الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

رسالة الإخوان المسلمين إلى قمة التعاون الإسلامي

رسالة مفتوحة

إلى الملوك والرؤساء وحكام البلاد العربية والإسلامية

فخامة الرئيس رجب طيب أردوغان

رئيس الجمهورية التركية ورئيس الدورة الحالية لمنظمة التعاون الإسلامي

حضرات أصحاب السمو والدولة رؤساء الدول العربية والإسلامية

حضرة صاحب السعادة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نوقن نحن في جماعة الإخوان المسلمين أن من أسباب الاستجابة لدعوة فخامة الرئيس رجب أردوغان الكريمة لحضور هذا المؤتمر لنصرة ثالث الحرمين الشريفين ومسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي نفس الأسباب التي أشعلت الحسرة والحماسة في آن واحد في صدور وأفئدة شعوبكم عندما استفاقت فجاة على قرار متهور من الرئيس الأمريكي ترامب الذي اغتصب به حقا لا يملكه وأعطاه لكيان محتل لا يستحقه بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة الكيان الصهيوني، وهو للأسف الطرف الذي عول عليه الكثيرون ليكون وسيطا للسلام!!! لتستفيق الأمة كلها وتجد نفسها محل وصف مؤلم جدا جاء في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها.. فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ … قال: بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن”.. فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ … قال: “حب الدنيا، وكراهية الموت”.

السادة ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والإسلامية..

لم تتجاوز الأمة التي بلغ تعدادها أكثر من مليار وستمائة مليون نسمة، أحداث المذابح التي وقعت وتقع لمسلمي ميانمار الذين يحرقون وهم أحياء ويلقى بأطفالهم في النار وهم يستغيثون أمام مرأي ومشهد من العالم كله وغيرها من المآسي التي تشهدها العديد من أقطارنا وبأيدي بني جلدتنا ظلما وعدوانا، حتى تأتي هذه الفاجعة الجديدة لثالث الحرمين الشريفين، والتي حاول البعض من أمتنا التغافل عن مسبباتها على أمل مراعاة الصديق (!!) في البيت الأبيض تجنيبهم الحرج وإبقاء الغطاء عليهم حتى لا ينكشف الوهن الذي أصاب نفوسهم.

السادة الكرام

لن نطالب في هذه الساعات والايام العصيبة بتجهير وحشد الجيوش أو إعلان النفير العام داخل الأمة خشية أن يلحق ذلك بتلك النداءات التي كان هدفها  فقط تفريغ طاقات الغضب التي تعتمل في صدور أبناء الأمة مع كل حدث يصيبها، فهذا الحدث الجليل ليس كسابقيه والغضب هذه المرة لا يجب أن يضيع أو ينتهي بإلقاء خطب وكلمات تنتهي مثلما تنتهي إليه كل مرة ، فقد بلغ فداحة الخطب هذه المرى آفاقا أوسع  ليصدم الكثير من محبي العدالة والإنصاف في بقاع الدنيا ومن كل الأديان والطوائف والمذاهب ولدى الملايين من الأحرار من خارح ابناء أمتنا الذين استفاقوا جميعا أمام الانهيار المشين  لقواعد العدالة والإنصاف والتجاوز لقرارارت منظمة الأمم المتحدة وقواعد العدالة الدولية والتي نأمل هذه المرة ألا تكتفي ببيانات رفض وشجب لا ترفع ظلما ولا تحقق عدالة.

إننا نوقن تمام اليقين ان المسجد الأقصى والأرض التي بارك الله سبحانه وتعالى حولها لن يدافع عنها غيرنا بالرغم من التأييد الذي يبديه أصحاب الضمائر الحرة، ولن يستردها أهل القدس والفلسطينيون وحدهم بحكم ما يحملونه من هوياتها، وكذلك لا العرب الذي ينطقون بلغتهم ولا باقي الأمة لمجرد انتساب الجميع لدين الإسلام، لأن صفة المنقذين والمحررين للاوطان والأمانة المقدسة قد حددها الله سبحانه من فوق سبع سماوات وفي كتابه العزيز حيث يقول عز من قائل ( عبادا لنا ) خالصة عبوديتهم له سبحانه وحده، وعندها سيأتي وعد الله عز وجل الذي لن يتخلف لأي فئة من هذه الفئات أو لها كلها بتجليات العبودية لخالق الارض والكون كله  كما قرر في سورة الإسراء:

 

 

“سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِن دُونِي وَكِيلًا (2) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ ۚ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا (3) وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7).

السادة الكرام

إن ما نطالب وتطالب به شعوب الأمة في هذه الساعات ويجعلها صفا واحدا قويا خلف قادتها وزعمائها، هو الآتي:

أولا: بالرجوع إلى تلمس طريق العبودية الخالص لله سبحانه وتعالى بالعودة إلى صحيح الدين وإلى التمسك بكتاب ربنا سبحانه وتعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تمسكا لا يلتبس فهمه كما ضرب  مثاله الرعيل الأول من الصحب الكرام .

ثانيا: ثم هي تريد حكما عادلا يعطي كل ذي حق حقه، ويطلق طاقات الشعوب لبناء استقلالها الحقيقي وامتلاك إرادتها كاملة وانتاج غذائها ودوائها وسلاحها الذي تحملة الأيدي الطاهرة للدفاع عن قيم العدل والإنصاف ..

ثالثا: ان الأمة تتوق إلى أن تكون دساتيرها وقوانينها لا تحرم حلالا أحله الله ولا تحلل حراما حرمه الله.

رابعا: تريد الأمة إعادة النظر في مناهج العلم والدراسة، وبناء برامج تربوية ونفسية صحيحه تعمل على ايجاد علماء فقهاء أمثال الائمة اصحاب المذاهب والأئمة المجتهدين الذين جاءوا من بعدهم وقادة ابطال امثال صلاح الدين ومفكرين ربانيين امثال ابن خلدون..

خامسا – قطع العلاقات مع العدو الصهيوني، ووقف التعامل معه على كل المستويات.. السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها؛ لمحاصرته وشلِّ حركته.

سادسا – دعم صمود ومقاومة الشعب الفلسطيني بكل أنواع الدعم في نضاله لاستدراد حقوقه المشروعه.

سابعا – المقاطعة الاقتصادية الجادة والفعالة لكل من يعمل على تخريب بلادنا.

هذه هي بعض مطالب الشعوب، وتلك هي الحالة التي نعيشها نحن وأنتم، فاقدروا الأمر حق قدره، وكونوا عند ظنِّ شعوبكم بكم، واللهَ نسألُ أن يجمعنا جميعًا على كلمة سواء ويهدينا سبلنا… ﴿فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ﴾ (غافر:44)

السادة ملوك ورؤساء وأمراء الدول العربية والإسلامية قادة منظمة التعاون ..

إن جماعة الإخوان المسلمين والأمة جمعاء وهي ترقب ما سوف تقرِّرون، تبعث إليكم بتحيات أبنائها، وتدعو الله أن يعينكم على أن توفوا بالأمانة التي أخذتموها على عاتقكم، وهي النظر في خير المسلمين بحكمة وإخلاص.

وتقبلو منا ومن شعوبكم صادق أمنياتنا بالنجاح والتوفيق ” وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” المائدة (2)

والله أكبر ولله الحمد

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإخوان المسلمون

22 ربيع الأول 1439 ه الموافق 11 ديسمبر 2017 م.

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك