الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

خصائص أم المؤمنين حفصه بنت عمر ( الجزء الأول ) إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن أم المؤمنين هو مصطلح إسلامي، وقد ورد في القرآن الكريم، والمقصود به زوجات النبيِ الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: ( النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) وقد جعل الله لهن مزية عن باقي النساء فقال تعالى: ( يا نساء النبى لستن كأحد من النساء ) وكان عدد النساء اللاتي دخل بهن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إحدى عشر امرأة أو إثنتا عشر على اختلاف أقوال العلماء في ذلك، ومنهن من تزوجهن لأسباب اجتماعية ومنهن من تزوجهن لأسباب تشريعية ومنهن من كان سبب زواجه بهن يرجع إلى أسباب سياسية.
وقد مات رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، عن جميع زوجاته إلا اثنتان تُوفيَتا حال حياته، وقد أجمع الفقهاء على حرمة الزواج من أمهات المؤمنين، ومعنا فى هذا المقال أم المؤمنين السيده حفصه بنت عمر بن الخطاب، وهي أم المؤمنين حفصة بنت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وأمها هى زينب بنت مظعون رضي الله عنهم أجمعين، وقد تزوج النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، إحدى عشرة زوجة، وكانت السيدة حفصة الرابعة بينهن، وقد تزوجها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وله من الزوجات السيدة سودة والسيدة عائشة رضي الله عنهن جميعا، وتعدّ حفصة ابنة عمر بن الخطاب.
ويصل نسبها بعد ذلك إلى نُفيل بن عَدي بن كعب بن لُؤي، وقد ولدت في مكة قبل البعثة بخمس سنوات، وهو العام الذي شارك فيه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في بناء الكعبة، ولما بلغت سن الزواج تقدم إليها خُنيس بن حُذافة السهمي فتزوجها، حتى جاء ذلك اليوم المبارك الذي أشرقت فيه نفوسهما بأنوار الإيمان، واستجابا لدعوة الحق والهدى، فكانا من السابقين الأوّلين، ولما أذن الله للمؤمنين بالهجرة، لحقت حفصة وزوجها بركاب المؤمنين المتجهة صوب المدينة ، حتى استقرّ بهم الحال هناك، وما هو إلا قليل حتى بدأت مرحلة المواجهة بين المؤمنين وأعدائهم ، فكان خنيس من أوائل المدافعين عن حياض الدين.
فقد شهد بدراً وأحداً ، وأبلى فيهما بلاء حسنا ، لكنه خرج منهما مثخناً بجراحات كثيرة ، ولم يلبث بعدها إلا قليلا حتى فاضت روحه سنة ثلاث للهجرة ، مخلّفا وراءه حفصة رضي الله عنها، وشقّ ذلك على عمر بن الخطاب ، واكتنفته مشاعر الشفقة والحزن على ابنته ، فأراد أن يواسيها في مصابها ، ويعوّضها ذلك الحرمان ، وقد ورد أنه بعد وفاة زوجها خنيس أن أباها عمر بن الخطاب رغب بتزويجها، فذهب إلى أبي بكر رضي الله عنهما، فعرض عليه أن يتزوّج ابنته، فأمسك أبو بكرٍ ولم يجبه بشيء، ففهم عمر أنه غير راغب بهذه الزيجة، فذهب إلى عثمان رضي الله عنهما وقد كانت زوجته رقيّة قد توفيت قريبا.
فعرض عليه ابنته حفصة، ولم يتوقع منه الرفض أو الإمهال، ولكنه طلب إليه أن يمهله أياما يُفكر في الأمر ففعل، ثم ذهب إليه فوجده غير راغب كذلك، وشعر عمر رضي الله عنه، بعد الرفض من صاحبيه أبي بكر وعثمان بالاستغراب مع الاستنكار في نفسه، وهو لا يدري سبب رفضهما لابنته حفصة، فذهب يشكو ما وجد في نفسه إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وينظر ما رأيه في الأمر، ولم يكد يصدّق ما يسمع من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عندما قال له: ” يتزوَّج حَفصة مَن هو خير مِن عُثمان، ويتزوَّج عُثْمان مَن هو خير مِن حَفصة ” فأدرك عمر أن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
يعرض عليه ما لم يكن يتوقعه، وهو أن يشرّفه ويشرّف ابنته حفصة رضي الله عنها، أن تكون زوجة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أمهات المؤمنين، وعندما لقي عمر أبا بكرٍ بعد ذلك استدركه بما يشبه الاعتذار أو التبرير أنه كان قد سمع من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أنه نوى أن يخطب السيدة حفصة، ولم يكن أبو بكر يريد إفشاء سر النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك السبب في الصمت وعدم الإيجاب عندما عرض عليه أن يخطب ابنته، وهكذا شرّفها الله سبحانه لتكون زوجة للنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، تقتبس من أنواره ، وتنهل من علمه ، بما حباها الله من ذكاء وفطنة
وشغف للمعرفة ، ونلمس ذلك من أسئلتها التي تلقيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم استفهاما للحكمة واستيضاحا للحقيقة ، فمن ذلك أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :” يأتي جيش من قبل المشرق يريدون رجلا من أهل مكة ، حتى إذا كانوا بالبيداء خُسف بهم ، فرجع من كان إمامهم لينظر ما فعل القوم ، فيصيبهم مثل ما أصابهم ” فقالت : يا رسول الله ، فكيف بمن كان منهم مستكرها ؟ ، فقال لها : ” يصيبهم كلهم ذلك ، ثم يبعث الله كل امرئ على نيته ” وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” إنى لأرجو أن لا يدخل النار إن شاء الله أحداً شهد بدراً والحديبية “.
فقالت ” أليس الله عز وجل يقول : ( وإن منكم إلا واردها ) فأجابها ( ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيّا ) ويقول الإمام النووي معلّقا : فيه دليل للمناظرة والاعتراض ، والجواب على وجه الاسترشاد ، وهو مقصود حفصة ، لا أنها أرادت رد مقالته صلى الله عليه وسلم، ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه أن يحللن بعمرة قالت له : ما يمنعك يا رسول الله أن تهلّ معنا ؟ ، قال : ” إني قد أهديت ولبدت ، فلا أحل حتى أنحر هديي ” وخلال السنين التي عاشتها في كنف النبي صلى الله عليه وسلم، ذاقت من نبيل شمائله وكريم خصاله ، ما دفعها إلى نقل هذه الصورة الدقيقة من أخلاقه وآدابه.
سواء ما تعلّق منها بهديه وسمته، ومنطقه وألفاظه، أو أحوال عبادته، فنجدها تقول : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من الشهر : الإثنين والخميس، والإثنين من الجمعة الأخرى ، وتقول :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده وقال ” رب قني عذابك يوم تبعث عبادك ” ثلاث مرات ” وقد شهد لها جبريل بصلاحها وتقواها ، وذلك حينما طلب من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن يراجعها بعد أن طلّقها تطليقةً ، وقال له ” إنها صوّامة ، قوّامة ، وهي زوجتك في الجنة ” رواه الحاكم ، والطبراني.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك