الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

رحلة سفر بقلم : عمرو محمد الغزالي

كانت الأوراق وأغراض أخري منتشرة على الأرض في فوضى عارمة وكأن قنبلة أُلقيتْ في الغرفة …وقفتُ وأنا أحك فروة رأسي ناظر حولي مفكر في الطريقة المثلى لتنظيف الغرفة بأقل جهد، بدأت أجمع الأوراق من  علي الأرض  , فوقعت عيني علي تذكرة سفر من بين الأوراق , شعرتُ بالبرودة وهي تتسلل إلى جميع أطرافي، وبخفقات قلبي تتزايد عندما قرأت التاريخ المدون علي التذكرة , أنه تاريخ سفري ورحيلي الي الغربة , جلستُ على طرف السرير وأنا أمسح العرق الذي تندى على  جبيني، أغمضت عيني وسحبت الهواء إلى رئتي في نفس عميق, فصدري مزدحم بكثير من المشاعر ما بين اشتياق، وفقد، ووجع، وحزن، وحيرة  وأسئلة لا تغادر رأسي..
وتذكرت : كانت الساعة تشير الي الخامسة عصرا ..  فقد حان الموعد للذهاب الي المطار … كنت طوال اليوم تزعجني بعض الأفكار التي أتخيلها عن السفر والغربة … أفكر في أمنياتي التي  ما تحققت أبدا … وكثرة الازدحام في رأسي.. ولكن أعلم جيدا أن أحلامي من حقي ويوما ستحقق .. انتهت الأيام الدافئة في أحضان العائلة والوطن …  لملمت أغراضي داخل حقيبة .. وأصبحت جاهزا للسفر … ابتسم أبي ولكن ابتسامته كانت خافتة، وعيناه حزينتين، وظهر علي أمي الإنفعال والضيق , كانت الشمس قد قاربت على الرحيل ناثرة وراءها لون الشفق المحمر، وبعض السحب المعلقة  بالسماء، والجو هادئٌ وجميلٌ نسمة هواء خفيفة تنتقل عبر نافذة السيارة 
سلكت طريقي الي ساحة الوداع واللقاء … أرض الدموع باختلافها .. الي المطار … المكان الذي يتشابه فيه الناس .. تلتقي فيه العيون … تبرق فيه دمعة أمل بلقاء أخر .. وبين فراق الأحبة .. وأحتضان دقات قلبي … والصراع بداخلي بين الأمل واليأس .. الخوف والتحدي … يدوي في المكان صدي صوت النداء الأخير للمسافر علي متن الطائرة … 
رفعتُ رأسي قليلً وقد تذكرتُ شيئًا , نظرتُ الي الدولاب الخشبي الموجود في أحد أركان الغرفة وأخرجت منه دفترا , دونتُ تاريخ اليوم والساعة، ثم قفلته ووضعته بمكانه  … اشتريت ذلك الدفتر منذ زمن؛ لأدون به خواطري ومشاعري ، سأكتب كل شيء به ، سأجعله توثيقًا لفترة غربتي فبداخلي الكثير من المشاعر , ودونتُ ملحوظة صغيرة مفادها .. أنا مؤمن أن الفصول الأربعة , ستظل دومًا أربعة , وبأن شمسًا واحدة , وبأن قمرا واحدًا , لكنني حين اغتربت عن وطني أكتشفت , أن كل الأمور تغيرت , فأضفت قمرا غريب , وأضفت شمسًا ثانية , وأضفت فصلً خامسًا , وهو فصل للغربة . ما أصعبه . 

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك