الخميس - الموافق 28 مارس 2024م

الانتخابات المحلية في مصر بقلم :- الدكتور عادل عامر

أولى الدستور المصري أهمية للإدارة المحلية، إذ فصل مهماتها وتشكيلها في باب خاص، وحدد نظام الاقتراع المباشر لاختيار مجالس المحليات وترك للقانون تحديد طريقة اختيار المحافظين وما إذا كان بالتعيين أو الانتخاب، أن قانون الإدارة المحلية الجديد سيقضي على الفساد في المحليات بصورة كاملة. أن غياب المجالس المحلية المنتخبة منذ ما يقرب من 10 سنوات سببه عدم وجود قانون للإدارة المحلية مما أدى إلى كثرة فساد المحليات وبمجرد صدور القانون سيتم إجراء الانتخابات المحلية مباشرة.

تعد المجالس الشعبية المحلية في مصر على مختلف مستوياتها المدرسة الأولية التي يتعلم فيها المواطن ألف باء السياسة، لما تتيحه من فرص المُشاركة، ووجود حُكم محلى ما هو إلا نتيجة للتوسع الكمي في وظائف الدولة الحديثة وواجباتها، والتوسع الكيفي في حقوق المواطنين.

لقد مرت مصر على مدار عقود بعدة مراحل تنظيمية لإدارة شئون البلاد، تم من خلالها تقسيمات عديدة وبمُسميات مختلفة، إلى أن استقر الأمر على تقسيم الجمهورية إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، منها المحافظات والمُدن والقرى، ويجوز إنشاء وحدات إدارية أخرى تكون لها الشخصية الاعتبارية إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك، وقد تم إنشاء مجالس شعبية بمستويات مختلفة تعمل على إدارة شئون المواطنين وتوفير المرافق والخدمات المعيشية اللازمة لهم.

تعد الإدارة المحلية صورة من صور التنظيم الإداري للدولة يتم فيها انتزاع وسحب بعض الاختصاصات من السلطة المركزية التي تتمتع باختصاصات عامة على كل أجزاء إقليم الدولة وإعطاء هذه الاختصاصات إلى سلطة إدارية لا تتمتع باختصاصات عامة شاملة لكل إقليم الدولة، وإنما تمارس اختصاصا إقليميا أقل اتساعا ” محددا محليا”، ويتم تشكيل مجالس إدارة الوحدات الإدارية اللامركزية عن طريق الأخذ بأسلوب الانتخابات كضمانة هامة وأساسية لتحقيق استقلال تلك الوحدات تجاه السلطة الإدارية المركزية، ومنه تستطيع إدارة مصالح هذه الوحدات بشكل مستقل عن الحكومة المركزية،

ولعل ذلك هو السبب في استخدم البعض اصطلاح الحكم المحلي كمرادف لمصطلح الإدارة المحلية حيث يشارك السكان المحليون في إدارة شؤونهم المحلية عن طريق مجلس منتخب منهم؛ إلا أن مصطلح الحكم المحلي قد يوحي لمتلقيه أنه أمام دولة مركبة أو فيدرالية، وأننا أمام دولة أخرى لها حكوماتها وتشريعاتها وقضاؤها المستقل، وهو خلط غير صحيح فالإدارة المحلية هي شكل من أشكال اللامركزية الإدارية هدفه الأساسي هو تحقيق الديمقراطية في الإدارة وتأكيد حق الشعب في أن يحكم نفسه بنفسه، وتخفيف عبء الإدارة عن الإدارة المركزية في العاصمة، الأمر الذي سيساعد بلا شك في تقريب المسافة بين الشعب وبين السلطة المركزية وحدوث تعاون بينهما.

       وبالتالي يتحقق تخفيف العبء الإداري على السلطة المركزية، كما يتم تحقيق الديمقراطية الإدارية وذلك عن طريق تقريب المسافة بين الشعب وحكامه، ومما لا شك فيه أنه لنجاح ذلك لابد من أمرين الأول: منح الهيئات الإقليمية المنتخبة أكبر قدر ممكن من الاختصاصات الإقليمية، وذلك من خلال تحديد اختصاصات السلطة المركزية على سبيل الحصر في القانون اتجاه ما هو محلي” إقليمي”،

و الثاني : وجود رقابة من السلطة المركزية على الهيئات الإقليمية المنتخبة بما يحقق الانسجام والترابط في النشاط الإداري للوحدات الإدارية المختلفة للدولة على أن تقوم الرقابة على أساس التعاون والتساند، فإن ديمقراطية الإدارة المحلية تقتضي لكي ينجح في تحقيق أهدافه تشكيل الهيئات المحلية عن طريق الانتخابات الحرة النزيهة، من أبناء أقاليم هذه الهيئات ودون تدخل من السلطة الإدارية المركزية في هذا التشكيل، مع إطلاق يدهم في ممارسة اختصاصاتهم في إدارة شؤونهم الإقليمية طبقا للظروف الخاصة بأقاليمهم وحاجات أفرادها.

وهو ما يعد تأكيدا من المشرع الدستوري على ما قرره المشرع العادي والقضاء الإداري، ونادى به أغلب الفقه المصري على مدار تاريخ الإدارة المحلية الحديثة، من ضرورة تقرير نظام الانتخاب لتشكيل المجالس المحلية لكون ذلك ركنا أو عنصرا من عناصر اللامركزية الإدارية الإقليمية، مستندا في ذلك للأسباب الآتية:

الإدارة المحلية تقوم على إدارة المصالح المحلية بواسطة أشخاص يدركون طبيعة هذه المصالح ويتأثرون بها، الأمر الذي يتعين معه أن تكون الهيئات المحلية التي تشرف على إدارة هذه المصالح هيئات منتخبة.

إن وجود الأعضاء المنتخبين يحول دون أن تمارس السلطة المركزية ضغوطا عليهم، حيث إن ولاءهم للجماهير التي هي مصدر سلطتهم ووجودهم وليس للسلطة المركزية، وذلك علي عكس الوضع في حالة تعيين الأعضاء حيث يكون ولاءهم مزدوجا ومتحيزا للسلطة المركزية التي أتت بهم، ولذلك فإن انتخاب أعضاء المجالس المحلية ضروري لدعم استقلال السلطات المحلية في مواجهة السلطة المركزية، فضلا عن أن الأعضاء المنتخبين يدينون لجمهور الناخبين ويلتزمون برعاية مصالحهم وتلبية حاجاتهم تحت رقابتهم وإشرافهم، فإذا أساءوا تمثيل هذه المصالح ينتخب الأهالي غيرهم في الدورة التالية، ولا تتيسر فاعلية رقابة الأهالي ما لم يكن المجلس منتخبا من بينهم وبواسطتهم.

إن أسلوب الانتخاب يعمل على تجديد الدم في المجالس المحلية باستمرار وهذا ما يشكل أهم الدعامات الديمقراطية التي تهدف دائما إلى تحقيق الإرادة الجماهيرية وتوسيع رقعة ممثليها وتجددها حتى لا يحدث خلل في جهاز التوازن الديمقراطي.

أن الإدارة المحلية تعتبر امتداد للديمقراطية السياسية على نطاق محلي، فتدريب الشعب علي تحمل مسئولياته وتقدير حاجاته وتكوين رأي عام محلي يرتبط بالرأي القومي يقوى بنيان حاجاته وتكوين رأي عام محلي يرتبط بالرأي القومي يقوى بنيان المجتمع وتماسكه وكل ذلك لا يتحقق إلا عن طريق أسلوب الانتخاب.

إن مبدأ الانتخاب يوفر العناصر التي تكون أقدر من غيرها على تفهم المصالح المحلية والتأثر بها والاستجابة لها؛ لأن هذه العناصر تكون من أبناء الوحدة المحلية الذين يعايشون قضاياها اليومية باستمرار.

إن أسلوب الانتخاب يحقق مبدأ إرادة الشعب لنفسه عن طريق اختيار ممثليه من أبناء الأقاليم أو البلدة ليشرفوا على مصالح من يهمهم، وهذا بالطبع يخلق الحافز الهائل لدى الجماهير لتقديم كافة مساعداتها ولتساهم في برامج المساعدة الذاتية، الأمر الذي يسارع في عملية التنمية، كما أنه يقلل من مقاومة الجماهير لأية تغييرات تقوم بها السلطات المحلية من أجل تحسين نظام سير العمل طالما أن هذه السلطات منتخبة من جانب هذه الجماهير.

   وعلى الرغم من تبني المشرع الدستوري لتشكيل المجالس المحلية بالانتخابات لتحقيق استقلال المجالس المحلية عن السلطة المركزية؛ إلا أن هناك جانبا من الفقه يرى أن تحقيق استقلال المجالس المحلية لا يتوقف على تشكيلها بالانتخاب فقط، وإنما تحققه بصفة أصلية بضمانات حقيقية دستورية وقانونية إذا تحققت تحقق الاستقلال، سواء تشكلت المجالس بالانتخاب أو بالتعيين أو بهما جميعا.

والدستور المصري حدد نسبة الشباب والمرأة في المحليات بواقع 25% لكل منهما، ما يعني أن الشباب سيمثل ربع المجالس المحلية”، مشددًا في الوقت ذاته على مشاركتهم في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومن المقرر أن يتم إجراء انتخابات مراكز الشباب خلال الربع الثالث من العام الجاري، متوقعًا أن تشهد تلك الانتخابات مشاركة كبيرة من الشباب للتنافس على مناصب في مجالس الإدارات.

والانتخابات المحلية هي الأولى منذ 10 سنوات، حيث أجريت آخر انتخابات عام 2008، وهيمن عليها أعضاء الحزب الوطني المنحل، حيث أثار تأجيل الانتخابات المحلية جدلًا واسعًا في الشارع المصري خلال الفترة الماضية، كونها تمثل عصب الإدارة التنفيذية للدولة ويتخللها الفساد بشكل واسع.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك