الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

الشائعات واثرها على الاقتصاد بقلم :- الدكتور عادل عامر

تمثل الشائعة كظاهرة اجتماعية عنصراً مهما في نسيج كل ثقافة من الثقافات البشرية .. فهي وليدة مجتمعها، وتعبر تعبيراً عميقاً عن ظروفه النفسية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية  لان انتشار الشائعة بين أفراد المجتمع له دوافع كثيرة، وهذه الدوافع قد تكون دوافع نفسية وسياسية واجتماعية واقتصادية، وتتعرض الشائعة في أثناء التداول إلى التحريف والتبديل والتغيير والزيادة والنقص.

و قد ساعد على انتشار الشائعات في وقتنا الحاضر تَنَوُّع الوسائل وتَعَدُّدها عن طريق البثِّ المباشر بوسائله المختلفة، بحيث تصل الشائعة إلى مَن وُجِّهت إليه في زمن قياسيٍّ، والشائعة ليست دائمًا خبرًا كاذبًا أو قِصَّةً مُلَفَّقة، وإنما قد تكون وَاقِعيَّةً تستحق الكتمان، وغير قابلة للنشر، لِمَا في نشرها من الخطر والضرر على الفرد والمجتمع؛ لأنها تستهدف كثيرًا من الحالات والجوانب، فهي تؤثر على الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

فإن أكثر القطاعات تأثرا بالشائعات هو (مجال الاقتصاد) أو (المجال المالي)  وتأثير الشائعات علي (البورصة المصرية) أو علي (الاقتصاد المصري) بصفة عامة ان مطلق هذه الشائعة يستفيد عادة من ارتفاع السهم أو من انخفاضه. ففي حاله الارتفاع يقوم (مطلق الشائعة) أو (المستفيد الأول) من الشائعة ببيع جزء كبير من أسهمه محققا أرباحا كبيرة وعندما يعود السعر للانخفاض يقوم بالشراء مرة أخري لاستعاده نسبته في الشركة والشائعات لها آثار اقتصادية سيئة،

 فقد تؤثر على اقتصاد البلد وتسبب انهيارًا للأثرياء وغيرهم، وهكذا نجد أن هذه الشائعات ماهي إلا نوع من أنواع (القرصنة) علي اموال المستثمرين وأموال الآخرين الشائعات ذات الدوافع العامة غالبا ما تكون شائعات موجهة، من قبل جهات حكومية أو أحزاب معارضة أو مؤسسات مجتمع مدنى أو شركات تجارية على مختلف أنشطتها التجارية والعسكرية والخدمية سواء أكانت داخلية الأمم المتحدة عابرة للقارات و أيضاً الحكومات والدول الأجنبية وتكون هذه الشائعات سياسية إذا كانت تدور في المجال السياسي أو الاقتصادي أو اجتماعية أو عسكرية، ودوافع هذا النوع من الشائعات تعتبر دوافع عامة وتستهدف المجتمع ككل أو فئات محددة منه كالمؤسسات السياسية أو الاجتماعية أو الاقتصادية أو القوات المسلحة للقضاء على روحها المعنوية وإشاعة الروح الانهزامية أو للتفرقة بين الشعب وقواته المسلحة فلذلك فغن تحديد الدوافع العامة لهذه النوعية من الشائعات يساعد على تحديد الجهات التي تقف خلفها وأهدافها ولتحديد سبل الوقاية منها ومواجهتها.

ولكن تؤدي هذه الشائعات الى احداث انهيارات متتالية ومتعاقبة بفعل التوقعات التي يتميز بها النظام الرأسمالي مما يؤدي الى الحاق ضرر فادح باقتصاد الدولة وبالإضافة الى الاشاعات والبيع الصوري هناك أشكال الاحتكار في اسواق رأس المال بما يسمى عمليات الاحراج ، أو المقامرة التي تأتي من أناس لا يمتلكون الخبرة الكافية أو سريعي القرار ومتهورين مما يشبه المقامرة لان الإشاعة ليست من صنع فرد واحد وإنما يشترك في صياغتها ونشرها مجموعة من الأفراد  لان دورة عمر الإشاعة ترتبط بمدي أهميتها للأفراد ,وكذلك الظروف الطارئة, والأحداث الضاغطة عادة ما تجمع أفراد المجتمع معاٌ .مثل وباء ينتشر في البلاد يدفع الناس إلي أعلاء الحدث علي أنشطتهم اليومية ,

وتؤكد النظرية الوظيفية علي أن الأحداث التي تشوبها الغموض تدفع أفراد المجتمع إلي البحث عن إجابات شافية لكل ما يحدث . والإشاعة تلعب دوراً حيوياً وتؤدي وظيفة في البناء الاجتماعي بتوفير المعلومات حتي ولو كانت غير حقيقية لتحويل الموقف الغير واضح إلي موقف مفهوم , وكلما كان الحدث عصيباً ومدمراً كلما زادت حاجة الأفراد للمعلومات . وتلعب قنوات الاتصال الرسمية دوراً حيوياً في نشر المعلومات, ولكنها في بعض الأحداث قد لا تقدم المعلومات الكافية أو تحجب المعلومات لدواعي امنية, وفي هذه الحالة يفقد النظام العام قدرته علي القيام بوظيفته علي الوجه المطلوب ويحدث خلل وظيفي في البناء الاجتماعي وبالتالي فالإشاعة تؤدي الوظيفة التي فشل النظام العام في تأديتها وهي توفير المعلومة التي تفسر الحدث, وتجيب علي الأسئلة المطروحة وتساعد علي اتخاذ القرارات وتخفف الضغط في المجتمع وكأنها تقدم حلولاً لمشكلة علي الصعيد الجمعي وليس الفردي فقط  وتأتي  نظرية المؤامرة وتؤكد هذه النظرية علي أن الإشاعة هي من صنع أفراد أو مؤسسات تقوم بفبركتها ونشرها لأغراض تخصها , وان معظم الإشاعات تزرع في المجتمع في أوقات معينه لدعم أو تدمير شخصية ما أو مؤسسة ما أو حزباً ما أو تستهدف بلداً بأكمله وبالتالي يتم تطويع القنوات الإعلامية لخدمة هذه الاغراض .

والخطير في تفسير هذه النظرية للإشاعة أنها تزرع في المجتمع وتترك لتعمل بالقوة الداخلية الموجودة فيها, أي أن المجتمع يعمل علي ترويجها وتصديقها كالإشاعات التي تنشر عن سوق الأسهم أو عن الحالة الاقتصادية ,والحالة السياسية في المجتمع ,وان الإشاعات تزداد في حالة تعارض المصالح وعادة ما يمكن ملاحظة هذا النوع من الإشاعات لأغراضها الشريرة والهدامة .

ازدادت الإشاعات مع زيادة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من الواتس آب, والتوتير والفيس بوك, وقنوات اليوتيوب ؟ كانت نسبة كبيرة من العينة 88%أوافق و8% أوافق إلي حد ما ,بمجموع 96% وان الإشاعات استشرت بسبب زيادة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي أن الشبكة العنكبوتية غيرت من طبيعة الشائعة, وطريقة نقلها وسرعتها, فبعد أن كانت عن طريق السمع أصبحت عن طريق النظر والقراءة .وان كثيراً من الإشاعات كانت موجهة ولها أغراض معلنة أو غير معلنة وكانت نتائجها ايضا في الغالب سلبية سواء علي أشخاص أو مؤسسات أو مجتمعات بأكملها . يجب علي أصحاب القرار حجب بعض المواقع الالكترونية ووسائل الإعلام التي تساهم في سرعة انتشار الإشاعات ؟

كانت نسبة الموافقين 35% والي حد ما 25% أي بمجموع 60% , أما مفردات العينة التي أجابت بعدم الموافقة فكانت 41% أي أن هنالك تقارب بين الإجابات المتأرجحة بين المنع والإتاحة , وقد يعود ذلك إلي أن المنع ليس الأسلوب العملي في ظل الفضاءات والعوالم المفتوحة وان المعلومة المحجوبة قد تصل إلي الجمهور أسرع من غيرها وان الإشاعات دائما ما تبرز في أجواء الترقب والتوقع .

أن أكثر الإشاعات الاقتصادية وحازت علي نسبة 28% ومن ثم الإشاعات السياسية ونسبتها 23% والإشاعات الاجتماعية 18% ثم الإشاعات الأخلاقية بنسبة 17% وأخيراً الدينية بنسبة 14% ,وكما سبق وان أسلفنا أن الإشاعات الاقتصادية هي أكثر الإشاعات رواجاً في المجتمع تليها السياسية لارتباطها بالحياة الاجتماعية وتوفير الرفاه الاجتماعي للمواطن .

وان الإشاعات الأخلاقية وان كانت نسبتها متدنية إلا أنها عادة ما تصيب الأفراد المشهورين مثل الفنانين ولاعبي كرة القدم الذي يليه عن أن الإشاعات تستهدف المشهورين وكانت نسبة الموافقين 46% ونسبة الموافقين إلي حد ما 46% أي بمجموع 92% ويعود ذلك إلي أن الشهرة سلاح ذو حدين .

 ونجد انه في عام (2006) تبني مجموعة من أعضاء مجلس الشعب إصدار قانون لمكافحة الشائعات ومحاولة فرض عقوبة علي مصدر هذه الشائعات ولكن نجد أن القانون لم يصدر حتي الآن ومن الممكن وأد أي إشاعات في مهدها وهو أن يصدر قانون (المعلومات) لان هذا القانون وصدوره سيجعل جميع المعلومات متاحة أمام الآخرين خاصة (الصحفيين) و(الإعلاميين) و(المتخصصين)

وبالتالي فإن هذا المناخ سيعمل علي (وأد) أو (موت) أي شائعة لان المعلومة الصحيحة متاحة للجميع لأنه من المعروف ان المناخ الذي يغذي الشائعة هو عدم وجود معلومة متاحة ولذلك علينا من الان العمل علي اصدار قانون (حرية المعلومات) وان يعلم المسئولون بأن حق الشعب والرأي العام هو الاطلاع علي المعلومات وأن جميع المسئولين قد تبوؤوا مكانتهم لخدمة هذا الشعب وليس لإخفاء المعلومات 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك