الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

التربويون فى فكرهم وتقوقعهم الأيديولولجي بقلم ا.د/ حسن عبد العال – كلية التربية جامعة طنطا

ثمة سؤال ملح يطرحه على نفسه الواحد منا ، من العاملين فى حقل التربية ، هذا السؤال هو : أين نحن أهل التربية من أحداث العالم بإنجاراته وتطوراته ؟ . . اننا مازلنا نلوك بالسنتنا كما تحمل كتبنا معارف تجاوزها الزمن ، ربما عرفناها من منتصف القرن الماضى ، فى درس رعيل الاساتذة الكبار آنذاك . وكأن الدنيا هى الدنيا والعالم هو العالم لم يتغير فيه شىء ،والعجيب أن ذلك لا يقلق بال البعض منا . وأعتقد أن هذا السؤال نفسه يطرحه أيضا على أنفسهم كل العاملين فى فروع المعرفة المختلفة كالفلسفة وعلوم الاجتماع والاقتصاد وعلم النفس والسياسة وسواها ، أين نحن مما يحدث فى العالم ؟ . ومنطلق السؤال هو ما يحمله واقعنا من مشكلات وتحديات جسيمة ، نقف ازاءها وقد انتابتنا الدهشة وأخذنا الارتباك فى إقتراح المواجهة والتصدى للحلول ، وكان داعى النفس إلي السؤال هو مصاحبتى لزميل عزيز فى مناقشة إحدى الرسائل ، وزميلى العزيز هذا محمول على الاتجاه اليساري ، وقد كان ولا يزال من أكثر الناس اخلاصا للاشتراكية ،يتحسر على زمانها الذى مضى . وراح فى نقاشه يردد مقولاتها عن توحش الرأسمالية والصراع والتفاوت الطبقى وفردوس العدالة الاجتماعية التى تبشر به، ومفاتيح الحلول التى تقدمها للقضاء على مشكلات العالم ومشكلات التربية بالتالى ، تلك المشكلات العصية على الحل .
والملاحظ أن كل منا فى مجال التربية وكذا فى ميادين الفكر عامة وفروع المعرفة المختلفة ، يتمترس وراء شعارات ومقولات مدرسته الفكرية ، وفى سبات أيديولجى غريب ، ويرى أن أفكار مدرسته ومقولاتها هى نموذج وحيد ونهائى للنهوض والإصلاح والتحديث التربوي والثقافى ، والتنمية فى النهاية كمطمح يسعى اليه الجميع ، هكذا نتعامل : اليسارى مع الإشتراكية ، والراسمالى مع الليبرالية ، وهكذا يتعامل الاسلامى مع شعاراته وأقانيمه . كل فريق يقدم نفسه بوصفه المنقذ والمخلص الذى يملك المفاتيح السحرية للحلول دون غيره ممن ينتمون إلى تيارات فكرية مغايرة . إن كثيرا منا نحن أهل التربية أصبح يتعامل مع افكاره كأقانيم مقدسة ، وكاصنام نظرية ، باختصار كل منا قدس مقولاته وحولها إلى معسكرتمترس خلف قلاعه.
واما النتيجة فكانت مزيدا من التدهور والقعود والجمود فى المجال، والتخلف عن مواكبة التغير الهائل والطفرة العلمية التى تحدث فى العالم . ولا عجب أن يكون المآل هو الفشل فى التعامل مع الواقع والتصدى لمشكلاته التى تتفاقم يوما بعد يوم وتربص المتربصين لهدم المعبد على أصحابه .وربما كان السبب الأبرز فى صناعة الجمود الذى نعيش فيه وانعدام القدرة على تطوير فكرنا التربوي وهواننا على الاخرين- فى بعد من أبعاده – هو تعامل القومى واليسارى والاسلامى والليبرالى والرأسمالي مع هوياتهم وأفكارهم وكأنها دون سواها هى الحقيقة المطلقة.
والسؤال : ألم يئن للتربويين ان يخرج كل منهم من قوقعته الأيديولوجية ،لنتكاتف ونصد الهجمة الشرسة ضدنا والتى يقودها بعض من التربويين للأسف ، ولنتعامل جميعا متعاونين بطريقة صحيحة ، مع واقع يتجاوز ويعلو على كل الأيديولوجيات ، ذلك لأنه معقد شديد التعقيد والتشابك وطبقاته هى الأخرى شديدة الالتباس . والله المستعان .

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك