الثلاثاء - الموافق 19 مارس 2024م

البروفسور مناهل ثابت تشارك في الجلسة الافتتاحية للمنتدى العالمي “المرأة في قطاع التكنولوجيا”

كتب/ هايل علي المذابي

شاركت البروفسور مناهل ثابت في الجلسة الافتتاحية للمنتدى العالمي ⁧‫المرأة‬⁩ في قطاع ⁧‫التكنولوجيا‬⁩ ⁦‪ WITFORUM21‬ التي عقدت الأربعاء ٢٤ فبراير الجاري، بحضور سيدات ملهمات مثل الشيخة لبنى القاسمي اول وزيرة في الامارات والشيخة هند القاسمي رئيسة منتدى سيدات الاعمال والاستاذة نجلاء المدفع الرئيس التنفيذي لمشاريع شراع وبإدارة للحوار من المذيعة ميسون عزام. وناقشت الفعالية التي عقدت عبر تطبيق زووم مواضيع متعددة عن الاقتصاد الرقمي والتحول المعرفي.
وتركزت مشاركة البروفسور مناهل ثابت حول ثلاث محاور رئيسية أولها يوتوبيا العالم الرقمي ثم إعادة الضبط وثالثا التحول الرقمي، تطرقت في النقطة الأولى إلى معنى “يوتوبيا” والذي يشير إلى اللامـكان، أو المكان الخيالي المثالي؛ وهي كلمة استخدمها كثير من الحكماء والفلاسفة كوصف لتصوراتهم عن العالم الذي يحلمون به، أو العالم الذي يرون أنه ينبغى أن يكون لأنه –في نظرهم– العالم المثالي الذي يجب على المجتمع البشري أن يواصل كماله ورقيه لكي يصل إليه؛ وأشارت أننا اليوم في العالم الرقمي نلاحظ انبعثات لبعض تلك الرؤى الفلسفية والمفاهيم اليوتوبية لذلك المعشر من الفلاسفة تبرز على السطح، وفي حالة صراع مع مفاهيم الشر وقيمه، والمثير أن كل ذلك يحدث بغطاء اقتصادي بحت.
وأوضحت أن الملامح اليوتوبية في العالم الرقمي تتجلى في تلك الممارسات والمبادرات والأنشطة في كل المجالات والتي غايتها الارتقاء بالمجتمع سواء كانت ممارسات على الصعيد العلمي أو على الصعيد الإنساني أو على الصعيد الأخلاقي من خلال نشر المساهمات التي تفيد المجتمع وترتقي به وكذلك في عمليات التكريم الافتراضية للشخصيات المؤثرة والمبدعة في المجتمع، وكذلك في محاولات نشر الطمأنينة من خلال الترويج لثقافة المحبة والتسامح والسلام بين الناس وووو إلخ مما نلمسه يوميا في هذا العالم الرقمي؛ وبالمقابل لابد من توضيح أن الغطاء الذي تتم من خلاله كل هذه الممارسات والمبادرات والأنشطة هو غطاء اقتصادي وتجاري حيث أن الأدوات والوسائل والأوعية التي تتم من خلالها تلك الممارسات الهادفة للرقي بالمجتمعات علما وخلقا، هي أدوات ووسائل تجارية، تُستغل مجانية استخدامها والتي لاقت قبولا واسعا في الأوساط الاجتماعية، ولها حظوة جماهيرية، لتمارس بالمقابل استثمارتها الاقتصادية القائمة على الاعلانات للشركات والمؤسسات بكل انواعها وأشكالها واحجامها وتعمل على الترويج لمنتجاتها من خلال هذه الأدوات والوسائل الرقمية، فيصبح رواج القيم التي نادت بها “اليوتوبيا” وازدهارها مشروطا بهذه الاقتصاديات، ووجود هذه الأدوات والوسائل الرقمية بكل أنواعها.
وقالت البروفسور ثابت: إن فعالية العالم الرقمي ليست سوى إنعكاس للواقع والحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وفيها يختلط المدنس بالطاهر، والبريء بالمجرم، والطيب بالخبيث، والخير بالشر، وبقدر ما يملكه الأفراد من المرونة بقدر ما يمكن أن يحققونه من نجاحات في هذه الفعالية، وبقدر ما تلغي فعالية العالم الرقمي التراتبية في المجتمع والمركزيات والحواجز التي كانت تتميز بها الحياة الاجتماعية الواقعية، بقدر ما تؤثث لمجتمع خال من الأمراض الطبقية التي سادت كثيرا في العصور الماضية، لا يختلف هذا المجتمع عن تصورات مجتمع اليوتوبيا، التي ظهرت قديما والتي لم يتم بلوغ معرفتها سوى بالمعنى فقط.
ثم تحدثت البروفسور مناهل ثابت حول محور إعادة الضبط وقالت: اننا لا نلجأ عادةً إلى أن نعيد الضبط إلا عندما تخذلنا الأشياء التي تمسكنا بها ثم أولتنا ظهرها، فيكون إعادة الضبط، هنا، حلاً بديلاً لانهيارنا، أو عندما نجد بدائل أفضل لما بين ايدينا.
وقالت إن إعادة الضبط The grate reset تعني المواكبة والتكيف والتأقلم مع المعطيات الجديدة، وإعادة صياغة العالم لأدواته وتحديث وإعادة تأهيل مهارات الأفراد بما يتوافق مع الشكل الجديد لمنظومة الأعمال كافة.
وقد يقال كان من المفترض أن نطوِّع التكنولوجيا في خدمة ثقافتنا وعاداتنا وتقاليدنا، لكن ما يحدث الآن، بسبب اجباري فرضته جائحة كورونا وبتحولات بطيئة سبقتها أيضاً هي تحولات عصر المعرفة، هو أننا نسير في اتجاه تطويع كل شيء من أجل التوائم مع التكنولوجيا، تماماً كما فعل النفط ذات يوم عندما صب الحضارة الانسانية في قالبه وفرض عليها التأقلم مع معطياته.
واضافت ثابت: لقد فرضت مظاهر التكنولوجيا إعادة الضبط لكل شيء ، والذي يفرض التأقلم والاستيعاب للآليات الجديدة التي انتهت إليها منظومة الأعمال، وإعادة تشكيل وصياغة لهوية المهن والوظائف، وبعد أزمة كورونا زادت عملية التسويغ لمفاهيم جاءت بها مظاهر التكنولوجيا لكن بدون ان يكون لها استيعاب في المجتمعات في بداية الأمر أو استساغة، ومن ذلك نمط العمل عن بعد والتعليم عن بعد.
وقالت ثابت: بدأت الحاجة الملحة لإعادة الضبط بالتزامن مع بدايات أزمة كورونا، وأعتبرها أزمة لإنتاج التحول وتسريع عملية إعادة الضبط أكثر من كونها أزمة وباء، إذ ذلك فقد الكثير من الناس أعمالهم ووظائفهم وأموالهم المستثمرة في محافظ الأسهم والتي أمضوا وقتا طويلا من حياتهم لتحقيق الحصول عليها أملا في حياة مستقرة اقتصاديا تؤمن مستقبلهم ومستقبلا ابنائهم، وبدأ الذعر يسود العالم، ثم رويدا رويدا بدأت الغيوم السوداء تتلاشى، وحدث ذلك عندما بدأ التفعيل لآليات النظام المعرفي العملية التي وفرتها مظاهره وأدواته وأخذ الكثير من الناس يتكيفون مع التفعيل ويمارسون أعمالهم القديمة بمظهر جديد مواكبين للتحولات التي فرضها التفعيل لمنظومة النظام المعرفي العالمي وإعادة الضبط وفقا لآلياته وهي آليات ليست وليدة أو فرضتها أزمة كورونا، بل هي موجودة من قبل ولكن أزمة كورونا أظهرتها على السطح وفرضت تفعيلها وهنا سيكون الاختبار الحقيقي لجميع قطاعات الأعمال في العالم، حيث سيكون لزاما عليها إعادة الضبط لما بين أيديها كخيار يؤمنها من الانهيار، وسيكون الأكثر قدرة على التأقلم مع الآليات الجديدة في قطاعات الأعمال والمهن والوظائف هو الأجدر بالبقاء ومن لا يستطيع إعادة الضبط والتأقلم سيتم تصديره إلى خارج هذا المربع الذي فرض إعادة الضبط على العالم للتأقلم وفقا لمعطياته.
أصبحت المنافسة الاقتصادية وفقا لفرضيات إعادة الضبط تعني أن أحدهم قادر عن طريق تطبيقات التكنولوجيا شراء سلعة من أي مكان في العالم وبلا حدود تقيده أو مسافات تمنعه كما تعني أيضاً أن بمقدور بائع وراء الشاشات في الصين أن ينافس بائع تقليدي في متجر محلي في أي دولة في العالم.
وقالت أيضاً: إن التحولات وفرضيات إعادة الضبط تفرض وجود تغييرات جذرية في كافة القطاعات ومن ذلك الطب الذي تغيرت كل موازين القوى فيه، فصار الحصول على دواء باستخدام الذكاء الاصطناعي أسهل بكثير وكذلك البحث عن تطعيم ضد أي مرض، إذ تأخذ من خمس إلى عشر سنوات لمعرفة آثارها الجانبية وها نحن نرى لقاح تم تصنيعه في أقل من سنة.
إن المواكبة والتكيف والتأقلم وفقا لمعطيات عملية إعادة الضبط التي صار العالم إليها في قطاعات الأعمال والمهن والوظائف تفرض على العالم إعادة الصياغة لأدواته من خلال عملية تحديث وإعادة تأهيل لمهارات الأفراد كلا بما يتوافق مع الشكل الجديد الذي تم إعادة الضبط وفقا لمعطياته وهي آليات ومعطيات التحول الجديد.
وفي ختام حديثها حول محور إعادة الضبط قالت: “الحياة ستمضي بمن يملك قوة الإرادة وبمن لا يملكها لكن من سيتم حجز المقاعد المتقدمة في المستقبل لأولئك القادرون دائمًا على إعادة الضبط، للأقوى رغبة والأكثر قدرة على التأقلم والتكيف مع المعطيات الجديدة للحياة.
أخيراً يمكن التساؤل: هل نعتبر أن الواقع بجميع معطياته قد خذلنا في جائحة كورونا فاضطرنا إلى إعادة الضبط للتأقلم مع بدائل أكثر جدوى.
وفي سياق حديثها حول النقطة الثالثة وهي التحول الرقمي أشارت البروفسور مناهل ثابت إلى أنه خلال الأيام الأخيرة ومنذ بداية العام الجديد، باشرت شركات الروبوتات والذكاء الاصطناعي، في ضخ منتجاتها إلى الأسواق بشكل واسع جدا، وبتقنيات كان العالم يعتبرها مجرد خيال، وفي كافة القطاعات، إنها أشبه بمرحلة ولادة للعالم من جديد، مرحلة تحول في تاريخ الصناعات، هذا التحول الذي بدأ الاستعداد والتحضير له خلال اربعين عاما مضت، نلمس ما انتجه ذلك التحضير له طيلة تلك الفترة مع بواكر هذا العام فقط.
وأضافت ثابت: وبقدر ما يجب الانتباه إلى ضرورة الاهتمام بعلوم اليوم في شكلها الذي وصلته اليوم بقدر ما ينبغي الاهتمام كذلك بمسألة التصورات المبتكرة التي سترتكز عليها بالضرورة علوم المستقبل، وفي كافة المجالات بدون استثناء، وهذا الدور تلعب فيه كافة المؤسسات في المجتمع عامة وخاصة بل هو دور عالمي خصوصا وقد بلغنا الرؤية التي تحققها التكنولوجيا كون العالم قرية واحدة. كما ونجد أن هذه البدايات لتظاهرة الذكاء الاصطناعي التي تتميز بمستو عال من الكثافة والكثرة، ستقابلها بالضرورة مستويات عالية من التفاعل ما سيجعلها ترتقي إلى مستويات أكثر ابداعا مما هي عليه وكذلك سنجد أن هناك أسواق جديدة لمنتجات الذكاء الاصطناعي ستعمل على الضغط على شركات المنتجات التقليدية وتضطرها إلى إحدى طريقين الأول هو اغلاق مؤسساتها والآخر هو إعادة النظر في منتجاتها وخوض مجال التنافس بابتكارات تناسب الأجيال الجديدة من صناعات التكنولوجيا ولعل هذا قد كان بالفعل منذ عقدين من الزمن لكنه لم يشمل جميع الصناعات وقد اضطرت بعض الشركات التقليدية حينها إلى التنحي جانبا عن حيز المنافسة وحولت توجهاتها نحو اهتمامات أخرى بعيدة كل البعد عما كانت عليه. لكن اليوم فسيتعمم هذا على جميع الصناعات بلا استثناء، ستخلو الساحة إلا من القادرين فقط على خوض لعبة التكنولوجيا والمغامرة في صناعاتها التي تعتمد اساسا على الابتكار أهم عمود يمكن الحديث عنه في سياق هذه التجربة العالمية الحداثية إلى أبعد حد.
وقالت: إن التطور الشمولي والنهضة الشاملة للبشرية بأدوات التكنولوجيا ووسائلها يمكن الحديث عن تحققها في كافة القطاعات ولمسها في كافة المجالات ورؤيتها بوضوح من خلال فترات زمنية محددة ويمكن اعتبارها معيارا للرؤية وهي محددة بين خمسة إلى عشرة أعوام وأحيانا تحدد بعشرين عام كخطة طويلة الأمد، ولعلنا في بداية المرحلة الثانية للتكنولوجيا التي بدأت ملامحها في التشكل منذ عشرين عام، وفي هذه المرحلة الثانية وخلال عشرون عام قادمة يمكن تقسيمها إلى اربع مراحل كل مرحلة خمسة أعوام ولها خطط مستقلة وانجازات مغايرة واكثر تطورا عن مراحلها السابقة ويظل التحديث والتطوير في كل مرحلة حتى بلوغ الاكتمال الكلي والشمولية التي ستعم جميع المجالات وكافة الصناعات في كل أنحاء العالم وصولا إلى مرحلة الذروة للنظام المعرفي.
واختتمت مشاركتها بالقول: إن الحضارة الانسانية ورقي الممارسة البشرية مرهونة برقي العقل البشري ورقي أخلاقيات البشر وعندما نتحدث عن طفرات التكنولوجيا وازدهار اسواقها فإننا نعبر عن حالة الرقي العقلي التي تعكسها هذه الانجازات العلمية وبالضرورة أن يزدهر العالم البشري في أخلاقه وثقافته وفنونه مقابل ازدهار العقل، حتى يتحقق الاكتمال الكلي للنموذج الإنساني وبالضرورة يجب أن يعمل العالم معا من أجل مناهضة جميع مظاهر الاختلالات الاجتماعية التي سادت في عصور ضعف العقل البشري ولربما تحققت نظرية المدن الفاضلة بفضل النظم المعرفية وأدواتها، والتي ظلت هاجسا صعب المنال في خيال الفلاسفة القدامى وأحلامهم.

 

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك