الثلاثاء - الموافق 16 أبريل 2024م

المستشارين في مصر بقلم :- الدكتور عادل عامر

Spread the love
إن مصر بها أكبر عدد من المستشارين، يعملون في كل الوزارات والهيئات والمؤسسات العامة، وعادة ما يكونون رؤساء أو كبار موظفي هذه الوزارات والهيئات، ويتم اختيارهم بعد بلوغهم سن التقاعد القانوني، ويكون ذلك بمثابة تحايل على القانون، حيث إنه تم اكتشاف  5. 80 مليون جنيه، تمثل تجاوزات في الموازنة العامة للدولة في عام المالي 2011 – 2012، على الرغم من صرف الجهاز الإداري للدولة، لنفس المبلغ المخصص لها في بند الأجور في الموازنة العامة للدولة، وهو 5.989 مليار جنيه، وترجع هذه المخالفات نتيجة اعتمادات إضافية دون موافقة الجهة المختصة، الأمر الذي يعد مخالفة دستورية.
أما عن الأعداد التفصيلية للمستشارين ومصادر تمويلها ووصل عدد المستشارين بـ72 جهة بالجهاز الإداري إلى 607 مستشارين، تصل إجمالي تكلفتهم الشهرية إلى 4 ملايين جنيه، والتكلفة السنوية 48 مليون جنيه، تساهم فيها موازنة الدولة بـ40 مليون جنيه، بينما التمويل من الصناديق والحسابات الخاصة يصل لنحو 2 مليون جنيه.
 أن “ما يتقاضاه هؤلاء المستشارون والخبراء ممن بلغوا سن الشيخوخة في الوزارات والمصالح الحكومية كفيل بحل مشاكل البطالة لدى الكثير من الشباب، وتشغيل عدد من الشركات والمصانع المتعطلة عن العمل منذ سنوات، خصوصًا أن الكثيرين منهم تجاوزت أعمارهم 75 عامًا، ولم يقدموا جديدًا للنهوض بالدولة اقتصاديًّا”.
 إن دول العالم كلها لديها مستشارون داخل الوزارات، “فهو مبدأ لسنا ضده، ولكن ما هي إنتاجية المستشارين داخل الوزارات في ظل واقع يقول إن نتائج بعض الوزارات تشير إلى فشلها؟”
 و أن دول العالم تقوم بتعيين المستشارين بقدر الحاجة إليهم والاستفادة من خبراتهم مقابل مرتبات تتماشى مع طبيعة عملهم. و أن ذلك يعد شكلًا من أشكال الفساد، في ظل تقاضي مستشارين للوزراء رواتب تفوق رواتب الوزراء أنفسهم، وهذه الرواتب لا تتناسب مع هيكل الأجور،  و أنه يجب أن يتم مراجعة أعداد المستشارين بالوزارات بقدر الحاجة إليهم والاستفادة من خبراتهم، إذ إنه ليس من المنطق أن ندعي الشفافية، ونطالب باستعادة الأموال المنهوبة من الخارج ولدينا أشكال فساد في الداخل.
ما زال الحديث عن المستشارين في الوزارات والهيئات الحكومة متصدراً المشهد السياسي والاقتصادي المصري، فعلى الرغم من الأوضاع الاقتصادية المتدنية التي تعانيها مصر، والعجز الكبير في الموازنة العامة، فإن المستشارين ما زالوا يحظون بنفس الامتيازات الاقتصادية. فخلال العام الحالي ارتفع عدد المستشارين في الوزارات والهيئات الحكومية المصرية إلى أكثر من 83 ألف مستشار يتقاضون شهرياً مبلغ ملياري جنيه، ما يعادل 24 مليار جنيه سنوياً على شكل رواتب ومنح وحوافز، أن المستشارين هؤلاء يتمركزون في وزارات عدة؛ منها وزارات المالية، والبترول، والصحة، والسياحة، والتضامن الاجتماعي، والتخطيط، والعدل، والتموين، والتعليم، والتعاون الدولي، كما يوجدون ببعض الهيئات الحكومية، كالهيئات الاقتصادية، وقطاع البنوك، وعدد من الجامعات، وفي بعض المحافظات. أن كثيراً من هؤلاء المستشارين والخبراء بلغوا سن الشيخوخة، وتجاوزت أعمارهم الخمسة والسبعين عاماً، ولم يقدموا جديداً للنهوض بالدولة اقتصادياً، وأن ما يتقاضونه من رواتب ومنح يكفي لحل مشاكل البطالة لدى كثير من الشباب، وتشغيل عدد من الشركات والمصانع المعطلة عن العمل منذ سنوات. أن “الكثير من القادة العسكريين سواء من الجيش أو الشرطة، أصبح لهم دور كبير داخل تلك المصالح الحكومية والبنوك تحت مسمى “مستشار”، رغم أن هؤلاء ليس لهم علاقة بالعمل الجديد، خاصة قطاع البنوك”.
 فإن “وزارة المالية تتصدر قائمة الوزارات التي يتقاضى فيها المستشارون رواتب ضخمة، حيث يعمل في الوزارة خمسمائة مستشار، يحصلون على رواتب وأجور ضخمة سنوياً، ما يعد انتهاكاً لمبدأ العدالة الاجتماعية”. أن “كثرة أعداد المستشارين في الوزارات والمؤسسات الحكومية دليل على استمرار الفساد وتوغله في الكثير من المصالح الحكومية”، كما طالب المركز بضرورة سن قوانين حازمة للحد من زيادة عدد المستشارين. أن الأموال التي يتقاضاها المستشارون تُعد أموالاً مهدرة يمكن استغلالها لإقامة مشروعات وتوفير فرص عمل للشباب، في حين شدد آخرون على ضرورة تدريب الشبان والاستعانة بخبرات جديدة للقيام بمهام المستشارين، لكونهم أكثر إنتاجاً.
 أن أزمة المستشارين مثارة وبقوة في الدولة المصرية منذ أكثر من خمس سنوات. أنه كان هناك اتجاه في الدولة في عام 2011 وحتى انتخاب الرئيس محمد مرسي، بتقليل عدد المستشارين لتخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة، وحل مشكلة البطالة، وزيادة مرتبات العاملين في الدولة. أن المرتبات التي يتقاضاها هؤلاء المستشارون تمثل نسبة كبيرة مما يُخصص لأجور العاملين بالدولة في الموازنة العامة.
 ما ينتجه هؤلاء المستشارون لحل مشكلات مصر يساوي صفراً، كما أن هناك تُخمة في جميع الأعمال في مصر، فضلاً عن أن الشكل العام لتوزيع الأجور في مصر غير متناسب مع الوظيفة”.الأزمة تكمن في أن المستشارين يمثلون شبكة مصالح تمتص دم الدولة، لأن لهم ارتباطات بالسلطة الحاكمة، فهم أقارب مسئولين كبار في الجيش والشرطة، وأقارب مسئولين في مراكز اتخاذ القرار”. أن “المستشارين هؤلاء يمثلون قوة أكبر من قوة البرلمان ذاته، وأن مشكلتهم أن البعض منهم متعدد المناصب، مع أن الدستور الحالي ينص على عدم تعدد المناصب وعدم تعدد الرواتب؛ وهذا ما يخالفه هؤلاء المستشارون”. أن هؤلاء المستشارون يملكون قوة جبارة سياسياً، تنبع ممن يتصلون بهم من جهات سيادية، أو جهات لها علاقة بالشرطة والجيش. أنه لو تم الاستعانة بمستشارين أجانب، أو مستشارين غيرهم، فمن الممكن أن يكون لهم دور في حل بعض المشكلات
“فهؤلاء المستشارون الحاليون يُطلق عليهم أهل الثقة، ويتم تشبيههم بعش الدبابير، وقد كانوا أحد أسباب حل مجلس النواب المنتخب بعد ثورة يناير، لا سيما بعدما طالب البرلمان بوضع حد أقصى للأجور”. أن أي دولة في العالم لديها مستشارون، ولكن يتم تقييمهم عن طريق ما يُطلق عليه “بطاقة الأداء المتوازن”هل كفاءة وظيفة المستشار في مصر تعطي إنتاجاً يعادل أو يناسب الدخل والراتب الذي يأخذه؟”. أن أزمة المستشارين في مصر تندرج تحت بند الفساد المالي والإداري، فهم يأخذون أكثر مما يستحقون، لا سيما أنه لا يوجد في مصر تخطيط استراتيجي، سواء على المدى الطويل أو المدى القصير. ورغم أن معظم هؤلاء المستشارين في وزارة الاقتصاد التي تستطيع تحريك جميع قطاعات الدولة، فإنهم لم يسهموا في حل أي مشكلات اقتصادية كالاستثمار أو التمويل أو الإنتاج”. أن ما يدل على فشل هؤلاء المستشارين أن معظم القرارات التي يتخذها الوزراء يتخذها المستشارون، ما يدل على عقم وضعف البنية التحتية للمستشارين
أن تلك الأموال تعتبر مهدرة، ولا تستفيد منها الدولة، وإنما تُدفع للمرتبطين بالسلطة، و أن الأموال التي يمكن توفيرها من رواتب المستشارين يمكن استغلالها في ترشيد أزمة البطالة في مصر، أو تمويل مشروعات جديدة، وتمويل مشروعات البحث العلمي”.و أنه لحل مشكلة البطالة جذرياً في مصر لا بد من خلق فرص جديدة للعمل
وذلك عندما يكون الناتج الإجمالي المصري في تزايد، ويكون هناك فرصة للاستثمار المحلي.مع ضرورة أن يكون هناك تغيير في العقول، فنفس الطريقة الكلاسيكية القديمة هي المتبعة الآن في التخطيط والإدارة.و أنه لو تم تطبيق قانون الخدمة المدنية فسيتم الاستفادة من الشباب وتعيينهم في تلك المناصب، مشدداً على ضرورة تدريب الشباب
وأفراد جدد للقيام بمهام هؤلاء المستشارين.مع تأكيد ضرورة خفض سن هؤلاء المستشارين، وتقليل رواتبهم، وترشيد عدد المستشارين في بعض الوزارات، وتحديد فترة زمنية للمستشار، وحد أقصى لشغله المنصب، مع الاستعانة بالخبرات الشابة في تلك الوزارات. أنه من الممكن الاستفادة من تلك الأموال التي تُدفع رواتبَ للمستشارين في تقليل عجز الميزانية وإقامة مشروعات. أن هناك وزارات وهيئات حكومية في مصر لا تحتاج إلى الاستعانة بمستشارين، في حين تحتاج وزارات أخرى إلى وجود مستشارين وقانونيين بها؛ وذلك نتيجة قلة خبرة العاملين في تلك الوزارات.
 أن مشكلة المستشارين في مصر تكمن في أن بعضهم يتم تعيينه كنوع من الترضية أو صلة القرابة، دون أن يكون له مهام محددة أو خبرة في مجال تعيينه.وأن المستشارين يكلفون الدولة مبالغ طائلة، ويجمع بعض القانونيين والقضاة بين أكثر من وظيفة، ويكبدون الدولة أرقاماً كبيرة، ويأخذون فرص أشخاص آخرين من الممكن أن يؤدوا أفضل من هؤلاء المستشارين.وكما أنه من الممكن أن يحدث تعارض في الوظائف في بعض الأوقات، فقد يشغل الشخص منصب مستشار في إحدى الوزارات وينظر قضية للوزير ذاته”.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك