الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

سلطنة عُمان والتوظيف الاستراتيجي الأمثل للموقع والموارد الاقتصادية

كتب :- محمد زكي

ارتكزت استراتيجية التنمية المستدامة التي أسسها السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان منذ السبعينيات من القرن الماضي وحتى الآن وعلى مدار ستة وأربعون عاماً، على التوظيف الاستراتيجي الأمثل للموقع والموارد الاقتصادية العُمانية، بغرض تنمية القطاعات الاقتصادية في إطار سياسة التنويع الاقتصادي و”عصر ما بعد النفط” الأمر الذي أدى إلى ظهور العديد من المناطق الصناعية والمناطق الحرة في البلاد.

وتتضمن هذه المناطق الصناعية مثل الدقم وصور وصحار مئات من الشركات الصناعية التي تعمل  في مجالات إنتاج السلع والمنتجات بهدف إحلال بعض الواردات الأجنبية التي يتم استيرادها من الخارج، فيما تعمل جاهدة في تطوير القطاع السياحي الذي يشمل اليوم العديد من الشركات السياحية لدعم هذا القطاع السياحي ورفع ناتجه المحلي إلى 6% عام 2020.

كما نشط العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى في مجال الزراعة والثروة السمكية والتعدين والخدمات اللوجستية بجانب الأنشطة النفطية التي ستعمل على دعم التوجهات العمانية بجعل السلطنة مركزا لإعادة التصدير لمختلف السلع والمنتجات إلى المنطقة وإلى الدول الآسيوية والأفريقية خلال المرحلة المقبلة.

إنشاء صناعات وخدمات لوجستية

ومنذ عام 2011 قررت حكومة السلطنة استثمار موقعها الاستراتيجي، وقربها من مسارات الملاحة العالمية وإشرافها على مضيق هرمز ووقوعها على بحر العرب والخليج العربي، في تنويع مصادر الدخل الوطني، وكسر «القيد النفطي». وطرحت خطة تنمية تحت عنوان «سلسلة اللآلئ العمانية» تقوم على التكاملية فيما بينها، وإنشاء صناعات وخدمات لوجستية بالقرب من الموانئ التي تغطي كامل الرقعة الجغرافية للسلطنة وربطها عن طريق المطارات والسكك الحديدية وخط الباطنة الساحلي. وذلك بالتخطيط لإنشاء الموانئ البحرية بأعلى المستويات والمعايير الدولية المُتعارف عليها. وتطويرها من خلال عملية تتسم بالتكامل حيث إنها تتم في إطار رؤية محددة تحرص ‏على تكامل الامكانات والمزايا التي تتمتع بها موانئ السلطنة، وذلك من خلال توزيع المهام بين الموانئ.

ويعتبر مشروع تطوير وتحديث البنية التحتية بميناء صلالة وإنشاء ‏محطة عالمية لمناولة الحاويات من المشاريع ذات الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية الهامة ‏ونقلة كبيرة في عالم النقل البحري بالسلطنة وذلك لتمتع محافظة ظفار بموقع استراتيجي ممتاز ‏على المسارات الملاحية البحرية والعالمية التي تربط الشرق بالغرب .. وصنف ميناء صلالة ‏ضمن قائمة أفضل عشرين ميناء محورياً بالعالم لإعادة تصدير الحاويات وهو مهياً لاستقبال ‏أجيال السفن العملاقة، وقد اشتمل تطوير الميناء على إنشاء أرصفة جديدة بطول 600 متر ‏لمناولة البضائع السائبة والبضائع العامة .. كما يجري الإعداد لإنشاء محطة لتزويد السفن ‏بالوقود إلى جانب العمل لإصلاح الأرصفة وكاسرات الأمواج القديمة بالميناء وباستكمال ‏المرحلة الثانية لتطوير ميناء صلالة ترتفع الطاقة التخزينية من 23 ألف حاوية إلى 46 ألف ‏حاوية نمطية .. وتزداد حيوية ميناء صلالة على المستويين الوطني والدولي كونه أصبح من ‏أهم محطات الحاويات المخصصة للناقلات العملاقة وتم تزويد الميناء بأحدث معدات المناولة ‏التي تعمل بكفاءة تصل إلى 1200 نقلة في الساعة الواحدة، ويصل طول الأرصفة الأربعة في ‏المرحلة التي افتتحت بالفعل إلى 1260 متراً كما تصل مساحة التخزين إلى نحو 550 ألف متر ‏مربع وهو يشكل قصة نجاح المشاركة بين الحكومة والقطاع الخاص المحلي والأجنبي.

ولا شك أن التوظيف الأمثل للموقع الجغرافي العُماني يتوقف على مدى فاعلية قطاع الموانئ، الذي يمثل أحد أهم ركائز الاقتصاد، بما يوفره من قيمة مضافة، حيث تقدم هذه الكيانات العمانية الوطنية الخدمات اللوجستية لكل السفن التجارية، خاصة أن الطلب على هذه الخدمات في تزايد مستمر مع زيادة معدلات التبادل التجاري الدولي. والملاحظ ان السلطنة قد نجحت في السنوات الاخيرة في ان تحجز لنفسها موقعاً متميزاً بين الكيانات الكبيرة العاملة في مجال خدمات السفن وهذا ما يوفر للاقتصاد العماني وفورات مهمة، وان كانت تنمية القطاع قد يواجه بعض التحديات الناتجة عن تراجع أسعار النفط العالمية، وما ارتبط بها من تراجع في معدلات التجارة الدولية، وهذا ما يضع على السلطات العمانية مسؤولية كبيرة لمضاعفة الجهود لمواصلة ريادتها وتميزها في هذا القطاع، لتستمر موانئ سلطنة عمان متفردة بين موانئ الخليج العربي بما تقدمه من خدمات بأسعار تنافسية وجودة لا تضاهيها جودة في أي ميناء آخر.

ومن بين المقومات القرب الجغرافي من الأسواق العالمية الكبيرة مثل الهند وشرق اسيا وافريقيا، حيث يمكن الوصول بالسفينة إلى شرق آسيا في اقل من اسبوعين وإلى افريقيا في خلال اسبوع واوروبا في غضون اسبوعين وأيضا وجود المطارات المهيأة على مقربة من الموانئ. علاوة على وجود المناطق الحرة قرب الموانئ وأيضا وجود شبكة طرق على مواصفات عالية تربط الموانئ والمناطق اللوجستية.

تدشين خطوط بحرية جديدة

ولم تكتف الحكومة العُمانية بالعمل على استغلال موقعها البحري بإقامة وتطوير الموانئ العمانية فقط. بل قامت بفتح عدد من الخطوط البحرية، حيث تم في العام الماضي تدشين الخط الملاحي الذي يربط ميناء صحار بميناء بندر عباس الإيراني وتم استقبال أول سفينة على الخط الملاحي الجديد وتدشين الخط البحري بين ميناء خصب وميناء قشم الايراني.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك