الخميس - الموافق 25 أبريل 2024م

توضيح الكلمة الأولى والأخيرة حول رسالة الإخوان للقمة العربية

Spread the love

بسم الله الرحمن الرحيم

“يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين” التوبة 119

 

توضيح

الكلمة الأولى والأخيرة

حول

رسالة الإخوان للقمة العربية

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين وعلى آله وصحبه ومن والاه

الآن وبعد أن أدلى كل بما عنده حول البيان ” الصدمة ” وسكنت فورة الغضب عند الكثيرين ومنهم من اختلت عنده ثوابت الخلاف والتي أولها حسن الظن، ورغم أن ساحتنا في المنطقة العربية وفي غيرها لم تعد تحتمل المزيد من صرف الإنتباه عما يجري، فإن حق الجماعة علينا ألا تنطوي الصفحة دون شرح أو تفصيل، ليظل حقها على الجميع فوق أي اختلاف أو تعصب للرأي وليبقى الحوار داخل صفها ( في ظل الحب في الله، والتعاون على الوصول إلى الحقيقة من غير أن يجر ذلك إلى المراء المذموم).

 

((1))

وعودة إلى الرسالة الصادرة بتاريخ 28 جمادى الثاني 1438 ه – 27 مارس \ آذار 2017 م الموجهة إلى مؤتمر القمة العربية الثامنة والعشرين والتي حاولت ألا تكون نمطية وجاءت معتمدة على رمزية ما يستدل به من كتاب الله عز وجل وتريد إبلاغه إلى الجميع، فإن البعض ممن لم يمنح نفسه فرصة للمراجعة لمعرفة الصواب من الخطأ ( إذا جاز التعبير ) وقفز على الـتأمل فيما جاء في صدر الرسالة من سورة النساء في قوله سبحانه وتعالى ” إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها، وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل، إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا ” … النساء 58.. مع استغفار الله تعالى من الخطأ الكتابي حيث تم كتابة لفظ ” الأمانة ” بدلا من ” الأمانات”.

ولو أن العرف جرى على أن تكون الرسالة الموجهة لمثل هذه اللقاءات تقتصر على هذه الآية الكريمة لتوقفت عندها، ففيها من التذكير بأمر الله سبحانه وتعالى ما يصلح حال العباد والبلاد، وفي الأثر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب “جمعة” بسورة ” ق “، ولكان البعض قد عاب على البيان أنه لم يشر إلى قضايا الأمة واتهمنا بإغفالها.

 

((2))

وبإيراد الأمر الرباني بأداء الأمانات والحكم بالعدل الموجه للقادة، فقد جاء بعده المطلوب من الدعاة والناصحين من سلوك تنزل على كليم الله موسى عليه السلام في سورة طه ” إذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى “… ” أمر بالقول اللين وهو سبحانه وتعالى يعلم ما سيكون، استمر مع الأنبياء والرسل وسارت عليه الجماعة وغيرها من الدعاة ممن يشاركها الفهم، وحاشا المخاطبين من أن يكونوا مثل فرعون، ولن نكون نحن مثل كليم الله موسى عليه السلام.

الجميع يعلم ويتحدث عن المؤامرة التي تسعى إلى تفتيت المنطقة العربية وضرورة التصدي لها بتقوية الصفوف الداخلية وإيجاد تلاحم حقيقي بين القيادات وشعوبها فسلمية العمل لا بد أن يتبعها سلمية القول… فهل يعيب أحد على جماعة الإخوان المسلمين أن تنصح المخلصين بأن تسبق أقوالهم وأفعالهم إلى آذان وقلوب المسئولين قبل أن يسبقهم إليها شياطين الإنس والجن وأن تكون من الساعين إلى إيجاد مناخ يمهد لهذا التلاحم بالقول الحسن وبالتأكيد على أننا نسعى إلى الإصلاح، بمعني التغيير الشامل وليس بمعنى الثورة التي أساءت إليها الكثير من الكتابات والتصرفات الهوجاء غير المدروسة، وتَصَدر لها من نتشكك في حسن تصرفهم بعد أن فقدت أفعالهم معرفة الحدود الواضحة بين ثورة شعب يطالب بحقوقه ولا يسعى إلى هدم مجتمعه وبين الفوضى التي لا حدود لها وهو المعنى الذي اعتمده الإمام الشهيد عليه رحمة الله بتعبيره عن طبيعة الإصلاح الداخلي المنشود والطريق إلى تحقيقه والذي عبرت عنه الجماعة برفع صوتها مع صوت الشعب ” الشعب يريد إسقاط النظام” وهو ما كان يتوقع تحققه، الإمام الشهيد إذا يأس الناس من الإصلاح.

كما يعيب البعض على الرسالة أنها لم تشر إلى السفاح المصري قائد الإنقلاب العسكري والتبرؤ منه وإعلان رفضه بالإسم ويدعي أن عدم الإشارة تعني صحة ما يقال عن أن الجماعة تسعى إلى المصالحه معه، والدنيا كلها سمعت ورأت أن جماعة الإخوان المسلمين في مصر تؤكد أنها فصيل من فصائل الشعب المصري ولن تكون بديلا عنه مع استمرار تمسكها بموقفها من رفضها لأي مصالحة مع هذا السفاح، وأن الأمر غير وارد معه أو مع غيره ممن تلوثت أيديهم بالدماء .

وانتقاد تعامل الرسالة مع أحد السفاحين في المنطقة العربية بعدم إعلان رفض حضوره، جاء مثيلا له في عدم الحديث عن سفاح سوريا بشار، وكذلك جزار اليمن علي عبد الله صالح ورابعهم حفتر في ليبيا، وغيرهم ممن يدعمونهم ويعرفهم الناس بأفعالهم قبل أسمائهم، واكتفى البيان بالإشارة إلى هؤلاء بتعبير” من تلطخت أيديهم بدماء شعوبهم “…

ومع ذلك فقد وضح تماما أن من كانوا يشحذون أسلحتهمم لمواصلة غرزها في جسد الجماعة، قد أرادوا أن لا تفوتهم الفرصة وواصلوا العمل…

والثانية جاءت عن قضية القضايا وحول مسمى ” إسرائيل ” كدولة الذي جاء في الرسالة مع الإشارة إلى أن الجامعة العربية قد بدأت عملها لمواجهة المؤامرة على فلسطين قبل قيام هذا الكيان المغتصب بثلاث سنوات، واكتفت الرسالة برمزية المفارقة التي كلما توالت اجتماعات الجامعة وبياناتها استمر تضخم هذا الكيان، واستمر أيضا التستر بمسمي “الكيان الصهيوني” باعتباره كافيا للتطهر من نتائج الواقع الموجود على الأرض بعد أن أصبح عضوا أكثر فاعلية من غيره في المحافل الدولية، وتتزامل معه في جلساتها ولجانها كل الدول العربية بدون أن تتخذ قرارات مقاطعة لها.

وإبراء لذمة الجماعة نقول لمن أشهر في وجه الرسالة راية الذلة والخنوع وتشويه مصداقيتها، نضع أمام ناظريه إجابة الجماعة على سؤال موجه من لجنة الشئون الخارجية بمجلس العموم البريطاني في 27 يونيو 2016، والتي أصبحت ضمن الوثائق التي اعتمدت عليها اللجنة في الحكم على الجماعة وكذلك في الوثائق الخاصة بمجلس العموم البريطاني،  :

السؤال الخامس:

Has Muslim Brotherhood literature or rhetoric used language that is anti-Semitic?

هل أدبيات الإخوان المسلمين أو خطابهم يستخدم اللغة المعادية للسامية؟

الإجابة بالعربية:

” الاخوان المسلمون يدينون أي خطاب بمعاداة السامية، أو غيرها من الدعاوي العنصرية، فالناس في عقيدة الإخوان سواسية، متساوون في الحقوق والواجبات …

كما أن عقيدة الإخوان أن المسلمين والمسيحيين واليهود أهل كتاب واتباعا لديانات سماوية نزلت بها كتب من السماء، كما أن من أسس عقيدتهم الإيمان بكل الأنبياء والرسل ومحرم الطعن فيهم وفيما جاءوا به.

وفي العصر الحديث ولدً المشروع الصهيوني بمراميه وأغراضه السياسية خطابا معارضا له، ولا يمكن اعتبار هذا الخطاب موجها ضد اليهود أو اليهودية أو اعتبار معارضة هذه المشاريع أنها خطاب ضد السامية، كما أنه لا يصح اختزال الديانة اليهودية ضمن المشاريع السياسية ولو من باب الحفاظ على حق العديد من الطوائف اليهودية المعارضة لهذه المشاريع” .. انتهى.

ثم نأتي إلى محاولة ما سعت الرساله إلى تحقيقه من الوصول إلى نقطة تتوافق فيها الأنظمة مع شعوبها، ولأن طلب اعتماد الحديث بالصفة التي أوردناها في ردنا على لجنة الشئون الخارجية بمجلس العموم البريطاني ( بالمشروع الصهيوني) قد لا يكون عليها إجماعا لدى القادة إذا طالبناهم باعتمادها، وكنا نأمل أن يعمد المؤتمر إلى انتهاز فرصة تقرير (الأسكوا) الصادر في 18 مارس 2017 -وهي إحدى مؤسسات الأمم المتحدة- باتهام إسرائيل بتأسيس نظام فصل عنصري واعتماد هذا التقرير -الذي بني على معايير دولية متوافق عليها-( حتى ولو رفضه الأمين العام )، ليكون نقطة توافق بين ما تريده الشعوب وما يقدر عليه القادة، للبدء في مرحلة جديدة يتم فيها بناء وحدة مجتمعية وما يترتب علي ذلك من إيجابيات وما يمكن أن تدرأه من سلبيات الاحتقانات حول القضايا وأولوياتها، وهو اجتهاد من الرسالة إذا كان لم يعط ثمارا، فحسبنا المحاولة، حتى لو تصيدها البعض للطعن والتخوين.

 

((3))

ومرة خرى نعود إلى ما جاء في كتاب الله تعالى حول الأرض التي باركها عز وجل حول المسجد الأقصى استلهاما مما جاء في سورة الإسراء ” سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله “ بعد أن اتسع الخرق وكبرت المصيبة لنشير إلى اتساع دائرة النكبة لتشمل ليس فقط أرض كل فلسطين من البحر إلى النهر وما يجري فيها من بلاء وابتلاء، لتمتد إلى الدائرة المباركة لبيت المقدس وهي بحسب ما يطلق عليه جغرافيا الآن ” إقليم الشام ” وهي التي قد يعادل ما وقع عليها من بلاء في أقل من خمس سنوات ما حل بفلسطين طوال نكبتها منذ وقوعها ويتجاهلها البعض ويتقاعس عن نصرتها، بل ويجري العمل الرسمي والشعبي طوال أكثر من نصف قرن على تغييب هذه الحقيقة أو التنصل من متطلباتها، مما يستدعي ضرورة إيقاف المؤتمرين أمام مسئوليتهم تجاهها.

وعجيب أن يخرج أحد ليقول أن الجماعة لم تستنكر ما حدث في مدينة الموصل بسبب الغارات الأمريكية، وكأن تذكير المؤتمرين بالحادث وما جرى فيه من ردود أفعال من الأمم المتحدة ومندوبيها كان تأييدا لما حدث!، مع إغفال الفقرة التي جاءت الرسالة الموجهة إلى القادة واعتبارها كتعليق والتي جاء فيها لينتهي الأمر عند ذلك، ويستمر سفك دماء العرب مسلمين ومسيحيين على أرضهم من المحيط إلى الخليج وكأننا أمة من غير جنس البشر”.

ماذا يعني هذا لأي عاقل أو منصف!!.. أم أن كلمات الاستنكار والشجب والإدانة قد أصبحت من لوازم تسكين الألم ولا غنى عنها للتخفيف عن المريض.

وإذا كانت هي كذلك مع إستمرار الكارثة! فلا كانت هذه اللوازم .. ولا مسكن الألم … ولتستمر المعاناة إلى أن تعود للشعوب روحها، ويدرك المسؤولون حجم المسئوليات التي سيحاسبهم الله عليها.

 

((4))

لا يماري أحد في حق أي إنسان يواجه محنة أو اضطهاد للفرار بدينه وعرضه من الأرض التي يلاقي فيها هذا السوء إلى أي أرض أخرى يجد فيها الأمن والأمان لدينه وعرضه، إلا أن يكون الأمر فرارا من الزحف وهي قضية بين المرء وربه.

ولا يماري أحد ايضا في حق من يبتليه الله سبحانه وتعالى بهذا البلاء أن يظل وفيا لقضيته مدافعا عنها مناصرا لأهله وقومه وشعبه، وكلها ترتفع إلى حد “الواجب” الذي لا يختلف عليه أحد مع مراعاة ظروف المرابطين على الأرض هناك ممن لم يأخذوا بالرخصة ويسعون إلى سد كل فراغات الأزمة التي يخوضها شعبه.

وهذا هو حد الحلال والمقبول، أما أن يتم تجاوز هذه الحدود عندما يأمن هذا المهاجر على نفسه وماله وعرضه ودينه، فتبدأ المطالبات بما لم يستطع هو القيام به ويرتفع سقف التعليقات، فيتحمل من جرائها الصابرون على الأرض في الأوطان فوق ما يتحملون، والويل لهم إن لم يستجيبوا!! فهذا هو التخطى والتجاوز غير المطلوب!

في نهاية الكلمة فإنني أعلن للقاصي والداني أننا لا نهرب من واجبنا، أو ومما قد يعتبره البعض أخطاء، ولا ننزعج إذا لم يستطع أحد الإنتباه لما نقول ومقاصد هذا القول ولو بالرمز، وأؤكد اعتزازي وفخري بمراجعة الأخوة الشباب في اللجنة المختصة وبما قرروه وألزموني به، ومنهم – وهو ما يشعرني بالفخر – من رأت عيناه نور الحياة في الوقت الذي كان جيلنا صابرا فيه على ما يراه أنه الحق في الميادين وخلف قضبان زنازين الطغاة.

وإذا بقيت كلمة منع الحياء إخواني من طلبها بتقديم الاعتذار لكل الأخوة والأخوات في الصف، فإني أفعلها حتى لو بقي الظن راجحا لدي بأن الرمز في هذه الرسالة كان ضروريا، داعيا المولى عز وجل أن يحفظ جماعة الإخوان المسلمين وأن يوفق أجيالها الجديدة وأبنائها القائمين بالقسط القدرة على خوض تحديات قرنها الجديد بتوفيق من الله وتسديد .

ونختتم كل ذلك بالدعاء للعلي القدير بأن يربط على قلوب الصابرين الثابتين خلف سجون الظلمة، وأن يمن على على أمتنا بكل تقدم وإزدهار.

والله أكبر ولله الحمد

إبراهيم منير   

نائب المرشد العام للجماعة

الأحد 12 رجب 1438هـ الموافق 9 أبريل 2017م

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك