الخميس - الموافق 25 أبريل 2024م

السينما الصامتة Silent Cinema بقلـم د. طـارق رضـوان – مصــر

Spread the love
عند حديثنا عن مجال الترفيه يبرز دوما عالم السينما كأحد العناصر الأساسية والمؤثرة في هذا المجال، فهو يعد من أضخم وأكثر مجالات الترفيه توسعا وانتشارا في العالم، ولكن عندما نقترب أكثر وأكثر من المعنى الحرفيّ لكلمة “ترفيه” فنجدها مرتبطة بشكل مباشر بالكوميديا. الكوميديا فَنّ راقي، يهدف بشكل رئيسي إلى امتاع المشاهدين وتقديم ما هو مضحك دوما أمامهم.

وهناك تصنيف فريد من نوعه يُدعى الكوميديا السوداء. كمقدمة بسيطة للكوميديا السوداء، هي نوع من الكوميديا الذي يعتمد على ما يؤلم ويحزن المشاهد في العادة لكي يدفعه على الضحك، أي إذا رأيت شخصا ما يموت أمامك في الشاشة، فالكوميديا السوداء هدفها أن تدفعك إلى الضحك على هذا الشخص وليس التعاطف معه، وهي تختلف تماما عن الكوميديا المظلمة.
السينما الصامتة
هى الأفلام التى تعتمد بالأساس على الصورة، فى غياب الحوار وحتى الموسيقى فى الغالب، والتى تساعد المتفرج على الانصهار مع قصة الفيلم، وميزتها أنها موجهة لشريحة أوسع من الجمهور، على الرغم من اختلاف اللغات، وقد كانت كل الأفلام الأولى صامتة، وذلك نتيجة عدم تطوّر تقنية دمج الصوت مع الفيلم.
البداية الحقيقية لميلاد السينما فتعود إلى حوالى عام 1895، كنتيجة للجمع بين ثلاثة اختراعات سابقة، هى: اللعبة البصرية، الفانوس السحرى، والتصوير الفوتوغرافى، فقد سجل الأخوان: أوجست ولويس، اختراعهما لأول جهاز يمكّن من عرض الصور المتحركة على الشاشة فى 13 فبراير 1895 فى فرنسا، على أنه لم يتهيّأ لهما إجراء أول عرض عام إلا فى 28 ديسمبر من نفس العام.
النضج والتجريب
دخلت السينما الصامتة عصرا جديدا فى الأعوام الخمسة عشر الأخيرة من عمرها 1911 – 1926، ويتميز هذا العصر بكثرة التجريب فى عمليات مونتاج الأفلام، فلم تكن هذه المرحلة صامتة بالكامل، فقد كانت هناك استخدامات لطرق ومؤثرات صوتية خاصة، بينما لم يكن هناك حوار على الإطلاق حتى المرحلة التالية، فاختلف الشكل، واختفت التسجيلات المسرحية لتحلّ محلها الدراما الروائية، ويعد هذا أيضا بداية لمرحلة الأفلام الشاعرية ذات الطابع التاريخى.
ويأتى فى مقدمة المخرجون الروس لأفلام السينما الصامتة كل من: العبقرى سيرجى إيزنشتاين، والفذ فيسفولد بودفكين، وأول شعراء السينما أليكساندر دوفجنكو، ومخرج الأفلام التسجيلية ديزيجا فيرتوف – من أهم مطوّرى الفيلم السينمائى الصامت، عبر ما ابتكروه من عناصر سينمائية، أو ما ساهموا فى تطويره وصقله من هذه العناصر.
نشر باستر كيتون وتشارلى شابلن ولوريل وهاردى وروان أتكينسون أو (مستر بين) الكوميديا بين ملايين المشاهدين ومنحها سماتها الفنية. لم تعد تهريجا مزاولا للإضحاك بل باتت فنّا سينمائيا رفيعا لا تتخلى عن الإضحاك ولا تتنازل عن مستواه في الوقت ذاته.
الصعلوك، تشارلز سبنسر تشابلن، والسير شارلي شابلن،”صانع السعادة من وراء المآسي” شارلي شابلن كلها اسماء لعميد الكوميديا الصامتة تشارلي شابلن، ذلك الكوميديان المتميز، والمخرج والكاتب، وايضا المؤلف الموسيقي في عهد الأفلام الصامتة، عرفناه بالقبعة السوداء المستديرة والسروال الفضفاض، وذاع صيته وامتلك القلوب الي أن اتهم بالشيوعية في العام 1952. عاش طفولة قاسية، موسومة بالحرمان والبؤس في أشنع مظاهره، إذ كان والده ممثلا فاشلا مدمنا على الكحول فضلا عن سوء سمعة والدته حيث انجبت طفلا غير شرعيا من ممثل مسرحي فتركها زوجها ابو شارلي، فساءت احوال الأسرة، بعد سعيها الدؤوب لإيجاد ماتنفق به علي طفليها، فكانت تقدم اغنيات علي أحد مسارح بريطانيا، الي ان قذفها الجمهور وطالبوها بعدم الغناء، وقتها اكمل الأغنية طفلها شارلي شابلن وصفق له الجمهور وقذفوه بعملات نقدية، وبعد توقفها عن الغناء اضطرت لبيع ملابس المسرح لتنفق علي طفليها.
وفيما بعد أصيبت الأم بالجنون، وعادا الطفلان لوالدهم وعاشا مع زوجة أبيهم التي كانت تحرمهم من الطعام. خرجت الام من المصحة العقلية، وبعدما حقق شارلي شهرة نسبية برقصه وعمله الفني، أصيب بالربو، واضطر للعمل حلاق ومهن أخرى تساعده في الإنفاق على أسرته، ووقتها توفي والده بسبب تليف الكبد، وعادت والدته المستشفى لإصابتها بالجنون مرة أخرى. وفى سن 19 أتجه من بريطانيا الى أمريكا حيث صنع مجده الخالد باسم “شارلو” فى السينما الصامته تلك الشخصية التي أضحكت الجماهير في جميع أنحاء العالم، ومن خلالها انتقد مبتكرها قضايا العصر الحديث، السياسية منها، والاجتماعية، والثقافية وغيرها.
وقد ازدادت شهرة شارلي شابلن اتّساعا بعد أن أبدع أفلامه الرائعة الأخرى مثل “الوثبة نحو الذهب” (1925)، و”أضواء المدينة”(1931)، و”الأزمنة الحديثة” (1936)، و”الديكتاتور”(1940). ولم يردد شابلن واحدة من مقولاته الشهيرة “لكي تضحك فعلا.. عليك أن تمسك ألمك وتلهو به”؛ إذ أن حياة أبرز ممثلي السينما الصامتة كانت مفعمة بالمآسي والأهوال، وهي ما فجرت الكوميديان بداخله، بحسب ما جاء في المذكرات التي تحمل اسم “Chaplin: His Life and Art”، للمؤلف ديفيد روبنسون.
حاول اليابانيون قتل الكوميدي تشارلي تشابلن: منذ مطلع سنة 1932 نظم عدد من الضباط بسلاح البحرية اليابانية مخططاً لاغتيال رئيس الوزراء إينوكاي تسويوشي والذي اتهم بخيانة مصالح وطنه. لكن حصل ضباط البحرية المتآمرون على معلومة هامة حول قيام الفنان الكوميدي الإنجليزي تشارلي تشابلن بجولة عالمية ستقوده لليابان.
وانطلاقاً من هذه المعلومة وضع مدبرو المؤامرة خطة جديدة سعوا من خلالها لقتل كل من رئيس الوزراء وتشارلي تشابلن في آن واحد أثناء حفل الاستقبال الذي سيحظى به الأخير. ومن خلال استهداف شخصية تشارلي تشابلن سعى ضباط البحرية للتسبب في نزاع مسلح بين كل من اليابان والولايات المتحدة الأميركية، حيث آمن هؤلاء بإمكانية تدخل الأميركيين ضد اليابان في حال نجاح عملية اغتيال تشابلن.
وتلقى تشارلي تشابلن دعوة من رئيس وزراء اليابان دعاه من خلالها للحضور لمنزله لتناول طعام العشاء واستقباله بشكل رسمي. لكن تشارلى شابلن عبّر خلال نفس ذلك اليوم عن رغبته الملحّة في متابعة إحدى مباريات رياضة السومو بقاعة ريوغوكو. فى نفس هذا الوقت هاجم ضباط البحرية منزل رئيس الوزراء الياباني إينوكاي تسويوشي، والذي قتل عقب تلقيه لرصاصات عديدة بمختلف أنحاء جسده.
وبناء على ذلك نجا تشارلي تشابلن من موت مؤكد. الى أن توفاه الله بسبب نزف مخى.
خصصت العديد من نصب تذكارية لـ”تشابلن”. في لندن، يوجد له لوحة تذكارية في كنيسة القديس بولس (كنيسة الممثلين) في كوفنت غاردن، وتمثال “تشابلن” بشخصية “الصعلوك”، نحته “جون دوبليداي”.وتحول منزل “تشابلن” الأخير مانوير دي بان في كورسييه-سور-فيفي، سويسرا، إلى متحف، بالاضافة الى تماثيل لتشابلن حول العالم.
في التحفة السينمائية الشهيرة Sunset Blvd، التي قدمها المخرج العظيم بيلي وايلدر عام 1950، حول حكاية نجمة أفلام صامتة تنحسر عنها النجومية ويبهت اسمها ويكاد ينساها الجمهور، مع مجيء الأفلام الناطقة.
المفارقة في هذا الفيلم أن الممثلين المشاركين، هم بالفعل يعيشون حالة الفيلم ذاته وموضوعه، فهم نجوم من الأفلام الصامتة لم يعد لهم ذكر في سنواتهم الأخيرة بعد ازدهار الأفلام الناطقة وعلى رأسهم النجم باستر كيتون، الذى لم يكد يظهر في أي فيلم مهم سوى هذا الفيلم بدوره الصغير، ثم دوره الطريف والصغير أيضاً حينما استعان به شارلي شابلن في فيلمه الرائعLimelight عام 1952.
حيث عمل باستر كيتون (الملقب بالوجه الحجري العظيم) بين عامي 1920 و1929 كمخرج وممثل وكاتب ومنتج من دون انقطاع، ليقدم مجموعة هائلة من التحف الصامتة ما بين (12 فيلماً طويلاً و(19) قصيراً، هي بالطبع ضمن أهم الأعمال من ذلك العقد العشريني، وعام 1923 وبعد أن أخرج (19) فيلماً قصيراً، تحول كيتون إلى إخراج الأفلام الطويلة وأولها كان Three Ages والذي يحكي ثلاث قصص من ثلاثة أزمنة مختلفة (العصر الحجري، الروماني، الحديث) عن الحب الذي لم تختلف طبيعته مع مرور الأزمنة، لكن السبب الرئيسي لتقسيم الفيلم على ثلاثة أجزاء، هو الخوف من الفشل التجاري، باعتبار أن نجاح كيتون كان قد اشتهر من خلال الأفلام القصيرة فقط ولم يسبق له إنتاج عمل طويل، فجاء هذا الاحتياط فيما لو فشل الفيلم فإنه يمكن تقسيمه إلى ثلاثة أجزاء وعرضها كثلاثة أفلام قصيرة منفصلة.
ظهر “باستركيتون” كرمز للفن الصامت بأمريكا في الوقت نفسه الذي ظهر فيه “شارلي شابلن” في بريطانيا؛ مما يجعلهما متشابهين في المنهج والأسلوب.الا أن باستر كان يقوم باداء المشاهد الخطرة بنفسه دائمًا مما أورثته من إصابات وكسور.
: Laurel and Hardy) فريق تمثيل كوميدي مكون من ستان لوريل وأوليفر هاردي. لوريل وهاردي في أول ظهور لهما معا في فيلم الكلب المحظوظ الذي أُنتج عام 1919 وظهر عام 1921. ولوريل يمثل شخصية النحيل الذي يتميز بالغباء المفرط، أما هاردي فهو البدين الذي يحاول أن يظهر بمظهر الذكي بينما هو ليس بهذا الدرجة من الذكاء. وهما يمثلان في الغالب شخصيتا مواطنين بسيطين يحاولان دائما البحث عن الوظائف ويواجهان مشاكل وتنتهي بكوارث لعجزهما عن إيجاد حلول سليمة.
مستر بين (Mr. Bean) هومسلسل بريطاني كوميدي من تأليف روان أتكينسون وريتشارد كورتيس، ومن بطولَة أتكينسون في الدور الرئيسي. يتكون المسلسل من 15 حَلقة. اشتهر “روان” من خلال شخصية “السيد فاصولياء” أو “مستر بين” مطلع العقد الأخير من القرن الماضي، إذ خطط “اتكيسون” لمشروعه الفني عند دراسته الماجستير في الهندسة الكهربائية بجامعة اوكسفورد. وله عدة أعمال على خشبة المسرح ك” الخط الأزرق الرقيق” والعديد من الأفلام مثل ” “إجازة السيد بين” و”جوني أنغلش” و”جوني أنغلش ريبورن”.
قد يكون هو “الأب الروحي للسينما العالمية”، الذي ينفرد عن غيره من الكوميديانات بأنه أول من صنع الضحكات في صالة السينما من وراء المآسي والمواقف البائسة، على الرغم من صمته. ابتَكر روان أتكينسون شخصية مستر “بين” أثناء دراسته لدرجة الماجستير في الهندسة الكهربائية في كلية الملكة في جامعة أوكسفورد.
وعلى الجانب العربى
نجد المخرج الفلسطيني إيليا سليمان فاز بجائزة النقاد لأفضل فيلم في مهرجان كان السينمائي. يقدم إيليا سليمان في فيلمه “لابد أن تكون هي الجنة”، عملاً فنياً يستكمل فيه. رصد تحولات وتغيرات الهوية الفلسطينية في ظل الاحتلال الإسرائيلي، ومن خلال تجارب شخصية وحياتية خاصة في قالب درامي من الكوميديا السوداء الصامتة التي تميز أعماله.
يعتمد إيليا سليمان في فيلمه الحائز على جائزة النقاد، على الإشارة والحركة والإيماءات الهزلية، بأسلوب يقارن بأعمال الفرنسي جاك تاتي، إلى جانب توظيف كوميديا الموقف التي برع فيها تمثيلاً وتأليفاً وإخراجاً.
يبدأ الفيلم بمشاهد للمخرج إيليا سليمان وبطل روايته، في الناصرة حيث مسقط رأسه، فهناك يسرق الجيران الثمار من أشجار الليمون مع مشاهد أخرى لطلاب إسرائيليين، بينما ينظر بصمت لفئات المجتمع المختلفة، التي تصيبه بالذهول فتدفعه للاعتقاد أن الجنة لابد أن تكون في أماكن أخرى في الخارج، مثل باريس، ونيويورك، التي يضطر للسفر إليها.
وفي أحياء باريس، يرى مجتمعاً قاسياً يكون عمال النظافة فيه من المهاجرين السود، والمشردين في الشوارع بينما تمارس الشرطة الكثير من القوة والسيطرة.
وعن تجنب المخرج إيليا سليمان الإشارة إلى إسرائيل، رغم أن أفلامه تنقل وقائع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قال: “لم يعد هناك الكثير ليقوله عن هذا المكان الذي قيل فيه كل شيء تقريباً”

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك