الخميس - الموافق 18 أبريل 2024م

الغرض من توقيع اتفاقية امنية بين تركيا وسراج ( ليبيا ) بقلم :- الدكتور عادل عامر

Spread the love

يعد تطوراً خطيراً للتدخلات التركية في ليبيا، توقيع مثل هذا الاتفاق الأمني الجديد الذي وقعته حكومة الوفاق مع تركيا لان هذه الاتفاقية ما هي إلا غطاء لمزيد من تسليح الميليشيات الموالية للوفاق، ومحاولة لنجدتهم خاصة بعد الهزائم المتتالية في مواجهة الجيش الليبي بمعركة طرابلس، كما أنه بوابة لتعزيز سلطة الإخوان وبالتالي تثبيت أقدام تركيا في ليبيا. أن تركيا سوف ترسل خلال الأيام القادمة مزيداً من شحنات الأسلحة والمقاتلين إلى الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق، براً وجواً،

لان تركيا لا تعترف بجزيرة كريت ولا ترى قبرص وبالتالي فهي ترى أن حدودها المائية تمتد حتى الحدود المائية الليبية ما يعني أن إقليم شرق المتوسط يمكن اقتسامه مناصفة مع ليبيا استناداً إلى مبدأ “الجرف القاري” وليس مبدأ الحدود البحرية أو المياه الإقليمية، وهذا الجرف القاري يمتد لمسافة 200 ميل بحري، فإذا كان عرض المتوسط يقترب من 400 ميلاً بحرياً فيمكن للطرفين تقاسمه متجاهلين بذلك كلا من قبرص واليونان

وذلك في محاولة لإعادة إحيائها على أمل مساعدتها في تغيير مسارك المعارك لصالحها، خاصة بعد انهيارها أمام ضربات الجيش الليبي وفقدانها لأغلب آلياتها العسكرية. لان هذه الاتفاقية العسكرية التي تم توقيعها بين حكومة الوفاق والسلطات التركية، جاءت لتكشف حجم التخبّط الذي يعيشه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الذي يدعم قيادات إرهابية ومجرمين للقتال في صفوف قواته والدفاع عنه، مضيفاً أن توجهه نحو تركيا واستغاثته بها لإنقاذه، سيزيد من غضب الشعب الليبي، الذي يرفض كل تدخل أجنبي على الأراضي الليبية خاصة من الحكومات الداعمة للإخوان، ضدّه.

لان ما يهم تركيا في ليبيا عدة اعتبارات أولها تأمين مصدر للطاقة، “فتركيا دولة غير منتجة للطاقة وتستورد 95% من احتياجاتها منها ما يكفلها سنويا نحو 50 مليار دولار وتريد وقف هذا النزيف على الطاقة وأن يكون لها منابع نفط وغاز”، كما أن تركيا لديها فقط 12 ميلاً بحرياً وفقا لاتفاقية البحار لعام 1982 كحدود بحرية ليس متوفر بها أي مصادر للطاقة

لذا تريد التوسع في الجرف القاري لعلها تجد بغيتها، “خصوصا وأن المسح الذي جرى لهذه المنطقة أكد وجود منابع نفط وغاز تتمركز في المثلث الواقع بين قبرص وإسرائيل واليونان، أي شرق وجنوب قبرص وليس شمالها القريب من تركيا.

يعتبرها هذا الإجراء تعدي صلاحيات رئيس مجلس الوزراء الليبي، وفقاً لاتفاق الصخيرات، فضلاً عن أنه لن يؤثر على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط بأي حال من الأحوال. يذكر أن المادة الثامنة من اتفاق “الصخيرات” السياسي بشأن ليبيا،

الذي ارتضاه الليبيون، تحدد الاختصاصات المخولة لمجلس رئاسة الوزراء، حيث تنص صراحة على أن مجلس رئاسة الوزراء ككل – وليس رئيس المجلس منفرداً – يملك صلاحية عقد اتفاقات دولية. إن توقيع مذكرتيّ تفاهم في مجاليّ التعاون الأمني والمناطق البحرية وفقاً لما تم إعلانه، غير شرعي ومن ثم لا يلزم ولا يؤثر على مصالح وحقوق أية أطراف ثالثة، ولا يترتب عليه أي تأثير على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط”. يشار إلى أن الاتحاد الاوروبي مهد قبل أسبوعين الطريق لفرض عقوبات ضد تركيا بسبب عمليات التنقيب في مياه تعتبرها قبرص، العضو في التكتل، جزءا من مياها الاقتصادية الخالصة حيث يعتقد خبراء أن احتياطيات الغاز تقدر بنحو 227 مليار متر مكعب.

أن ليبيا ما زالت تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن، وحسب القانون الدولي الاتفاقيات الدولية لا تصبح نافذة إلا إذا صادقت عليها برلمانات الدول الموقعة، أمَّا مذكرات التفاهم فهي ذات طبيعة مؤقتة ومحدودة، ولا تشمل موضوعات الدفاع المشترك ومنح القواعد، وما إلى ذلك”. أن الاتفاقية الموقعة بين أردوغان والسراج “تدخل سافر في شؤون دولة عربية ينبغي التصدي لها”.

إمداد تركيا لحكومة السراج التي تسيطر عليها المليشيات، بالطائرات المسيرة وبالسفن المحملة بالأسلحة بدأ منذ سنوات، والجيش الليبي نجح في توجيه ضربات موجعة وقاصمة لمخازن الطائرات المسيرة ودمر العشرات منها فضلا عن تعقبه للسفن التركية المحملة بالأسلحة وتدمير عدد منها قبل توجهها لمصراتة وطرابلس”.

أن “هناك قرارا دوليا يحظر تصدير الأسلحة بكافة أنواعها لأطراف النزاع في ليبيا لم يلتزم به أردوغان، وهو ما يوقعه تحت طائلة القانون الدولي، وعلى مصر والدول العربية، خاصة معسكر الاعتدال المكون من مصر والسعودية والإمارات، التحرك في اتجاهين”.

“الاتجاه الأول رفع حظر السلاح عن الجيش الليبي وإمداد القوات المسلحة الليبية بالسلاح الذي يمكنها من مواجهة أردوغان بعد الحصول على دعم أممي، خاصة أن الجيش الليبي له شرعية دولية ممثلة في البرلمان الليبي برئاسة عقيلة صالح”.

أن الاتجاه الثاني هو التحرك مع أوروبا والدول الأخرى لإيقاف مخططات أردوغان في البحر المتوسط وطموحاته غير الشرعية. إن “لمصر مواقف واضحة تجاه الأطماع التركية في غاز المتوسط، وهي ملتزمة تماما بمبدأ عدم التدخل في شؤون الدول العربية مع وجود ثوابت تتعلق بالأمن القومي العربي، أهمها وقف دعم المليشيات المسلحة في ليبيا وتوحيدها وإبعادها عن أي صراعات دولية”.

الاتفاق الأمني الجديد الذى وقعته حكومة الوفاق مع تركيا، يعد تطوراً خطيراً للتدخلات التركية في ليبيا، فهذه الاتفاقية ما هي إلا غطاء لمزيد من تسليح الميليشيات الموالية للوفاق، ومحاولة لنجدتهم خاصة بعد الهزائم المتتالية في مواجهة الجيش الليبي بمعركة طرابلس، كما أنها بوابة لتثبيت أقدام تركيا في ليبيا.

مصر بالطبع وجهت رسالة واضحة وحاسمة وقاطعة إلى النظام التركي ورئيس ما يسمى بالمجلس الرئاسي فايز السرّاج، بعد توقيعهما مذكرتي التفاهم المشبوهة وأدانت مصر الإعلان عن توقيع أنقرة مع رئيس مجلس الوزراء الليبي فايز السرّاج على مذكرتي تفاهم في مجال التعاون الأمني وفى مجال المناطق البحرية. كما حثت مصر المجتمع الدولي على الاضطلاع بمسئولياته لمواجهة هذا النهج السلبى الذى يأتي في توقيت دقيق للغاية تتواصل فيه الجهود الدولية بالتنسيق والتعاون مع الأشقاء الليبيين في إطار مسار برلين للتوصل لاتفاق شامل وقابل للتنفيذ يقوم على معالجة جميع جوانب الأزمة الليبية، بما يحافظ على وحدة ليبيا وسلامتها الإقليمية، ويساعد على استعادة دور مؤسسات الدولة الوطنية بها، ويساهم في محاربة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة واستعادة الأمن، وتعبر مصر عن مخاوفها من تأثر عملية برلين السياسية جراء هذه التطورات السلبية.

إذًا، فقد وقفت مصر على مدار تاريخها، منذ ثورة الضباط الأحرار، سدًا منيعًا أمام الأطماع التركية داخل مصر أولاً، ثم في سوريا، ولهذا لم تتوقف تركيا عن محاولة تشويه تلك الثورة. بل ما تزال تدفع بحلفائها من جماعة “الإخوان المسلمين” إلى تشويهها،

من خلال القنوات الإعلامية التي سلمتها أنقرة للإخوان الهاربين من مصر، وحولتها منبرًا للهجوم على ثورة عبد الناصر وثورة 2013، لأن الثورتين وقفتا في وجه الأحلام الإمبراطورية للسلاطين الأتراك، منذ سليم الأول إلى رجب طيب إردوغان.

أن “التصادم المصري-التركي فيما يتعلق بغاز المتوسط أبرز الأمثلة على ذلك، فتركيا ترى في تهديد استقرار النظام المصري مصلحة لها، فيما يتعلق بمشروعها الإقليمي للاستحواذ على مناطق اقتصادية في شرق البحر المتوسط، وبما ينعكس على الأوضاع الاقتصادية المتردية في تركيا”.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك