الجمعة - الموافق 19 أبريل 2024م

الارهاب صناعة سياسية بقلم :- الدكتور عادل عامر

Spread the love

فالإرهاب صناعة نعم صناعة لها مخططون وممولون ومنتجون، كما أن لها مروجين ومستثمرين، والأهم من ذلك كله أن هذه الصناعة لها أدوات ومواد أولية لوجودها. أما المواد الأولية والأدوات فهم طائفة من الناس “لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِها” قوم عطلوا عقولهم عن كل تفكير وتدبير، وصموا آذانهم عن سماع كل ما لا يرغبون بسماعه، إن الإرهاب صناعة سياسية يصنعه أصحاب المصالح الذين يريدون أن يسقطوا هذه الأوطان لصالح مشروعهما الكبير وهي إسرائيل.

أن “الجماعات المتطرفة، نشأت في غيبة الدولة، وأصبحت أقوى منها”، وأشار إلى واقع الأمور في العراق وليبيا، واليمن، ولبنان، وأن العرب وجدوا أنفسهم أمام وضع جديد، حيث تواجه الدول خطر التقسيم، وتقوم جماعات مسلحة باحتلال مناطق، وتسيطر عليها وتمارس فكرها على المواطنين.

أن الجانب الفكري في مسألة استقطاب الشباب هو الأهم فهو أساس ولُب القضية كلها حيث عيشنا مع بعض الجوانب الفكرية فمن الأمور التي يركزون عليها دومًا أنهم يحطمون كل أسوة وقدوة ويشوهون العلماء حتى لا تكون أمام الشباب مرجعية علمية حقيقية فيقولون هؤلاء العلماء هم علماء سلطان ويقولون هؤلاء العلماء هم علماء الدنيا ويأتون الى رموز السياسية فيشككون في وطينتهم وفى حبهم واخلاصهم لأوطانهم ويزيفون الحقائق حتى لا يبقى أمام هذا الشاب إلا الكلام الذي زيف له بموقف بطولي بأنه هو المنقذ

والمخلص لهذه الأمة ولم تعد كل السياسات ناجحة ولا نافعة ولا يبقي له إلا هذا السبيل وهو سبيل التدمير وبعض الشباب ينجرف مع هذه الأفكار.

أن الكيانات الإرهابية، التي تغلف عملها بثوب الدين، تضع الجميع أمام تحديات كبيرة، تتمثل في الخطاب الديني، والمفهوم الشرعي السليم للنصوص الدينية، فضلاً عن التحدي الفكري، وأن الفكر المتطرف، عندما تتبناه جماعات، يخلق خرائط تمركز لهذه الجماعات، وكذلك ينشئ أجيالا جديدة مختلفة في الفكر والمنهج، وهذا يشكل تحدياً أمنياً في حد ذاته.

أن التنظيمات الإرهابية تنجح في المناطق التي تسيطر عليها الفوضى، وفي البيئات الفاشلة، وأن تنظيم “داعش” يستهدف الأقليات، سواء بالقتل أو التهجير، وبالتالي استدراج القوى الخارجية للتدخل، أو اندلاع حروب أهلية في الداخل، وتعم الفوضى، التي تسمح للتنظيم بالتوسع وتحقيق أهدافه.

أن، ما يعرف بثورات الربيع العربي، تحولت من رغبة في الحرية إلى فوضى، وكان هناك من يريد هدم مؤسسات الدولة، حتى تلك المهترئة، والتي كانت تخضع لتحقيق مصالح الأنظمة الحاكمة، فانهارت المؤسسات والجيوش في اليمن وليبيا، وكان الخطأ الأكبر، الذي ارتكبه الحاكم المدني الأمريكي “بول بريمير” في العراق، بعد سقوط نظام صدام حسين، بقيامه بحل الجيش وترك الدولة تنهار وتنقسم. وأغلقوا أعينهم عن كل خير، فأصبحت عيونهم لا ترى إلا شراً، فهم دائماً ينظرون إلى الجزء الفارغ من الكأس، فأخذوا ينشرون الموت والدمار ظناً منهم أن ذلك بطولة، وجهلوا أن صناعة الموت سهلة، لا تحتاج إلى مقومات سوى الفَلَس بكل معانيه ودلالاته، فليس صعباً أن تصنع موتاً، ولكن ما أصعب أن تصنع حياة أو أن تسهم في صناعتها، انظروا إلى القتل ما أسهله، هذه السهولة التي عبر عنا ابن آدم الأول بقوله لأخيه لأقْتُلَنَّكَ الوارد في قوله تعالى “وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ”، انظر إلى الأمر ما أسهله وأهونه إنه كلمة واحدة “لأقْتُلَنَّكَ”، تأمل معي كيف أنه تمكن من القتل، ولكنه عجز –

وباعترافه هو- حتى عن مواراة جثة أخيه “قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِيْنَ” أرأيت كيف أن القتل أسهل وأيسر، فالإرهابيون أناس بسطاء سذج لا يفكرون بعقولهم بل بأيديهم، ولا يستشعرون عواقب الأمور ولا يدركون مآلاتها، الموت والقتل وحده هو الحل عندهم، لا لشيء إلا لأنه الأسهل، فهو الأسهل نفسياً، لأن هذه النفوس تهيأت نفسياً على عدم قبول الآخر، فهانت في عيونهم نفوس الناس وأرواحهم، وهو الأسهل واقعياً،

لأنه بضغطة زر أو زناد تقتل من تشاء، وتنشر الخراب حيث تشاء. يظن هؤلاء المساكين أنفسهم أنهم فرسان الساحة وأصحاب القرار وما علم أولئك المساكين أنهم أدوات خراب بيد غيرهم يحركونهم متى شاءوا

وكيفما شاءوا كما تحرك الدمى، وفرق بينهم وبين الدمى، فالدمى لا تقتل ولا تدمر. وليت الأمر وقف عند ذلك لكان الخطب أيسر، ولكنهم اتخذوا من الموت وصناعته طريقاً إلى الجنة، فالفناء طريقهم إلى دار البقاء، فقتلهم وذبحهم ذبح شرعي، وليتهم أحسنوا القتل إذ قتلوا، استجابة لقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم “وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبح”، فما أبشع قتلهم وما أقبحه، هذا القتل الذي يمزق الأجساد ويقطع الأشلاء، وينشر الخراب والدمار،

يثير الرعب ويفجر الخوف، قتل لا يميز بين صغير وكبير، رجل وامرأة، إنسان وحيوان، فأي قتل هذا؟! ولذا تحتل مسألة صناعة الإرهاب المتطرف واستخدامه من قبل القوى الفاعلة حيزا كبيرا في الصراعات الدائرة، وسيكون لها دور تقريري في رسم التوازنات العالمية المستقبلية. والملفت أن صراعات القوى الكبرى والإقليمية تسهم في تفاقم ظاهرة الإرهاب وتمددها، وهذا بسبب عدم استيعاب مبدأ هرقليطس الآخر وهو: “كل شيء في حركة مستمرة وتغيّر”. خلال الحرب الباردة كانت الدعاية والدعاية المضادة من وسائلها.

مقابل تركيز الغرب على “حقوق الإنسان” والستار الحديدي، كانت موسكو ترفع راية “تحرر الشعوب”، وما بين الشعارات كانت الممارسات لا صلة لها باعتبارات مبدئية وأخلاقية، والأمثلة كثيرة عند كل الأطراف وحينها كان لكل جانب أساليبه في الحروب السرية وكان الإرهاب “رسميا” تحت رعاية الدول، والأيديولوجية هي الغطاء. وسمحت هذه الصراعات المتنوعة حول العالم بتفادي المواجهة المباشرة.

والسؤال الذي يطرح نفسه علينا لماذا يحصل هذا كله؟ وكيف يصل الأمر بالإنسان إلى أن يستهين بروحه وبأرواح الآخرين؟ وكيف يؤول الأمر بالمسلم إلى أن يكون آلة قتل عمياء؟ وللإجابة عن ذلك، نقول ما كان لكل ذلك أو لبعضه أن يحصل لولا وجود فراغ فكري هائل يغلف حياة هؤلاء الشباب، فيأتي هذا الفكر الغريب والمتطرف ليملأ هذا الفراغ ويسده ولكن للأسف يملوه بالخراب، فيملأ فراغاً بخراب،

كما أنه لا يمكن لنا تبرئة كثير من الآراء والاجتهادات النظرية غير المتبصرة وغير الواعية التي تغذي عقولاً فقدت قدرتها على التفكير والتمييز؛ لأنها اعتمدت التفكير الأحادي والتقليد الأعمى وسيلتها إلى المعرفة. ما كان أجدر بهذه الآراء والاجتهادات أن تتوجه لبناء العقول بناء سليماً ومنحها القدرة على التمييز بين الغث والسمين، وأن تصنع في هذه النفوس إرادة الحياة بدل إرادة الموت، وعزيمة البناء بديلاً عن عزيمة الهدم، ومحبة الناس بديلاً عن كراهيتهم امتثالاً لقوله تعالى “وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ”،

وأن يكون الصفح والتسامح هما رائدها وحاديها، وإن يفضل الإنسان الاستسلام للقتل خوفاً من الله على أن يكون قاتلاً حتى لا يكون من النادمين، قال تعالى “لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ

فإن الواجب على كل العلماء، وما أكثرهم، أن يقفوا وقفة صدق تدين هذه الصناعة القذرة، وتجفف منابعها وتقضي على أدواتها بالفكر المستنير الذي يعتمد النص الصحيح، والرأي الصائب الذي يستنطق النص، ويبتعد عن التهييج والإثارة، والاجتهاد الراشد الذي يتحسس مآلات الأفعال وعواقبها ويناي عن التلقائية والارتجال، ولا يبتغي إرضاء الأتباع والمريدين، اجتهاد يحمي البلاد والعباد من أن يكونوا مسرحاً للتخريب والتدمير خدمة لمخططات مشبوهة. نعم إن الواجب الديني والأخلاقي يحتم علينا أن نحمي شبابنا من أن يكونوا ضحايا لهذا الفعل المشين، هذا الفعل الذي يكون فيه الكل ضحية القاتل والمقتول، والله من وراء القصد.

أن “تقديرات وكالات الاستخبارات الأمريكية، أفادت بأن الحروب في الشرق الأوسط قد تستمر لعدة سنوات، الأمر الذي سيزيد من طلب تلك الدول على شراء الطائرات الأمريكية المقاتلة، وخاصة “أف 35″، التي تعتبر مشروع الأسلحة الأغلى في العالم، ولم تطرح بعد للبيع للحلفاء العرب، وذلك بغرض الحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل”. وعلى ضوء التغيرات في ميزان القوى في المنطقة، قد تتغير الأمور “الحرب، كما يصفها الفيلسوف الإغريقي هرقليطس، هي أمُّ جميع الأشياء، “فهي تجعل من بعضهم آلهة، ومن آخرين عبيدا أو رجالا أحرارا”.

التعليقات

مساحة إعلانية

مساحة إعلانية

انت لاتستخدم دايناميك سايدبار

الفراعنة على فيسبوك