الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

المسئولية الاجتماعية للعلاقات العامة في المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة بقلم :- الدكتور عادل عامر

إن المسئولية الاجتماعية تكاد تكون هي أهم الأبعاد التي تهتم بها المؤسسة أو المنظمة والتي تأتي من الناحية الأخلاقية لها تجاه المجتمع التي تعمل فيه بحيث يجب على إدارات المنظمة والتي من ضمنها إدارة العلاقات العامة الاهتمام الكبير تجاه القيام بالمسئولية الاجتماعية بالشكل الذي يستهل في عمل المنظمة في السوق ويؤدي إلى خلق مسانده اجتماعية لها ونحن في هذا المبحث سوف نحاول الدخول بعض الشيء في تفهم البعد الأخلاقي للمسئولية الاجتماعية بشكل مختصر.

أما عندما تكون المساءلة داخلية من الذات فإننا نقول عنها أنها مسئولية ذاتية وعندما تكون مساءلة الذات الداخلية هذه، ضمن سلوك أو تصرف أو أداء، ومدى موافقة لتفضيلات محدده، أي لمعايير أخلاقية، نقول إن هذه مسئولية أخلاقية وعندما تكون مساءلة الذات في مواجهة الذات، واحتكامها إلى معيار استنباء الذات حق فهم الجماعة التي تنتمي إليها، والاهتمام بها، والمشاركة لها، فعندئذ تكون هذه مسئولية اجتماعية.

فالمسئولية الاجتماعية، من حيث هي مساءلة الذات للذات عن حق الجماعة على الفرد، فهما اهتماما ومشاركة، هي مسئولية أخلاقية في صميمها، وهي مسئولية أخلاقية في عناصرها بمكوناتها، في محركاتها وبواعثها في حركتها ووجهتها في غايتها ومقصدها، في دلالتها ومعناها. فإذا تأملنا في هذه المرحة المبكرة من التحليل الأخلاقي للمسئولية الاجتماعية، إذا تأملنا عصر الفهم فيها، وجدنا فيها جوانب أخلاقية،

إذ لا يتحقق فهم الجماعة إلا بالصدق في السعي إلى هذا الفهم، صدق النظم والتحليل والتفسير، صدق الرصد لمواقف وظواهر الجماعة وأحداثها، صدق التتبع المتأني لأطوارها وحالاتها، صدق الفهم التاريخي للجماعة، وصدق إدراك دور الذات في جماعتها ومترتبات هذا الدور وآثاره، الصدق هو عماد الفهم.

نجد أن العلاقات العامة تسعى إلى تحقيق التكيف الإنساني اللازم بين الأجهزة والهيئات وبين الجماهير، وهذا التكيف أصبح من ضروريات مجتمعنا الحديثة والمعقدة وبدونه لا يمكن أن تصل إلى أهدافها، وكذلك نجد أن العلاقات العامة تسعى إلى تحقيق خدمات إنسانية متنوعة لجمهور الهيئات الداخلي بما يعود عليهم بالنفع ربما يكفل لهم تحقيق الرعاية الاجتماعية.

 لقد أصبح مفهوم المسئولية الاجتماعية موضوعاً بارزاً في المناقشات التي تتم في كل الأوساط العلمية والعملية أو بالنظر إلى الخلف وعبر التأريخ ويتضح قدم هذا المفهوم، حيث كان دائماً لدى المواطنين مفهوم المسئولية التي يجب أن تلتزم بها المنظمات نحو المجتمع

أنتشر استخدام مفهوم المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات في ظل هذه المرحلة في الفترة الأخيرة حيث أطلق عليه مفهوم نوعية الحياة وظهر هذا المفهوم نتيجة التحول الكبير في الأهداف الاجتماعية التي يمارسها المجتمع الأمريكي، فحتى منتصف القرن العشرين كان النمط الأساسي للمجتمع في المؤسسات هو مجرد قيامها بإنتاج كميات متزايدة من السلع والخدمات بما يؤدي إلى ارتفاع مستوى معيشة الشعب الأمريكي،

 ولكن بعد أن غمرت الوفرة المجتمع الأمريكي ظهرت مشكلات اجتماعية أخرى كنتائج مباشرة وغير مباشرة للنجاح الاقتصادي ،مثل تدهور المدن وتلوث المياه وتلوث الهواء وتشويه المناظر الطبيعية وإهمال مصالح المواطنين ، وأتضح للجمهور أن الاقتصاد قد تسبب في تدهور وإهمال البيئة الاجتماعية الطبيعية ، ولذلك ظهر نظام جديد للأولويات القومية ، والذي ركز على نوعية الحياة فمثلاً في مطالبة الشعور الاجتماعي للمؤسسات بأن تساهم بمواردها المالية والتكنلوجية ومهاراتها الإدارية في ممارسة مسئوليات أكبر من مجرد تحقيق المطالب الاقتصادية التقليدية والتي ينطوي عليها مفهوم تعظيم الارباح أو مجرد تحقيق التوازن للمطالب المتعارضة للأطراف المرتبطة بالمؤسسة والتي ينطوي عليها مفهوم الوصاية ، ولكن في ظل مفهوم هذه المرحة  فإن المؤسسة المسئولة اجتماعيا هي تلك التي تساهم بعمق وبفاعليه في حل المشكلات الأساسية للمجتمع . [

نشأت المسئولية الاجتماعية نتيجة العلاقة المتبادلة بين المنشأة والبيئة المحيطة بها وتمثل مضمونها في محاولة مواجهة تغيرات حدثت في المجتمع الإنساني بصفة عامة وتنتج عنها مشكلات اجتماعية سببها عدم قدرة الإنسان المعاصر على التكيف مع النتائج التي ترتبت على هذه المشكلات.

وقد شهدت بداية الخمسينات تحولاً ملحوظاً في توقعات ومتطلبات المجتمع من المنشأت، حيث لم يعد المجتمع قانعاً بدورها الاقتصادي التقليدي المحدود ، وأصبح يتوقع منها تفهماً أوسع لظروف بيئتها وتفاعلات أعمق مع تلك الظروف ، وألا تراعي في قراراتها مصلحتها الذاتية فقط بل لا بد أن تأخذ في اعتبارها أيضاً أثر تلك القرارات على المصالح الكلية ، حيث يتوقع المجتمع من المنشأت أن تفي بمطلبين جديدين هما :-

* مسئوليتها المباشرة عما قد تلحقه بالبيئة من أضرار بسبب ممارستها لنشاطها، سواء كانت تلك الأضرار منظورة أو غير منظورة .

المؤسسة منظمة اجتماعية ، تتألف من خليط غير متجانس من الأفراد ثقافة وانحدارا ويمتد ذلك إلى اختلاف في اللغة والرأي والتطلع والأماني وهي كلها تنعكس على ما يتكون من صور ذهنية عن المؤسسات ، وقد يكون لكل مجموعة مهنية قواعدها واتجاهاتها

وتقاليدها وتراثها وسلوكها وردود فعلها نحو أي تغير ، والمؤسسة منظمة اجتماعية تعيش في بيئة اجتماعية وسط مجتمع معين ، يؤثر بها ويتأثر به ، فالمصنع في مدينة أو قرية صغيرة يخلق الكثير من التغيرات الاجتماعية ، فهو يحتاج إلى أناس يعملون فيه ، فيخلق بذلك فرصاً للعمل ، ويستقطب أخرين من ذوي المهارات المتخصصة فيحدث تجمع لأفراد وعائلاتهم وتبرز ضرورة وجود مساكن ومدارس وخدمات صحية ، وتتطلب كل عائلة مجالاً للتسوق منشأ الأسواق وتنبثق علاقات جديده ومجتمع جديد تتفاعل فيه العادات والتقاليد والحضارات الثقافية .

ولا يبقى المجتمع ساكناً هو الأخر، فهو يتأثر بالمؤسسة ويؤثر بها ، وهو عرضة لتغيرات سياسية واجتماعية واقتصادية ، له قيمة وعاداته ولذا لا بد أن تخضع له المؤسسة وتتأثر به ، والمؤسسة التي تتنكر لمجتمعها ولا تحسب حساباً لما يحدث فيه من تغيرات ولا يتكيف وضعها مع مستلزماته ولا تستطيع أن تتأقلم في محيطة ستتراجع حتماً وستقدمها تلك المؤسسات التي تتفاعل مع مجتمعها وتلمس احتياجاته.

إن أيه مؤسسة تنفيذيه تعتبر جزءاً من البيئة الاجتماعية المحيطة بها، فهي تستمد من تلك البيئة عناصر الحياة والبقاء والاستمرار لذلك تقع عليها مسئولية المساهمة في رفاهية ذلك المجتمع وتنهض المؤسسة بمسئوليتها هذه بجعل خدمة المجتمع هدفاً أساسياً لها وتقديم المصلحة العامة وهو توفير سلعة أو خدمة بأفضل مستوى ممكن .

تعتبر العلاقات العامة ظاهرة اجتماعية في المؤسسات الاجتماعية المختلفة، بل ولقد أصبحت ضرورة حتمية من الضرورات الاجتماعية في مجتمعنا المعاصر خاصة بعد أن أصبح المجتمع تتشابك فيه وتتضار المصالح في كثير من الأحيان، والعلاقات العامة هي علاقات إنسانية بين الإنسان والمنظمات التي أنشأها.

فالهدف العام للمسئولية والخدمة الاجتماعية هو تحقيق الرفاهية الاجتماعية للمجتمع وأعضائه وإحداث التكييف بين الفرد وبيئته الاجتماعية وسلوكه حتى يتكيف مع بيئته الاجتماعية والجانب الثاني هو إحداث تغيرات في البيئة الاجتماعية للفرد وفي المؤسسات القائمة في البيئة (سياستها – أهدافها – برامجها – الخدمات التي تقدمها) حتى تصبح هذه المؤسسات قادرة على الوفاء باحتياجات أفراد المجتمع والتغلب على مشكلاتهم.

وهدف العلاقات العامة لا يخرج عن ذلك حيث أنها تهدف إلى التأثير في اتجاهات وأفكار الجماهير من خلال برامج مقصودة، تعتمد على الحقائق والصدق والأمانة، كما أنها تهدف إلى إحداث تغيرات في هذه المؤسسات حتى تصبح ملائمة لما تحتاجه الجماهير.

والعلاقات العامة تتعامل مع الجمهور وتدرس الجماهير للتعرف على احتياجاتها واتجاهاتها وتحليل وقياس الرأي العام، فالعلاقات العامة أداة للتنمية في المجتمع في تحقق مصالح اجتماعية ذات أمد بعيد وتتفاعل اجتماعيا بشكل شبة دائم.

وهناك ما يتعلق بطبيعة عمل العلاقات العامة والذي هدفه الحصول على ثقة المجتمع وهو عمل ذهني ووسيلتيه الاقتناع والتأثير والاستجابة وليس بإمكان العلاقات العامة الوصول لذهنية المجتمع إلا إذا أدركت صفاته وتقاليده ومشاعرة وعواطفه واتجاهاته وما يتميز به عن غيره من المجتمعات.

وإذا كانت المسئولية الاجتماعية هي الإطار الفكري للعلاقات العامة، كما أنها كمنهج عملي تجد في العلاقات العامة أسلوباً ينقلها من الأيديولوجية إلى التطبيق ومن مجرد الفكر إلى الممارسة بل الأكثر من ذلك أن العلاقات العامة في أصولها التاريخية والعملية والواقعية هي الجانب العملي للمسئولية الاجتماعية في المجتمع المعاصر.

مفهوم المسؤولية الاجتماعية أصبح يتردد على مسامعنا كثيرا في السنوات الاخيرة على ألسنة العديد من المثقفين والسياسيين والمفكرين وناشطوا المجتمع المدني، وكثيرا ما يُطرق هذا المفهوم بكافة وسائل الاعلام، ولكن ملامح هذا المفهوم لم تتحدد أو تتبلور بصورة واضحة في اذهان البعض من مردديه او مستمعيه، ولذا ينبغي علينا توضيح ماهية المسؤولية الاجتماعية، لترسيخ هذا المفهوم لدى أفراد المجتمع.

والمسؤولية الاجتماعية هي نظرية أخلاقية، بأن أي كيان، سواء كان منظمة أو فرداً، يقع على عاتقه العمل لمصلحة المجتمع ككل. وأيضاً هي أمر يجب على كل منظمة أو فرد القيام به للحفاظ على التوازن ما بين الاقتصاد والنظام البيئي (أو النظام الإكولوجي) والاجتماعي. فالمسؤولية الاجتماعية هي أمر لا يختص بمنظمات الأعمال فقط بل شأن كل فرد تؤثر أفعاله على البيئة. هذه المسؤولية يمكن أن تكون سلبية، عبر الامتناع عن الانخراط في افعال ضارة، أو ايجابية من خلال القيام بأفعال تحقق أهداف المجتمع بشكل مباشر.

والمسؤولية الاجتماعية ليست وليدة اليوم بل هي ثقافة اصيلة في الإسلام، وحث عليها نبينا محمد صل الله عليه وسلم بقوله (كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته).

والمسؤولية في الإسلام، تعني أن المسلم المكلف مسؤول عن كل شيء جعل الشرع له سلطانًا عليه أو قدرة على التصرف فيه بأي وجه من الوجوه، سواء كانت مسؤولية شخصية فردية أم مسؤولية متعددة جماعية.

وانطلاقا من دورنا في نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية وتعزيز تطبيقاتها في الوطن سوف نلقي الضوء على كل ما يخص المسؤولية الاجتماعية قدر المستطاع لنشر الوعي لكافة أفراد المجتمع عن ماهيتها وأهدافها وأنواعها وكيفية تطبيقها، وماهي المعوقات التي يمكن أن تقف حائلاً دون تطبيقها.

ويعتبر الهدف الرئيس من طرح هذا الموضوع، هو النهوض بواقع المسؤولية الاجتماعية في مجتمعنا العربي، وطرح الوسائل والسبل التي من شأنها إعادة مفهومها إلى الواقع التطبيقي، وهو لا شك إن الوعي بمفهومها مُهمة جسيمة، تتطلب تضافر الجهود، والعمل بإخلاص، والصبر في سبيل ذلك، والنظرة التفاؤلية لمستقبل أفضل ولو على مدى بعيد.

ونستطلع آراء نخبة من المختصين والمستشارين، والأكاديميين، حول هذا الموضوع من جوانب متعددة سواء من الجانب الفردي او المؤسسي.

للمسؤولية المجتمعية مفهوم متعدد المجالات فعند تناول مفهوم المسؤولية لغةً: هي الأعمال التي يكون الإنسان مطالباً بها.

أما اصطلاحاً: هي المقدرة على أن يلزم الإنسان نفسه أولاً، والقدرة على أن يفي ذلك بالتزامه بواسطة جهوده.

وعند القول بالمسؤولية المجتمعية أي مسئولية الانسان امام خالقه أولاً وما تنعكس عليه أمام المجتمع ثانياً.

حيث يكون الانسان مسئول عن تصرفاته وملزم بكل ما ينتج عنها. والتزامه بقوانين المجتمع وعاداته وتقاليده. كما ذكرت أيضاً أن المسؤولية الاجتماعية مختلفة وهي كالتالي:

١-مسؤولية اجتماعية دينية:

وهي تعني التزام المرء بأوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه وعلى المجتمع تطبيق العقوبة على كل من يخالف اتباع أوامر الله عز جلاله.

٢-المسؤولية الاجتماعية الاخلاقية:

وهي تعني مسؤولية المجتمع في تربية الفرد، والتي تبدأ من تربية الوالدين للطفل وتعزيز الأخلاق الحميدة وتنميتها لخلق جيل ناشئ كريم الأخلاق.

فكل طفل ينشأ على ما عوده المربي في صغره فالتربية في الصغر كالنقش على الحجر.

٣-المسؤولية الاجتماعية التعليمية:

وهي مسؤولية المجتمع في توفير التعليم ونشره بين أفراد المجتمع وتنمية قيم المسؤولية المجتمعية لدى طلاب المرحلة الثانوية والجامعية للقضاء على الجهل لما في ذلك من رفع قيمة الفرد وما ينعكس على مجتمعه اقتصادياً.

٤-المسؤولية الاجتماعية المهنية:

وهي مسؤولية المجتمع في توفير مجالات العمل المختلفة للشباب حسب المؤهلات التعليمية التي يحملونها. وما يعود ذلك من رفع اقتصاد الدولة.

ويمكن ملاحظة المسؤولية المجتمعية في المجتمع من خلال مسئولية كل فرد من أفراد المجتمع نحو المجتمع الذي يعيش فيه من حيث الالتزام بقوانين المجتمع المفروضة، ومدى تعاون الفرد مع المجتمع والمساهمة في رفع الاقتصاد.

ويتضح هدف المسؤولية الاجتماعية من مسؤولية كل فرد من أفراد المجتمع في إصلاح المجتمع في شتى المجالات سواء الدينية، الاقتصادية، الاجتماعية، السياسية. الخ فعلى كل فرد مسلم ناضج تحقيق الهدف السامي من وجوده على هذه الدنيا بعبادة الله عز وجل، وتكوين مجتمع يخلوا من الجهل.

مفهوم المسؤولية الاجتماعية أعمق وأشمل من كوّنه القيام بأعمال تطوعية أو مساعدة الآخرين او التبرع بالمال للجمعيات او الأفراد بل هو منهج او سلوك ينتهجه الفرد او المنظمة. في سبيل القيام بواجباته تجاه نفسه وتجاه المجتمع الذي ينتمي اليه بكل مكوناته، فهو ببساطه (ممارسة المواطنة الحقه). فمتى شعر الفرد او المنظمة بهذا الامر فإنه سوف يقوم بواجبة البيئي والاجتماعي والاقتصادي؛

 وهذه الثلاث المحاور الرئيسيّة التي يقوم عليها مفهوم المسؤولية الاجتماعية. أذاً المسؤولية الاجتماعية ما هي إلا واجب والتزام من قبل المؤسسات تجاه المجتمع بكافة أطيافه والبيئة التي تعمل فيها؛ فهو مفهوم أكثر شمولية وأوسع معنى، تركز فيه المسؤولية الاجتماعية على السلوك الأخلاقي، واحترام القوانين والأدوار الحكومية ودمج ذلك مع النشاطات اليومية للمنظمة.

اما عن أهمية المسؤولية الاجتماعية:

إن تبني المؤسسة لمزيد من الدور الاجتماعي في استراتيجياتها، يحقق لها العديد من الفوائد، كما يتضح من التالي:

بالنسبة للمؤسسة: تحسين الصورة الذهنية للمؤسسة وترسيخ المظهر الإيجابي لها خصوصا لدى الزبائن والعاملين وأفراد المجتمع بصفة عامة.

وشأن الالتزام بالمسؤولية الاجتماعية للمؤسسة تحسين مناخ العمل، كما تؤدي إلى بعث روح التعاون والترابط بين مختلف الأطراف.

وتمثل المسؤولية الاجتماعية تجاوبا فعالا مع التغيرات الحاصلة في حاجات المجتمع؛ كما أن هناك فوائد أخرى تتمثل في المردود المادي والأداء المتطور من جراء تبني هذه المسؤولية. بالنسبة للمجتمع:

الاستقرار الاجتماعي نتيجة لتوفر نوع من العدالة وسيادة مبدأ تكافؤ الفرص وهو جوهر المسؤولية الاجتماعية للمؤسسة.

وتحسين نوعية الخدمات المقدمة للمجتمع. وازدياد الوعي بأهمية الاندماج التام بين المؤسسات ومختلف الفئات ذات المصالح.

والارتقاء بالتنمية انطلاقا من زيادة التثقيف والوعي الاجتماعي على مستوى الأفراد ، وهذا يساهم بالاستقرار السياسي والشعور بالعدالة الاجتماعية.

وبالنسبة للدولة: تخفيف الأعباء التي تتحملها الدولة في سبيل أداء مهامها وخدماتها الصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية الأخرى.

ويؤدي الالتزام بالمسؤولية البيئية إلى تعظيم عوائد الدولة بسبب وعي المؤسسات بأهمية المساهمة العادلة والصحيحة في تحمل التكاليف الاجتماعية.

والمساهمة في التطور التكنولوجي والقضاء على البطالة وغيرها من الآلات التي تجد الدولة الحديثة نفسها غير قادرة على القيام بأعبائها جميعا بعيدا عن تحمل المؤسسات الاقتصادية الخاصة دورها في هذا الإطار.

جاء في الحديث الشريف “عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ”

وهذا الحديث الشريف هو تأسيس المسؤولية الاجتماعية على نظرية أخلاقية قوامها أن لكل كيان في المجتمع دوراً يجب أن يقدمه لخدمة المجتمع، وهو ما يعني أن للمسؤولية الاجتماعية صفة إلزامية تقتضي أن يقوم كل فرد بالواجبات التي يتوقعها منه المجتمع في سلوكه لدور معين. وتناول الواجبات لا يتم إلا بالنظر إلى الحقوق، فكلاهما وجهان لعملة واحدة إذ يصعب مطالبة الفرد بواجبات دون منحه حقه الذي يعزز انتماءه،

فالانتماء مسألة حيوية تعزز الارتباط الواعي بالمجتمع وأيديولوجيته حيث يتأسس الانتماء على جانبين: أحدهما أيديولوجي واستعداد نضالي ولتحمل المسئولية وتحقق الأهداف، وآخر يدخل في دائرة الممارسة حيث يترجم الاستعداد الفكري إلى واقع حي ملموس، وبذلك يتأكد الانتماء، فمشاعر الحب والإخلاص تصبح مجرد نية غير قابلة للتطبيق إذا لم تقترن بوعي عقائدي عريق لفكر المجتمع.

1. مفهوم المسؤولية الاجتماعية:

يعرفها معجم مصطلحات العلوم الاجتماعية المسؤولية الاجتماعية بأنها:” ترتكز على الحقوق، والواجبات، وإشباع الحاجات، وحل المشكلات، وأنها لابد أن ترتبط بمدى مساهمة أفراد المجتمع، واشتراكهم لإشباع احتياجاتهم، وحل مشكلاتهم معتمدين على أنفسهم، والمسئولية الاجتماعية تكون متبادلة بين الأفراد والجماعات، وبين المجتمعات المحلية والمجتمع العام.

المسؤولية الاجتماعية من خلال ارتباطها بالمواطنة: بأنها “الأساس الأخلاقي الذي تستند إلية المواطنة، وهي التي تدفع المواطنين إلى تبنى مفهومات إيجابية، وإلى ممارسات سلوكية تتصف بالاندماج في الحياة الاجتماعية والسياسية، والوعي بأهمية هذا الاندماج.

وتتحدد مسئوليات الأفراد والجماعات وفقاً للأدوار التي يقومون بها، والتي تحددها التوقعات المتبادلة المرتبطة بقيم المجتمع ومعاييره” وأيضاً” المسؤولية الاجتماعية Social Responsibilityهي وعي وممارسة الافراد والمجتمعات والقطاعات الحكومية والخاصة بالواجبات الإنسانية والبيئية والاستمرار في الدور الذي يؤديه ويقوم به تجاه المجتمع والصالح العام ويتحمل نتائجها، لتعود علية في صورة حقوق يستفاد منها هذا الجيل والحفاظ على حق الاجيال القادمة “.

2. إيجابيات المسؤولية الاجتماعية:

1. المسؤولية الاجتماعية هي قلب للمدافعة البيئية والحفاظ على الانسان والبيئية

2. المسئولية الاجتماعية للفرد تعكس توازن بين التكوين البيولوجي للإنسان والتكوين الاجتماعي يؤكد ذلك امتلاك الإنسان للعقل المدرك والقادر على إدراك المسئولية.

3. المسؤولية الاجتماعية هي المساواة والتمكين لا تختلف بين المجتمع، جميع البشر لديهم مسئوليات تجاه مجتمعاتهم.

4. للمسؤولية الاجتماعية دوائر تبدأ من مسؤولية الفرد في نطاق الأسرة وحتى مسئولية الفرد في العالم، وإذا تأملنا هذه القضية فسوف نجد أن اتساع المسؤولية للفرد يتضافر مع اتساع مساحة التفاعل الاجتماعي وذلك يجعل اهتمامه بقضايا البيئية والحفاظ عليها امر حتمي لديهم.

5. إن للمسؤولية الاجتماعية بنية تتأسس عبر التوازن بين الحقوق والواجبات، وإذا كانت الواجبات هي لزوميات متوقعة من الفرد الذي يتدرج حتى الآخر العام، في مقابل ذلك فإننا نجد أن من حق الفرد على المجتمع أن يحصل على الفرص التي تتيح له إشباع حاجاته الأساسية، وفي هذا الإطار فإننا نجد كلما تحقق التوازن بين الحقوق والواجبات كلما قوي ارتباط الفرد بمجتمعه وتأكد انتمائه له، أما إذا اهتز التوازن بين الحقوق والواجبات في مقابل الضغط على الفرد وحرمانه من حقوقه فإن ذلك يؤدي إلى حالة من الاسترخاء وتقل الارادة ويضعف الانتماء.

6. يشكل الوازع الأخلاقي بعداً أساسياً في تنمية المسؤولية الاجتماعية ذلك لأنه يشكل الضمير الداخلي الذي يدفعه إلى السلوك، وهو أداة من أدوات الجزاء في حالة التقصير، كما أنه يساهم في تطابق أداء الفرد لأدواره التي تعكس وفائه بمسؤوليته الاجتماعية تطابقاً مع توقعات الآخر.

• كيفية تطبيقها ” متطلبات المسؤولية الاجتماعية”:

وعي وممارسة الشركات والأفراد والقطاعات التعليمة والأمنية وعمل برامج لكل من تلك هذه القطاعات يسعى الى تحقيقي اهداف المسؤولية الاجتماعية والمدافعة البيئة المستدامة من خلال: 1. يتطلب تحقيق المسؤولية الاجتماعية قدراً عالياً من التكامل البنائي الاجتماعي، ويتأسس هذا التكامل عبر ثقافة واحدة تساهم في ربط أفراد المجتمع وتوحيدهم في بناء اجتماعي واحد يتألف من مجموعات وزمر تتحدد علاقة الأفراد بعضهم ببعض في نسق يتسم بتوزيع الحقوق والواجبات في سُلم المسئولية الاجتماعية.

2. وتفترض المسؤولية الاجتماعية توفير عدد من الميكانيزمات التي تستند إلى فكرة جوهرية تتعلق بالتكيف، فهي تفترض أن يكون هناك نسق اجتماعي يتكيف فيه الأجزاء لتكون كلاً واحداً منسجماً يهدف إلى استقرار النسق، ويتحقق التكيف كمتطلب وظيفي لتحقيق المسؤولية الاجتماعية عبر ثلاثة مستويات يعد انتقاص واحدة منهم معوقاً وظيفياً في سُلم المسئولية ويتمثل المستوى الأول في التكيف الإيكولوجي وهو ضرورة تكييف الحياة الاجتماعية مع البيئة المحيطة بها تحقيقاً لدرجة عالية من التكامل مع الوجود الخارجي الذي يساهم في توفير بيئة ملائمة لخلق ثقافة المسؤولية الاجتماعية.

3. ويتحدد المستوى الثاني، عبر وظيفة التفاعل الداخلي في النسق وهو يؤكد على الجانب النظامي، ويهتم بمجموعة من الترتيبات النظامية التي يمكن عن طريقها توفير المساعدة في دعم الحياة الاجتماعية وسيرها بصورة منظمة، ويتحقق ذلك عن طريق عمليات اجتماعية تستند إلى التعاون، وإقصاء الصراع ويبدو هنا دور النسق الأسري، والقرابي الذي يعد التربة الأولى الذي يُبذر فيها بذرة المسئولية بشقيها إذ أنه يمثل نسقاً ذا فاعلية قصوى في تحقيق التكامل الاجتماعي، وتنبثق هذه الفاعلية من خصائص الدور الأسري والقرابي إذ أنه يمثل المجال الذي تنجز فيه كثير من المناشط الاجتماعية التي تنجز بواسطة جماعات العمر المشترك (الأخوة – الأقارب) والتي ينمو في وسطها مفهوم المسؤولية الاجتماعية.

4. ويتحد البعد الثالث للتكيف، فيما يسمى بالتكيف الثقافي، وهو يشير إلى اكتساب الإنسان لعادات وقيم مجتمعية حتى يصبح أكثر قدرة على المشاركة في النشاط الاجتماعي، وتتحقق المسؤولية الاجتماعية في هذا المستوى عبر التزاوج بين وسائط التنشئة الاجتماعية المتباينة والتي تهدف إلى صياغة الذات المسئولة في إطار نسق من التوقعات المتبادلة، وعلاقات تبادل وظيفي بين أجزاء النسق البنائي ويبدو ذلك من خلال الأنشطة التي يقوم بها الفرد في تفاعله مع (الجيران – المدرسة – دور العبادة – وسائل الإعلام) وفي هذا الإطار يقتضي أن نؤكد أن تأسيس ثقافة المسئولية الاجتماعية تتطلب حالة من التواءم

والتلائم في المنطلق الأيديولوجي، وصياغة أهداف التنشئة داخل وسائط التنشئة التي تُعنى بغرس ثقافة المسؤولية الاجتماعية، ذلك لأن سيادة حالة من التواءم من شأنها أن تساهم في صياغة شخصية منظمة متكيفة مع متطلبات النسق الاجتماعي الذي يُحمل أفراده مسئولية الحفاظ على تكامله والذي لن يتحقق إلا من خلال الانطلاق من قاعدة أيديلوجية متفق عليها.

5. والجدير بالذكر أنه إذا كان تحقيق التكييف كمتطلب أساسي لتحقيق المسؤولية يُعد ضرورة وظيفية فإن الإخلال بأي منها يعد معوقاً لإتمام ثقافة المسؤولية وتطبيقاتها داخل النسق، ذلك لأنه إذا كانت عملية التكييف تشكل الآلية النسقية التي يستخدمها النسق ليغرس بها حالة الانسجام بين الأجزاء المكونة لبنائه بحيث تقوم كافة الأجزاء بالأدوار المنوطة إليها والمسئولة عنها بما يحفظ للنسق تكامله،

ويساهم في استمرار الوجود الحيوي المتفاعل الذي تحيا عليه فكرة المشاركة في قيادة المجتمع فإنه تقع في النسق ما يساهم في إعاقة فاعلية آليات التكييف ويبدو هذا حينما تتقاعس أحد الأجزاء عن أداء دوره وهو ما يؤدي إلى توتر نسقي ينعكس على أمن النسق وتبدو هذه التوترات على سبيل المثال عند الاختلاف على المنطلق الايديولوجي لوسائط التنشئة المعنية بغرس ثقافة المسؤولية أو التخلي عن دورها في الصياغة النظامية للنشء أو غرس ثقافات مغايرة من شأنها تقويض الهوية وتفكيك الثقافة المؤسسة للنسق، وهو ما يشير إلى عدد من المعوقات الوظيفية التي تعوق النسق والتي قد يؤدي عدم تداركها إلى حالة من الفوضى المهددة لأمن النسق.

6. ويؤكد ما سبق على أن لوسائط التنشئة الاجتماعية مسئولية خطيرة في غرس ثقافة المسؤولية الاجتماعية، والتأكيد عليها يُعد من اللزوميات الدائمة للحفاظ على الاستقرار والتكامل داخل المجتمع أو النسق الاجتماعي، ذلك لأن الذات المسئولة لا تتكون إلا من خلال مراحل التنشئة الاجتماعية حيث يعيش المرء ويدرك ذاته بالنظر إلى علاقاته بالآخرين وحجم إيمان الفرد بالقيم والمبادئ والقدرة على الدفاع عنها دون خوف.

7. ويتطلب ذلك توفير جملة من الشروط يعد انتفاء أحدها خللاً في تكوين الذات المسئولة ويساهم في تقاعسها عن المسئولية الاجتماعية وتراعى هذه الشروط البعد عن تناقضات يقف عند حديها الاهتمام الفائض، والإقصاء الفائض، والليونة الزائدة، والسيطرة التامة وهي أمور لا يستقيم معها تكوين شخصية مستقلة قادرة على العطاء وتحمل المسؤولية.

 

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك