السبت - الموافق 20 أبريل 2024م

دول شمال افريقيا ترفض انشاء معسكرات للاجئين بقلم :- الدكتور عادل عامر

Spread the love

لم تعد التهديدات الأمنية التي تواجه الدول الأوروبية بمعزل عن الأوضاع السائدة في بؤر الصراعات المسلحة العربية أو التهديدات القادمة من الدول الإفريقية جنوب الصحراء، وهو ما يستلزم من الدول الأوروبية احترام الصيغ المناسبة التي تطرحها الدول العربية وخاصة الواقعة على ساحل جنوب المتوسط، لكل حالة على حدة، فيما يخص مواجهة اللاجئين أو المهاجرين الاقتصاديين أو الإرهابيين أو المجرمين الخطرين، لا سيما أن هذه الموجة هي الأخطر من نوعها التي تواجه أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

لذلك مصر تتعامل مع المهاجرين عن طريق “دمجهم في المجتمع وتوفير الاحتياجات الاساسية لهم”. وترتكز الخطة الاوروبية الجديدة على اقامة “منصات استقبال” للمهاجرين خارج دول الاتحاد الاوروبي، و”مراكز خاضعة للمراقبة على أساس طوعي” بالنسبة للمهاجرين الذين يتم انقاذهم في البحر، يتم فيها بسرعة فرز المهاجرين الذين يتم منحهم حق اللجوء ومن يتعين طردهم. تتزايد مخاوف العواصم الأوروبية من تدفقات اللاجئين العابرين للحدود الرخوة، سواء برًا أو بحرًا،

ويؤدي ذلك الي زيادة الأعباء الملقاة على كاهل أجهزة الدول العربية: تواجه دولة مثل تونس تحديات ضاغطة على أمنها الداخلي كالإرهاب العابر للحدود وتنامي اقتصاديات التهريب وعودة المقاتلين من بؤر الصراعات المسلحة العربية، ولن يكون من مصلحة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية إضافة أعباء أخرى على كاهلها. لذا، “تونس لن تكون مركزًا لاحتواء المهاجرين أو مقرًا لرفع إشكاليات لا تخصها”.

ولا يوجد اي الزام دولي يلزم مصر وغيرها من الدول بنود تتعلق بإقامة مركز لإيواء اللاجئين في مصر، على ضوء السياسة المصرية الثابتة برفض توطين رعايا أجانب مرحلين من دول أخرى، أو إنشاء معسكرات أو ملاجئ لإيواء اللاجئين بمعزل عن المجتمع”.

وتعد هذه هي المحددات التي يستند عليها الموقف المصري في التعامل مع هذه القضايا منذ فترة طويلة دون تغيير، وأضاف أبوزيد: “إن الترتيبات المتفق عليها مع الجانب الألماني، تركز على مساندة مصر في تحمل المسئولية الإنسانية والأخلاقية الكبيرة، التي تقوم بها في استضافة الملايين من اللاجئين المقيمين على أراضيها، من خلال برامج لبناء القدرات والدعم في مجال البنية التحتية، في مناطق تواجدهم”.

 من بؤر الصراعات المشتعلة في المنطقة العربية، بشكل تطلب، في رؤيتها، التفكير في حلول بشأن إقامتهم في مراكز استقبال اللاجئين أو احتجاز المهاجرين لفترة ما، وهو ما رفضته العديد من الدول العربية، التي عرض عليها مثل هذا المقترح مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب، خلال الأعوام القليلة الماضية، على نحو ما تعكسه جملة من الاعتبارات التي تتعلق بواقع الديموغرافيا المتحركة.

تتمثل تلك الاعتبارات في تصدير أزمة اللاجئين إلى دول الإقليم وخاصة تلك الواقعة عند سواحل جنوب المتوسط، والالتزام بثوابت السياسة الخارجية للدولة، وامتلاك أوراق ضاغطة على السياسات الداخلية للدول العربية، وزيادة الأعباء الأمنية والتنموية على كاهل أجهزة الدول العربية، ومخاوف الحكومات المضيفة من الاستيطان الدائم للاجئين، وتجنب إشعار المجتمعات المضيفة للاجئين بالتمييز أو العنصرية، وعدم الاستهداف من عصابات تهريب البشر، ووضع عراقيل في اتجاه العلاقات الخارجية للدول العربية.

إن الهدف الأساسي من وراء دعم بعض العواصم الغربية مثل برلين وباريس إقامة مراكز لإيواء اللاجئين الشرق أوسطيين يتمثل في تجنب نقل هؤلاء اللاجئين مباشرة إلى السواحل الأوروبية، لا سيما في ظل المخاطر التي يمكن أن يفرضها هؤلاء على الأمن الأوروبي من حيث عدم القدرة على التمييز بين اللاجئين السياسيين والمهاجرين الاقتصاديين من جانب والإرهابيين من جانب آخر، وهو ما تشير إليه الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها عواصم أوروبية عديدة سواء عبر الدهس بالمركبات أو الطعن بالآلات الحادة.

ومع تزايد عدد سكان العالم، جنبًا إلى جنب مع الصراع البشري والتغير البيئي، ازداد عدد اللاجئين أكثر من أي وقت مضى، ولهذا هناك خمسة أسباب ساهمت في بروز وتنامي هذه الأزمة، هي:

السبب الأول: الانتماء الديني، الاجتماعي، السياسي، العرقي، ويعد هذا السبب هو الأكثر انتشارًا في تزايد أعداد اللاجئين، متمثلًا في عدة عناصر مجتمعة معًا وذلك لتشابهم في جميع الحالات، ويشمل الاضطهاد المنهجي للناس لأي سبب من الأسباب، سواء كانت انتماءاتهم الدينية أو عرقهم أو معتقداتهم السياسية، وأيضًا رفاهيتهم المهددة إذا استمروا في العيش داخل البلدان التي تفعل معهم هذا.

فبالنسبة للولايات المتحدة، قد انقسم عدد اللاجئون الدينيون في عام 2016، فكان حوالي 46% من المسلمين، و44% منهم من المسيحين، أما الـ10٪ الباقية فكان معظمهم من الهندوس والبوذيين واليهوديين، ويرجع ذلك إلى تعرض أغلب المسلمين والمسيحين للاضطهاد في جميع أنحاء العالم، سواء كانوا مسلمين في ميانمار أو المسيحيين في جمهورية أفريقيا الوسطى، لذلك؛ تظهر حاجتهم الضرورية إلى الفرار من أجل إنقاذ حياتهم الخاصة.

السبب الثاني: الحرب، وهذا السبب هو الأكثر شهرة لتوضيح لماذا يغادر الناس بلدانهم، حيث أن أزمة اللاجئين قد نجمت عن يأس العديد من الأشخاص الفارين من وطنهم، الذين دمرت حياتهم نتيجة للحروب التي قادتها الولايات المتحدة إضافة إلى الحروب الأهلية، حيث أن السوريين يشكلون أكبر مجموعة من اللاجئين في العالم اليوم نتيجة للحرب، التي بدأت عام 2011، وقتلت حتى الآن مئات الآلاف من السوريين وتسببت في تشريد حوالي 6,3 ملايين شخص، كما غادرها نحو 5 ملايين شخص آخر، قد فقدوا الأمل في بلادهم التي لا تظهر حربها أي علامة على نهايتها، ما جعلهم لاجئين. وقبل النزاع السوري، كانت أكبر مجموعة من اللاجئين يفرون من الحروب التي قادتها الولايات المتحدة الأمريكية في كل من العراق وأفغانستان في الثمانينات وصولا إلى الألفية الثالثة، حيث كانت أفغانستان تحتل لقب أكبر عدد من اللاجئين أكثر من أي بلد في العالم لأكثر من عقدين، كما أن الحروب الأهلية في كل من السودان وإثيوبيا والصومال ورواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغيرها، التي ظهرت نتيجة للتمرد المسلح الممول بدعم من بعض القوى الأجنبية، ساعدت بقوة في تنامي أزمة اللاجئين.

السبب الثالث: الجوع، فالفقر يعود إلى فرض الإصلاحات الاقتصادية النيوليبرالية التي أدت إلى زوال الصناعة والزراعة المحلية وانهيار الخدمات الاجتماعية ومؤسسات الدول التي نزح منهما عدد لا بأس به من الأفراد، حيث ساهم الطلب الاقتصادي الذي يرأسه صندوق النقد الدولي والبنك الدولي منذ أوائل الثمانينيات في زعزعة استقرار الحكومات الوطنية والمؤسسات العامة، مع تقويض الهياكل الاقتصادية والاجتماعية الأساسية في أفريقيا، ولهذا يواجه نحو 20 مليون شخص في شمال أفريقيا ودول الشرق الأوسط جفافا شديدا وغير قادرين على توفير الغذاء أو الماء لأنفسهم، ما يدفعهم إلى الانتقال إلى أماكن أخرى بحثا عن توفير قوتهم.

السبب الرابع: تغير المناخ، على الرغم أن هذا السبب من الناحية الفنية ليس سببا يحركه الإنسان لأن الناس لا يستطيعون بالضرورة تغيير البيئة، إلا أن تغير المناخ لعب دورا كبيرا في ظهور أزمة اللاجئين، لأن الجفاف والجوع مرتبطان بتغير المناخ، كما أن هناك تغيرات بيئية أخرى تحدث حول منازل الناس مما يجعلهم يغادرون أيضا، إضافة إلى أن أولئك الذين يعيشون على سواحل أي أمة معرضين للخطر، ولا سيما الذين تعتمد سبل عيشهم على المحيط، ولقد أشارت التقديرات إلى أنه في السنوات الـ 83 المقبلة، سيتم تشريد نحو 13 مليون من سكان المناطق الساحلية بسبب ارتفاع منسوب مياه البحر.

وعلى الرغم من أن تغير المناخ ليس سببا كافيا لطلب اللجوء في بلد آخر، إلا أن هذا لا يعني أن التغيرات البيئية لم تؤثر تأثيرًا خطيرًا على الناس وأجبرتهم على مغادرة بلدنهم.

السبب الخامس: الاتجاه الجنسي، وقد يبدو هذا السبب غير واضح بالنسبة للعديدين، لأنه جديد بعض الشيء لكونه السبب الذي يعرض بعض الناس للاضطهاد على نطاق واسع وليس فقط على أساس فردي، كما أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين حتى عام 2012، لم تضف التمايز بين الجنسين والتوجه الجنسي كسبب لفرار الناس، ومن المعروف أن المثليين ومزدوجي الميول الجنسية والمتحولين جنسيا، معرضين للقتل والاعتداءات الجسدية والتعذيب والاحتجاز التعسفي والاتهامات بالسلوك المنحرف، إضافة إلى حرمانهم من الحق في التجمع والتعبير والإعلام والعمل، والصحة والتعليم في أغلب المناطق في جميع أنحاء العالم.

ولهذا؛ قد اكتسبت هذه القضية مؤخرًا بعض الضوء لأن فرنسا قبلت أول لاجئ شيشاني مثلي الجنس في مايو الماضي، بعد أن أصبح الناس على داريه بتعرض المثليين للاضطهاد، والتعذيب والاحتجاز في معسكرات الاعتقال، في الوقت الذي تخبر فيه الحكومة في الشيشان، المواطنين بأن المثليين غير موجودين، ونتيجة لتزايد الشائعات الموضحة أن أكثر من ثلاثة رجال ماتوا نتيجة للضرب والصدمات الكهربائية التي يتعرض لها الرجال في معسكرات التعذيب،  أعلنت فرنسا أنها تعتزم قبول المزيد من اللاجئين الشيشان.

 

هناك كثير من الدول في الوقت الحالي، لم تفعل شيء سوي أنها تحذر من تزايد أعداد اللاجئين القاصدين التوجه إليها، وذلك قد يكون لأسباب مالية أو سياسة أو وسيلة من وسائل الضغط، كما تفعل الولايات المتحدة الآن، حيث تعمل على استخدام اللاجئين الفلسطينيين كورقة ضغط، معلنة أنها ستقطع المساعدات عن هؤلاء اللاجئين، وذلك للضغط على مواقف القادة الفلسطينيين لقبول قرار الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الخاص بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، ويمكن إرجاء ذلك إلى أن واشنطن تريد إزالة المنظمة الدولية للاجئين الفلسطينيين “الأونروا” لأنها تبقي القضية الفلسطينية حية على الصعيد الدولي، كما تؤكد الاعتراف الدولي بحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة لبلدهم المحتلة.

إضافة إلى أن هناك بلدان من الاتحاد الأوروبي ترفض تنفيذ الحصة المخصصة لهم لاستقبال هؤلاء المجبرين على ترك بلدانهم مثل بولندا والتشيك والمجر، ولم يقف الأمر عند البلدان الأوروبية، بل اشتمل تركيا التي حذّرت من موجة لجوء ضخمة جديدة بسبب انتهاكات النظام السوري في مناطق خفض التصعيد في إدلب، كما اشتكت ليبيا في وقت سابق على لسان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية “فائز السراج” من تبعات تدفق المهاجرين غير الشرعيين على بلاده، موضحًا أن “ليبيا لا تستطيع تحمل أعباء هذا الملف الثقيل بمفردها، دون معاونة دول المصدر والمقصد”.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك