الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

المحليات بين التنظيمات السياسية والدينية بقلم :- الدكتور عادل عامر

أن القانون المصري جعل من المجالس المحلية نقطة ارتكاز في خدمة الجماهير، ودورها لا يقل بأية حالٍ من الأحوال عن دور المجالس التشريعية ، وفي حالة ما إذا انتقلت مصر إلى نظام الحكم المحلي الذي يقوم على انتخاب كل الوحدات المحلية من أصغر موظف إلى المحافظ، فإن هذه المجالس تُعدُّ بمثابة برلمان في محيط نشاطها، وفيما يلي نقدِّم عرضًا موجزًا لعمل هذه المجالس وتشكيلاتها.

تعد المجالس المحلية في مصر حلقة مهمة لضمان تنفيذ المخططات التنموية داخل المحافظات وتفعيل دور المجتمعات المدنية ودعم المشاريع الصغيرة، إذ تتولى مسؤولية الرقابة على المجالس التنفيذية التي تتولى تنفيذ الخدمات داخل المحافظات، كما تعد بمثابة حلقة وصل بين المواطن والحكومة، علماً أن قيام تلك المجالس بالأدوار المنوطة بها في الماضي كان موضع شكوك، خصوصاً في ظل الفساد الضارب في المحليات. لكن البرلمان المصري يعول على القانون الجديد (لم تعلن تفاصيله) في القضاء على فساد المحليات وإحداث طفرة فيها.

تسبب انهيار حكم جماعة الإخوان المسلمين ، حيث اختفت أحزاب “الحرية والعدالة والبناء والتنمية والأصالة والفضيلة”، وغيرها من الأحزاب الإسلامية، بينما انفرد حزب النور بالمشهد الحزبي، بسبب موقفه الذي اتخذه ضد جماعة الإخوان قبل إزاحتهم عن الحكم، والذي أعطى لهم قبلة الحياة من جديد للوجود.  وهو ما يعكس التحول الكبير الذي طرأ في الأحداث السياسية خلال تلك الفترة، من صعود كبير لتيار الإسلام السياسي وسيطرة كاملة على مقدرات الدولة بكل أجهزتها ومفاصلها عقب فوز الإخوان وتوليهم مقاليد الحكم، إلى انهيار واختفاء للأحزاب الإسلامية وتراجع لدورها، لتختفي من المشهد نهائيا، باستثناء حزب النور الذي يحاول لملمة أوراقه والبعد عن تصدر المشهد السياسي مرة أخرى.

 انعكست الأحداث والتقلبات السياسية، التي عاشتها مصر خلال السنوات الماضية، على خريطة الأحزاب، التي طرأ عليها تغيرات جذرية واضحة، لا سيما خلال الفترة من 30 يونيو 2013 حتى اللحظة الراهنة، والتي شهدت خلالها العديد من التحولات والانقسامات والاندماجات وظهور كيانات جديدة واختفاء أحزاب قديمة، فضلا عن مراحل صعود وهبوط للكثير من الأحزاب الكبرى. حيث تحولت الخريطة الحزبية من سيطرة واضحة لأقطاب تيار الإسلامي السياسي والأحزاب الدينية المنبثقة عنه مثل أحزاب “الحرية والعدالة والبناء والتنمية والأصالة والفضيلة”، الذين سيطروا على كل مجريات الحياة السياسية مع تولي الإخوان الحكم، إلى اختفاء واندثار واضح لهم، ليحل محلهم أقطاب جديدة في خريطة الأحزاب، متمثلة في حزب مستقبل وطن، مع صعود نجم حزب الوفد مرة أخرى بعد فترات طويلة من الاختفاء السياسي.

تصاعد وتنامي الخلاف بين التنظيمات الإسلامية السياسية الأخرى ذات الطابع العنيف التكفيري والإرهابي سيكون سببا رئيسيا لاختيار لغة جديدة في الخطاب السياسي لكي يثبت الإسلاميون الحزبيون بُعدهم عن العنف والتزامهم بالمنهج السلمي لكي يتأكد المواطنون وبخاصة المعارضين من اندماجهم في العملية السياسية والديمقراطية، ومن أن وعودهم بالتعاون والتنسيق المشترك مع مختلف الجهات الحكومية وكذلك مع باقي التيارات والجماعات الإسلامية ومختلف الاتجاهات الفكرية بما لا يؤثر على الاتجاهات السياسية الخارجية والداخلية لكل دولة، مما يرسخ مبدأ الشراكة الوطنية بين القوي السياسية المختلفة، وهو ما ستثبته التجربة الديمقراطية الجديدة باستمرارها وبهذا يتم الحكم علي الإسلاميين ودورهم ،وبذلك يمكن إيجاد صيغ تفاهم جديدة بين الإسلاميين الحزبيين

 و بعض القوي المدنية والعلمانية في تلك الدول، وقد تتطور الي تنسيق في تحالفات انتخابية ، وربما تمتد الي تشكيل حكومات ائتلافية وحتي تحالفات في المعارضة، فقد نجد حزبا إسلاميا يشارك في الحكومة مع حزبا قوميا أو مدنيا، في حين أن حزبا إسلاميا آخر في صفوف المعارضة وكل هذه الظروف والمتغيرات لابد انها ستدفع الإسلاميين لتغيير خطابهم السياسي وستجعلهم معرضين لانتقاد والهجوم، وفي كل الحالات فإن وصول الإسلاميين للحكم في دولة سيشجع نظرائهم في دول أخري للمشاركة في العملية السياسية والديمقراطية وتوفيق أوضاعها القانونية، وربما سيصطدم ذلك الواقع الجديد بثوابت فكرية متوارثة.

هناك ضرورات سياسية واجتماعية واقتصادية أدت لتنامي وصعود الإسلام السياسي أهمها نهاية المد القومي بحرب 1967،ثم معاهدات السلام بين العرب وإسرائيل وأهمها كامب ديفيد، إلي جانب الاستبداد السياسي والفساد والقمع والقبضة الأمنية  وتراجع مستوي التعليم ، وعدم إفساح المجال لتداول السلطة عن طريق المعارضة المدنية أو حتي التيار الإسلامي المعتدل. مع الظروف والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة مثل الفقر والبطالة والتدخل في عمل المؤسسات الدينية الرسمية وتوجيهها الي صالح السلطات مما اعطي مظلومية كبيرة للإسلاميين ومبرر للمطالبة بالسلطة وتغيير نظام الحكم _حتي لو بالقوة والعنف المسلح في بعض الأحيان _ فكان لابد من اشتراكهم في السلطة أو الحياة السياسية لإتمام عملية التحول الديمقراطي.

غلب على التجربة الحزبية المصالح الضيقة وسيادة عقلية الصفقة اكثر من وجود دافع أو حافز لبناء توجهات استراتيجية واضحة. وبالتالي لم يترسخ في أذهان الناس مفهوم الحزبية، بل ارتبط في أذهانهم في بعض الأحيان بمعان سلبية.

لا تختلف الحركات والتنظيمات والجماعات الدينية صاحبة المشروع السياسي، سواء كانت تسعى إليه سلمياً موقتاً أم بالعنف والإرهاب، في إيمانها بفكرة «الوطن البديل» الذي يَجُبُّ لديها «الدولة الوطنية» بمفهومها العصري، ويأخذها إلى اتساع وهمي، نحو صيغة «إمبراطورية»، مثلما كان قائماً في القرون الوسطى، أو يضيقها إلى حد الإقليم أو المنطقة المقتطعة من دولة ما، والتي يمكن هذا التنظيم أن يقيم عليها إمارته، ويطبق بين سكانها رؤيته، ويتخذه نواة في ما بعد لـ«الجهاد» ضد الآخرين لتوسيعها حتى يصل إلى الشكل القديم المبتغى وهو «الخلافة». لا يعتقد المتطرفون في أن «الخلافة» هي شكل سياسي وإداري كان يناسب مرحلة تاريخية معينة ثم مضى، بل يريدون استعادته كما هو، من دون نقصان، وإن زاد فلا ضير ولا بأس، وهذا يصل لديهم إلى حد المعتقد أو الفريضة.

تختلف الأحزاب السياسية من حيث كيفية ارتباط تنظيماتها الحزبية التي هي على مستوى واحد . وبشكل عام هناك نوعان من الاتصالات لهذه التنظيمات :- الأول ، اتصال أفقي بين التنظيمات في ذات المستوى للتنسيق البيني ، دون الحاجة لتعليمات المستوى الأعلى لإجراء هذا الاتصال . وقد يتم ذلك دون أخذ موافقة المستوى الأعلى . وهنا تبرز على سبيل المثال قيام الأحزاب ذات النشأة غير البرلمانية والتي تعتمد على التكوينات النقابية ، بممارسة هذا النوع من الاتصال إلى جانب الاتصالات الرأسية .

 الثاني ، اتصال رأسي يرتبط بصلة هذا المستوى الأدنى بالمستوى الأعلى منه مباشرة واستقلاله التام عن نظيره ، وإن كانت ثمة حاجة للاتصال بنظيره فيكون ذلك عبر المستوى الأعلى ، وعادة ما يتم ذلك بين ممثلي تنظيم المستوى الأدنى عند اجتماعهم مكونين المستوى الأعلى . حيث يصبح الغرض من الاتصال هنا طرح المشكلات ووضع الحلول البديلة لها ، والاستفادة من تجارب المستويات المتناظرة ، بعد موافقة المستوى الأعلى .

 ومما لا شك فيه أن الاتصال الرأسي يسمح بممارسة المركز سلطة أكبر على قواعده ، وحل الخلافات بشكل مركزي ، دون نقلها بين المستويات المتناظرة . وقد أخذت كافة الأحزاب الشيوعية والاشتراكية تقريباً بهذا النمط من الاتصالات .

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك