الجمعة - الموافق 19 أبريل 2024م

الرأي العام المصري والقضبة الفلسطينية (1936-1948) بقلم :- نسمة سيف الاسلام سعد .. باحثة دكتوراه بقسم التاريخ – كلية الآداب – جامعة القاهرة

Spread the love

 

تأتي ذكري نكسة 1967 في كل عام لتذكرنا بدور مصر المستمر في دعم القضايا العربية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والهجوم الإسرائيلي  علي مصر في 5 يونيو 1967 – المعروف بالنكسة – يعد احدي محطات دفاع مصر عن القضية الفلسطينية بالأساس وما ترتب عنه من الصراع بين مصر وإسرائيل .

 

 بالرغم من تعدد الكتابات التي تناولت القضية الفلسطينية من مختلف الجوانب السياسية والعسكرية ، حتي في حال تناولها علي المستوي العربي أو الدولي نجد أن غالبية هذه الدراسات تسلط الضوء علي الدور الرسمي أو السياسي علي الرغم من القضية الفلسطينية كانت علي نفس الأهمية علي مستوي الشعوب العربية التي كانت من أهم الأمور التي تشغلها علي الرغم مما كانت تعانيه الشعوب العربية وبخاصة المجتمع المصري من ظلم الاحتلال ، وشدة وطأة الظروف الاقتصادية ، ونجد هذا الأمر متمثلاً في المجتمع المصري خلال الفترة من 1936 التي تعد بمثابة اوج العمل الثوري الشعبي الفلسطيني ضد العصابات الصهيونية والاحتلال البريطاني في أن واحد وحتي قيام حرب فلسطين عام 1948 والتي تمثل التلاحم الرسمي والشعبي لمساندة الشعب الفلسطيني ، لذلك انطلاقا من تعريف “الرأي العام ” في علم الاجتماع الذي ينص علي إنه ” التعبير العلني الصريح الي يعكس وجهة نظر اغلبية المجتمع تجاه قضية معينة في وقت محدد تأتي أهمية دراسة موقف الراي العام المصري من القضية الفلسطينية خلال الفترة من 1936 وحتي 1948 .

 نشأت هذه القضية ، أو ما تعارفنا علي أن نطلق عليه “القضية الفلسطينية ” منذ صدور تصريح بلفور في 2 نوفمبر1917 ، حيث أن العرب بل الفلسطينيين أنفسهم  لم ينتبهوا في بادئ الأمر لخطورة ما كان يدبر لشعب فلسطين في الخفاء من تحالف القوي الدولية مع الكيان الصهيوني منذ أواخر القرن التاسع عشر لاغتصاب الأراضي الفلسطينية لزرع الكيان الصهيوني فيها.

 وكان للقضية الفلسطينية في مصر خصوصية ، حيث تفاعل المجتمع المصري بأكمله مع القضية الفلسطينية بداية من الملك ومختلف القوي السياسية والشعبية منذ إندلاع الثورة الفلسطينية  في شهر إبريل عام 1936 .

  وقد قامت الصحافة المصرية بمواكبة تطورات القضية الفلسطينية ، ومتابعة فصول معاناة الشعب الفلسطيني ، وأخبار ثوراته ومعاركه ضد العصابات الصهيونية المدعمة من الاستعمار البريطاني ، وذلك وفق اتجاهات الصحف ، وحجم رؤيتها لطبيعة المشكلة وأبعادها المسقبلية ، وتعتبر الصحافة المصرية في العشرينات من القرن الماضي مؤشرًا علي الاهتمام الشعبي بالقضية الفلسطينية في الوقت الذي كان الموقف الرسمي يتسم بعدم ثبوت مستوي الاهتمام بالقضية ، فعلي سبيل المثال اهتمت الصحافة بتغطية زيارات المسئولين المصريين إلي فلسطين ودفاع نقابة المحاميين المصرية بالدفاع عن الثوار الفلسطينين اثناء ثورة البراق عام 1929 .

ومما يدل علي مدي التواصل الشعبي المصري بالشعب الفلسطيني أنه أثناء اشتداد الثورة الفلسطينية الكبري عام 1936 وبالتحديد في شهر يونيو قامت لجنة السيدات العربيات في القدس بإرسال خطاب إلي السيدة هدي شعراوي رئيسة الاتحاد النسائي المصري يشرح الحالة المؤلمة التي تمر بها فلسطين فقامت بالدعوة إلي فتح اكتتاب عام لجمع التبرعات للفلسطنين وقامت بإرسال برقيات إلي وزيري خارجية المستعمرات البريطاني ولرئيس مجلس العموم البريطاني للاحتجاج علي العنف الذي يتعرض له الفلسطينيون من العصابات الصهيونية ، بالإضافة إلي برقية إلي عصبة الأمم للاحتجاج علي العنف ضد الفلسطينين والمطالبة بوقف الهجرة اليهودية .

وكان الحديث الذي طرح علي الساحة عن دولة يهودية قد أثار قلق المصريين ، حيث رأوا فيه تهديدًا لكيان مصر ؛ومن هنا نشأت فكرة تأسيس اللجنة العربية المصرية للدفاع عن فلسطين وتألفت هذه اللجنة برئاسة محمد علي علوبة باشا ، بعد صدور إقرار وزارة المستعمرات البريطانية في 5 يناير 1938 لفكرة تقسيم فلسطين إلي مناطق ثلاث : منطقة عربية ، وأخري يهودية ، ومنطقة ثالثة توضع تحت الانتداب البريطاني ، وجائت دعوة اللجنة العربية المصرية للدفاع عن فلسطين لعقد المؤتمر العربي الاسلامي لنصرة فلسطين في أكتوبر 1938 متوافقة مع التوجهات العربية الاسلامية للملك فاروق في بدايات حكمة وكانت الحكومة المصرية في ذلك الوقت برئاسة علي ماهر باشا وكانت تضم ثلاثة وزراء من أهم المدافعين العروبة والإسلام (عبد الرحمن عزام ، صالح حرب ، محمد علي علوبة ) .

وحرصت مصر علي التواجد والمشاركة في مؤتمر فلسطين بلندن (سبتمبر 1946) كما نبه ممثلها الدكتور عبد الرازق السنهوري إلي خطورة الكيان الصهيوني علي الدول العربية المجاورة .

وفي عام 1947 تابع الرأي العام المصري مراحل بحث القضية الفلسطينية في الأمم المتحدة والتي انتهت بقرار التقسيم في في شهر نوفمبر من العام نفسه ، مما أثار غضب كبير في نفوس المصريين وخرجت المظاهرات تندد بالقرار وتنادي بالكفاح المسلح ضد الصهيونية .

وعلي المستوي الاقتصادي كانت العلاقات المصرية الفلسطينية متواصله فقد سعي طلعت باشا حرب لإقامة فرع لبنك مصر في فلسطين ولكن بأت المحاولة بالفشل ، وعندما ضربت الكوليرا مصر عام 1947 تبرع الشعب الفلسطيني لمساعدة المصريين في أثناء الأزمة .

فمما سبق يتضح أن الاهتمام بالقضية الفلسطينية في مصر لم يكن مقتصرًا علي المستوي الرسمي فحسب بل كان موضع اهتمام الرأي العام بأكمله في مصر فكان الوعي بأهمية القضية منذ مطلع القرن العشرين وليس منذ حرب1948 كما تشيع الدعاية الصهيونية .

 

الرأي العام المصري والقضبة الفلسطينية (1936-1948)

نسمة سيف الاسلام سعد

باحثة دكتوراه بقسم التاريخ – كلية الآداب – جامعة القاهرة

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك