الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

جهود الدولة لتشجيع النشاط الاقتصادي الاجتماعي بقلم :- الدكتور عادل عامر

قامت الحكومة بتسريع وتيرة جهودها وتوسيع نطاقها لتحسين مناخ الاستثمار بهدف تعزيز مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي على مدى السنة الماضية، وإقرارًا بأن النمو الذي يقوده القطاع الخاص هو القاطرة الأولى لتقليص الفقر وتحقيق التنمية المستدامة الشاملة للجميع، اتخذت الحكومة خطوات جريئة في عملية إصلاحات كبرى للسياسات والجوانب التشريعية بهدف تغيير خارطة الاستثمار وأنشطة الأعمال في مصر.

وتضمنت هذه الجهود منح حوافز وضمانات للاستثمارات، وتيسير عملية تسجيل الشركات والخدمات المقدمة لها، وتشجيع إطار المنافسة. وعلاوة على ذلك، تعمل الحكومة على تسهيل وتيسير الخدمات بما يسمح لرواد مشروعات العمل الحر بإطلاق طاقاتهم الكامنة والكاملة من خلال تقديم خدمات استشارية وخدمات معاونة في مجال أنشطة الأعمال، وتوفير القروض والخدمات المالية، وتنمية المهارات.

ويتم تصميم هذه السياسات لتهيئة بيئة أنشطة أعمال تتسم بالجاذبية والتنافسية، ووضع إطار تنظيمي داعم لإزالة المعوقات التي تحول دون تحقيق الإنتاج والنمو. هذا وقد بدأت مرحلة جني ثمار الإصلاحات، وتجلى ذلك في تسريع وتيرة الاستثمارات الخاصة المحلية والأجنبية، وتعزيز ثقة المستثمرين، وتقدم ترتيب مصر في مؤشر التنافسية العالمية بمقدار 15 درجة.

وتم وضع استراتيجية شاملة للحفاظ على هذه القوة الدافعة للاستثمارات في مصر من خلال استكشاف مصادر جديدة ومتنوعة لتحقيق النمو، وتوسيع نطاق الإنتاج الصناعي والصادرات، وخلق فرص عمل ذات جودة لاستيعاب قوة العمل المتنامية. وتقوم سياسة الاستثمار في مصر على 3 محاور.

أولًا، بدأت مصر في بناء نظام تشريعي متكامل وحديث من شأنه تهيئة بيئة داعمة للاستثمارات.

ثانيًا، تقوم الحكومة حاليًا بوضع آليات واستراتيجيات واضحة لتشجيع الاستثمار وتسليط الضوء على الفرص المتاحة وتحديد القطاعات الواعدة والأفضل لجذب الاستثمارات الأجنبية. وهناك خريطة استثمار كاملة ومتكاملة تتضمن جميع الفرص المتاحة والمعلومات ذات الصلة المطلوبة متوفرة لجميع المستثمرين.

ثالثًا، يجري حاليًا تيسير وتسهيل إجراءات إنشاء الشركات والحصول على تراخيص أنشطة الأعمال.

ويأتي قانون الاستثمار الجديد كمحور مركزي في بيئة أنشطة الأعمال، وتم تصميم هذا القانون كي يجعل مصر وجهة جاذبة للمستثمرين الأجانب، وبالإضافة إلى التغلب على الروتين والإجراءات الروتينية، ينص قانون الاستثمار الجديد الذي دخل حيز النفاذ في الأول من يونيو 2017 على ضمان المعاملة العادلة والمنصفة للمستثمرين الأجانب حتى يتسنى لهم التمتع بالمعاملة نفسها التي يتمتع بها المستثمرون المصريون. كما يشجع هذا القانون أيضًا الاستثمار من خلال منح حوافز موجهة للقطاعات ذات الأولوية والمناطق المتخلفة. وسيتم استخدام المناطق الحرة لتشجيع صناعات التصدير واغتنام المنافع المتأتية من تجميع أنشطة الأعمال والمجموعات الاقتصادية. ويجري حاليًا وضع آليات مؤسسية حديثة لتنفيذ هذا الإطار التشريعي، ويأتي أبرزها شبكة

مراكز خدمات المستثمرين التي تعمل بمثابة شباك واحد لتقديم خدمات تسجيل الشركات بصورة محسنة وعلى نحو متكامل وبطريقة آلية بناء على معايير واضحة للخدمة، بالإضافة إلى خدمة فض المنازعات بين المستثمرين والمتابعة.

ويضع هذا القانون أيضًا تصورًا لنشر خريطة الاستثمار التي توضح فرص أنشطة الأعمال وتوفر الأراضي والبنية التحتية في مواقع مختلفة. وفضلًا على هذا، ستعرض خريطة الاستثمار مشروعات التنمية في إطار الجهود الرامية إلى توجيه الأموال لخدمة المناطق بأعلى مستوى من الفاعلية.

وقدم مجلس الوزراء لمجلس النواب (البرلمان) مراجعات لقانون الشركات لسنة 1981، وهذه المراجعات مع بعض الأمور الأخرى ستعمل على تمكين الأفراد من تسجيل شركات الشخص الواحد وفق أحكام قانون الشركات (ويتضمن ذلك الشركات ذات المسؤولية المحدودة)، ومنحها جزءا من الضمانات والحوافز وفق قانون الاستثمار.

وهذا الإجراء من شأنه المساهمة في تحقيق المعاملة العادلة لصغار وكبار المستثمرين على حد سواء وفق القانون، كما أنه يعطي الشركات الصغيرة مزيدًا من الحماية والتأمين وفرصة أفضل لتحقيق النمو. ونجد أن وضعية التسجيل تتيح للشركات الصغيرة فرصة أفضل للحصول على القروض والخدمات المالية والوصول إلى الأسواق والحماية القانونية ــ إذا كانت حاليًا غير مسجلة أو مسجلة باعتبارها ذات مالك منفرد وليس لديها أي حماية بشأن المساءلة. ويكفل كل من قانون الشركات وقانون الاستثمار تكافؤ الفرص للشركات الصغيرة أو الكبيرة على حد سواء.

ويمثل قانون التراخيص الصناعية الجديد (الذي دخل حيز النفاذ في أبريل 2017) ــ وهو أول إصلاح لتشريع التراخيص الصناعية منذ 1954 ــ التخلي بصورة حقيقية عن الماضي من خلال تحديد نطاق تنظيم التراخيص الصناعية على أساس المخاطر المتعلقة بالتأمين أو الصحة أو السلامة أو البيئة. ويميز هذا الإصلاح بين الغالبية العظمى من المشروعات الأصغر حجمًا التي تنطوي على مخاطر بيئية واجتماعية منخفضة، وتلك المشروعات التي تقع ضمن فئة المخاطر المرتفعة، وبالتالي، يؤسس لمسار أسرع وتيرة وأكثر تبسيطًا للحصول على التراخيص بالنسبة للشركات الأصغر حجمًا مع تحرير الموارد لتنظيم المؤسسات الصناعية الأعلى مخاطر. وبالنسبة للشركات عالية المخاطر، ينص القانون على أطر زمنية محددة لاستجابة الحكومة، وكذلك ينص على آلية لمعالجة التظلمات والشكاوى من جميع المتقدمين للحصول على تراخيص صناعية.

وعلاوة على ذلك، ينص القانون على وجود مكاتب تفتيش خاصة التي بمجرد أن يتم اعتمادها يمكنها أن تقوم بالتفتيش الميداني على المواقع نيابة عن الهيئة الحكومية المعنية وهي هيئة التنمية الصناعية. ويجري القيام بهذه الضوابط وتنفيذها وفق اللوائح المصرية الخاصة بالبيئة (بالتعاون مع جهاز الدولة لشؤون البيئة) واللوائح والضوابط الأخرى الخاصة بالصحة والسلامة.

وانتقلت الحكومة بوتيرة سريعة نحو تطبيق هذا القانون باتخاذ إجراءات ملموسة تضمن إنشاء لجنة اشتراطات التراخيص التي تضطلع بمسؤولية الموافقة على الاشتراطات الفنية لتراخيص الأنشطة الصناعية، وتقديم هذه الاشتراطات لاعتماد مكاتب التفتيش الخاصة، وتدريب موظفي هيئة التنمية الصناعية على إجراءات التراخيص الجديدة، وإصدار تراخيص مؤقتة للمنشآت والمؤسسات الصناعية أثناء فترة تطبيق الإصلاحات وفق القانون. وحتى الآن قامت هيئة التنمية الصناعية بإصدار 1000 ترخيص مؤقت منذ ديسمبر 2016 ولم يتجاوز وقت الإصدار 5 أيام.

ومن المتوقع أن يؤدي التطبيق التام للقانون إلى خفض هائل في متوسط الوقت المستغرق للحصول على ترخيص صناعي من مدة مقدرة بنحو 634 يومًا في السنة المالية 2014/2015 إلى مدة مستهدفة أقل من 160 يومًا في السنة المالية 2017/2018. وبالنسبة للأنشطة الصناعية منخفضة المخاطر التي تمثل غالبية الشركات، نجد أن هذه الإصلاحات تحمل تباشير خير حيث لن يتجاوز متوسط المدة المستغرقة للحصول على ترخيص صناعي 7 أيام. وواقع الحال أن هذا القانون يلزم بإصدار التراخيص للأنشطة منخفضة المخاطر بالإخطار في نفس اليوم.

وتبذل الحكومة المزيد من الجهود لتشجيع المنافسة في الأسواق الرئيسية للنشاط الاقتصادي بتعزيز قدرات جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية من خلال إنفاذ القوانين والجهود التوعوية بهدف كشف المخالفات المناهضة للمنافسة وتقديمها للمحاكمة، وتحديد القوانين واللوائح المناهضة للمنافسة والتخلص منها. ويُعتبر تعزيز مكانة جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية من خلال إنفاذ القوانين وتقديم المساندة التوعوية من العناصر الأساسية لتشجيع الأسواق التنافسية والمفتوحة في مصر. وهذا بدوره غاية في الأهمية لخلق حوافز لريادة الأعمال وزيادة الضغوط على المنشآت الخاصة المستقرة بهدف تحفيز روح الابتكار لديها.

وتحقيقًا لهذه الغاية، وافق رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية على حزمة أدوات تشريعية ثانوية متكاملة، كان أولها اعتماد سياسة إيضاح إجراءات وشروط الحصول على إعفاء من قانون المنافسة. وتعمل هذه الأداة على زيادة درجة اليقين فيما يتعلق بالإجراءات القانونية لكل من شركات التشغيل الخاصة والعامة بالسماح لهذه الشركات بتقييم الأداء الذي من شأنه زيادة رفاهة المستهلكين أو يخدم الصالح العام، ومن ثم لا يمكن أن يعتبر مخالفا لقانون منع الاحتكار والممارسات الاحتكارية.

وفي الوقت نفسه، تشدد هذه الضوابط والتشريعات على الحاجة إلى تقديم التكتلات الاحتكارية القوية للمنتجين للمحاكمة. ومع الاستعانة بالمبادئ التوجيهية لتخفيف العقوبات التي بموجبها يتم تحفيز الشركات الأعضاء في التكتلات الاحتكارية (الكارتلات) للتقدم بطلبات للحصول على تخفيف الغرامات، يهدف جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية إلى هز استقرار هذه التكتلات الاحتكارية وردع المخالفين المحتملين.

وعلاوة على ذلك، فإن اعتماد منهجية لتحديد المعوقات التي تواجه المنافسة في التشريعات أو السياسات أو القرارات والتخلص منها لن تعمل فقط على توجيه عملية تنفيذ مهام الجهاز التوعوية، لكنها ستعمل أيضًا على إثراء الأنشطة التنظيمية لواضعي السياسات والأجهزة الحكومية، والجهات التنظيمية للقطاعات المعنية، والهيئات الخاصة التي تصدر ضوابط ذاتية أو المشاركة في خطط التنظيم المشتركة بشأن كيفية الحد من المخاطر المحتملة للحد من المنافسة في الأسواق. وقد ساهمت الإصلاحات الداعمة للمنافسة التي تم إدخالها على الإطار التنظيمي الحالي بالفعل في تحقيق زيادة كبيرة في عدد الممارسات المناهضة للمنافسة التي منعها أو تخلص منها جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، والتي بلغت 15 حالة فيما بين السنتين الماليتين 2015/2016 و2016/2017.

وعلاوة على ذلك، تم إدخال تعديلات على القوانين المنظمة للقطاع المالي غير المصرفي بهدف تعزيز سبل الوصول إلى الخدمات المالية، وزيادة تيسير عمليات وإجراءات أنشطة الأعمال والشركات، وتحفيز الاستثمارات الخاصة، وتقديم ضمانات واسعة النطاق وضمان تكافؤ الفرص للمستثمرين المحليين والأجانب. وهناك قانون جديد للتخصيم وآخر للإيجار التمويلي قيد الموافقة من البرلمان (مجلس النواب).

وسيعمل قانون التخصيم على تعزيز الحوكمة وإدارة المخاطر وحماية الأطراف العاملة في السوق، ومن شأن التعديلات المقترحة على قانون الإيجار التمويلي أن تتضمن تمويل المستهلك لأنشطة الإيجار التمويلي المرخص بها، كما ستسمح بتعدد أنشطة التمويل. وعلاوة على ذلك، أصدرت وزارة الاستثمار والتعاون الدولي القانون رقم 33 لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992 بهدف أساسي يتمثل في زيادة الشفافية وحماية المستثمرين وتعزيز سبل الوصول إلى القروض والخدمات المالية للشركات الصغيرة والمتوسطة.

وفضلًا عن هذا، سيقدم صندوق رأس مال المخاطر الجديد في مصر مجموعة واسعة النطاق من خدمات تنمية وتطوير أنشطة الأعمال في مصر، كما سيوفر رأس المال الأولي لإنشاء الشركات مع التركيز على الشباب والفئات المحرومة. ويعمل قانون المشاركة في وسائل النقل والمواصلات على إيجاد الإطار القانوني والحماية الاجتماعية لفرص العمل التي يتم التوسع فيها بوتيرة سريعة من خلال طلب خدمات المواصلات باستخدام سيارات من خلال الإنترنت.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك