويا ملتمسًا للثَّراء الدَّائم عليك بتجارة الحسنات “التِّجارة الرَّابحة”.

يقول الله جل وعلا مُخبرًا عن أمثال هؤلاء، مُخبرًا عن عباده المؤمنين الذين ابتغوا رضوانه، فباعوا أنفسهم لهم جل وعلا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ ﴾ [التوبة: 111]، ويقول الله جل وعلا: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [البقرة: 207].

وأخبر سبحانه عن أن هذه التجارة مع الله جل وعلا حينما يريد بها المؤمن رضا الله، أنها تجارةٌ رابحة، وأن عاقبتها إلى خير؛ يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾ [الصف: 10، 11].

لما ذكر الله صفات هذه الفئة، ذكر صفات المؤمنين الحميدة، فقال مُمتدحًا لهم: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ﴾، وتأمل هذا التعبير القرآني: ﴿ يَشْرِي نَفْسَهُ ﴾؛ بمعنى – كما قال المفسرون في هذا المقام – البيع، فهو يبيع نفسه كلها لله جل وعلا، ويُسلمها كلها، لا يستبقي منها بقية، فكل حياته لله جل وعلا؛ في كل لحظةٍ، وكل سكنة، وفي كل حينٍ، وفي كل تصرُّف،
وقد جاء في بعض الروايات بيان سبب نزول هذه الآية، وتوضح كيف أن المؤمن إذا ابتغى وجه الله جل وعلا، كانت عاقبته إلى خيرٍ وربحٍ عظيم، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: “نزلت في صهيب بن سنان الرومي رضي الله عنه، وذلك أنه لما أسلم بمكة وأراد الهجرة، منعه الناس أن يهاجر بماله، وكان ذا مالٍ يُتاجر به، فلما اعترضوه عرَض عليهم عرضًا، وقال لهم رضي الله عنه وأرضاه: “إنكم لتعلمون أني من أشد الناس إصابةً في الرمي والسهام، فإن شئتم أن أُخلي بينكم وبين مالي، وتُخلوا بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأهاجر إليه، وإما أن أنثر كِنانتي وأرميكم سهمًا من وراء سهم، ثم أبارزكم بالسيف”، فخلوا بينه وبين الهجرة، وأخذوا كل ماله الذي استبقاه لوجه الله جل وعلا، فلما أقبل على المدينة، قابله الصحابة منهم أبو بكرٍ رضي الله عنه وقال له: “ربح البيع صهيب، ربح البيع صهيب

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك