الجمعة - الموافق 29 مارس 2024م

الدكرورى يكتب عن : الوليد الثانى بن يزيد ( الجزء الثالث )

ونكمل الجزء الثالث ومع الخليفه الوليد الثانى بن يزيد، فعندما بدأوا يضجون بالشكوى من بني أمية، ويتضجرون منهم في نهاية القرن الأول وكان ذلك بعد محق عبد الملك بن مروان لعبد الرحمن بن الأشعث الكندي، ومن التفوا حوله من اليمنية وغيرهم، ثم حنقهم على بني أمية في بداية القرن الثاني عندما نكب يزيد بن عبد الملك المهالبة وكاد يفنيهم، وتنامى حقد اليمنية في أواخر أيام هشام حين أقصى خالدًا عن العراق، وتَصَدَّى الوليد بن يزيد لخالد بن عبد الله القسري، لأنه قاوم رغباته السياسية فسجنه وأَذِن في ضربه، وكان قتل يوسف بن عمر الثقفي لخالد خاتمة النكبات التي حاقت باليمنية، وبعثتهم على التدبير المتقَن لخلع الوليد واغتياله، ثأرًا لدماء زعمائهم المراقة، وكرامتهم المهدرة وسلطتهم الضائعة.
وقضاء على نفوذ المضرية من قيس وتميم الذين أيَّدوا بني أمية ومكنوهم من اليمنية، ولبلوغ ذلك لجأ اليمنية في الشام إلى وسيلتين، وكانت الوسيلة الأولى، وهى إعلامية دعائية تحريضية، وقصدوا منها استفزاز أبناء عشائرهم، وإذكاء حميتهم وأنفتهم بإثارة العصبية القبلية بينهم وبين القيسية، فوضعوا على لسان الوليد بن يزيد قصيدة طويلة في تقريع اليمنية وذمِّهم، والتشفي باندحارهم وتقلُص سلطانهم، وفي تمجيد القيسية والافتخار بجبروتهم وعظمتهم وسحقهم لليمنية، وأما الوسيلة الثانية التي لجأ إليها اليمنيون فهي التخطيط السري المنظم للثورة على الوليد، فجعلوا يبحثون عن زعيم يثقون به، ويشاركهم آلامهم وآمالهم، فوجدوا بغيتهم في يزيد بن الوليد بن عبد الملك الزعيم المنشود.
إذ كان حانقا على الوليد مثلهم، وكان يبحث عن أنصار مخلصين له، فوجد كل منهما بغيته في الآخر، وزاد من اطمئنان اليمنية إليه وإقبالهم عليه، وذلك لأنه كان مصهرا إليهم، فقد كان متزوجا امرأة منهم اسمها هند بنت زبان الكلبي، فأتاه رؤساء اليمنية وفاوضوه في خلع الوليد والمبايعة له بالخلافة، ممن انضم إلى حركة يزيد بن الوليد القدرية، وكان يزيد فيما ذكر بعض المؤرخين،أنه يدين بمذهب القدرية، ويعتبره المعتزلة أفضل من عمر بن عبد العزيز لاشتراكهم في المذهب، وقد قيل أن يزيد بن الوليد طالب ملك، وصراعه مع ابن عمه الوليد سياسي، وإن كان يزيد نظَّم حملة إعلامية شرسة لتلطيخ سمعة الوليد وسحب بساط الخلافة من تحته.
وقد ذكر بعض المؤرخين أن يزيد كان ابن أَمَة فارسية ولم يكن له من المنزلة في الأسرة المروانية ما كان لغيره من أبناء الخلفاء من الحرائر العربيات، فحُرِم هو وإخوته وسواهم من الأمراء الأمويين من أبناء الأعجميات من الخلافة، فمال إلى القول بالقدر، وأظهر الزهد والتقوى فاطمأن إلى القدرية واطمأنوا إليه، واستفاد منهم في حث الناس على مبايعته وتأييده وحضِّهم على خلع الوليد وسفك دمه، ويبدو أن تأييد القدرية ليزيد بن الوليد سببه محاربة الوليد لهم، وسيره على منهج هشام بن عبد الملك في حربهم، وسرعان ما اندلعت الثورة ضد الوليد الثاني في دمشق بزعامة يزيد بن الوليد بن عبد الملك، وساندته اليمنية بكل ثقلها، وبدأ الصراع القبلي.
وقد أدرك بعض أبناء الأسرة الأموية خطورة الوضع وما ينطوي عليه من كوارث قد تؤدي بالبيت الحاكم إلى الزوال، فحاولوا إيقاف التدهور، أو الحد من خطورته، إلا أنهم فشلوا في ذلك، مما دفع العباس بن الوليد بن عبد الملك إلى التعبير عن إدراكه العميق لحجم الكارثة فقال: يا بني مروان، إني أظن الله قد أذن في هلاككم، وزحف يزيد على دمشق واستولى عليها، وأَعدَّ جيشًا بقيادة عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك لقتال الوليد الثاني، وكان متحصنًا في البخراء على حدود تدمر، وتمكن هذا الجيش من اقتحام الحصن وقتل الخليفة، والواقع أن هذه الأحداث شكلت بداية النهاية للحكم الأموي، بفعل انقسام البيت الأموي على نفسه، وفقدانه تأييد كتلة عربية كان لها دور كبير في تأسيس دولة الخلافة الأموية.
وهم عرب اليمن في الشام، وخراسان الذين ساندوا الثورة العباسية، وقد قال الأزرقي في أخبار مكة والأزرقى هو أبو الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي الغساني المكي، وقد ولد بمكة المكرمة لأسرة عريقة وتوفى سنة مائتان وخمسين من الهجره، تقريباً، وقد كان معلق إسلامي، و مؤرخ في القرن التاسع، وقد ألف كتاب أخبار مكة، وهو كتاب يذكر تاريخ مكة بأكمله، ومعالمها، والمدن المجاورة لها، والطرق المؤدية لها، حتى أصبح دليل جغرافي شامل، فقال الأزرقي عن الوليد الثانى بن يزيد، حدثني محمد بن يحيى، عن الواقدي، عن أشياخه، قال: “لما فتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه مدائن كسرى، كان مما بعث إليه هلالان، فبعث بهما فعلقهما في الكعبة، وبعث عبد الملك بن مروان بالشمستين.
وقدحين من قوارير، وضرب على الأسطوانة الوسطى الذهب من أسفلها إلى أعلاها صفايح، وبعث الوليد بن عبد الملك بقدحين، وبعث الوليد بن يزيد بالسرير الزينبي، وبهلالين، وكتب عليها اسمه: بسم الله الرحمن الرحيم، أمر عبد الله الخليفة الوليد بن يزيد أمير المؤمنين، في سنة إحدى ومائة، وقد قال إسحاق بن سلمة الصائغ: أنه قرأ حين خلق الكعبة، وأخبرنيه غير واحد من الحجبة، سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وبعث أبو العباس بالصحفة الخضراء، وبعث أبو جعفر بالقارورة الفرعونية، كل هذا معلق في البيت، وكان هارون الرشيد قد وضع في الكعبة قصبتين، علقهما مع المعاليق، في سنة ست وثمانين ومائة، وفيهما بيعة محمد وعبد الله ابنيه، وما عقد لهما، وما أخذ عليهما من العهود.
وبعث المأمون بالياقوتة التي تعلق في كل سنة في وجه الكعبة، في الموسم، بسلسلة من ذهب، وبعث أمير المؤمنين جعفر المتوكل بشمسة عملها من ذهب، مكللة بالدر الفاخر، والياقوت الرفيع، والزبرجد، بسلسلة من ذهب، تعلق في وجه الكعبة في كل موسم، وبعد هذا فقد قيل أيضا بأن الوليد قام بصنع بركة من الخمر وكان إذا طرب ألقى بنفسه فيها وشرب منها، كما يقال أيضا بأن الوليد بن يزيد أخذ يوما المصحف وفتحه فأول ما بان له ( واستفتحوا وخاب كل جبارٍ عنيد ) فقال‏:‏ أتتوعدني؟ ثم علقه وظل يضربه بالنشاب حتى خرقه ومزقه وهو ينشد أتتوعد كل جبار عنيد، فها أنا ذاك جبار عنيد، فإذا لاقيت ربك يوم حشر، فقل لله مزقنى الوليد.
التعليقات

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك