الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

زايد وتفكيره النهضوي للأمارات بقلم :- الدكتور عادل عامر

وظّف الشيخ زايد، جميع الموارد لخلق وطن يحتضن المواطن الذي يشعر بالانتماء والولاء للوطن وقيادته، وأدرك الشيخ زايد في وقت مبكر من قيام الاتحاد، أن بناء الأوطان يجب أن يبدأ من بناء الإنسان، الذي يشكل أساس التنمية ومحورها الرئيسي، وهذا البناء جوهره الأساسي التعليم ففتح زايد أمام أبناء الإمارات كل أبواب العلم والتعلم وأعطى الغالي والثمين لهذا الهدف باعتبار الشباب الثروة الحقيقية للوطن».

الحقيقة أن نجاح دولة الإمارات لم يأتِ مصادفة أو بسرعة وإنما نتاج أسس متينة ونهج راسخ وضع لبنته الأولى المغفور لهما الشيخ زايد فلذلك يحتل الشيخ زايد مكانة متميزة في قلوب وعقول أبناء الإمارات، لما له من مآثر ومناقب وجدانية وقيم أخلاقية وإنسانية ورؤية استراتيجية بعيدة المدى، باتت نهجاً وطنياً في سيرة ومسيرة القائد المؤسس

، فهو رجل أعطى بلا حدود للقريب والبعيد، وسخر فكره وإمكاناته لخدمة وإسعاد شعبه، ووضع الإنسان الإماراتي محور تفكيره. وفور اكتشاف النفط حرص على دراسة المزايا الناتجة عن دخول الدولة نادي منتجي النفط، وخطط وتابع من أجل أن يضمن توزيع عائده المالي على شعبه، وظل لسنوات طويلة يطور رؤيته الخاصة من أجل إيجاد مجتمع حديث ومزدهر.

الرمال البيضاء والبحر كانا هما البيئة حينذاك وبدأت الإمارات تنمو قليلاً كنمو النبات وتستقبل مزيداً من البشر وبدأت المباني تظهر وتشق الطرق عبر رمالها واستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يشعر الناس بالمنافع الحقيقية لهذه التغييرات، حيث ظلت حياة الكثير من القاطنين في المناطق النائية وبعيداً عن حقول النفط الجديدة قاسية وتمثل صراعاً يومياً للبقاء.

لكن مجهودات جبارة بذلت لتتحول هذه المدن التي كانت عبارة عن قرى غارقة في التخلف والنسيان إلى مدن عصرية بكل معاني الكلمة لا تفتقر إلى شيء مما هو موجود في مدن الدولة الكبرى.

ينظر العالم اليوم بانبهار إلى تجربة الإمارات ويقرأ بإعجاب قصة كفاح شعب وقيادة ومسيرة وطن، بدأها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس الإمارات الحديثة، وناضل خلالها ضد كل ما يعترض طريق البناء والتنمية والرخاء، وعلى رأسها المناخ القاسي وندرة الموارد.

وبالعودة إلى الماضي، ومع حلول منتصف ستينات القرن الماضي، بدا واضحاً أن الطريق بات ممهداً أمام الشيخ زايد لتحقيق رؤيته وتطبيقها عملياً بعد أن فتح عينيه على قومه، وقد نالت منهم سنوات الحرمان، وأخذ يتابع من مكان إقامته في واحة العين الصحراوية تلك التغييرات التي كانت تحدث ببطء شديد.

وفور اكتشاف النفط حرص على دراسة المزايا الناتجة عن دخول الدولة نادي منتجي النفط، وخطط وتابع من أجل أن يضمن توزيع عائده المالي على شعبه، وظل لسنوات طويلة يطور رؤيته الخاصة من أجل إيجاد مجتمع حديث ومزدهر. لقد كان لاكتشاف البترول المفاجئ أثر درامي في الإمارات، فقد أصبح الناتج المحلي 6 مليارات و500 مليون درهم عام 1971 لم يخصصه الشيخ زايد، رحمه الله، لنفسه وإنما اختار إنفاقه لخير شعبه عبر برنامج طموح لإقامة المشاريع العامة بدأ بإنشاء مجتمع حديث يحل محل المجتمع القديم في هذه البقعة من العالم. ومنذ سنوات قليلة مضت كان عدد سكان مدينة أبو ظبي لا يتعدى آلافاً معدودة يعملون في حرف قديمة مثل صيد اللؤلؤ وصيد الأسماك والسفر الشراعي وبناء السفن، وكانت همزة الوصل للقوافل ومرسى لسفن السفر والنقل البحري.

وكان تفكيره، طيب الله ثراه، يسبق عصره وكان همه وشغله الشاغل هو بناء دولة مؤسسات حتى يضمن لجيل اليوم أن يقطف ثمار زرعه وأن تتقدم الإمارات بخطى سريعة واثقة شعارها بناء الإنسان. والإمارات ملحمة بناء عطرها الآباء الأوائل بالعزيمة وصدق الرؤية فعاشها الأحفاد رواية تحكي للدنيا قصة ملحمة بناء ومعجزة فوق الرمال.

وكان الموعد حين أضاءت عزيمة رجل وشجاعة رفاقه سماء الإمارات لينبلج الفجر عن غرة «زايد الخير» راسماً بالقلم والورقة خريطة وطن بمساحة حلم ليسمع ويرى الجميع قصة بناء وطن من مجد ويقرأ العالم منبهراً تاريخ رجال بنوا وطناً اسمه دولة الإمارات.

واليوم أحسن الإماراتيون التعلم من ملهمهم، رحمه الله، وفازوا في نضالهم ضد خصومهم الثلاثة بقوة وكانت هذه الفترة بالنسبة للقيادة والحكومة فترة حافلة بالتغيير فبعد سنوات من انحسار دور صناعة اللؤلؤ كمصدر تقليدي للدخل كانت المنطقة تعاني بالفعل من مصاعب اقتصادية شديدة غير أن النمو المستمر في أنشطة استخراج النفط فتح آفاقاً واسعة جديدة ليس فقط في مجال الصناعة والتوظيف ولكن أيضاً في القطاع التجاري، حيث تولت المشاريع والمؤسسات التجارية العديدة التي أقيمت آنذاك توفير جزء كبير من توريد احتياجات الحقول النفطية القائمة.

الرمال البيضاء والبحر كانا هما البيئة حينذاك وبدأت الإمارات تنمو قليلاً كنمو النبات وتستقبل مزيداً من البشر وبدأت المباني تظهر وتشق الطرق عبر رمالها واستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يشعر الناس بالمنافع الحقيقية لهذه التغييرات، حيث ظلت حياة الكثير من القاطنين في المناطق النائية وبعيداً عن حقول النفط الجديدة قاسية وتمثل صراعاً يومياً للبقاء.

لكن مجهودات جبارة بذلت لتتحول هذه المدن التي كانت عبارة عن قرى غارقة في التخلف والنسيان إلى مدن عصرية بكل معاني الكلمة لا تفتقر إلى شيء مما هو موجود في مدن الدولة الكبرى. وتقدر مشاريع أبو ظبي بأكثر من 200 مليار دولار وحازت الإنشاءات الضخمة على الساحل مثل قصر الإمارات وحلبة ياس وجزيرة السعديات وبرج خليفة وأبراج الإمارات وفندق برج العرب سمعة وشهرة عالمية واسعة وجذبت كثيراً من مهندسي المعمار من جميع أنحاء العالم إلى المنطقة بهدف تشييد منشآت مميزة ملفتة للأنظار.

تسارعت خطى التطور في العاصمة أبو ظبي، حتى أصبحت في غضون عقد من السنوات واحة أعمال مزدهرة تستقطب اهتمام العالم وتلهم جيرانها بتأسيس مشاريع مشابهة. وتعيش أبو ظبي في الوقت الحاضر مرحلة نهضة حقيقية بتوجيهات صاحب السمو رئيس الدولة ومتابعة الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لتواصل مسيرة النمو والتنمية بهدف تفعيل وصقل دور الإمارة ضمن الخريطة الاقتصادية والثقافية والسياحية العالمية، إذ تعتزم حكومة أبو ظبي جعل العاصمة من أفضل مدن العالم عمرانياً وسياحياً وفقاً لخطة أبو ظبي للتنمية المستدامة التي تنتهي بحلول عام 2030. ويعد جامع الشيخ زايد الكبير “درة الخليج البيضاء” علامة لافتة في الوجه الحضاري لمدينة أبو ظبي ويعتبره الإماراتيون ذروة الوجه الحضاري لعاصمتهم الصاعدة والذكرى البصرية لما حققه مؤسس الدولة باني الإمارات الحديثة، المغفور له الشيخ زايد.

اهتمت الشارقة مبكراً أيضاً بالموروث الشعبي والتراثي والثقافي، فكل عام يقام على أرض الشارقة القديمة مهرجان وطني للتراث والثقافة «أيام الشارقة التراثية»، تتولى العاصمة الثقافية تنظيمه واستضافته بمشاركة جميع مناطق البلاد والعالم أجمع.

وقبل شهر تقريباً أدرجت منطقة قلب الشارقة ضمن القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي، التي تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونيسكو”، في إنجاز جديد يعكس ثراء التراث الأثري والتاريخي في الإمارات، ويأتي هذا الحدث تزامناً مع احتفالات الشارقة عاصمة للثقافة الإسلامية للعام الحالي. وتعتبر دبي مركزاً اقتصادياً ناشطاً وسياحياً فريداً لكل من يختارها وجهة له، فهي إمارة تضم عناصر الجذب السياحي المتنوعة وفرص التسوق واكتشاف المطاعم والفنادق الراقية.

ولا تزال مدينة الشارقة تواصل مسيرتها الثقافية، حيث تستضيف أفضل مهرجانات التراث والفنون في المنطقة والمعترف بها دولياً، كما فازت المدينة في عام 1998 بجائزة اليونسكو الثقافية كأفضل عاصمة ثقافية للعالم العربي، وذلك عن التزامها بتقديم أفضل أنواع الثقافة والفنون والحفاظ على تراثها الإنساني، فالزائر إلى شوارعها العتيقة يتلمس سحر الماضي النابض في كل مكان.

انبثقت دبي كظاهرة للقرن الحادي والعشرين ومدينة الآفاق، التي تبني عولمتها من وحيها ونبذها لمن يتخلفون عن الركب وشهرت سيف التحدي، وتعمل ليل نهار في ترسيخ مكانتها كمدينة عالمية بنت أطول أبراج العالم قاطبة وأكثر مراكزها التجارية اتساعاً وأكثر فنادقها فخامة وأكبر مرسى صنعته يد إنسان وأكبر جزيرة اصطناعية. ودبي هي المدينة الوحيدة في العالم التي تنمو وتعلو وتتغير أسرع من أي مكان آخر في العالم فهي معجزة الإمارات فوق الرمال تناطح السحاب.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك