الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

عن حديث الساعة: الهندسة الثقافية و اقتصاديات المعرفة و جدوى الاستثمار في الثقافة.. تحقيق: هايل المذابي

ورد عن الفرنسي “فيكتور هوجو” مؤلف البؤساء، أنه كان يملك فريقاً من الكُتّاب للتأليف و إنتاج الكتب بإدارته، بالإضافة إلى إمتلاكه لمطبعة تجارية خاصة به، و إن صح ذلك عنه و بغض النظر عن الجانب الأخلاقي فإن “فيكتور هوجو” أهم كاتب وصل إلى الثراء من خلال الثقافة و المنتوج الثقافي على الأقل في العصر الحديث.. 
لعلها توطئة مناسبة للحديث عن موضوع الساعة و هو “الاستثمار الثقافي” أو “اقتصاديات المعرفة و الثقافة”، و هو بالفعل حديث ذو شجون.. ولكن يمكن التركيز على أهم النقاط فيه لمعرفة كيف يتم الأمر، تلك النقاط هي: إن الركض وراء الثراء خلق الاسفاف في المنتج الذي سعى إلى إرضاء الجماهير على حساب القيمة التي يجب أن يحملها المنتج و لعل المبدأ الذي يقول “شباك التذاكر لا يكذب” في المسرح يؤكد ذلك ثم نشأ على غراره و انتصارا للقيمة و الفكر تيار آخر من الكتاب سمي منتجهم بمنتج النخبة و إنقاذ المسرح من هوّة التفاهة و الإبتذال.
أيضاً فإن قانون الاستثمار في الأوطان العربية خلق فرصة للمستثمر الأجنبي أفضل مما قد يحصل عليه من فرصة للاستثمار داخل وطنه، و لكن هذا جاء على حساب الصعوبة التي تواجه المستثمر الوطني في الاستثمار داخل وطنه. قانون الضرائب الذي يفرض 30% على المستثمر الوطني و 10% على المستثمر الأجنبي نموذجا.
كذلك فإن استبعاد المنتجات التي تسعى لإرضاء الجماهير عن حيز الدراسات التطبيقية الأكاديمية و استيعاب كامل لمنتجات النخبة. روايات المغامرات و الرعب نموذجا. و هنا يمكن التساؤل: هل بالامكان ايجاد أسس توفّق بين النوعين، أي منتج يرضي الجماهير و في ذات الوقت يشبع المكونات الداخلية للجنس الأدبي فلا يجد صعوبة في اعتماده في دراسات الأكاديميين التطبيقية؟.
وهناك ما يختص بهوية المنتج التي تشكل عقبة كبيرة بالنسبة للدولة فلا تجد بداً من دعم المنتجات و خاصة الثقافية الترفيهية الأجنبية حين ينعدم وجود منتج عربي من ذلك النوع فيذهب الريع كله لمستثمر أجنبي من جهة و يتسيد المنتج ثقافياً لدى الشريحة المستهدفة.
كل هذا يندرج تحت مصطلح حداثي هو “الهندسة الثقافية” و هو علم يشبه ندرة التخصص فيه بالتخصص في علم “الهندسة المالية” و لكن الهندسة الثقافية انبثقت من علم الهندسة المالية و قامت على الأسس الموضوعة لهذا العلم. لا يوجد سوى كلية وحيدة في الخرطوم استحدثت منذ أعوام قليلة لتدريس تخصص ” الهندسة الثقافية” لكن إمكانياتها ما تزال ضعيفة جداً.
و لعل زبدة الكلام هي أن القطيعة بين العرب و العلوم كانت منذ القرن الثاني عشر و لذلك فهذه الهوة يصعب عربيا التعامل معها و بالمثل فإن الاستثمار في التعليم غير مجدٍ نظرا لنتائجه البعيدة زمنيا في تحصيلها و بالتالي قلة المقبلين على الاستثمار فيها و يبقى الاستثمار في الثقافة باعتبار الثقافة آخر معقل للعرب للتخندق فيه فلا نفط سيبقى حتما و الأهم من ذلك أن  علاقة العرب بثقافتهم أقدم من علاقتهم بالذهب الأسود.
من هذه الإضاءة يمكن الحديث عن جدوى الهندسة الثقافية و الحديث عن الاستثمار في الثقافة في الوطن العربي و قد اخترنا مجموعة من الأدباء و الكتاب و الفنانين العرب للحديث حول ذلك و خرجنا بما نضعه بين أيديكم و على مسامعكم..
المشاركون في التحقيق
عالمة الاقتصاد د. مناهل ثابت
أ. راضية الشهايبي تونس
 أ. سباعي السيد مصر
أ. فاطمة بوهراكة المغرب
أ. أحلام غانم. سوريا

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك