الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

دور الجريمة الالكترونية في نشر الاشاعات بقلم :- الدكتور عادل عامر

في الوقت الذي أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي إحدى الأدوات المهمة فيما يطلق عليه الإعلام الاجتماعي أو الإعلام الجديد أو البديل بالنظر لما تقوم به من دور متعدد الأبعاد، سياسي واجتماعي وثقافي واجتماعي، فإنها تظل في الوقت ذاته حاملة أو مروجة لأحد مصادر التهديد للأمن الوطني للدول والمجتمعات، في ظل لجوء البعض إلى توظيفها بشكل سيئ في نشر الشائعات والأكاذيب المغرضة. بل إن الأمر اللافت للنظر أن الشائعة استفادت أكثر من أي وقت مضى من وسائل الاتصال والتواصل الحديثة مثلما يحدث في تداول الشائعات داخل أسواق المال وغير ذلك عبر الرسائل الإلكترونية والهاتف المحمول، حيث يمكن لشائعة أن تحدث انهياراً أو على الأقل تراجعاً كبيراً في أداء البورصات أو انهياراً لأسهم شركات بعينها في البورصة.

أن نشر الشائعات حتى لو كان على سبيل الدعابة تدخل تحت طائلة القانون، ومثال ذلك ما يحدث عبر «جروبات» الواتس، حيث يتم تناقل الأخبار المغلوطة والشائعات بدعوى التأكيد من صحتها، ما يعد قانونياً فعلاً مجرماً كونه يثير البلبلة بين الناس.

أن القانون يعتبر السب جريمة سواء كان لفظاً أو كتابة، أما إذا اقترن بالطرق الإلكترونية مثل الرسائل النصية القصيرة أو الاتصالات الهاتفية، أو عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني فيتحول إلى الجرائم الإلكترونية.

وعلى الرغم من أن الشائعة لا تعتبر من الظواهر الحديثة في عالمنا المعاصر، كونها ظلت ملازمة لتطور المجتمعات والدول على مر العصور، فإنها في وقتنا الراهن باتت من أخطر الأسلحة التي تهدد المجتمعات في قيمها ورموزها، لدرجة أن هناك من يرون أن خطرها قد يفوق أحياناً أدوات القوة التي تستخدم في الصراعات السياسية بين الدول؛ بل إن بعض الدول تستخدمها كسلاح فتاك له مفعول كبير في الحروب المعنوية أو النفسية التي تسبق تحرك الآلة العسكرية؛ ولا يتوقف خطرها عند هذا الحدّ فحسب، بل إن لها تداعيات اقتصادية ومجتمعية هائلة خاصة في ظل ثورة المعلومات والتكنولوجيا.

أن قانون مكافحة تمييز الكراهية تناول عبارات معينة سواء بالكتابة أو باللفظ أو بالخطابة أو بالنشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهي أي قول يحوي إساءة للأديان أو للذات الإلهية، أو الإساءة لدور العبادة سواء كانت مساجد أو كنائس أو معابد، وسب الأنبياء وزوجاتهم وأصحابهم، وإثارة الفتن والنعرات، والتمييز بين الأفراد والجماعات، واعتبرها القانون أفعال مجرمة.

أن القانون لا يجير الاحتجاج بحرية الرأي والتعبير لإتيان أي قول أو عمل من شأنه التحريض على ازدراء الأديان أو المساس بها بما يخالف هذا المرسوم بحسب المادة 3 من قانون مكافحة التمييز والكراهية، مثل أن يقوم الشخص بنشر مقطع لطائفة معينة ثم يعلق بالانتقاد أو التحريض على عدم الانتماء له، مبيناً أن الأصل في الشكوى مدة ثلاثة أشهر من يوم علم المجني عليه بالجريمة.

إن هناك نوعاً من عدم الوعي حاصل عند جمهور الناس بعقوبة مثل هذه الأفعال ويستسهلون الشتم والقذف سواء عبر الرسائل النصية القصيرة، أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المنتشرة، إلا أنها لم تصل لحد الظاهرة، إذ إن نسبة القضايا المنظورة أمام المحاكم من هذا النوع لم تتعدَ 5% من إجمالي القضايا، إلا أن المجتمع لم يتهيأ لمثل هذه الجرائم التي تصل عقوبتها إلى حد السجن والغرامة المالية الكبيرة، فضلاً عن الترحيل عن الدولة في حال كان مقيماً.

لقد باتت وسائل التواصل الاجتماعي إحدى الأدوات التي يتم استخدامها بشكل سلبي في نشر الشائعات، بدليل أن معدلات انتشار الشائعات تتناسب طردياً مع التقدم في تكنولوجيا الاتصال وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي بين أفراد المجتمع. حيث يلجأ مستخدمو هذه الوسائل في التخفي أو من خلال هويات غير حقيقية في نشر بعض الأخبار الكاذبة التي تجد رواجاً لدى كثيرين، وخاصة إذا ما تم الأخذ في الاعتبار هنا أن سيكولوجية الشائعات تشير إلى انتفاء الفوارق الثقافية بين المتلقين عند تداول الشائعة، والتعاطي معها في أحيان كثيرة.

الخطير في الأمر أن الشائعات تنتشر هذه الأيام بسهولة، ليس لتنامي مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي فقط، وإنما لأن الأحداث والتطورات المتصاعدة التي تشهدها المنطقة من حولنا تجعل من الأكاذيب بيئة خصبة للنمو والتكاثر أيضاً، خاصة إذا كانت هذه النوعية من الشائعات تستهدف رجال السياسة والإعلام، والشائعات حول الأمراض والأوبئة، وغيرها من القضايا التي لا تنفصل عن الأمور الحياتية لأفراد المجتمع.

أن نشر الإشاعات حتى لو كانت على سبيل الدعابة تدخل تحت طائلة القانون الذي يعتبرها فتنة، أن الجمهور يجب أن يعي ما يتناقله عبر «الجروبات» المنتشرة على «الواتس»، فعلى سبيل المثال قد يتلقى أحدهم رسالة مفادها انتشار مواد غذائية غير صالحة في أسواق الدولة، أو حدوث انهيار في الاقتصاد أو انتهاء سلع معينة من الأسواق، فيتناقلها عبر هذه الجروبات بدعوى التأكد من صحتها، إلا أن هذا الفعل يجرم قانونياً.

أن الدور السلبي لها هو استخدامها للتحريض على العنف أو الارهاب أو للعنصرية أو لكراهية دين أو مذهب معين، وهو ما يمكن مواجهته عبر القوانين الحالية وعلى رأسها قانون العقوبات. الدور المجتمعي ضروري لوقاية الأطفال من تصفح المواقع المجهولة والتأثير على أفكارهم واقتناعهم بممارسات ضارة تهدف لإيذائهم “الجريمة الإلكترونية” هي الخطر القادم على المجتمع، باعتبار أن الجريمة تتطور مثل كل شيء حولنا،

إلا أن الواقع العملي أفرز وجود استخدامات سلبية لها وبروز الجريمة الإلكترونية بمختلف أشكالها وأبرزها، التشهير بالأشخاص والإساءة لهم، وإطلاق الشائعات والعمل على إشعال الفتن، والتحريض على العنف، والترويج لأفكار التنظيمات الإرهابية واستقطاب الشباب وحثهم على ارتكاب العنف، وتعدد الصفحات التي تتضمن ألعاب وبرامج تدعو لإيذاء النفس والتعدي على الآخرين أو تدفع للانتحار، والنصب والاحتيال المالي.

ومن ضمن الاستخدامات السلبية أيضاً، نشر الإباحية واستغلال الأطفال، وتنشيط التبادل التجاري غير المشروع، والعزلة والشعور بالوحدة نتيجة إدمان الإنترنت، والتعرض لاختراق الحسابات وسرقة المعلومات الشخصية

ان الدور المجتمعي للوصول للاستخدام الآمن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال، وضرورة قيام الأسرة بمتابعة أبنائها خاصة صغار السن عند استخدام المواقع الالكترونية، وتوجيه النصيحة لهم بعدم تصفح المواقع مجهولة المصدر

خاصة تلك التي تستهدف التأثير على أفكارهم وإقناعهم بممارسات ضارة تهدف لإيذائهم أو إيذاء الآخرين، وأهمية الإبلاغ عن أي تغيير يطرأ على سلوكيات الأبناء نتيجة تصفح المواقع المشبوهة ليتسنى التدخل بصورة استباقية لدرء ارتكاب أفعال لا يمكن تدارك نتائجها السلبية. حيث يمكن للمواطنين ضحايا الجرائم الإلكترونية التقدم ببلاغات من خلال 3 جهات، أولها الموقع الإلكتروني لوزارة الداخلية،

وثانيها استخدام الخط الساخن 108 المخصص لهذا الغرض، وثالثها التوجه لإدارة مكافحة جرائم الحاسبات وشبكة المعلومات، وحدة تلقى البلاغات بالمنطقة المركزية بـ”أكاديمية الشرطة القديمة بالعباسية” أو أحد الفروع الجغرافية التابعة للإدارة.

إن الحل الأمني بمفرده ليس سبيلاً لمكافحة الجريمة الإلكترونية، ولكن يجب أن تتعاون الأسرة لدرء الجرائم قبل وقوعها، من خلال مراقبة الأبناء، وعدم تركهم فريسة للأنترنت.

أن دور الأسرة حيوي في هذا المجال، ويجب أن يتم تفعيله لكى لا يتعرض الأولاد للابتزاز أو الاستقطاب وتعليمهم العنف وتداول الشائعات دون التحقيق منها

أن الجريمة الالكترونية هي الخطر القادم الذى يهدد أبنائنا، لذا يجب أن تبدأ الخطوات الأولى من الأسرة، ولا نترك الأمر حتى يتفاقم وتحدث المشكلة، فالتصدي لها من البداية هي الحل الأفضل.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك