الجمعة - الموافق 26 أبريل 2024م

حق تقرير المصير self_determination بقلم :- محمود محسن

Spread the love

 

يعرف حق تقرير المصير بحق الشعوب جميعا في تحديد مصيرها وسياستها دون التدخل في شئونها أو الاعتداء عليها من قبل أي دولة اخري .
ولقد مر المبدا سالف الذكر بمراحل تاريخيه عديدة الي ان استقر علي مفهومه الحالي :
حيث ارتبط هذا الحق بالديمقراطيه المطبقة في المدينة اليونانية وذلك خلال الحروب التي كانت دائرة بين أثينا واسبارطة فعمل حكامها علي تطبيق مبادئ الديمقراطية من أجل وقف تلك الحروب والعيش بسلام دون تدخل من جانب طرف في شئون الطرف الأخر ولعله من الجدير بالذكر ان نشير الي انا ماوصلت اليه المدن اليونانيه في هذا الشأن كان الأساس القاعدي لبزوغ هذا الحق .

كما قد ظهر هذا الحق في العصور الوسطي حيث سادت نظرية تأليه الحكام لان سلطته باعتقادهم كانت مستمدة من الله وتبعا لذلك كان الشعب والإقليم هما ملكية خاصه للحكام حيث لا يجوز محاسبتهم ، وبعد زمن من الصراع والهيمنة من قبل سلطة الكنيسة علي الحكم تم اقرار حق تقرير المصير للشعوب واصبحت تتصرف في املاكها واراضيها دون الرجوع إلي أحد بل واختيار حكامها بأنفسها .

وما كان للشريعة الإسلامية بما لها من السمو والكمال ما جعلها تتربع علي عرش الشرائع القديمة وتظل ثابتة حتي الأن لما تتميز به من المرونة والتطور أن تغفل أبدا عن تقرير هذا الحق بل وجعله من الاسس والمبادئ التي قام عليها التشريع نفسه حيث إن حق تقرير المصير قد ظهر منذ بعثة النبي (عليه الصلاة والسلام) فترك الإسلام للناس حرية اعتناق الدين دون اكراه او ضغط بل أعطي لغير المسلمين حرية ممارسة شعائرهم الدينية واحترام معتقداتهم ، وذلك انطلاقا من مبدأ الحرية في الإسلام .
كما اعطي عمر بن الخطاب في عهده أهل بيت المقدس الأمان فيما يسمي بالعهدة العمرية.
كما ظهر حق تقرير المصير في حرب الاستقلال الامريكية ضد الاحتلال البريطاني ومن ثم توقيع معاهده فرساي التي بمقتضاها اعلنت الاستقلال الرسمي للولايات المتحدة الامريكية .
ولعل من اهم المرات التي ظهر فيها هذا الحق هو قيام الثورة الفرنسية 1798 واقامة النظام الراس المالي ليحل محل النظام البرجوازي الذي كان يسحق الفلاحين ويقاسمهم ارباحهم .
وكان من نتاج ظهور هذا الحق في المراحل التاريخية المختلفة التي اشرنا اليها والتي لم نستطيع الاشارة اليها جميعا في مقالنا هذا ، أن يجد حق تقرير المصير أساسه في قواعد القانون الدولي التي ما وضعت الا لتنمية العلاقات الودية بين الشعوب والمحافظه علي استقلال كلا منها دون التدهل في شئونها الداخليه من جانب دولة اخري او الاعتداء عليها، كما نص ميثاق الأمم المتحده علي هذا الحق إنطلاقا من تبنيه لمفهوم السيادة والعمل علي حفظ السلم والأمن الدوليين .
ومن ثم عقد مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945 , والذي أدخل تعديلات ضخمة علي مقترحات دامبرتون أوكس، ومن بين هذة المقترحات حق الشعوب في تقرير مصيرها ، وتمت المصادقة علي هذا القرار من جانب الاتحاد السوفيتي ،والولايات المتحدة الامريكية والصين ، وقد صنف حق تقرير المصير علي أنه أحد مبادئ القانون الدولي الإلزامي .

ولكن وكما تعودنا علي المقولة الشهيرة (التاريخ يعيد نفسه ) . فعند النظر والبحث كما اوضحنا في المراحل التاريخيه لتطبيق حق تقرير المصير فلا نجد تكييف لأوضاعنا الحالية إلا أننا مع تطور الزمن وفي ظل الأساطير الخيالية الحديثه عن حقوق الانسان وحرياته والنظم الديمقراطية الحديثة وحق تقرير المصير المبدأ القانوني الدولي الإلزامي نعيش في عصر الهيمنه وقد عادت بنا هذه السياسة الي العصور الوسطي من هيمنة سلطة الكنيسة علي الحكم واختيار الحكام .

ولكي تبدو الصورة أكثر وضوحا:

لماذا لم تستطع الدولة الفلسطينة من الاستفادة من هذا المبدأ الدولي الإلزامي وممارسة ابسط حقوقها في تقرير مصيرها السياسي والاجتماعي والاقتصادي ورسم سياسة الدولة المستقبلية ؟

لماذا تم بمخالفة ميثاق ومبادئ الأمم المتحدة التدخل في الشئون الداخلية للدولة العراقية مما أدي الي وصولها إلي مانراها عليه الأن ؟

لماذا تتدخل روسيا والصين في تقرير حق مصير الشعب العربي السوري مما ادي ايضا الي النتيجه التي نراها عليه الأن ؟

ولماذا تتدخل الولايات المتحدة الأمريكيه في السياسة الاقتصادية للدول الاخري وخاصة دول العالم الثالث والتدخل في تحديد نظم تسليحها وادارة شئونها ؟

هل هو حق للدول الكبري فقط ؟
هل فقدنا مفهوم القواعد القانونية المجردة ؟ ام انها كانت مجرد حبر علي ورق ؟
ام اننا اصبحنا في زمن قيمة الحبر فيه أعظم مما كتب به ؟

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك