الأربعاء - الموافق 24 أبريل 2024م

التكافل الاجتماعي ما بعد رمضان بقلم :- الدكتور عادل عامر

Spread the love

التكافل الاجتماعي في شهر رمضان تقوية للروابط الروحية بين الأفراد ونواة صلبة لمجتمع متكافل صمام أمان اجتماعي يقلل من الضغوط الاقتصادية ويسد حاجات الفقراء، هكذا يبدو حال التكافل الاجتماعي في مصر خلال شهر رمضان المبارك وعصبه الأساسي الزكاة.

وإذا كانت الموارد الزكوية في شهر رمضان تلعب دورا كبيرا في تحقيق الرعاية الاجتماعية للفقراء وزرع المودة بين شرائح المجتمع إلا أنها لا تزال تحتاج إلى مزيد من التوظيف الصحيح في مشاريع التشغيل والاستثمار لمواجهة الفقر والبطالة خصوصا وأن حجم أموال الزكاة المجموعة في مصر على سبيل المثال تتجاوز المليارين جنية سنويا.

أن الكثير من العائلات بدأت تحدد ميزانياتها على أساس الأموال التي تردها خلال الشهر الفضيل، أمر يزيد من أهمية الوعاء الزكوي في شهر رمضان وصولا إلى زيادة حجم دائرة التكافل الاجتماعي.. حقيقة هذه الأموال لا يمكن أن نجعلها في إطار الاعتماد الكلي حيث أن الحالة الاجتماعية والاقتصادية التي تميز أهل هذا البلد الكريم هي في دائرة الكفاف

فإذا ما تحدثنا عن هذه الأموال فإننا نتحدث عن رافد يدعم الناس في معاشهم وفي حاجاتهم الأساسية ولكنه على كل حال يتراوح هذا المصطلح بين مفهوم الواجب الديني وبين مفهوم العون الاجتماعي الذي يمكن أن يتحقق من خلال هذه الصيغة، ولكن على كل حال تبقى هذه الالتزامات هي التزامات سماوية يعني لا فضل لغني في أدائها وهنا يمكن أن نتحدث عن هذه الصيغة في إطار من التكافل الاجتماعي الذي يجعل هذا المال من جهة باذليه هو واجب ومن جهة آخذيه هو في إطار الكفاف والعفة إن شاء الله.

يُعد شهر رمضان المبارك أفضل مناسبة للتغيير الاجتماعي كما التغيير الذاتي، ففي أجواء شهر الله الإيمانية يتغير كل شيء، وتكون النفوس قابلة للتغير والتغيير، والمجتمع قابلاً لحراك اجتماعي قوي. وكما النفوس تُصاب بالتعب والإرهاق والملل والرتابة، كذلك المجتمعات؛ وكما أن النفوس مستعدة بطبيعتها للتأثر والتأثير، كذلك المجتمعات تمتلك مقومات التأثر والتأثير.

تعتبر الدولة مسئولة عن تحقيق التكافل الاجتماعي لكل فرد يعيش في المجتمع ونظراً لأن الزكاة تعتبر من أهم موارد التكافل الاجتماعي والتزام المسلمين بدفع الزكاة فإن ذلك يعنى زيادة العبء على المسلمين ،

 والمجتمع ـ أي مجتمع ـ يُصاب بأمراض ومشاكل وعقبات تحول دون تقدمه وتطوره، كما أنه بحاجة مستمرة للتغيير نحو الأفضل، فإن أجواء شهر رمضان المبارك تساعد كثيراً على تجاوز الكثير من العقبات والمشاكل، ومعالجة العديد من الأمراض الاجتماعية المزمنة وغير المزمنة. لذلك كله، علينا أن نستثمر شهر رمضان الكريم في إحداث تغيير اجتماعي حقيقي بما يُسهم في إنماء المجتمع وتطويره، والرقي به نحو سلالم المجد والازدهار والتقدم. من سمات المجتمع القوي والمتماسك سمة التكافل الاجتماعي وهو ما يعني قيام المقتدرين مالياً بتقديم يد العون والمساعدة للضعفاء من الفقراء والأيتام والمرضى

حيث يوجد في كل مجتمع من المجتمعات الإنسانية أناس يفتقدون القدرة على تلبية حاجاتهم المادية وربما المعنوية أيضاً وشهر رمضان منعطف مهم في حياتنا الاجتماعية نحو التغيير للأفضل، وتحمل أعباء المسؤولية الاجتماعية. فالمجتمع يعاني من مشاكل وأزمات قديمة وجديدة، والمهم هو التفكير في حلها بدل التذمر السلبي الذي لا يحل أي مشكلة؛ بل يعمقها. والمطلوب هو أن نحدث تغييراً حقيقياً في مسيرتنا الاجتماعية بتقديم كل فرد من أفراد المجتمع ما يستطيع من خدمات وطاقات ومواهب لتنصهر في النهاية في بوتقة المجتمع لننير الدرب كي ينمو المجتمع نمواً حقيقياً في مختلف المجالات.

التزم الدولة والمجتمع عن إشباع الحاجات المادية للأفراد غير القادرين ويساعد هذا النوع من التكافل الاجتماعي في زيادة الإشباع الكلى من ذات الدخل وذلك عن طريق تحويل دخول ذات منفعة حدية منخفضة إلى دخول ذات منفعة حدية أعلى مما يضاعف من الإشباع لهذا الإنفاق التحويلي .

التزم الأفراد الدولة والمجتمع بإشباع الحاجات المعنوية لكافة أفراد المجتمع وهذا النوع من التكافل الاجتماعي يجعل كل فرد في المجتمع كافل ومكفول في نفس الوقت لآن التكافل في هذه الحالة من التفاعل وهو المشاركة من الجانبين المتكافلين ، ويكون طرفاً التكافل هما كل فرد على حده مقابل الفرد الآخر وكل فرد تجاه مجتمعه ، وكل مجتمع تجاه أفراده متفردين ومجتمعين .

ويتمثل في مسئولية هؤلاء عن إشباع حاجاتهم المادية بما لديهم من ثروة و دخل ، وكذلك مشاركتهم مع الآخرين في إشباع الحاجات المعنوية لكل منهم . ويتمثل في مسئولية الدولة والمجتمع عن إشباع الحاجات المادية لهؤلاء الأفراد وكذلك مسئوليتهم مع غيرهم من أفراد المجتمع في إشباع الحاجات المعنوية لكل منهم فلا يوجد فقير أو محتاج لا يملك التبسم في وجه إخوانه ، ولذلك فإن الجميع من أفراد المجتمع (قادر أو غير قادر) قادر على العطاء كل بحسبه ، وبالتالي فلا يوجد أحد كافل صرف ، ولا أحد مكفول محض وإنما الجميع يعطى ويأخذ

تعتبر الزكاة أحد الموارد الأساسية لتمويل التكافل الاجتماعي في الفكر الإسلامي كما أن الهدف الرئيسي للزكاة يتمثل في إغناء الفقراء ، أن مستحقي التكافل الاجتماعي الذين يدخلون ضمن مصارف الزكاة هم ( الفقراء ، المساكين ، الغارمون ، ابن السبيل وذلك بالإضافة لسهم العاملين عليها باعتباره الجهاز المسئول عن إدارة التكافل الاجتماعي ووفقاً لهذا الرأي يمثل مستحقي التكافل الاجتماعي 62.5% من مصارف الزكاة .

ويعتبر كفالة هؤلاء الأفراد لحاجاتهم المادية هي الأساس في هذا النوع من التكافل الاجتماعي لأنه لا يتصور تكافلاً يكون فيه كل الناس مكفولين لحاجاتهم المادية ، وهذا النوع من التكافل يشكل خط الدفاع الأول في مرحلة التكافل الاجتماعي وكلما كان هذا الخط حصيناً ندرت الحالات القادرة على تخطيه وسهلت بذلك مهمة الخط الثاني في التصدي لها

لنحول شهر رمضان المبارك إلى شهر تغيير في كل شيء، في حياتنا الخاصة، وفي مسيرتنا العامة، ولنعمق قيم التواصل والتكافل والعطاء الاجتماعي في كل زاوية من زوايا مجتمعنا، وفي كل بعد من أبعاده، وبأي شكل نستطيع، وبأي وسيلة نتمكن، فالمهم هو الإنجاز الاجتماعي، وإحداث التغيير نحو الأفضل من أجل بناء مجتمع متقدم ومتحضر. من أبواب الخير والبر في رمضان وفى غير رمضان هو السعي على قضاء  حوائج الناس، وهذا يحقق معنى التكافل الاجتماعي .

العقد الاجتماعي، حيث يؤمن كل فرد في المجتمع عليه مسئوليات تجاه إخوانه المواطنين لتحقيق الكفاية المعنوية والمادية ولا سيما المحتاجين والعاجزين والمعوقين ونحوهم، فالناس بخير ما تعاونوا فهذه البواعث تتفاعل مع بعضها لبناء المجتمع المتكامل الذي يقوم على البر والإحسان والأمن والأمان والكفاية والرخاء ويعيش كل فرد أمناً في سربه معافى في بدنه عنده ضروريات حياته المعيشية .

من فضائل شهر رمضان الكريم أنه يساهم في تحقيق التكافل بين أفراد المجتمع، فيساهم الأغنياء في توفير الحاجات المعيشية الأصلية للمحتاجين والفقراء والمساكين والمعوزين واليتامى واللقطاء وأصحاب العاهات، وذوى الحاجات والأرامل والشيوخ والعجزة والمشردين والمهجرين والمنكوبين والمكروبين

وهذا يوثق العلاقات الاجتماعية بين الناس على مستوى الأسرة والعائلة والعشيرة والقرية والمدينة والدولة وعلى مستوى الأمة الإسلامية، وبذلك يتحقق المجتمع المتكافل الفاضل. ومن بواعث ذلك  :القيم الإيمانية وقيم الحب والأخوة والإيثار والتعاون التي غرسها  الصيام في المسلم ، فيقينا رمضان شهر التكافل الاجتماعي.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك