الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

ذيل السمكة بقلم :- سميرة عبد المنعم

قرأت قصة طريفة،ذكرتنى بحالنا فى كثير من الأحيان،عن شاب فى بداية حياته الزوجية،وجد أن زوجته عند إعدادها لوجبة السمك تقوم بقطع ذيل السمكة،فسألها عن سبب ذلك،فردت عليه مستنكرة:أتريدنى أن أطهو السمك بذيله!
و أنها رأت والدتها تفعل ذلك.
و عندما ذهب لوالدتها ليعرف السبب،كانت المفاجأة التى تلخص واقعنا المرير،فقد أجابته أن فى بداية حياتها الزوجية كانوا فقراء،و إناء الطهى لديها كان صغير و لابد أن تقطع ذيل السمكة ليتسع لها الإناء.
هذا هو السبب وراء ما كانت تفعله الزوجة،كانت معتقدة أنها على حق،و أن ما تقوم به لابد منه،و أنه لا غنى عنه،و هو الصواب و لا شئ غيره.
كم مرة أصرينا على ارائنا معتقدين أننا على حق،و أن الآخر هو المخطأ؟،لماذا لا نتقبل الآخر؟
لكل منا رأيه و رؤيته للأمور،فالمخالف لى ليس عدوى و ليس شيطان،عند الإختلاف،تجد كل طرف ينصب على الآخر بالإتهامات،دون مناقشته،أو توضيح وجهة نظره.
ألا يمكن للمختلفان أن يتفقا على البحث سويا عن الصواب،هل المطلوب هو إثبات أن الحق معى و الخطأ لغيرى،أم الهدف الوصول للصواب و الحق؟
إذا قمت بعرض وجهة نظرك،فلا تقطع بصحتها،و كن على علم أن هذا هو رأيك و قناعتك،و هى غير مفروضة على الآخرين،عبر عن رأيك و مخالفتك لرأى غيرك،دون تجريح.
إن الإيمان بحرية الرأى دليل على الوعى و الثقافة و سعة الصدر،و ما أحوجنا لهذة المعانى فى وقتنا هذا.
لابد أن نتعلم لغة الحوار،و نستمع للآخر بشكل أفضل،بحيادية،و ربما أكثر،بل أنظر للأمر بمنظاره.
لابد أن أقبل غيرى كما هو،فلا يمكن أن نتطابق و نتفق فى كل شئ،فالإختلاف سنة من سنن الحياة،و هى ما تعطى لحياتنا معنى؛فمن ألذ و أفضل الأطباق،هو طبق السلطة،فإختلاف الأصناف فيه يعطيه المذاق الرائع،و كلما زادت الأصناف المختلفة المكونة له،كلما زادت قيمتة الغذائية،هكذا هى الحياة أيضا.
فعند الفقهاء،الإختلاف فى المسائل الإجتهادية،رحمة،فلو كان لا خيار فيها لإضطر الجميع لحل واحد و بالتأكيد لن يناسب الكل،فلو كان كذلك لنزل فيه نص قاطع.
ربما كلاكما،أنت و المخالف لك،على حق،لكن كلا منكما ينظر من زاويته؛فإذا جئنا بمجموعة و عصبنا أعينهم،و جعلناهم يتحسسوا فيلا مثلا،و لكن كلا منهم يقف فى جهة مختلفة،فهناك من سيخبرنا بأنه لمس خرطوم فيل،و الآخر سيخبرنا أنه لمس أذن فيل،و آخر سيخبرنا أنه لمس بطن الفيل،و كلهم على حق،إذا فزاويتك و ظروفك هى ما جعلتك تختار هذا الرأى،و غيرك أيضا كذلك.
لابد أن نتعلم المرونة،نتقبل الآخر كما هو دون مطالبته بالتغير،دون أن أعتبره مذنب،دله على الصواب،ربما لو كنت فى مثل ظروفه لفعلت مثله.
و لا ننسى قول الشافعى(قولى صواب يحتمل الخطأ،و قول غيرى خطأ يحتمل الصواب).

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك