حاورته :- غادة مبارك
على مدار سنوات العمر الممتدة يظل الإنسان دوما في رحلة بحث عن ذاته أو عن شعور الرضا بذاته وحياته ولعل البدايات تحمل إلينا دائما نوعاً من الرغبة في التطوير والحماس الذي يمكن ان نحسن إستغلاله في تقويم أنفسنا وإصلاح عيوبنا هذا ما حاولنا طرحه في حديثنا اليوم مع دكتور جمال حلمي دكتور علم النفس الارشادي بكلية الدراسات العليا للتربية بجامعة القاهرة ومدير مركز أسرتي للإستشارات الأسرية والصحة النفسية ومحاضر منتدب في كليه التربية بأسيوط ولنبدأ الحوار بسؤال بسيط هل بداية العام الجديد فرصة جيدة لإحداث بعض التغيرات الإيجابية في أنفسنا ؟
_نعم بداية العام الجديد قد تكون دافع أو مؤثر خارجي يحرك الرغبة في التغيير لدي البعض مثلها مثل شهر رمضان الذي يشكل دافعاً قويا للمواظبة علي العبادات رغم أن رب رمضان هو رب كل يوم.
ولكن أحب أن أقول أن مع إشراقة شمس كل صباح لدينا فرصة لبداية جديدة يقررها الإنسان نفسه وتكون نابعة منه دون دوافع أو مؤثرات خارجية حيث أن منبعها لخصته الآية الكريمة ” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ” .
اذن كيف يمكن ان نبدأ في التغيير السليم بعد توافر الرغبة الحقيقية في ذلك ؟
_ لابد أن يعيد الإنسان ترتيب نفسه وتقييمها حتى يستطيع الوقوف على إيجابياته وسلبياته وهنا عليه ان يبدأ بنظرة مختلفة ومتفحصة لنفسه فقد يعتاد المرء أمراً معينا و ينظر اليه بعين التعود دائما وهذا منطقياً خطأ فادح فالشجرة الذابلة والمصفرة الأوراق في الخريف يأتي عليها الربيع لتخضر وتزهر ويتغير شكلها بمرور الوقت هكذا الأمور والمشكلات تتغير باستمرار لذا وجب علينا اذا كنا نريد فعلا إحداث تغيير أن نعيد النظر إليها بما جد من مستجدات وهذا ما نسميه بإعادة الإستبصار وهو يساعدنا على فهم الأمور وتحليلها و من اهم أسس الاستبصار أن يكون الشخص مسبقا متقبلا لنفسه أو اذا إستعان بشخص آخر أن يتأكد أن هذا الشخص يتقبله في جميع حالاته ويحبه كما هو ولكي نصل الى هذه الدرجة من القبول علينا أن نرسخ سوياً قاعدة سحرية تملك في طياتها بداية خيط التغيير والإصلاح النفسي وهي
( أنا كشخص أو كإنسان لست افعالي وأنت كشخص أو كإنسان لست أفعالك )
علينا ان نفصل بين الإنسان وتصرفاته فأنا أحب فلان ولكني أرفض او أكره هذا التصرف منه وأن السلوك قد يكون نتيجه للإحباطات واليأس والإستسلام أو أي إنفعال آخر وهنا يجب ان نميز بين التغيير الانفعالي وليد الموقف او اللحظة والتغيير العقلاني الذي ننشده فهو التغيير على المدى الطويل الثابت منبعه المنطق والعقل السليم لا العاطفة المتغيرة فدائما ما يكون تغييرا ايجابيا للأفضل وهو الأثبت والأصح
وغالبا ما يتسبب الاستبصار في نوع من جلد الذات و هنا يجب أن أنوه أن جلد الذات و عقاب النفس الزائد يؤدي الى تكرار نفس الاخطاء بنسبة 90 ٪. علينا أن نتحمل مسئولية أخطاءنا ومواجهة أنفسنا دون أن ندمرها .
هل تأجيل ردود الأفعال يعد نوع من العقلانية ام أنه هروب ينتج عنه سلبيات ؟
_ تأجيل ردود الأفعال أمر غير مستحب فهو غالبا يسبب كبت في اللاشعور واللا شعور هذا شيء مبهم غير عاقل وليست له ضوابط ولا قوانين قد يتسبب في كوارث فيما بعد يجعلنا نعظم ونكبر في أمور تافهة والعكس نستصغر ونتفه من أمور كبيرة لذا يجب ان نقف عند كل موقف عصيب و نعطي انفسنا فرصة للألم والتحليل لنصل إلى التعلم من الموقف وطبعا التوافق مع المواقف أفضل من الهروب ، التصالح مع النفس ومع الأحداث هو الأسلوب الأمثل لمواجهة الحياة، الشيء المهم الآخر في التقييم هو تحديد الهدف هل كان لدي هدف ما أنشده أم لا وهل هذا الهدف مناسب ومن خطوات تحديد الهدف نبدأ في السعي وفي تحديد آليات التنفيذ وخطواته ومن هنا يمكن أن نحصد النجاحات.
هل العادات والموروثات سبب في التقييم الخاطئ لأنفسنا أو للأمور ؟
نعم بكل تأكيد الموروثات هي أكثر منابع التقييم الخاطئ على الإطلاق و ما نربي عليه أولادنا يترتب عليه بناء شخصياتهم سواء كانت سوية أم لا
، أبسط الأشياء التي يفعلها الآباء ظناً منهم انهم يفعلون مايصلح ابنائهم هو الحب المشروط ومساومة الطفل على ما هو حقه أساسا وقد نسمع “اقعد ساكت عشان أحبك أو عشان اشتري لك شيكولاته” هذه العبارة كارثية تكسر الطفل و نبدأ من هنا تكوين شخصية غير سليمة ابنك من حقه ان يخطئ ليتعلم ولا تفرحوا ابدا بالطفل الخجول الهادئ المؤدب لأنه غالبا لديه مشكلات نفسية أما الطفل المرح المنطلق المستكشف هو الأقرب للسلامة والصحة النفسية.
دعني أسأل عن أهم الأسباب التي تؤدي لحدوث مشاكل نفسية؟
_ أي مشكلة في الدنيا تنتج عن حاجتين أساسيتين وهما معلومات خاطئة
أو عدم توفر المعلومات من الأصل و المعلومات الخاطئة مثلا إنك تكون كموظف حكومي روتيني من وجهة نظرك لا تملك فرصة للترقي او التطلع للأفضل إلا بعد أن تمر بعدد معين من السنوات لكي تحصل على كادر أعلى في حين أن مثلا يمكن ان تحصل على دورات تدريبية أو كورسات تعليمية تجعلك أولى وأقرب للترقي فهنا المعلومات الخاطئة وعدم معرفة المعلومات او الفرص المتاحة يؤدي الى مشكلة، قيسي على ذلك أغلب المشكلات التي يمكن ان نمر بها فهو دائما دائما اما أن تكون معلوماتنا خاطئة او لانملك معلومات .
في نهايه حواري مع حضرتك اسمح لي أن أطلب منك مجموعة من الكبسولات التي يمكن ان تساعدنا في الوقاية من المشكلات النفسية
_ بدايةً الفراغ آفةتأكل الإنسان و تهدمه .
_لا تجلس منعزلا بلا هدف اشغل وقتك بما يفيد.
كبسوله مهمه أخرى _الشماعات أسهل حل وحيلة للهروب من مواجهة الأخطاء بل و للإستمرار فيها.
_ انا اعيش فأنا قادر على التعلم وتطوير نفسي وشخصيتي.
الكبسوله الاخيرة لا يلزمك أن تكون عالم ذره أو رائد فضاء لتكون انسان ناجح وسعيد فأنت يمكن أن تكون مدرس ناجح أو رسام ناجح او ميكانيكي ناجح او أي شيء أي مهنه مهما كانت بسيطة تمارسها وتعطي فيها لتكون ناجح وتسعد بها وترضى.
مرت 2020 كما مر العمر من قبلها بحلوه ومره وستأتي 2021 بأحداث جديدةمنها ما يسر وندعو الله ألا تضر وفي كل الأحوال أؤكد أن الله سبحانه
وتعالى خلقنا وخلق لدينا القدرة على تخطي الصعاب والصبر عليها علينا فقط أن نبذل قصارى جهدنا لمواجهتها وأن نسعى دائما لتحقيق الأفضل .
أسرة موقعنا تتمني سنة سعيدة للجميع
التعليقات